الحمد لله الذي جعل يوم الجمعة افضل ايام الاسبوع. وجعل فيه ساعة للدعاء فيها مجاب وخصه بخصائص ليعرف الناس قدره فيقوم به على الوجه المشروع. احمده تعالى واشكره واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له. واشهد ان محمدا عبده ورسوله. صلى الله عليه وعلى اله وصحبه وسلم تسليما كثيرا. اما بعد فاتقوا الله عباد الله. يا ايها الذين امنوا اتقوا الله حق تقاته. ولا الا وانتم مسلمون. عباد الله ان من اعظم نعم الله تعالى علينا ان جعلنا من هذه الامة التي هي خير امة اخرجت للناس. فامتنا هذه هي خير الامم واكرمها على الله تعالى. عن جابر ابن عبدالله رضي الله عنهما ان النبي صلى الله عليه وسلم قال ما من رجل من الامم يوم القيامة الا ود انه منا ايتها الامة وما من نبي كذبه قومه الا ونحن شهداؤه يوم القيامة ان بلغ رسالة الله ونصح لهم كما قال سبحانه لتكونوا شهداء على الناس. وان مما ادخره الله تعالى لهذه الامة من الفضائل يوم الجمعة فقد اضل الله عنه اليهود والنصارى وهدى اليه هذه الامة اخرج مسلم في صحيحه عن ابي هريرة رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال اضل الله عن الجمعة من كان قبلنا فكان لليهود فكان لليهود يوم السبت وكان للنصارى يوم الاحد فجاء الله بنا فهدانا يوم الجمعة فجعل الجمعة والسبت والاحد. وكذلك هم تبع لنا يوم القيامة. نحن الاخرون من اهل الدنيا يوم القيامة المقضي لهم قبل الخلائق. وقد خص الله تعالى هذا اليوم بخصائص عظيمة منها ما جاء في صحيح مسلم عن ابي هريرة رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال خير يوم طلعت عليه الشمس يوم الجمعة فيه خلق الله ادم وفيه ادخل الجنة وفيه اخرج منها ولا تقوم الساعة الا يوم الجمعة ومن خصائص يوم الجمعة انه تقام فيه صلاة الجمعة التي هي من اكد فروض الاسلام ومن اعظم مجامع المسلمين ولذلك كان من ترك ثلاث جمع من غير عذر طبع الله على قلبه كما صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن خصائص يوم الجمعة ان فيه الخطبة التي امر الله تعالى بالسعي اليها فقال يا ايها الذين امنوا اذا نودي للصلاة بيوم الجمعة فاسعوا الى ذكر الله وذروا البيع. ذلكم خير لكم ان كنتم تعلمون. وذكر الله مأمور وذكر الله المأمور بالسعي اليه في هذه الاية هو الخطبة والصلاة. فينبغي للمسلم ان يهتم بالسعي الى خطبة الجمعة واقامة صلاة الجمعة مع الامام وان يتفرغ في ذلك الوقت او يخفف من مشاغل الدنيا التي لا تنقضي وينبغي ان يحرص على تطبيق السنن الواردة في ذلك حتى يحصل على الثواب العظيم والاجر الجزيل ومن ذلك ما جاء في صحيح البخاري عن سلمان رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال لا يغتسل رجل يوم الجمعة ويتطهر ما استطاع من طهر ويدهن من دهنه او يمس من طيب بيته ثم يخرج فلا يفرق بين اثنين ثم صلي ما كتب له ثم ينصت اذا تكلم الامام الا غفر له ما بينه وبين الجمعة الاخرى يا له من فضل عظيم من فعل هذه الامور المذكورة في هذا الحديث فانه موعود بان تغفر له ذنوبه وخطاياه وهي يسيرة على من يسرها الله عليه. الامر الاول لا يغتسل رجل يوم الجمعة والاغتسال سنة مؤكدة بل ان بعض اهل العلم قال بوجوبه فينبغي لك اخي المسلم الا تدع الاغتسال للجمعة ولو ان تفيض على جسدك الماء لا سيما في زماننا هذا الذي تيسرت فيه المياه للناس اكثر من اي وقت مضى ومع ذلك نجد ان بعض الناس يتساهل في هذه السنة المؤكدة. الامر الثاني ما اشار اليه النبي صلى الله عليه وسلم بقوله ويدهن من دهنه او يمس من طيب بيته وجاء في رواية لمسلم ولو من طيب المرأة اي ولو من طيب زوجته تأكيدا هذه السنة فينبغي لك الا تدعها. عندما تخرج للمسجد الجامع يوم الجمعة ينبغي ان اما ان تدهن او تتطيب كما ينبغي ان تأخذ زينتك فتلبس احسن ملابسك وتتزين بافضل ما تجد من الزينة لان الله تعالى احق من له يا بني ادم خذوا زينتكم عند كل مسجد اي عند كل صلاة واذا كان يستحب اخذ الزينة عند كل صلاة انه يتأكد