الحمد لله خالق الارض والسماوات العلى عالم السر واخفى اشراف عبده ليلا من المسجد الى المسجد الاقصى. احمده تعالى واشكره على نعم لا تحصى. واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمد واشهد ان نبينا محمدا عبده ورسوله. زكى الله عقله فقال ما ضل صاحبكم وما غوى. وزكى بصره فقال ما زاغ البصر وما طغى وزكى لسانه فقال وما ينطق عن الهوى ان هو الا وحي يوحى. صلى الله عليه وعلى واله وصحبه وسلم تسليما كثيرا. وعلى من سار على النهج واقتفى اما بعد فاتقوا الله ايها المسلمون اتقوا الله حق التقوى. يا ايها الذين امنوا اتقوا الله وقولوا قولا يصلح لكم اعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما عباد الله الحديث بهذه الخطبة عن حدث عظيم من احداث السيرة والتي وقعت في مثل هذا الشهر على المشهور قبيل هجرة المصطفى صلى الله عليه وسلم. وهذا الحديث قد نوه الله تعالى بشأنه في القرآن الكريم. وارتبط كذلك فرضية احب عبادة الى الله وهي الصلاة. انه الاسراء والمعراج الاسراء من المسجد الحرام الى المسجد المسجد الاقصى والمعراج من الارض الى السماء. نوه الله تعالى بشأن هذا الحدث الكبير والعظيم. فقال سبحانه سبحان الذي اسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام الى المسجد الاقصى الذي باركنا حوله. لنريه من انه هو السميع البصير. وقال جل وعلا والنجم اذا هوى ما ضل صاحبكم وما غوى وما ينطق عن الهوى ان هو الا وحي يوحى. علمه شديد القوى ذو مرة فاستوى. وهو بالافق الاعلى غمدنا فتدلى فكان قاب قوسين او ادنى فاوحى الى عبده ما اوحى ما كذب الفؤاد ما رأى فتمارونه على ما يرى ولقد رآه نزلة اخرى عند سدرة المنتهى عندها جنة المأوى. اذ يغشى سدرة ما يغشى ما زاغ البصر وما طغى. لقد رأى من ايات ربه الكبرى. نعم لقد قال نبينا محمد صلى الله عليه وسلم في هذه الرحلة العظيمة من ايات ربه الكبرى وملخص هذه القصة وان النبي صلى الله عليه وسلم كان نائما في الحجر في الكعبة. اذ اتاه ات فاخذه وشق ما بين ثغرة نحره الى اسفل بطنه ثم استخرج قلبه فملأه حكمة وايمانا وهذا امر فوق طاقة البشر لكنه من عندي خالق البشر العزيز الحكيم جل وعلا. ملأه حكمة وايمانا تهيئة لما يقوم به. تهيئة لما سيقوم به ثم اوتي بدابة دون البغل فهو فوق الحمار. يقال لها البراق يضع خطوته عند طرفه يضع خطوته عند منتهى طرفه فركبه نبينا محمد صلى الله عليه وسلم بصحبة جبريل الامين عليه السلام حتى وصل الى بيت المقدس فنزل هناك وصلى بالانبياء اماما. كل الانبياء والمرسلين اجتمعوا هناك والظاهر انهم اجتمعوا بارواحهم يصلون خلفه ليتبين بذلك فضل رسول الله صلى الله عليه وسلم وشرفه. ثم بعد ذلك عرج به من الارض الى السماء. فوصل الى السماء الدنيا جبريل فقيل من؟ قال جبريل. قيل من معك؟ قال محمد. قيل وقد ارسل اليه؟ قال نعم. قيل مرحبا به فلنعم المجيد ففتح له فوجد فيها ابانا ادم فقال جبريل يا محمد هذا ابوك ادم فسلم عليه فسلم عليه فرد عليه السلام وقال مرحبا بالابن الصالح والنبي الصالح. واذا عن يمين ادم ارواح السعداء وعن يساره ارواح الاشقياء من ذريته اذا نظر الى اليمين سر وضحك واذا نظر الى الشمال بكى ثم عرج به الى السماء الثانية فوجد فيها يحيى وعيسى عليهما الصلاة والسلام. فسلم عليهما فرد عليه السلام فقال مرحبا بالاخ الصالح والنبي الصالح. ثم عرج به الى السماء الثالثة فوجد فيها يوسف عليه السلام سلم عليه فرد عليه السلام وقال مرحبا بالاخ الصالح والنبي الصالح. ثم عرج به الى السماء الرابعة فوجد فيها ادريس عليه السلام فسلم عليه وقال مرحبا بالاخ الصالح والنبي الصالح. ثم عرج به الى السماء الخامسة فوجد فيها فسلم عليه فرد عليه السلام وقال مرحبا بالاخ الصالح والنبي الصالح. ثم عرج به الى السماء السادسة فوجد فيها موسى فسلم عليه فرد عليه السلام وقال مرحبا بالاخ الصالح والنبي الصالح. فلما تجاوزه بكى موسى قيل ما يبكيك؟ قال ابكي لان غلاما بعث بعدي يدخل الجنة من امته اكثر مما يدخلها من امتي كان بكاء موسى حزنا على ما فات امته من الفضائل. لا حسدا لامة محمد وحاشاه ان يكون منه ذلك ثم عرج به الى السماء السابعة فوجد فيها ابراهيم الخليل عليه السلام. فقال جبريل هذا ابوك ابراهيم فان محمد من ذرية ابراهيم ولهذا قال له هذا ابوك ابراهيم فسلم عليه فسلم عليه فرد عليه السلام وقال مرحبا الصالح والنبي الصالح. وهذا يدل على ان ابراهيم هو افضل الانبياء بعد محمد عليهم الصلاة والسلام. لكونه كان السماء السابعة وانما طاف جبريل برسول الله صلى الله عليه وسلم على هؤلاء الانبياء تكريما له واظهارا لشرفه اغلق وكان ابراهيم الخليل مسندا ظهره الى البيت المعمور في السماء السابعة الذي يدخله كل يوم سبعون الفا من الملائكة يتعبدون لله عز وجل ثم يخرجون ولا يعودون اليه الى يوم القيامة. فسبحان الله عظيم. ما اعظم خلق الله سبحانه ثم رفع بنبينا محمد صلى الله عليه وسلم فوق السماء السابعة حتى وصل الى مكان عظيم علي فوصل الى سدرة المنتهى فغشيها من امر الله من البهاء والحسن ما غشيها حتى لا يستطيع لا يستطيع احد ان يصفها لها من حسنها. وكان عليه الصلاة والسلام عظيم الادب وشديد الحياء لربه عز وجل. قال الله عنه ما زاغ البصر وما طغى فما جعل يتلفت وينظر الى هذه المناظر العجيبة البديعة التي هي فوق تخيل البشر لكنه على الصلاة والسلام كان مؤدبا غاية الادب ما زاغ البصر وما طغى. ثم بعد ذلك بعد هذا الى المكان الذي هو اعلى مكان وصله بشر حتى سمع صوت صرير الاقلام بكتابة القدر ثم كلمه الرب جل جلاله كلمه الله سبحانه مباشرة من غير واسطة جاء في صحيح مسلم عن ابي ذر رضي الله عنه قال سألت النبي صلى الله عليه وسلم هل رأيت ربك؟ قال نور انا فلم يرى ربه لان الله سبحانه لا احد من البشر يستطيع ان يتحمل رؤية الله العظيم بتكوينه البشري الانسان البشري المحدود لا يتحمل ان يرى الرب العظيم جل جلاله. لكنه كلمه مباشرة ولكن الله عز وجل يمكن المؤمنين في الجنة بالنظر الى وجهه الكريم كما قال سبحانه وجوهي يومئذ ناضرة الى ربها ناظرة. تكلموا الرب عز وجل مباشرة وفرض عليه وعلى امته الصلاة خمسين صلاة في اليوم والليلة ثم ان من رحمة الله عز وجل بهذه الامة ان نبينا صلى الله عليه وسلم لما نزل ولقي موسى سأل موسى نبينا محمدا عليه الصلاة والسلام. قال ما فرض ربك على امتي؟ قال خمسين صلاة في اليوم والليلة. قال موسى اني قد جربت الناس قبلك. وعالجت بني اسرائيل اشد المعالجة. وان امتك لا تطيق ذلك تعرض له هذا الامر ثم اقترح امرا اخر قال ارجع الى ربك فاسأله التخفيف فما زال يراجع ربه حتى استقرت على خمس صلوات. فقال موسى ارجع الى ربك فاسأله التخفيف. قال اني قد استحييت والربي فنادى مناد ان امضيت فريضتي وخففت عن عبادي هي خمس في الفعل خمسون في الميزان. فكانت تخفيفا للفعل فقط واما الاجر والثواب فلم يخفف. فهذه الصلوات الخمس التي نصليها اجرها اجر خمسين ثم يأتي بعد ذلك التضعيف الحسنة بعشر امثالها الى اضعاف كثيرة. وهذا يدل على اهمية هذه العبادة. وعلى عظيم عناية الله بها وعلى محبته لها ومحبته لهذا النوع من التعبد. ولهذا لما سئل النبي صلى الله عليه عن احب العمل الى الله. قال الصلاة على وقتها وفي هذه الليلة العظيمة ادخل نبينا محمد صلى الله عليه وسلم الجنة. فاذا فيها قباب اللؤلؤ والى ترابها المسك. ثم بعد ذلك بعد ما انتهت رحلته في السماء رجع بصحبة جبريل الى الارض واتى مكة بغلس وصلى فيها صلاة الفجر فلما اصبح اخبر بما رأى فكان في هذا امتحان لهم وزيادة في الطغيان والتكذيب. وقالوا كيف تزعم يا محمد انك اتيت بيت المقدس ورجعت في ليلة واحدة ونحن نضرب اليه اكباد الابل شهرا في الذهاب وشهرا في الايام. فصف لنا بيت المقدس ان كنت وصادقة. فجعل النبي صلى الله عليه وسلم يصفه لهم وصفا دقيقا. حيث جلاه الله له. جعل ينظر اليه وينعته فبهتوا او قالوا اما الوصف فقد اصاب. وجاء الناس الى ابي بكر فقالوا ان صاحبك يقول كذا وكذا. قال وان فارق على ذلك قال لان كان قال ذلك فقد صدق قالوا تصدقه انه ذهب الى بيت المقدس ثم رجع في ليلة واحدة ونحن نضرب اليه اكباد الابل شهرا في الذهاب وشهرا في الاياب. قال اني اصدقه فيما هو ابعد من ذلك اني اصدقه في خبر السماء في غدوة او روحة. ولهذا سمي بالصديق رضي الله عنه وارضاه اقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب فاستغفروه وتوبوا اليه انه هو التواب الرحيم الحمد لله على احسانه والشكر له على توفيقه وامتنانه واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له تعظيما لشأنه واشهد ان محمدا عبده ورسوله الداعي الى رضوانه صلى الله عليه وعلى اله وصحبه وسلم تسليما كثيرا. اما بعد فان اخر الحديث كتاب الله وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم وشر الامور محدثاتها وكل محدثة بدعة. عباد الله على الرغم من ثبوت الاسراء والمعراج وشهرة ذلك في الكتاب السنة الا ان تحديد وقت وقوعه مما اختلف فيه اهل العلم اختلافا كثيرا واما تحديده بالسابع والعشرين من شهر رجب فان ذلك لم يثبت بسند صحيح. وما كان هذا الاختلاف على الرغم من شهرة هذه الواقعة الا ما استقر لدى الصحابة والسلف الصالح من ان معرفة وقت حدوث هذه الوقائع لا يترتب عليه امر ديني. اذ ان المقصود هو الاعتبار والاقتداء والتأسي. وهذا امر غير مرتبط بالزمن. فالمناسبات في تاريخ الاسلام كثيرة فكلها احداث وانتصارات عظام يفرح بها كل مؤمن وينشرح لها صدر كل كل مسلم وينشرح لها صدر كل مسلم من البعثة الهجرة والفتح والغزوات الفاصلة في تاريخ الاسلام. ولم يكن السلف الصالح من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم والتابعين والقرون المفضلة من هذه الامة لم يكونوا يتخذون من هذه المناسبات الاسلامية عيدا يتحرونه ويتقربون فيه الى الله عز وجل قوس وافعال ما انزل الله بها من سلطان. لم يكن هذا موجودا في صدر الاسلام فقد وقفت وقفت القرون المفضلة المشهود لها بالخيري عند هذا الحد فلم تكن تعمل الى احياء ذكرى الحوادث الاسلامية. لا رأس السنة الهجرية ولا المولد النبوي ولا ليلة الاسراء والمعراج ولا ليلة النصف من شعبان ولا غير ذلك من المناسبات. لم تتخذ منها اعيادا تخصها بالتجمع او بعبادات من غير دليل ولا مستند ولا شك ان الخير فيما ذهبوا اليه وان الصواب فيما وقفوا عنده فقد شهد لهم النبي صلى الله عليه وسلم بالخيرية فقال خيركم قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم. وقال من يعش منكم فسيرى اختلافا كثيرا. فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ. واياكم ومحدثات الامور فان كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة الا واكثروا من الصلاة والسلام على البشير النذير والسراج المنير. فقد امركم الله بذلك فقال سبحانه ان الله وملائكته يصلون على النبي. يا ايها الذين امنوا صلوا عليه وسلموا تسليما. اللهم صلي وسلم وبارك على عبدك ورسولك محمد. وارض اللهم عن صحابته اجمعين. وعن التابعين ومن تبعهم باحسان الى يوم الدين وعنا معهم. بعفوك وكرمك يا رب العالمين. اللهم اعز الاسلام والمسلمين. اللهم اذل الكفر والكافرين. اللهم اذل بامة الاسلام امرا رشدا. يعز فيه اهل ويدافع عن معصيته ويأمر فيه بالمعروف وينافيه عن المنكر وترفع فيه السنة وتقمع فيه البدعة يا حي يا قيوم يا ذا الجلال والاكرام اللهم وفق ولاة امور المسلمين لتحكيم شرعه واجعلهم رحمة لرعاياهم ووفق امامنا وولي امرنا لما تحب وترضى وقرب منه البطانة الصالحة الناصحة التي تدله على الخير وعلى ما فيه صلاح البلاد والعباد. يا حي يا قيوم يا ذا الجلال والاكرام. اللهم اغفر لنا ولاخواننا الذين سبقونا بالايمان ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين امنوا ربنا انك رؤوف رحيم. اللهم اصلح قلوبنا واعمالنا ربنا اتنا في الدنيا حسنة في الاخرة حسنة وقنا عذاب النار. سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين