اذاعة القرآن الكريم من المملكة العربية السعودية تقدم فقه العبادات فقه العبادات برنامج من اعداد وتقديم فضيلة الشيخ الدكتور تساعد ابن تركي الخثلان تنفيذ فهد بن سعد الفريان بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على اشرف الانبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى اله وصحبه ومن اهتدى بهديه الى يوم الدين ايها الاخوة المستمعون السلام عليكم ورحمة الله وبركاته حياكم الله تعالى في هذه الحلقة الجديدة من هذا البرنامج يفتتح الفقهاء كتب الفقه باحكام ومسائل الطهارة وذلك لان الطهارة مفتاح الصلاح التي هي اكد اركان الصلاة بعد الشهادتين وما كان مفتاحا لشيء وشرطا له فهو مقدم عليه طبعا فيقدم عليه وضعا ولانها تخلية من الاذى والتخلية قبل التحلية ومعنى الطهارة لغة النظافة والنزاهة عن الاقذار ويعرفها الفقهاء بانها ارتفاع الحدث وما في معناه وزوال الخبث فقولهم في التعريف ارتفاع الحدث اي ارتفاع آآ اي زوال الحدث والحدث هو وصف يقوم بالبدن. يمنع من الصلاة ونحوها مما يشترط له الطهارة اي ان الحدث وصف معنوي اليس شيئا حسيا يمكن مشاهدته وهذا الوصف يمنع من الصلاة وما يشترط له الطهارة وقولهم وما في معناه اي فيما معنى ارتفاع الحدث اي ما في معنى ارتفاع الحدث حاصل بالوضوء المستحب قولهم وزوال الخبث اي النجاسة واعلم يا اخي المستمع ان الاصل في الاشياء الطهارة بناء على ذلك اذا شككت في نجاسة ماء او ثوب او اناء او بقعة او غير ذلك فالاصل الطهارة فعلوا ذلك اراد رجل ان يصلي في مكان ما فقال له اخر يحتمل ان هذا المكان الذي تريد ان تصلي فيه به نجاسة فنقول الاصل الطهارة اذا لم يتيقن ان بهذا المكان نجاسة فله ان يصلي فيه قال الشيخ عبدالرحمن السعدي رحمه الله قال وادلة هذا الاصل من الكتاب والسنة كثيرة وما انفع هذا الاصل واكثر فائدته وهو من نعم الله على عباده وتيسيره وعفوه ونفيه الحرج عن هذه الامة فان قال قائل اذا وجدت ماء ولا ادري هل هو طهور او نجس فهل يشرع تركه احتياطا نقول لا يشرع الا اذا وجدت امارات ظاهرة على نجاسته قال شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله الاحتياط بمجرد الشك في امور المياه ليس مستحبا ولا مشروعا بل ولا يستحب السؤال عن ذلك بل المشروع ان يبني الامر على الاستصحاب ان قام دليل على النجاسة نجسناه والا فلا يستحب ان يجتنب النجاسة بمجرد احتمال النجاسة واما اذا قامت امارة ظاهرة فذاك مقام اخر قال والدليل القاطع انه ما زال النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة والتابعون يتوضأون ويغتسلون ويشربون من المياه في الانية والدلاء وادلاء الصغار والحياض وغيرها مع وجود هذا الاحتمال بل كل احتمال لا يستند الى امارة شرعية لم يلتفت اليه واما الماء فهو في نفسه طهور لكن اذا خالطته النجاسة وظهرت فيه صار استعماله استعمالا لذلك الخبيث يكون انما نهي عن استعماله لما خالطه من الخبيث لا انه في نفسه خبيث فان لم يكن هنا امارة ظاهرة على مخالطة الخبيث له كان هذا التقدير والاحتمال مع طيب الماء وعدم التغير فيه من باب الحرج الذي نفاه الله عن شريعتنا ومن باب الاثار والاغلال المرفوعة عنا وثبت ان عمر ابن الخطاب رضي الله عنه توضأ من جرة نصرانية عن قيام هذا الاحتمال مر عمر بن الخطاب رضي الله عنه وصاحب له بميزاب فقال صاحبه يا صاحب الميزاب ماؤك طاهر او نجس فقال عمر يا صاحب الميزاب لا تخبره وقد نص على هذه المسألة الائمة كاحمد وغيره ونصوا على انه اذا سقط عليه ماء من ميزاب ونحوه ولا امارة تدل على النجاسة لم يلزم السؤال عنه بل يكره ايها الاخوة المستمعون يقسم بعض الفقهاء الماء الى ثلاثة اقسام طهور وطاهر ونجس اما الطهور فهو الطاهر في نفسه المطهر لغيره واما الطاهر فهو الطاهر في نفسه غير المطهر لغيره كما لو تغير طعم الماء او لونه او ريحه بطاهر كزعفران مثلا واما النجس وما تغير لونه او طعمه او ريحه بنجاسة ولكن الصحيح الذي عليه المحققون من اهل العلم هو ان الماء ينقسم الى قسمين طهور ونجس ولا وجود لقسم ثالث يكون فيه الماء طاهرا غير مطهر بل اذا تغير لون الماء او طعمه او ريحه بنجاسة فهو نجس والا فهو طهور واما اذا خالط الماء شيء طاهر ان كان قد غلب عليه حتى غير اسمه فلم يعد يسمى ماء يسمى مرقا او لبنا او خلا او صبغا ونحو ذلك هذا ليس بماء اصلا طهارة لا تصح بغير الماء قال الله تعالى فلم تجدوا ماء فتيمموا هذا لا يقع عليه اسم الماء اصلا قال الموفق ابن قدامة رحمه الله لا نعلم فيه خلافا واما اذا غير هذا الطاهر واما اذا غير هذا الطاهر طعم الماء او لونه او رائحته الصحيح انه طهور ما دام التغير بطاهر. وليس بنجس ما دام ان اسم الماء لا زال باقيا قد اختار هذا القول شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى واذا تغير لون الماء او طعمه او رائحته بنجاسة فهو نجس بالاجماع اما اذا وقعت فيه نجاسة ولم يتغير طعمه ولا لونه ولا رائحته هل ينجس اختلف الفقهاء في ذلك على اقوال اشهرها قولان القول الاول اذا كان الماء دون قلتين فانه ينجس بمجرد ملاقاة النجاسة اما اذا كان اكثر من قلتين فلا ينجس الا بتغير طعمه او لونه او ريحه اليه ذهب الشافعية والحنابلة في ظاهر المذهب واستدلوا بقول النبي صلى الله عليه وسلم اذا بلغ الماء قلتين لم يحمل الخبث اخرجه ابو داوود والترمذي والنسائي وابن ماجه واحمد والقول الثاني في المسألة ان الماء لا ينجس الا بالتغير مطلقا وان بلغ قلتين او لم يبلغ لكن ما دون قلتين ينبغي للانسان ان يتحرز اذا وقعت فيه النجاسة لان الغالب ان ما دونهما يتغير وهذا هو القول الراجح في هذه المسألة والله تعالى اعلم ديار شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله وجمع من المحققين من اهل العلم ويدل لهذا القول حديث ابي سعيد الخدري رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم سئل ان اتوضأ من بئر بضاعة كبئر يلقى فيها الحيض ولحوم الكلاب والنتن قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ان الماء طهور لا ينجسه شيء اخرجه ابو داوود والترمذي والنسائي واحمد قد صححه الامام احمد وابن معين ويدل لهذا القول من النظر ان علة النجاسة الخبث فمتى وجد الخبث والنجاسة في الماء فهو نجس والا فهو طهور بقي ان يقال ان حديث القلتين قد صححه بعض اهل العلم ويدل بمفهومه على ان ما كان دون قلتين فانه ينجس بمجرد ملاقاة النجاسة كيف يجاب عن ذلك تقول ان حديث القلتين قد دل بمنطوقه على ان الماء اذا بلغ قلتين لم ينجس هذا ليس على عمومه بل يستثنى منه اذا تغير الماء بالنجاسة انه ينجس ولو بلغ قلتين فاكثر باجماع العلماء ودل حديث القلتين بمفهومه على ان الماء اذا كان دون قلتين فانه ينجس فنقول ان المراد انه ينجس اذا تغير بنجاسة واما اذا لم يتغير بنجاسة فلا ينجس جمعا بين هذا الحديث وحديث ان الماء طهور لا ينجسه شيء ويتفرع عنها عن هذه المسألة ما اذا اخذ رجل ماء ليتوضأ به هذا الماء قليل دون القلتين اصابه رشاش بول لم يتغير به الماء هل نقول ان هذا الماء قد تنجس برشاش البول الذي اصابه جواب على القول الاول نعم يكون قد تنجس وان لم يتغير لان الماء القليل عندهم وهو ما دون قلتين يتنجس بادنى نجاسة تلاقيه وعلى القول الثاني يبقى هذا الماء على طهوريته كونه لم يتغير بالنجاسة سبق القول بان هذا القول الاخير هو القول الراجح في المسألة الذي تجتمع به الادلة ايها الاخوة المستمعون نكتفي بهذا القدر في هذه الحلقة نلتقي بكم على خير في الحلقة القادمة ان شاء الله تعالى السلام عليكم ورحمة الله وبركاته فقه العبادات فقه العبادات برنامج من اعداد وتقديم فضيلة الشيخ الدكتور سعد ابن تركي الخثلان تنفيذ فهد بن سعد الفريان