لصلاة الجمعة. الامر الثالث ما اشار اليه النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث بقوله. ثم يخرج فلا يفرق بين اثنين وفي رواية ثم لم يتخطى رقاب الناس. وفي رواية ولم يتخطى احدا ولم يؤذه. فينبغي للمسلم اذا دخل المسجد الجامع يوم الجمعة الا يتخطى الرقاب ولا يؤذي اخوانه الجالسين لاستماع الخطبة فان تخطيه للرقاب ينقصه من اجره. الامر الرابع ما اشار اليه النبي صلى الله عليه وسلم بقوله ثم يصلي ما كتب له. ولم نحدد ذلك بحد معين وانما قال ما كتب له. ومن هنا ذكر اهل العلم ان صلاة النافلة قبل صلاة الجمعة ليس لها حد محدود. فاذا دخل المسلم للمسجد الجامع يوم الجمعة يصلي ما شاء مثنى مثنى ان شاء صلى ركعتين او اربعا او ستا او اكثر من ذلك حسب نشاطه وهمته. وقد كان كثير من السلف الصالح يشتغل بالصلاة من حين دخوله مسجد الجامع الى قبيل والى قبيل الزوال اي الى وقت النهي. وروي عن الامام الاوزاعي انه دخل مسجد الجامع يوم الجمعة فاصبح يصلي فحسب له ست وثلاثون ركعة. ولكن لابد ان يتوقف عن الصلاة قبيل الزوال بنحو عشر دقائق. لان هذا هو وقت النهي حين يقوم قائم الظهيرة. الامر الخامس ما اشار اليه النبي صلى الله عليه وسلم بقوله ثم ينصت اذا تكلم الامام. فينبغي اذا شرع الخطيب في الخطبة الانصات والاستماع للخطبة وهذا واجب. وان يقبل عليها بقلبه وقالبه ويسقي اليها حتى يستفيد منها. فان فان الله عز وجل اخبر بان الذكر انما تنفع المؤمنين. فقال وذكر فان الذكرى تنفع المؤمنين. وبعض الناس يستفيد من خطب الجمعة فوائد عظيمة عندما يصغي اليها. ولهذا تجد ان ثقافته الشرعية مستواها عال بسبب حسن الاستماع والانصات لخطب الجمعة. وبالمقابل يحرم من تكلم من تكلم اثناء الخطبة يحرم من اجر الجمعة ويقع في الاثم حتى ولو كان ذلك امرا بمعروف او نهيا عن منكر. لقول النبي صلى الله عليه وسلم اذا قلت لصاحبك يوم الجمعة انصت والامام يخطب فقد لغوت. اخرجه البخاري ومعنى له انه يحرم من اجر وثواب الجمعة بسبب مخالفته وتكلمه والامام يخطب. فمن تكلم والامام يخطب ولو بكلمة واحدة فقد لغى ومن لغى فلا جمعة له اي ليس له من اجر وثواب الجمعة شيء. فمن حقق هذه الامور الخمسة المذكورة في هذا الحديث فهو موعود على لسان الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم بمغفرة الذنوب. والمراد مغفرة واما الكبائر فلا بد فيها من التوبة. ومن خصائص يوم الجمعة ان فيها ساعة الاجابة التي قال عنها النبي صلى الله عليه وسلم ان في الجمعة لساعة لا يوافقها عبد مسلم وهو قائم يصلي يسأل الله شيئا الا اعطاه اياه. اخرجه البخاري ومسلم والمقصود بالساعة لحظات يكون الدعاء فيها مستجابا. وليس المقصود بالساعة الساعة التي هي ستون دقيقة. وقد اختلف العلماء في تحديد هذه الساعة وذكر الحافظ ابن حجر في فتح الباري ثلاثة واربعين قولا وارجحها قولان اول من حين دخول الخطيب الى ان تقضى الصلاة. والثاني اخر ساعة قبل غروب الشمس. واخر ساعة قبل غروب الشمس ذكر ابن القيم وغيره ان جميع اهل الملل يعظمونها. وان اليهود والنصارى يعظمونها وهي عندهم انها هي ساعة الاجابة وهذا مما لا غرض له في تبديله وتحريفه فقد اعترف بذلك مؤمنهم فهي ارجى ساعات الجمعة موافقة لساعة الاجابة ينبغي للمسلم ان يجتهد في جميع ساعات الجمعة بالدعاء والذكر والعبادة. ويتأكد ذلك في هاتين الساعتين من حين دخول الخطيب الى تقضى الصلاة واخر ساعة قبل غروب الشمس. فيجتهد في الدعاء. في هذه اللحظات يجتهد فيها بالدعاء لعل له ان تستجاب له دعوة تكون سببا لسعادة الدنيا والاخرة. اقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم وانساء المسلمين من كل ذنب استغفره واتوب اليه انه هو التواب الرحيم الحمد لله رب العالمين الرحمن الرحيم مالك يوم الدين واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له ولي الصالحين. واشهد ان محمدا عبده ورسوله امام المتقين صلى الله عليه وعلى اله وصحبه ومن ومن اهتدى بهديه الى يوم الدين وسلم تسليما كثيرا. اما بعد فان خير الحديث كتاب الله وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم وشر الامور محدثاتها وكل محدثة بدعة. عباد الله من خصائص الجمعة انهم يستحبوا التبكير في الذهاب الى المسجد الجامع لصلاة الجمعة. ففي الصحيحين عن ابي هريرة رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من راح الى الجمعة في الساعة الاولى فكأنما قرب بدنه. ومن راح الى الجمعة بالساعة الثانية فكأنما قرب بقرة راح الى الجمعة بالساعة الثالثة فكأنما قرب كبشا اقرن. ومن راح الى الجمعة بالساعة الرابعة فكأنما قرب دجاجة. ومن راح الى الجمعة بالساعة الخامسة فكأنما قرب بيضة. فاذا خرج الامام طويت الصحف واقبلت الملائكة والذكر اي الخطبة وظاهر هذا ان من دخل المسجد الجامع بعد دخول الخطيب لا يكتب له من اجر التبكير شيء فيكون قد فاته هذا الاجر العظيم. فينبغي للمسلم ان يحرص على ان يكتب له من اجل التبكير شيء. وبعض الناس محروم منه ذلك كل كل جمعة لا يأتي الا بعد دخول الخطيب. وهو يحرم نفسه من هذا الاجر العظيم ومن هذا الثواب الجزيل وانما ذكر النبي صلى الله عليه وسلم هذا القربان لان يوم الجمعة في الاسبوع هو كالعيد في العام. والعيد مشتمل على صلاة وذبح وقربان ويوم الجمعة يوم صلاة فجعل الله تعالى التعجيل فيه الى الجامع بدلا من القربان. فيجتمع للرائح فيه يجتمع الصلاة والقربان فانظروا الى الفرق العظيم بين اجر من يبكر الى الجمعة فيأتي بالساعة الاولى واجل من لم يأتي الا في الساعة الاخيرة هو الفرق بين من يهدي البعير وبين من يهدي البيضة. اما من لم يأت الا بعد دخول الخطيب فانه قد طويت الصحف ولا يكتب له قربان بعد ومسألة مسألة توفيق من الله عز وجل. وهناك اناس موفقون يأتون للمسجد الجامع في وقت مبكر. وقد حدثني احد كبار انه كان هنا في مدينة الرياض. كان هناك اناس يذهبون للمسجد الجامع لصلاة الفجر ثم لا يخرجون الا بعد صلاة الجمعة حتى يضمنوا اجر الساعة الاولى على جميع اقوال العلماء. وهذا من توفيق الله تعالى لبعض عباده. والموفق من وفقه الله فينبغي لك اخي المسلم ان تهتم بيوم الجمعة وان تحرص على التبكير للمسجد الجامع وان تأتي بالسنن فان الاجر مرتب على ذلك والثواب جزيل وبعض الناس انما يفرط في ذلك بسبب السهر ليلة الجمعة يسهرون ليلة الجمعة ثم بعد ذلك لا يقومون لصلاة الجمعة الا متأخرين فيفوتون على انفسهم الاتيان بهذه السنن ويحرمون انفسهم اجورا عظيمة. فينبغي امام بيوم الجمعة وبصلاة الجمعة والحرص على الاتيان بسنة التبكير حتى يحوز المسلم هذا الاجر وهذا الثواب وفي هذه الظروف يأتي المسلم مع بداية فتح المسجد الجامع ومن كان من عادته انه كان يبكر قبل هذه الظروف فيكتب له ما كان قد اعتاده وهذا يدل على فضل الاعتياد على العمل الصالح. الا واكثروا من الصلاة والسلام البشير النذير والسراج المنير فقد امركم الله بذلك فقال سبحانه ان الله وملائكته يصلون على النبي. يا ايها الذين امنوا صلوا عليه وسلموا تسليما. اللهم صلي وسلم وبارك على عبدك ورسولك محمد وارضى اللهم عن صحابته اجمعين وعن التابعين ومن تبعهم باحسان الى يوم الدين وعنا معهم بعفوك وكرمك يا رب العالمين اللهم اعز الاسلام والمسلمين اللهم اذل الكفر والكافرين. اللهم ابرم لامة الاسلام امرا رشدا. يعز فيه اهل طاعته ويهدى فيه اهل معصيته ويؤمر فيه بالمعروف وينهى فيه عن المنكر. اللهم وفق ولاة امور المسلمين وتحكيم شرعك. واجعلهم رحمة لرعاياهم. ووفق امامنا وولي امرنا لما تحب وترضى ولما فيه صلاح البلاد والعباد وارزقه البطانة الصالحة الناصحة التي تعينه اذ ذكر وتذكره اذا نسي يا رب العالمين اللهم اغفر لنا ولاخواننا الذين سبقونا بالايمان ولا تجعل في قلوبنا غل الذين امنوا ربنا انك رؤوف رحيم. نسألك اللهم من الخير كله عاجله ما علمنا منه وما لم نعلم ونعوذ بك من الشر كله عاجله واجله ما علمنا منه وما لم نعلم سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين