الحمد لله الذي خلق المكلفين ليعبدوه وادر عليهم الارزاق ليشكروه واوضح لهم الادلة والبراهين ليعرفوه تعالى واشكره حمدا وشكرا كما ينبغي لجلال وجهه وعظيم سلطانه احمده اشكره حمدا وشكرا عدد خلقه وزنة عرشه ورضا نفسه ومداد كلماته واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى اله وصحبه ومن اهتدى بهديه واتبع سنته الى يوم الدين وسلم تسليما كثيرا. اما بعد فاتقوا الله عباد الله اتقوا الله الله حق التقوى يا ايها الذين امنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا. يصلح لكم اعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما عباد الله خطب النبي صلى الله عليه وسلم الناس في حجة الودع في اعظم مقام واشرفه واكبر مجمع للناس في عهده عليه الصلاة والسلام خطب الناس خطبة عظيمة قرر فيها كثيرا من قواعد الاسلام. وابتدأ تلك الخطبة بقوله ايها الناس ان دمائكم واموالكم واعراضكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في شهر كم هذا في بلدكم هذا الا هل بلغت اللهم فاشهد فبين النبي صلى الله عليه وسلم عظيم شأن حرمة دماء المسلمين واموالهم واعراضهم. وشبهها بحرمة اليوم بالحرام في الشهر الحرام في البلد الحرام. وهذا من محاسن هذا الدين العظيم الذي كفل للمسلم حرمته وعظمها وحذر من انتهاكها اشد التحذير عباد الله ان انتهاك حرمة المسلم بظلمه او التعدي عليه في دمه او ماله او عرضه لمرتعه وخيم صاحبه على خطر عظيم لان هذا النوع من الظلم او التعدي متعلق بحقوق العباد. ومن شرط ومن شروط صحة هذا النوع من الظلم التحلل من المظلوم وطلب العفو والمسامحة منه بينما ظلم العبد لنفسه بارتكاب المعاصي التي هي دون الشرك فيما بينه وبين الله تعالى فان هذا قد فان هذه قد يغفرها الله تعالى له وهي المشيئة ان شاء الله غفر لصاحبها وان شاء عذبه. اخرج مسلم في صحيحه عن ابي هريرة رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لتؤدن الحقوق الى اهلها حتى يقاد للشاة الجلحاء اي التي لا قرن لها من الشاة القرناء وفي الصحيحين عن ابي هريرة رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من كانت مظلمة لاخيه من عرضه او من شيء فليتحلله منه اليوم قبل الا يكون دينار ولا درهم. ان كان له عمل صالح اخذ منه بقدر مظلمته. وان لم يكن له حسنات اخذ من سيئات صاحبه فحمل عليه. وفي صحيح مسلم عن ابي هريرة رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يوما لاصحابه اتدرون من المفلس؟ قالوا يا رسول الله المفلس فينا من لا درهم له ولا متاع. فقال عليه الصلاة والسلام ان المفلس من امتي من يأتي يوم القيامة بصلاة وصيام وصدقة وزكاة ويأتي وقد شتم هذا وقذف هذا واكل مال هذا وسفك دم هذا وضرب هذا فيعطى هذا من حسناته وهذا من حسناته فان فنيت حسناته قبل ان يقضى ما عليه اخذ من خطاياهم عليه ثم طرح في النار هذه النصوص وما جاء في معناها تبين خطر انتهاك حرمة المسلم. سواء اكان ذلك في دمه او ماله او عرضه. وهذا يجعل المسلم حريصا على وهذا من شأنه ان يجعل المسلم حريصا على تعظيم شأن حقوق العباد فان شأنها عند الله عز وجل عظيم جدا وان المتأمل في واقع المجتمع لا يجد تساهلا كبيرا من بعض الناس في تعظيم حرمات في تعظيم حرمات المسلمين وبخاصة في تعظيم حرمات اموالهم ويجد تعديا عليها واكلا لها بالباطل. وقد قال الله يا ايها الذين امنوا لا تأكلوا اموالكم بينكم بالباطل. فنهى الله تعالى عن اخذ اموال الناس بغير حق شرعي اخذها وسمى الله تعالى ذلك اكلا للمال بالباطل. عباد الله ومن صور اكل اموال الناس بالباطل اخذوها صومت الباطلة والايمان الفاجرة. فعن ابي فعن ابي امامة رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من اقتطع حق امرئ مسلم بيمينه فقد اوجب الله له النار وحرم عليه الجنة. قال رجل وان كان شيئا يسيرا يا رسول الله قال وان كان قضيبا من اراك اي وان كان مثل عود السواك. فانظروا الى هذا الوعيد الشديد فقد اوجب الله له النار وحرم عليه الجنة لاجل انتهاكه مال مسلم وان كان مثل عود السواك وعن عائشة رضي الله عنها ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من ظلم قيد شبر من الارض طوقه من سبع اراضين يوم القيامة متفق عليه وشاهد الزور شريك في الاثم مع هذا الذي اقتطع حق اخيه بيمينه فان شهادة الزور من اكبر كبائر الذنوب عن ابي بكرة رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال الا انبئكم باكبر الكبائر؟ الا انبئكم باكبر الكبائر؟ الا سأنبئكم باكبر الكبائر قالها ثلاثة. قالوا قلنا بلى يا رسول الله. قال الاشراك بالله وعقوق الوالدين. وكان متكئا فجلس وقال الا وقول الزور وشهادة الزور الا وقول الزور وشهادة الزور فما زال يكررها يقول الصحابة حتى قلنا ليته سكت شفقة عليه وشهادة الزور تشمل ان يشهد الانسان لاخر بباطل وهو يعلم ذلك. وتشمل كذلك ان يشهد الانسان وهو لا يعلم فان الشهادة بغير علم تدخل في شهادة الزور. فاتقوا الله عباد الله وليحذر المسلم من التعدي على حقوق اخوانه المسلمين. فان ان الامر عظيم وشديد حتى وان وان حكم القاضي لانسان بحق اخيه وهو غير محق فان هذا لا يعفيه من المسؤولية امام الله عز وجل لان القاضي بشر يصيب ويخطئ وقد قال عليه الصلاة والسلام انما انا بشر وانكم تختصمون الي ولعل ان يكون الحن بحجته من بعض اي ابلغ وافصح فاقضي على نحو ما اسمع فمن قضي له بحق اخيه فقد قضي له بقطعة من نار فليأخذها او ليدعها عباد الله ومن صور التعدي على حرمة اموال المسلمين المماطلة في اداء الالتزامات المالية والديون فان من الناس من لا يكاد يؤدي ما عليه من ديون او التزامات مالية الا بعد مماطلة وبعد الحاح شديد من الدائن او صاحب الحق. وهذه المماطلة يأثم بها هذا المستدين ان كان قادرا على السداد. يقول النبي صلى الله عليه وسلم مطل الغني ظلم. ويقول من اخذ اموال الناس اداءها ادى الله عنه. ومن اخذها يريد اتلافها اتلفه الله. اخرجه البخاري في صحيحه. وهذا الحديث العظيم يبين ان نية الاخذ لها الاثر في اعانته او في اتلافه. فمن اخذ اموال الناس اما بطريق القرظ او الاستدانة او باية صورة من الصور لكن نيته حسنة اخذها وهو يريد اداءها وهو حريص على الاداء حريص على السداد هذا الدين كما قال يأكل ويشرب معه فان الله عز وجل يعينه على سداد هذه هذا الدين. ويؤدي الله عنه ويفتح له ابواب من الرزق من حيث لا يحتسب. بل قال بعض اهل العلم انه اذا كان حريصا جدا على اداء هذه الديون فانه حتى لو مات ديون فيرجى ان الله يؤدي عنه في الاخرة فان قوله عليه الصلاة والسلام ادى الله عنه لفظ عام يشمل الاداء عنه في الدنيا والاخرة واما من اخذ اموال الناس باي طريق بنية سيئة يريد المماطلة فيها او عدم اداء الحق الواجب عليه الا بالقوة الجبرية او بعد مماطلة والحاح فان النبي صلى الله عليه وسلم يقول من اخذها يريد اتلافها اتلفه الله وهنا قال اتلفه الله واطلق وهذا يشمل جميع صور الاتلاف. فاما ان يكون الاتلاف اتلافا لماله. اتلافا حسيا او اتلاف معنويا بان تمحق منه البركة. او ان الاتلاف ينتقل لاتلاف صحته. فتسلط عليه الامراظ بسبب مماطلة اداء الحقوق الواجبة عليه او ان الاتلاف يكون لامر من الامور الاخرى المتعلقة بحياته حسب ما تقتضيه حكمة الله عز المهم ان من اخذ اموال الناس بنية سيئة بنية عدم الاداء او المماطلة فان فان الله عز وجل يسلط عليه صورة من صور الاتلاف اما لبدنه او لماله او لغير ذلك بحسب ما تقتضيه حكمة الله بسبب تعديه على اخيه المسلم عباد الله ان المسلم الذي يخاف الله عز وجل ويتقيه يحرص على اداء الحق الى اهله. وعدم التأخر عن اداء الحق لصاحبه. ولو يوما واحدا اذا واستمعوا الى هذه القصة العظيمة التي قصها علينا النبي صلى الله عليه وسلم لرجل ضرب اروع الامثلة في الالتزام بسداد الدين في الموعد المحدد هذه القصة اخرجها البخاري في صحيحه اصح كتاب بعد كتاب الله عز وجل عن ابي هريرة رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر رجلا سأل رجلا ان يسلفه الف دينار. فقال له ائتني بالشهداء. قال كفى بالله شهيدا قال فاتني بالكفيل قال كفى بالله كفيلا قال صدقت فدفعها اليه الى اجل مسمى فلما حان الاجل خرج ذلك الرجل اي المستدين الى البحر لكي يسدد هذا الدين الذي حل عليه التمس مركبا يركبه لاجل ان يذهب لذلك الرجل الذي اسلفه فيقضيه فلم يجد مركبا في ذلك اليوم فاخذت خشبة فنقرها فادخل فيها الالف دينار وصحيفة منه الى صاحبه ثم القى بها في البحر وقال اللهم اني قد جهدت في ان اجد مركبا ابعث به لذلك الذي اسلفني فلم اقدر. واني استودعكها. فرمى بها في البحر حتى اولجت فيه فخرج ذلك الدائن الذي كان قد اسلفه ينتظر صاحبه لعله ان يأتي بهذا الدين فلما لم يأتيه في الموعد المقدر اذا بالخشب التي فيها المال تطفو على البحر فاخذها لاهله حطبا. فلما نشرها وجد المال وجد المال والصحيفة ثم ان ذلك الرجل الذي قد تسلف منه لم يقر له قرار لانه يرى ان هذا التصرف لا يبرئ ذمته كيف يأتي بخشبة وينخرها ويضع فيها الالف دينار ويرميها في البحر. فرأى ان هذا لا يبرئ ذمته. فجاهد مرة اخرى حتى يذهب لصاحبه اتاه وتجاهل امر الخشبة واعطاه الالف دينار مرة اخرى واعتذر منه عن التأخر. وقال والله ما زلت مجاهدا في طلب مركب لاتيك بمالك. فما وجدت مركبا قبل هذا الوقت فقال له صاحبه الدائن هل كنت هل كنت قد بعثت الي بشيء فجعل يتجاهل الامر قال اخبرك اني لم اجد مركبا قبل الذي جئت فيه. قال قال له صاحبه وقد عرف بانه ارسلت الخشبة قال فان الله قد ادى عنك الذي بعثت في الخشبة فانصرف بالالف دينار راشدا فانظروا الى حرص هذا الرجل على الا يتأخر عن صاحبه في اداء الدين ولو يوما واحدا مع انه معذور في ذلك لم يجد مركبا ليصل اليه ولكن قوة الايمان حملته لان يتصرف هذا التصرف هو ان يجعل هذا الدين في الخشبة ويرمي بها في البحر. ثم انه رأى ان هذا لا يبرئ ذمته. فبحث عن مركب حتى وجد فاراد ان يعطيه الف دينار مرة اخرى مكان الاولى. فبين ان الله تعالى قد ادى الدين الاول عنه. وان الخشبة التي القاها في بحر قد وصلت الى هذا الدائن. فانظروا الى هذه القصة العجيبة وهذا الحرص على عدم التأخر في سداد القرض الذي دفع اليه. فليجعل المسلم هذا مبدأ له في حياته. وليحرص على اداء الحقوق الى اهلها اذا كان على الانسان مستحقاته مالية من اجرة او غيرها فعليه ان يبادر بالسداد في وقته وان يجعل هذا من المبادئ التي يسير عليها في حياته ويلتزم بها فان هذا من مقتضيات الايمان وان هذا مما يفتح له ابوابا من البركة في الرزق فان من اتقى الله تعالى بارك الله له في ماله وفي رزقه وفتح عليه ابوابا من الرزق من حيث لا يحتسب. كما قال ربنا سبحانه ومن يتق الله يجعل له مخرجا ارزقه من حيث لا يحتسب ولو ان اهل القرى امنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والارض بارك الله لي ولكم القرآن العظيم ونفعني واياكم بما فيه من الايات والذكر الحكيم. اقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب فاستغفروه وتوبوا اليه انه هو الغفور الرحيم الحمد لله على احسانه والشكر له على توفيقه وامتنانه واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له تعظيم لشأنه. واشهد ان محمدا عبده ورسوله الداعي الى رضوانه صلى الله عليه وعلى اله وصحبه وسلم كثيرا اما بعد فان خير الحديث كتاب الله وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم شر الامور محدثاتها وكل محدثات بدعة. عباد الله يقول النبي صلى الله عليه وسلم من اقتطع حق امرئ مسلم بيمينه فقد اوجب الله له فقد اوجب الله له النار وحرم عليه الجنة فقال له رجل وان كان شيئا يسيرا يا رسول الله قال وان كان قضيبا من اراك فسبحان الله هذا الوعيد الشديد في من اقتطع حق اخيه المسلم حتى وان كان شيئا يسيرا وانك لتعجب عندما ترى من يخاصم في المحاكم وهو يعلم انه مبطل وان الحق مع خصمه. وبعضهم يقيم دعاوى كيدية بغرض الاضرار باخيه المسلم وبغرض المكايدة له والتضييق عليه والاذية له هذا حرام عليه. والنبي صلى الله عليه وسلم يقول ان ابغض الرجال الى الله الالد الخصم. اي كثير اللدد والخصومة وكثير المشاكل الذي يعرف بكثرة المشاكل وبكثرة الخصومات وبكثرة المكايدات فهذا ابغض الناس الى الله عز وجل واعجب من ذلك من يحلف كاذبا ليقتطع بيمينه الفاجرة حق امرئ مسلم. فهذا موجب لغضب الله عليه ومؤذن بالعقوبة العاجلة يقول النبي صلى الله عليه وسلم من حلف على يمين يقتطع بها مال امرئ مسلم هو فيها فاجر لقي الله لقي الله وهو عليه غضبان ثم قرأ قول الله تعالى ان الذين يشترون بعهد الله وايمانهم ثمنا قليلا اولئك لا لهم في الاخرة ولا يكلمهم الله ولا ينظر اليهم يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب اليم. ان اليمين الفاجرة موجبة لغضب وبالله عز وجل ولهذا فان من حلف على يمين فاجرة ليقتطع بها حق امرئ مسلم فانه في الغالب يعاجل بالعقوبة في الدنيا اما في بدنه بالهلاك او بالامراض المستعصية واما في ولده او اهله او ماله او غير ذلك والقصص الواقعية المنقولة في هذا قديما وحديثا متواترة في اناس حلفوا ايمانا فاجرة في مجلس القضاء سلط الله عليهم الوانا من العقوبات. وقد ينظر الله عز وجل عقوبته الى يوم القيامة. حسب ما تقتضيه حكمته البالغة لكن في الغالب يعاجل بالعقوبة في الدنيا لان الله تعالى يغضب عليه. لقي الله وهو عليه غضبان الا واكثروا من الصلاة والسلام على البشير النذير والسراج المنير فقد امركم الله بذلك فقال سبحانه ان الله وملائكته يصلون على النبي يا ايها الذين امنوا صلوا عليه وسلموا تسليما. اللهم صلي وسلم وبارك على عبدك ورسولك محمد. وارضى اللهم عن صحابته اجمعين وعن التابعين ومن تبعهم باحسان الى يوم الدين. وعنا معهم بعفوك وكرمك يا رب العالمين. اللهم اعز الاسلام والمسلمين. اللهم اذل الكفر والكافرين. اللهم ابرم لامة الاسلام امرا رشدا. يعز فيه اهل بطاعتك ويهدى فيه اهل معصيتك ويؤمر فيه بالمعروف وينافيه عن المنكر وترفع فيه السنة وتقمع فيه البدعة يا حي يا قيوم يا ذا الجلال والاكرام اللهم ولاة امور المسلمين لتحكيم شرعك واجعلهم رحمة لرعاياهم ووفق امامنا وولي امرنا لما تحب وترضى ولما فيه صالح البلاد ولما فيه صلاح البلاد والعباد. اللهم قرب منه البطانة الصالحة الناصحة. التي تعينه اذا ذكر وتذكره اذا نسي. وتدله على الخير يا حي يا قيوم يا ذا الجلال والاكرام اللهم اغفر لنا وللمؤمنين والمؤمنات والمسلمين والمسلمات الاحياء منهم والاموات. نسألك اللهم من الخير كله عاجله واجله. ما علمنا منه وما لم نعلم اعوذ بك من الشر كله عاجله واجله ما علمنا منه وما لم نعلم سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين