الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى اله وصحبه ومن اهتدى بهديه واتبع سنته الى يوم الدين ايها الاخوة المستمعون السلام عليكم ورحمة الله وبركاته واتحدث معكم عن حقوق شريحة من المجتمع هم اخواننا واخواتنا وابناؤنا وبناتنا ذوو الاحتياجات خاصة وهم ممن ابتلوا بقصور او خلل مستديم حركي او حسي او عقلي مثل المشلول والاعمى والاصم والابكم والمجنون والمصاب بمرض التوحد او بمتلازمة داون ونحو ذلك هؤلاء جزء من نسيجنا الاجتماعي وعناصر فعالة في المجتمع حقهم ان توفر لهم البيئة المناسبة والظروف الملائمة لمنحهم الفرص من اجل البناء والعطاء. وتوظيف القدرات واستثمارها وثمة رسائل نوجهها لذوي الاحتياجات الخاصة ولمن كان حولهم وللمجتمع فاقول يا من اصبت باصابة جعلتك من ذوي الاحتياجات الخاصة عليك ان تؤمن بان هذا من قضاء الله تعالى وقدره والايمان بالقضاء والقدر هو احد اركان الايمان الستة وهذا الايمان يجعل هذا الانسان يعيش في رضا واطمئنان وبمعنويات عالية عليك ان تتأقلم مع ظروفك وواقعك الذي قدر لك فهذا هو قدرك في الحياة وما اصابك لم يكن ليخطئك وما اخطأك لم يكن ليصيبك ثم انك اذا صبرت واحتسبت الاجر كان ثوابك عند الله جزيلا. وكان اجرك عظيما بل قد يصل هذا الاجر والثواب الى التعويض بالجنة فمثلا من ذوي الاحتياجات الخاصة الاعمى. يقول النبي صلى الله عليه وسلم في شأنه ان الله تعالى قال اذا ابتليت عبدي بحبيبتيه اي بفقد عينيه فصبر عوضته منهما الجنة اخرجه البخاري في صحيحه وورد في شأن المصاب بالصرع ما جاء في الصحيحين عن عطاء ابن ابي رباح قال قال لابن عباس الا اريك امرأة من اهل الجنة قلت بلى قال هذه المرأة السوداء اتت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت يا رسول الله اني اصرع واني اتكشف فادعوا الله لي فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم ان شئت صبرت ولك الجنة وان شئت دعوت الله ان يعافيكي قالت بل اصبر ثم قالت يا رسول الله فاني اتكشف فادعوا الله الا اتكشف فدعا الله لها فيا اخي الكريم من ذوي الاحتياجات الخاصة عش حياتك سعيدا مطمئنا بعيدا عن التسخط والتشكي فان التسخط لا يفيد بل يضرك ومع مرور الوقت يسبب لك مشاكل نفسية واجعل هذا الحديث العظيم مبدأ لك ومنهجا في حياتك يقول النبي صلى الله عليه وسلم اذا نظر احدكم الى من فضل عليه في المال والخلق فلينظر الى من هو اسفل منه ممن فضل هو عليه رواه مسلم ويقول انظروا الى من هو اسفل منكم ولا تنظروا الى من هو فوقكم فهو اجدر الا تزدروا نعمة الله عليكم فلا تقارن نفسك بمن هو اعلى منك بل قارن نفسك بمن هو اسفل منك واشد اعاقة وقد خلد تاريخنا الاسلامي اسماء اناس من ذوي الاحتياجات الخاصة تميزوا في العلم او في خدمة المجتمع ومنهم الصحابي الجليل عبدالله بن ام مكتوم الذي انزل الله تعالى في شأنه قرآنا يتلى في سورة عبس وتولى ان جاءه الاعمى وقد استخلفه النبي صلى الله عليه وسلم على المدينة اكثر من مرة وجعله مؤذنا له ومنهم التابعي الجليل عطاء بن ابي رباح الذي انتهت اليه فتوى اهل مكة وكان ينادى في موسم الحج الا يفتين ناس الا عطاء وكان اسود اعور مشلولا افطس ومنهم محمد بن عيسى الترمذي صاحب السنن من اشهر علماء الحديث وكان كفيف البصر ومنهم التابعي الجليل سليمان بن مهران الملقب بالاعمش وذلك لاصابته بالعمش وهو ضعف في البصر مع سيلان الدمع وكان عالما حافظا وصفه الذهبي بانه شيخ المقرئين والمحدثين ومنهم قالون احد اشهر ائمة القراءات واحد الرواة عن نافع كان اصم لا يسمع ومنه ابن الاثير المحدث صاحب كتاب جامع الاصول اصيب بمرض في اطرافه وكان يقول لو لم اصب بهذه العاهة لما الفت وهذا الكتاب ويقع في احد عشر مجلدا ومن المعاصرين شيخ المشايخ علامة عصره محمد بن ابراهيم ال الشيخ كان كفيفا ومنهم الشيخ عبدالعزيز بن باز الذي انتهت اليه الفتوى في هذه البلاد في عصره رحمة الله تعالى على الجميع وهؤلاء وغيرهم لم تعقهم هذه الاعاقات بل كانت سببا لنبوغهم وتميزهم. فلا تجعل الاعاقة سببا قعود والتنصل من المسؤولية والاسهام في مجالات الحياة ورسالة نوجهها لاسرة الشخص من ذوي الاحتياجات الخاصة بان عليه مسؤولية كبيرة في العناية بهم وفي رعايتهم واعانتهم على تحمل المسؤولية والاعتماد بعد الله عز وجل على انفسهم وليستحظر القائمون على ذوي الاحتياجات الخاصة بانه كلما كانت الاعاقة اشد كان الاجر اعظم وربما تكون رعاية هذا الانسان والقيام بشؤونه بابا من ابواب الجنة وربما يكون وجوده في البيت سببا لسوق ابواب من الرزق الى رب البيت من حيث لا يحتسب. كما قال النبي صلى الله عليه عليه وسلم هل تنصرون وترزقون الا بضعفائكم وثمة رسالة نوجهها للمجتمع في احترام هذه الشريحة من المجتمع واكرامها وعدم السخرية منهم او انتقاصهم او وقد انزل الله تعالى في ذلك قرآنا يتلى وسورة من سور القرآن سميت بذلك الموقف فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم منشغلا بدعوة بعض صناديد قريش كان يطمع في اسلامهم فاتاه عبدالله بن ام مكتوم فقال يا رسول الله علمني مما علمك الله فعبس عليه الصلاة والسلام في وجهه فانزل الله تعالى في ذلك قوله عبس وتولى ان جاءه الاعمى وما يدريك لعله يزكى او يذكر فتنفعه الذكرى اما من استغنى فانت له تصدى وما عليك الا يزكى واما من جاءك يسعى وهو يخشى فانت عنه تلهى كلا ان لها تذكرة سبحان الله هذا الرجل الاعمى عبس النبي صلى الله عليه وسلم في وجهه وهو لا يرى عبوسه لكونه اعمى ومع ذلك عاتب الله عز وجل عاتب نبيه على عبوسه في وجه هذا الرجل الاعمى ويؤخذ من هذا انه لا يجوز انتقاص هذه الشريحة من المجتمع من ذوي الاحتياجات الخاصة ولا السخرية منها ولا احتقارها باية صورة من الصور وينبغي احترام هذه الشريحة واكرامهم والعناية الخاصة بهم وتوفير البيئة الملائمة لتعليمهم وعملهم وتنقلاتهم وتقديم كل المساعدات المعينة لهم على التكيف مع البيئة الاجتماعية وينبغي الا يتوقف هذا الامر على حدود مبادرات شخصية من بعض الافاضل وانما تهب جميع قطاعات الدولة والقطاع الخاص وافراد المجتمع لتحقيق اقصى درجات الرعاية الاجتماعية لهذه الشريحة من المجتمع. وان يوجد انظمة وبرامج قطط لتحقيق ذلك ايها الاخوة المستمعون ان الاصل ان تعامل هذه الشريحة من المجتمع كبقية افراد المجتمع فيما له من حقوق وما عليهم من واجبات الا في الواجبات التي لا يستطيعون القيام بها او يلحقهم معها الحرج. ولهذا لما امر الله تعالى المؤمنين بالقتال مع نبيه صلى الله عليه فهمت هذه الشريحة ان الامر يشملها. فانزل الله تعالى قوله ليس على الاعمى حرج ولا على الاعرج حرج ولا على المريض حرج فرخص الله تعالى لهذه الفئة في البقاء وعدم الذهاب للقتال مع نبيه لكونهم قد عذروا اما بالعمى واما بالعرج واما بالمرظ ونحو ذلك ومن التوجيهات في الاحتفاء بهذه الشريحة من المجتمع ودمجها ومشاركتها. ما جاء في قول الله عز وجل ليس على الاعمى حرج ولا على الاعرج حرج ولا على المريض حرج ولا على انفسكم ان تأكلوا من بيوتكم او بيوت ابائكم او بيوت امهاتكم او بيوت اخوانكم او بيوت اخواتكم او بيوت اعمامكم او بيوت عماتكم او بيوت اخوالكم او بيوت خالاتكم او ما ملكتم مفاتحه او صديقكم ليس هم جناح ان تأكلوا جميعا او اشتاتا فقد كان بعض المؤمنين يتحرجون من الاكل مع الاعمى لانه لا يرى الطعام وما فيه من الطيبات. فربما سبقه غيره الى ذلك ولا مع الاعرج لانه لا يتمكن من الجلوس كغيره ولا مع المريظ لانه لا يستوفي الطعام كغيره فكرهوا ان يؤاكلوهم لان لا يظلموهم وكان ذلك الوقت وقت فقر وشدة. فانزل الله تعالى هذه الاية وانه لا حرج في الاكل مع هذه الشريحة من المجتمع وثمة اعتبار اخر ذكره بعض اهل العلم وهو ان بعض اصحاب الاحتياجات الخاصة انهم مرهفوا الشعور دقيق التحسس. فربما خشي الواحد منهم ان يكون وجوده مع الاسوياء مكدرا او مؤذيا لهم فيتحرج من مخالطتهم والاكل معهم فجاءت هذه الاية لتنفي ذلك وربما ساء خلق بعض الناس فنفر من الاكل مع هذه الشريحة تكبرا وتعززا فجاءت الاية لترفع كل هذه الاحتمالات ولتدمج هذه الشريحة مع بقية شرائح المجتمع. ليعيشوا جميعا في بيئة متآخية ومما يؤكد حرص الشريعة على دمج هذه الفئة مع المجتمع ما جاء في صحيح مسلم وغيره عن ابي هريرة رضي الله عنه قال اتى النبي صلى الله عليه وسلم رجل اعمى فقال يا رسول الله اني رجل اعمى ليس لي قائد يقودني الى المسجد فسأل النبي صلى الله عليه وسلم ان لم ان يرخص له في ان يصلي في بيته. فقال له عليه الصلاة والسلام هل تسمع النداء بالصلاة؟ قال نعم. قال فاجب ومن الحكم التي قيلت في كون النبي صلى الله عليه وسلم لم يرخص له مع العذر الذي ذكره هو ان النبي صلى الله عليه وسلم اراده ان دمي جاء مع المجتمع بصلاته خمس مرات في اليوم والليلة وفي التقائه بالمؤمنين. ولو انه رخص له في الصلاة في بيته لربما فانعزل عن المجتمع ومع مرور الوقت يعتاد على هذه العزلة. خاصة وان بيته قريب من المسجد. ويسمع النداء بالصلاة فليس فعليه كبير مشقة في مجيئه للمسجد وهذا يدل على انه ينبغي للمجتمع الحرص على دمج هذه الشريحة ببقية افراد المجتمع وعدم انعزالهم اسأل الله تعالى ان يجعلنا ممن يستمعوا القول فيتبعوا احسنه وان يوفقنا لما يحب ويرضى من الاقوال والاعمال والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته