الحمد لله الذي تفرد بكل كمال بيده الخير كله فله الحمد على كل حال. امر ببر ووعد على ذلك بجزيل النوال. وحذر من عقوق الوالدين وجعل عاقبة من عق والد والديه في سفري. احمده تعالى واشكره حمدا وشكرا كما ينبغي لجلال وجهه وعظيم سلطانه واحمده واشكره حمدا وشكرا عدد خلقه. وزنة عرشه ورضا نفسه ومداد كلماته. واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبده ورسوله. ما من خير الا دل امته على وما من شر الا حذرها منه. فصلوات الله وسلامه عليه وعلى اله وصحبه ومن اهتدى بهديه تبع سنته الى يوم الدين. اما بعد فاوصيكم ونفسي بتقوى الله تعالى. فانها اعظم وصية وانها وصية الله للاولين والاخرين. ولقد وصينا الذين اوتوا الكتاب من قبلكم واياكم ان اتقوا الله يا ايها الذين امنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا. يصلح لكم اعمالكم. ويغفر لكم ذنوبكم. ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما عباد الله الحديث في هذه الخطبة عن امر هو من احب الاعمال الى الله تعالى. بل هو احب الاعمال الى الله بعد الصلاة وهو اعظم اجرا وارفع قدرا واحب الى الله تعالى من الجهاد في سبيل الله. مع عظيم شأن الجهاد ومكانته في دين الله. الا وهو بر الوالدين. ففي الصحيحين عن ابن مسعود رضي الله عنه قال سألت النبي صلى الله عليه وسلم اي العمل احب الى الله تعالى؟ قال الصلاة على وقتها قلت ثم اي قال بر الوالدين قلت ثم اي؟ قال الجهاد في سبيل الله وفي الصحيحين عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما قال اقبل رجل الى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله ابايعك على الهجرة والجهاد ابتغي الاجر من الله. قال فهل من والديك احد حي؟ قال نعم بل كلاهما قال فتبتغي الاجر من الله؟ قال نعم. قال فارجع الى والديك فاحسن صحبتهما نعم ان من يبتغي الاجر العظيم والثواب الجزيل من الله فعليه ان يحسن صحبة والديه فهذا هو باب الاجر وهذا هو باب الثواب الجزيل من الرب جل جلاله. عن ابي الدرداء رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول الوالد اوسط ابواب الجنة. فان شئت فاضع ذلك الباب او احفظه. اخرجه الترمذي وقال حديث صحيح. فبر الوالدين من اسباب دخول الجنة. وقد اكد الله تعالى على حق الوالدين في عدة مواضع في كتابه الكريم وامر بالاحسان اليهما والبر بهما بل ان الله سبحانه قرن حق الوالدين بحقه جل وعلا. فقال سبحانه وقضى ربك الا تعبدوا الا اياه وبالوالدين احسانا. اما يبلغن عندك الكبر احدهما او كلاهما فلا تقل لهما اف ولا تنهرهما وقل لهما قولا كريما واخفض لهما جناح الذل من الرحمة وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيرا فامر الله بالاحسان الى الوالدين وذلك الاحسان يكون بثلاثة امور يكون بالقول ويكون بالفعل ويكون والمال اما الاحسان بالقول فان يخاطبهما الولد باللين واللطف مستصحبا كل لفظ طيب يدل على اللين والتكريم. واما الاحسان بالفعل فبان يخدمهم الولد ببدنه ما استطاع من قضاء حوائجهما. والمساعدة على شؤونهم وتيسير امورهما وطاعتهما ما لم يأمرا بمعصية الله. واما الاحسان بالمال فبان يبذل الولد من ما له كل كما يحتاجان اليه طيبة به نفسه منشرحة به صدره منشرحا به صدره غير متبع له بمنة ولا اذى بل يرى ان المنة لهما في قبوله والانتفاع به ثم قال سبحانه اما يبلغن عندك الكبر احدهما او كلاهما فلا تقل لهما اف. اي لا تسمعهما قولا سيئا ولا لا تؤذهما باي اذى حتى بكلمة اف. بالتأفف التي هي ادنى مراتب القول السيء. وانما خص الله تعالى حالة الكبر اما يبلغن عندك الكبر مع ان ما اوصى به مع ان ما اوصى الله به مطلوب مع الوالدين في غير حالة الكبر لكن الله تعالى انما خص حالة الكبر لان الوالدين في حال الكبر تضيق انفسهما وتكثر ومطالبهما فربما تبرم الولد من ذلك. ولهذا خص الله هذه الحالة اما يبلغن عندك الكبر احدهما او كلاهما فلا تقل لهما اف ولا تنهرهما. فامر بالقول الحسن والفعل الحسن وقل لهما وقل لهما قولا كريما. اي لينا حسنا طيبا بتأدب وتوقير واحترام. وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيرا. اي لهما بالرحمة في حياتهما وبعد مماتهما فان ذلك داخل في برهما. ويقول ربنا سبحانه ووصينا كان بوالديه حملته امه وهنا على وهن وفصاله في عامين ان اشكر لي ولوالديك الي المصير وان جاهداك وان جاهداك على ان تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما. وصاحبهما في الدنيا معروفا. فامر الله بصحبة الوالدين بالمعروف في حتى وان كانا يأمران الولد باعظم معصية واعظم ذنب وهو الشرك بالله تعالى. ومع ذلك يقول سبحانه فلا تطعهما فيما امرك به من الشرك. ولكن مع ذلك صاحبهما في الدنيا معروفا. فاذا كان الله امر بصحبة الوالدين الذين يجاهدان ولدهما على الشرك. فكيف بالوالدين المسلمين؟ فانظروا يا عباد الله الى عظيم منزلة البر في دين الله وعظيم اجره وثوابه. واذا كان قد رتب عليه الاجر العظيم والثواب الجزيل في الاخرة فان للبر جزاء معجلا في الدنيا ومن ذلك تفريج الكربات. فان منبر والديه فرج الله عنه كرباته في الدنيا. ويدل لذلك ما جاء في الصحيحين عن ابن عمر رضي الله عنهما في قصة الثلاثة الثلاثة نفر الذين اواهم المبيت الى غار فدخلوه فانطبقت عليهم الصخرة فسدته عليهم فتوسلوا الى الله تعالى بصالح اعمالهم في ان يفرج عنهم. فقال احدهم اللهم انه قد كان لي ابوان شيخان كبيران وكنت لا اقدم عليهما اهلا ولا مالا فلابي طلب الشجر يوما فلم ارع عليهما حتى ناما فحلبت لهما غبوقهما فجئتهما فوجدتهما نائمين. فلبثت والقدح على يدي. انتظر استيقاظهما حتى برق الفجر فاستيقظ فشرب غبقهما. اللهم ان كنت فعلت ذلك ابتغاء وجهك. فافرج عنا ما نحن فيه من هذه الصخرة فانفرجت الصخرة قليلا ثم توسل الاخر بعفته عن الزنا مع تهيئ اسبابه وتوسل الثالث بامانته فانفرجت الصخرة فخرجوا يمشون. فدل على ان بر الوالدين من اعظم اسباب تفريج الكربات. وان بر الوالدين اعظم ما يكون من صلة الرحم. وقد قال النبي الله عليه وسلم من احب ان يبسط له في رزقه وان ينسأ له في اثره ان يطول له في عمره فليصل رحمه. متفق عليه واذا كان يا عباد الله اذا كان بر والدين بهذه المنزلة وهذا الجزاء في الدنيا والاخرة فانه في المقابل عقوق الوالدين من اكبر كبائر الذنوب. فقد جاء في الصحيحين عن ابي بكرة رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال الا باكبر الكبائر. الا انبئكم باكبر الكبائر؟ الا انبئكم باكبر الكبائر؟ قلنا بلى يا رسول الله. قالوا الاشراك بالله وعقوق الوالدين وكان متكئا فجلس وقال الا وقول الزور وشهادة الزور. فجعل النبي صلى الله عليه وسلم جعل العقوق من اكبر كبائر الذنوب. وفي الصحيحين عن جبير ابن مطعم رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا يدخل الجنة قاطع اي قاطع رحم وعقوق الوالدين هو اعظم ما يكون من قطيعة الرحم. وقد اخبر النبي صلى الله عليه وسلم بان جزاء قطيعة الرحم معجل في الدنيا قبل الاخرة في الغالب. وعقوق الوالدين هو اعظم ما يكون من قطيعة الرحم. يقول عليه الصلاة والسلام امن ذنب اجدر من ان يعجل الله لصاحبه العقوبة في الدنيا مع ما يدخره له في الاخرة من البغي وقطيعة الرحم. فقطيعة الرحم شؤمها عظيم ولا تجد انسانا لا تكاد تجد انسانا سعيدا في حياته موفقا في اموره ميسرة اموره عليه وهو عاق لوالديه او قاطع لرحمه. تأمل في المجتمع في مجتمعك الذي انت فيه. هل تجد رجلا عاقا لوالديه او قاطعا لرحمه وهو مع ذلك سعيد في حياته لا تجد. قد تجد ثريا لكنه ليس بسعيد. اما ان تجد انسانا في حياته وهو مع ذلك عاق لوالديه وقاطع لرحمه فلا تكاد تجد ذلك ابدا. انما السعادة والتيسير والتوفيق مرتبطة ببر والدين وبصلة الرحم وهذا من سنن الله عز وجل. عباد الله وان حقوق الوالدين لا ينحصر في الاساءة اليهما فقط وانما يشمل ذلك ترك برهما فان ترك البر من عقوق الوالدين. اقول هذا وهناك اناس ينقطعون عن والديهم مددا طويلة لا يرونهم ولا يزورونهم ولا يسلمون عليهم. فهؤلاء يعتبرون عاقين والديهم وقد وقعوا في هذه الكبيرة وفي هذا الاثم العظيم. فلا ينحصر عقوق الوالدين في الاساءة اليهما. بل ترك برهم نوع من عقوق الوالدين. اقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل هم فاستغفروه وتوبوا اليه. انه هو التواب الرحيم الحمد لله على احسانه والشكر له على توفيقه وامتنانه. واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له تعظيم لشأنه. واشهد ان محمدا عبده ورسوله داعي لرضوانه صلى الله عليه وعلى اله وصحبه وسلم تسليما كثيرا. اما بعد فان خير الحديث كتاب الله وخير الحديث هدي محمد صلى الله عليه وسلم محدثاتها كل محدثات البدع. عباد الله ان وجود الوالدين على قيد الحياة نعمة عظيمة من الله عز وجل على الانسان. لان الوالدين اذا كانا موجودين فبامكانه ان يتدارك وبامكانه ان يبر بهما. قد تجد في الناس من يظهر لك قد قد تجد من يظهر لك حبه لكنه عند المواقف انما يحبك تجد انه انما يحبك لمصلحة يحبك الا لمالك او لجاهك او لغير ذلك. فان ساءت الحال او قل المال اعرض عنك. اما الذي يحبك لذاتك ويبقى على حبك مهما تبدلت الحال بك فهما امك وابوك لا تجد لهما مثيلا في الدنيا فمن كان له ام او كان له اب فقد فتح له باب من ابواب الجنة من كان له ام او اب فقد فتح له باب من ابواب الجنة. ان هو ابر بهما يقول النبي صلى الله عليه وسلم رغم انفه ثم رغم انفه ثم رغم انفه. قيل من يا رسول الله؟ قال من ادرك والديه عند من ادرك والديه عند الكبر احدهما او اليهما ثم لم يدخل الجنة. رواه مسلم عباد الله وان بعض الوالدين لا يعينان اولادهما على برهما بل ربما تجد هذا الابن او البنت يسعى جاهدا لبر ولكن والده بسوء خلقه وجفوته يعيق ولده من ابن او بنت عن ان يقوم ببره. وكلما حاول الولد ان يبر بوالده والده او والدته لم يتمكن من ذلك بسبب جفوة هذا الاب او الام فرحم الله من اعان اولاده على بره. ثم انت ايها الولد تحمل ما قد تلقاه من والديك من سوء الخلق ومن الجفوة ونحو ذلك. لانك بهذا البر انما ترجو الاجر والثواب من الله عز وجل ثم انه اذا سعى الولد جاهدا في بره بوالديه ولم يتمكن احيانا بسبب عوائق من الوالد او الوالدة فان الله عز وجل قال بعدما امر ببر الوالدين قال بعد ذلك ربكم اعلم بما في نفوسكم ان تكونوا صالحين فان انه كان للاوابين غفورا. فاذا علم الله من الانسان رغبته الاكيدة في البر. لكن ذلك لم يتحقق على الوجه الذي يؤمله بسبب من الوالد او الوالدة فان هذه الاية فيها سلوة للاولاد من البنين والبنات. ربكم اعلم بما في نفوسكم. فالله يعلم بما في نفسك من ارادتك البر او عدم ارادتك. ربكم اعلم بما في نفوسكم ان تكونوا صالحين. اي انكم انكم عازمون على بركم بابائكم وامهاتكم ولكن لم يتحقق ذلك على الوجه المؤمن فان الله فانه كان للاوابين غفورا فان الله يغفر ما قد يقع في ذلك من التقصير. الا واكثروا من الصلاة والسلام على البشير النذير والسراج منير فقد امركم الله وقال سبحانه ان الله وملائكته يصلون على النبي يا ايها الذين امنوا صلوا عليه وسلموا تسليما. اللهم صلي وسلم وبارك على عبدك ورسولك محمد وارض اللهم عن صحابته اجمعين وعن التابعين ومن تبعهم باحسان الى يوم الدين وعنا معهم بعفوك وكرمك يا رب العالمين. اللهم اعز الاسلام والمسلمين اللهم الكفر والكافرين. اللهم ارفع عنا هذا الوباء كورونا. اللهم ارفعه عنا. اللهم ارفعه عنا. اللهم انا نعوذ بك من الكورونا ومن اللهم انا نعوذ بك من هذا الوباء ومن سيء الاسقام. اللهم انا نعوذ بك من هذا الوباء ومن سيء الاسقام. اللهم انا نعوذ بك من زوال نعمتك وتحول عافيتك وفجاءة نقمتك وجميع سخطك. اللهم وفق ولاة امور المسلمين لتحكيم شرعك واجعلهم رحمة لرعاياهم. ووفق من اولي امرنا لما تحب وترضى وخذ بناصيتي البر والتقوى وقرب منه البطانة الصالحة الناصحة التي تعينه اذا ذكر وتذكره اذا نسي وتعينه على ما فيه ما فيه الخير وما فيه صلاح البلاد والعباد. يا حي يا قيوم يا ذا الجلال والاكرام. اللهم اغفر لنا ولاخواننا الذين سبقوا ولا بالامام ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين امنوا. ربنا انك رؤوف رحيم. ربنا اتنا في الدنيا حسنة وفي الاخرة حسنة وقنا عذاب النار. سبحان ربك رب رب العزة عما يصفون وسلام على مرسلين والحمد لله رب العالمين