لله الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم ايكم احسن عملا وهو العزيز الغفور قسم عباده الى قسمين فمنهم شاكر ومنهم كفور واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير اشهد ان محمدا عبده ورسوله البشير النذير والسراج المنير صلى الله وسلم عليه وعلى اله واصحابه ومن اقتدى بهديهم الى يوم الحشر والمصير اما بعد فاتقوا الله عباد الله اتقوا الله حق التقوى. يا ايها الذين امنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا يصلح لكم اعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم من يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما عباد الله يقول احد السلف ما رأيت يقينا لا شك فيه واشبه من شك لا يقين فيه من الموت نعم ان من يرى حال الناس وانكبابهم على الدنيا وغفلتهم عن الاخرة واستبعادهم لوقوع الموت وطول امله في الدنيا فيعجب فكأن الموت الذي ملاقيه كل انسان في هذه الدنيا كانه شك لا يقين فيه مع ان الموت هو الحقيقة اليقينية التي لا يشك فيها الناس على اختلاف اديانهم ومللهم يعيش الانسان في هذه الحياة الدنيا غافلا لاهيا يمر به الليالي والايام والشهور والاعوام الى ان تأتي تلك الساعة ساعة النقلة من عالم الدنيا الى عالم الاخرة فيرى الدنيا حينئذ على حقيقتها ويندمون دما عظيما ويتحسر حسرات على تفريطه في اغتنام عمره فيما ينفعه بعد مماته يكفي ان تتفكر في تلك الساعة ساعة نقلة من عالم الدنيا الى عالم الاخرة طاعة الاحتضار يكفي ان يتأمل الانسان وان يتفكر فيها ان ساعة الاحتضار وخروج الروح ومفارقتها البدن لساعة مهيبة ساعة عظيمة ساعة سوف تمر بكل واحد منا كل نفس ذائقة الموت وان التفكر في تلك الساعة لكفيل بان يهز مشاعر الانسان وان يوقظه من الغفلة. يقول ابن الجوزي رحمه الله ان المحتظر ينتبه في هذه الساعة انتباها لا يوصف ويقلق قلقا لا يحد ويتلهف على زمانه الماضي ويود لو ترك كي يتدارك ما فاته وكي يصدق في توبته على مقدار يقينه بالموت ويكاد يقتل نفسه قبل موتها بالاسف ولو وجد ذرة من تلك الاحوال في زمن العافية لحصل كل مقصود من العلم والتقوى. فالعاقل من مثل تلك بين يديه وعمل بمقتضى ذلك عباد الله ان ساعة الاحتضار ساعة فاصلة في حياة الانسان ينتقل فيها الانسان من عالم الدنيا الى عالم الاخرة. كانها ولادة جديدة للانسان ومن مات فقد قامت قيامته. تلك الساعة المهيبة يصاب الانسان فيها بفزع وخوف عظيم. لانه مقبل على امور عظيمة كما انه يصاب بحزن شديد على مفارقته لاهله وماله. ولكن الله عز وجل من رحمته ولطفه بعباده المؤمنين. انه الملائكة على المؤمنين في تلك الساعة تطمئنهم وتبشرهم كما قال ربنا سبحانه ان الذين قالوا ربنا الله ثم فقاموا تتنزل عليهم الملائكة اي عند الموت في ساعة الاحتضار الا تخافوا اي تقول لهم الملائكة عند لا تخافوا مما تقدمون عليه ولا تحزنوا على ما خلفتموه من امر الدنيا من اهل وولد ومال ثم تبشره البشارة العظيمة وتقول لهم وابشروا بالجنة التي كنتم توعدون ويبشرونهم بذهاب الشر وحصول الخير. فيا لها من بشارة عظيمة ان الانسان اذا كان في موقف عصيب واتاه احد من الناس وبشره بامر عظيم يحبه. زالت عنه الهموم والغموم. فما ما بالك بمن يعالج سكرات الموت وخروج الروح وهو في فزعه وخوف وحزن ثم تأتيه البشارة من بالجنة وتقول له الملائكة ابشر بالجنة التي كنت توعد فيا لها من بشارة عظيمة تأتي المؤمن في هذا الوقت العصيب وفي المقابل الظالمون لانفسهم بالمعاصي والموبقات عند ساعة الاحتضار تفزع نفوسهم فزعا عظيما وتحاول ان في اجسادها ولكن الملائكة تنتزعها انتزاعا. كما قال ربنا سبحانه ولو ترى اذ الظالمون في غمرات الموت والملائكة باسط ايديهم اي بالضرب كما قال المفسرون وكما قال ربنا سبحانه والنازعات غرقا فتضربهم الملائكة حتى تخرج ارواحهم من اجسادهم تضربهم الملائكة وهي لهم اخرجوا انفسكم اليوم تجزون عذاب الهون بما كنتم تقولون على الله غير الحق وكنتم عن اياته تستكبرون عباد الله ويصف النبي صلى الله عليه وسلم تفاصيل تلك الساعة وتفاصيل نزع الملائكة للروح واستخراجها لروح المؤمن ونزعها لروح غيره يصفها هذا المشهد وصفا مفصلا فيقول في الحديث الصحيح الذي اخرجه احمد بسند صحيح يقول عليه الصلاة والسلام ان العبد المؤمن اذا كان في انقطاع من الدنيا واقبال من الاخرة نزل اليه ملائكة من السماء بيض الوجوه ان وجوههم الشمس معهم كفن من اكفان الجنة وحنوط من حنوط الجنة حتى يجلسوا منه مد البصر ثم يجيء ملك الموت حتى يجلس عند رأسه فيقول ايتها النفس الطيبة اخرجي الى مغفرة من الله ورضوان فتخرج تسيل كما تسيل القطرة تب من فيي السقاء فيأخذها فاذا اخذها لم يدعوها في يده طرفة عين حتى يأخذوها فيجعلها في ذلك الكفن وفي ذلك الحنون ويخرج منها كاطيب نفحة مسك وجدت على وجه الارض. قال فيصعدون بها فلا يمرون فلا يمرون على ملك من الا قالوا ما هذه الروح الطيبة فيقولون فلان ابن فلان باحسن اسمائك التي كانوا يسمونه بها في الدنيا حتى ينتهوا به الى السماء الدنيا فيستفتحون له فيفتح لهم فيشيعه من كل سماء مقربوها الى السماء التي تليها. حتى ينتهى به الى السماء السابعة فيقول الله عز وجل اكتبوا كتاب عبدي في عليين واعيدوه الى الارض فاني منها خلقتهم وفيها اعيدهم ومنها اخرجهم تارة اخرى فتعاد روحه في جسده وانه ليسمع قرع نعال اصحابه اي بعد فيه منصرافهم ويأتيه ملكان فيجلسان فيقولان له من ربك؟ فيقول ربي الله. فيقولان ما دينك؟ فيقول ديني الاسلام فيقولان ما هذا الرجل الذي بعث فيكم؟ فيقول هو محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم في نادي مناد من السماء ان صدق فافرشوه من الجنة والبسوه من الجنة وافتحوا له بابا الى الجنة فيأتيه من روحها وطيبها ويفسح له في قبره مد بصره قال ويأتيه رجل حسن الوجه حسن الثياب طيب الريح فيقول ابشر بالذي يسرك هذا يومك الذي كنت توعد فيقول لك هو من انت؟ فوجهك الوجه الذي يأتي بالخير فيقول انا عملك الصالح فيقول حينئذ ربي اقم الساعة حتى ارجع الى اهلي ومالي وان الكافر اذا كان في انقطاع من الدنيا واقبال من الاخرة نزل اليه من السماء ملائكة سود الوجوه معهم المسوح منه مد البصر ثم يجيء ملك الموت حتى يجلس عند رأسه فيقول ايتها النفس الخبيثة اخرجي الى سخط من الله وغضب فتتفرق في جسده فينتزعها كما ينتزع السفود من الصوف المبلول فيأخذها فاذا اخذها لم يدعوها في يده طرفة عين حتى يجعلوها في تلك المسوح ويخرجوا منها كأنتن ريح كأنتن ريح جيفة وجدت على وجه الارض فيصعدون بها ولا يمرون على ملأ من الملائكة الا قالوا ما هذه الروح الخبيثة؟ فيقولون فلان ابن فلان باقبح اسمائه التي كان يسمى بها في الدنيا حتى ينتهى بها الى السماء الدنيا فيستفتح له فلا يفتح له. ثم قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تفتح لهم ابواب السماء ولا يدخلون الجنة حتى يلج الجمل في سم الخياط. فيقول الله عز وجل اكتبوا كتابه في السجين في الارض السفلى فتطرحه فتطرح روحه طرحا ثم قرأ ومن يشرك بالله فكأنما خر من السماء فتخطفه الطير او تهوي به الريح في مكان سحيق فتعاد في جسده ويأتيه ملكان فيجلسانه ويقولان له من ربك؟ فيقول ها ها لا ادري. فيقولان ما دينك؟ فيقول ها ها لا ادري فيقولان ما هذا الرجل الذي بعث فيكم؟ فيقول ها ها لا ادري فيضربونه بمرزبة من فيصيح صيحة يسمعه جميع من في الارض الا الثقلين اي الا الجن والانس. وينادي منادي من السماء ان كذب فافرشوا له من النار وافتحوا له بابا من الى النار فيأتيه من حرها وسمومها ويضيق عليه قبره حتى تختلف اضلاعه. ويأتيه رجل قبيح قبيح الثياب منتن الريح فيقول ابشر بالذي يسوؤك هذا يومك الذي كنت توعد فيقول من انت؟ فوجهك الوجه الذي يجيء بالشر فيقول انا عملك الخبيث. فيقول يا ربي لا تقم الساعة. وانما يقول يا ربي لا تقيم الساعة مع انه في عذاب القبر لانه يعلم بانه اذا قامت الساعة سينتقل الى عذاب اشد منه فاتقوا الله عباد الله وتداركوا ما تبقى من العمر. فلعل ما تبقى من العمر يكون قليلا. ولعل تلك الساعة قريبة منا ونحن لا اشعر وكم من انسان اصبح صحيحا معافى لم يخطر بباله الموت وامسى بين اهل القبور. اللهم وفقنا لتدارك ما من اعمارنا في طاعتك ومرضاتك اللهم اعنا على ذكرك وعلى شكرك وعلى حسن عبادتك اقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب فاستغفروه وتوبوا اليه انه هو التواب الرحيم لله رب العالمين الرحمن الرحيم ما لك يوم الدين واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له ولي الصالحين واشهد ان محمد امام المتقين صلى الله عليه وعلى اله وصحبه كل ما تسمع قيراط ما بعد الحديث كتاب الله قال الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم والامور المحادثات كل محادثات بدعة عباد الله اذا وضع الانسان في قبره انه يعرض عليه مقعده من الجنة ومقعده من النار طيلة فترة البرزخ النبي صلى الله عليه وسلم حديث المتفق على صحته اذا مات الرجل عرض عليه مقعده بالغداة والعشي كان من اهل الجنة فالجنة وان كان من اهل النار فالنار ويقال هذا مقعدك الذي تبعث اليه يوم القيامة يعرض على الانسان مقعده في اليوم مرتين. المرة الاولى في الغداة اي في اول النهار. والمرة الثانية في العشي اي في اخر النهار يعرض عليه مقعده من الجنة او النار فاما من كان من اهل الجنة فانه يسر ويغتبط ويشكر الله عز وجل ويقول ربي اقم الساعة حتى يكون مقعده في الجنة حتى يتبوأ في الجنة واما من كان من اهل النار فيزداد حسرة والما وهو كل يوم يرى مقعده من النار غدوة وعشيا الى يوم القيامة ويقال له هذا مقعدك من النار الذي تبعث اليه يوم القيامة فيكون متحسرا ويقول يا ربي لا تقم الساعة مع ما هو فيه من العذاب الا انه يرى انه سينتقل الى عذاب اشد عباد الله كم بيننا وبين هذا الموقف الذي يعرض على الانسان فيه مقعده كل يوم مرتين ما بيننا وبينه الا الموت والموت مغيب عنا وما تدري نفس باي ارض تموت اذا كانت لا تدري باي ارض تموت انها لا تدري باي زمن تموت باب اولى عباد الله نعيش في هذه الحياة الدنيا ونقطع كل يوم مرحلة من مراحلها وكل يوم يمضي كل يوم تغرب شمسه يقربنا الى الموت وما بعده. نقطع به مرحلة الى الدار الاخرة ونبتعد به عن الدنيا. كل في يوم ينقص به العمر ويقترب به الاجل كما قال بعض السلف ابن ادم انما انت ايام اذا ذهب يوم ذهب بعضك والعجيب ان الانسان يرى الموت يتخطف الناس من حوله من غير ان يفرق بين صغير وكبير وصحيح ومريض وغني وفقير وذكر واعجب من ذلك ان الانسان يشيع جنائز هؤلاء الموتى ولا يحدث ذلك في نفسه اثرا كبيرا لانه يستبعد الموت ويمنيه الشيطان ويعده بانه سيعيش عمرا طويلا ولا يعتبر بمن كانت حاله كذلك. يعيش في صحة وعافية. قد علق الامال وخطط للمشاريع وخطط لاعمال يريد القيام بها. ثم واذا به قد فجأه الموت فانتقل في لحظات من عالم الدنيا الى عالم الاخرة ترك الدنيا وراءه ظهريا ترك المال والاهل والاولاد ولم يبقى له الا ما قدم من عمل صالح. فالعاقل من اعتبر واستعد لتلك الاهوال العظيمة فان الحياة فرصة واحدة غير قابلة غير قابلة للتعويض. فان الحياة فرصة واحدة غير قابلة للتعويض. من نجح في هذا الاختبار العظيم الذي نعيشه فقد سعيد السعادة الابدية العظيمة ومن فشل فيه فقد خسر الخسارة العظيمة خسر كل شيء حتى نفسه. فمن ثقلت موازينه فاولئك هم المفلحون. ومن خفت موازينه فاولئك الذين خسروا انفسهم جهنم خالدون حتى اذا جاء احدهم الموت قال رب ارجعون لعلي اعمل صالحا فيما تركت. كلا انها كلمة هو قائلها. ومن ورائهم برزخ الى يوم يبعثون الا واكثروا من الصلاة والسلام على البشير النذير والسراج منير. فقد امركم الله بذلك فقال سبحانه ان الله وملائكته يا ايها الذين عليه وسلم اللهم صلي وبارك على عبده محمد وارض اللهم عن اجمع باحسان الى يوم الدين ما معهم بعفوك يا رب العالمين اللهم اعز الاسلام والمسلمين اللهم اذل الكفر والكافرين اللهم انصر من نصر هذا الدين في كل مكان وخذل من خذل دين يعني يا حي يا قيوم يا ذا الجلال والاكرام اللهم وفق ولاة امور المسلمين وتحكيم شرعك واجعلهم رحمة لرعاياهم اللهم وفق امامنا وولي امرنا لما تحب وترضى وخذ بناصيتي البر والتقوى ولما فيه صلاح البلاد والعباد يا حي يا قيوم يا ذا الجلال والاكرام اللهم واغفر لنا وللمؤمنين والمؤمنات والمسلمين والمسلمات الاحياء منهم والاموات. نسألك اللهم من الخير كله عاجله واجله ما علمنا منه وما لم نعلم ونعوذ بك من الشر كله عاجله واجله ما علمنا منه ما لم نعلم سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين