بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين. والصلاة والسلام على اشرف الانبياء والمرسلين. نبينا محمد وعلى اله وصحبه ومن اهتدى بهديه الى يوم الدين ايها الاخوة المستمعون السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ان اجتماع الكلمة ووحدة الصف مقصد شرعي عظيم لما يترتب عليه من المصالح العظيمة في امور الدين والدنيا وانك لتعجب حين تقرأ قول النبي صلى الله عليه وسلم من اتاكم وامركم جميع على رجل واحد يريد ان يشق عصاكم او ان يفرق جماعتكم فاقتلوه. رواه مسلم. وفي رواية اخرى لمسلم يقول عليه الصلاة والسلام سلام انه ستكون هنات وهنات فمن اراد ان يفرق امر هذه الامة وهي جميع. فاضربوه بالسيف كائنا من كان فمع عظيم شأن القتل في الاسلام الا ان النبي صلى الله عليه وسلم امر بقتل من يسعى لتفريق كلمة الامة عصاها وما ذاك الا للعناية العظيمة من الشريعة الاسلامية باجتماع الكلمة ونبذها للفرقة والاختلاف ولتحقيق هذا المقصد العظيم عنيت الشريعة الاسلامية بتنظيم العلاقة بين الحاكم والمحكوم وذلك لاهميتها من جهة وحساسيتها من جهة اخرى فان بعض النفوس قد لا تصبر وخاصة عندما ترى اثرة واستئثارا بحظوظ الدنيا وقد لا تصبروا كذلك عندما ترى بعض المنكرات فحسم النبي صلى الله عليه وسلم هذه المسألة ولم يجعلها راجعة الى اجتهاد المكلف فامر بالسمع والطاعة لولي الامر بالمعروف يقول الامام المجدد الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله في كتابه مسائل الجاهلية التي خالف فيها النبي صلى الله عليه علم اهل الجاهلية يقول المسألة الثالثة من مسائل الجاهلية ان مخالفة ولي الامر وعدم الانقياد له عند اهل الجاهلية فضيلة. وبعضهم يجعله دينا فخالفهم النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك وامر بالصبر على جور الولاة وامر بالسمع والطاعة والنصيحة لهم. وغلظ في ذلك وابدى واعاد وفي الصحيحين عن عبادة ابن الصامت رضي الله عنه قال بايعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم على السمع والطاعة في العسر واليسر والمنشط والمكره وعلى اثرة علينا وعلى الا ننازع الامر اهله قال النووي رحمه الله معلقا على هذا الحديث الاثرة هي الاستئثار والاختصاص بامور الدنيا اي اسمعوا واطيعوا وان اختص الامراء بالدنيا ولم يوصلوكم حقكم مما عندهم قال وهذه الاحاديث في الحث على السمع والطاعة في جميع الاحوال لاجل اجتماع كلمة المسلمين. فان الخلاف سبب لفساد احوالهم في دينهم ودنياهم وفي الصحيحين عن ابن عباس رضي الله عنهما ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من كره من اميره شيئا فليصبر عليه فانه ليس احد من الناس خرج من السلطان شبرا فمات الا مات ميتة جاهلية وتأمل اخي المسلم قول النبي صلى الله عليه وسلم خرج من السلطان شبرا ففيه اشارة لادنى خروج ايها الاخوة المستمعون وان شحن نفوس العامة ضد ولاة الامر كما انه مخالف للشرع فان اثاره السيئة على الامة وخيمة وقد يتسبب في فتح ابواب من الفتن ولهذا جاء في صحيح البخاري عن اسامة بن زيد رضي الله عنهما انه قيل له لو اتيت فلانا اي امير المؤمنين عثمان بن عفان رضي الله عنه فكلمته اين نصحته قال انكم لترون اني لا اكلمه الا ان اسمعكم اني اكلمه في السر دون ان افتح بابا لا اكون اول من فتح فخشي اسامة بن زيد رضي الله تعالى عنهما خشي من انه لو ناصح عثمان علنا خشي ان يفتح على المسلمين باب فتنة وشر وان على العلماء وعلى اهل الحل والعقد وارباب القلم وارباب التأثير في الامة. عليهم مسؤولية كبيرة في حث الناس على اجتماع الكلمة ونبذ الفرقة كما ان عليه مسئولية عظيمة في تأليف قلوب العامة تجاه ولاة الامر وابعادهم عن كل ما يشحن النفوس ويملأ القلوب تجاههم فان من النصيحة لولاة الامر تألف قلوب الناس لطاعتهم قال النووي رحمه الله من النصيحة لائمة المسلمين معاونتهم على الحق وطاعتهم فيه وتنبيههم وتذكيرهم ولطف وتألف قلوب الناس لطاعتهم وان شحن قلوب الناس تجاه ولاة الامر يجر ابوابا عظيمة من الشر والفتنة ولهذا عندما نقرأ التاريخ الاسلامي نجد ان اول فتنة وقعت في تاريخ المسلمين كانت الفتنة التي حصلت بعد مقتل عثمان بن عفان رضي الله عنه وقد كانت شرارة الفتن التي وقعت زمن امير المؤمنين عثمان رضي الله عنه هي شحن قلوب العامة تجاه عثمان وتولى كبرها عبدالله بن سبأ حتى حصل ما حصل من الفتن العظيمة مع ان كثيرا من علماء الصحابة كانوا موجودين كانوا موجودين في مدينة النبي صلى الله عليه وسلم ولكن لما شحنت النفوس تجاه الخليفة الراشد احد العشرة المبشرين بالجنة لما شحنت النفوس تجاه اصبح اولى العامة الخارجون عليه لا يقبلون من علماء الصحابة بل ويتهمونهم بمداهنة الخليفة ايها الاخوة المستمعون ان بعض الناس يعيش في نعم عظيمة ولكنه ينظر الى من هو اعلى منه فيظل ساخطا ويظل متشكيا. ولو انه عمل بوصية النبي صلى الله عليه وسلم لنظر الى من هو اقل منه. فانه بذلك يعرف قدر نعمة الله عليه ولا يحتقرها. يقول النبي صلى الله عليه عليه وسلم انظروا الى من هو اسفل منكم ولا تنظروا الى من هو فوقكم فهو اجدر الا تزدروا اي الا تحتقروا نعمة الله عليكم ان من الناس من يعيش عيشة ملوك ومع ذلك يظل ساخطا عن عبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما وسأله رجل من الناس فقال له السنا من فقراء المهاجرين؟ يريد ان يستفسر هل هو من الفقراء ام لا؟ وهل هل تحل له الصدقة ام لا فانظروا بما اجاب عبد الله قال له عبدالله بن عمرو الك امرأة تأوي اليها قال نعم قال الك مسكن تسكنه؟ قال نعم. قال فانت اذا من الاغنياء قال ان لي خادما قال فانت اذا من الملوك وكان الرجل من بني اسرائيل اذا كان له الزوجة والخادم والدار سمي ملكا وقرأ قول الله تعالى واذ قال موسى لقومه يا قوم اذكروا نعمة الله عليكم اذ جعل فيكم انبياء وجعلكم ملوكا وبعض الناس يعيش عيشة ملوك ومع ذلك يظل متشكيا ساخطا قال ابن القيم رحمه الله من الافات الخفية ان يكون العبد في نعمة انعم الله تعالى بها عليه واختارها له فيملها العبد ويطلب الانتقال منها الى ما يزعم لجهله انه خير له منها وربه برحمته لا يخرجه من تلك النعمة. ويعذره بجهله وسوء اختياره لنفسه حتى اذا ضاق ذرعا بتلك النعمة وسخطها وتبرم بها واستحكم ملله لها سلبه الله اياها. فاذا الى ما طلبه ورأى التفاوت بينما كان فيه وما صار اليه اشتد قلقه وندمه وطلب العودة الى ما كان فيه فهؤلاء تكون حالهم مثل حال بني اسرائيل الذين انعم الله تعالى عليهم بالمن والسلوى فتململوا من هذه النعمة وطلبوا البقل والقثاء والفوم والعدس والبصل فاجيب الى ما طلبوا وابدلوا نعمة المن والسلوى بما هو اقل منها كما قال ربنا عز وجل واذ قلتم يا موسى لن نصبر على طعام واحد. فادع لنا ربك يخرج لنا مما تنبت الارض من وقصائها وفومها وعدسها وبصلها قال اتستبدلون الذي هو ادنى بالذي هو خير؟ اهبطوا مصرا فان لكم ما سألتم. وضربت عليهم الذلة والمسكنة باءوا بغضب من الله اسأل الله تعالى ان يحفظ بلادنا وولاة امرنا من كل سوء ومكروه. واسأله ان يرزقنا شكر نعمه والاءه العظيمة. وان يجعلنا من انصار الحق واعوانه هداة مهتدين غير ضالين ولا مضلين. وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته