اذاعة القرآن الكريم من المملكة العربية السعودية تقدم فقه العبادات فقه العبادات برنامج من اعداد وتقديم فضيلة الشيخ الدكتور سعد بن تركي الخثلان تنفيذ كهد ابن سعد الفريان بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على اشرف الانبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى اله وصحبه ومن اهتدى بهديه واتبع سنته الى يوم الدين ايها الاخوة المستمعون السلام عليكم ورحمة الله وبركاته لا يزال الحديث موصولا عما اختلف في نجاسته ونبدأ بالحديث عن مني الانسان قد اختلف الفقهاء فيه هل هو طاهر ام نجس على قولين مشهورين القول الاول انه نجس واليه ذهب الحنفية والمالكية والقول الثاني انه طاهر واليه ذهب الشافعية والحنابلة وسبب الخلاف في هذه المسألة وخلاف العلماء في تفسير ما ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من غسل المني رطبا وفركه يابسا وفي الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها قالت وقد سئلت عن المني يصيب الثوب قالت كنت اغسله من ثوب رسول الله صلى الله عليه وسلم فيخرج الى الصلاة واثر الغسل في ثوبه بقع ماء وفي رواية لمسلم كنت افرك المنية من ثوب رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم يذهب فيصلي به في رواية احمد وابن خزيمة كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسلط المنية من ثوبه بعرق الاذخر ثم يصلي فيه ويحته من ثوبه يابسا ثم يصلي فيه فاخذ القائلون بنجاسته من فركه يابسا وغسله رطبا دليلا على نجاسته قالوا لان النجاسة قد تزول بالفرك واخذ القائلون بطهارته من الاكتفاء بفركه يابسا دليلا على طهارته اذ لو كان نجسا لوجب غسله والقول الصحيح في هذه المسألة هو ان المني طاهر وليس بنجس وهو الذي عليه عامة المحققين من اهل العلم اذ ان حديث عائشة رضي الله عنها ظاهر الدلالة في عدم نجاسته اذ انها كانت تفركه اذا كان يابسا ولو كان نجسا ولو كان نجسا لما اكتفي فيه بالفرك خاصة وان المني سائل ثخين ويتشرب الثوب جزءا منه ومما يدل لذلك رواية احمد وابن خزيمة كان صلى الله عليه وسلم يسلت المني من ثوبه بعرق الاذخر ثم يصلي فيه ويحته من ثوبه يابسا ثم يصلي فيه ومعلوم ان سلت المني الرطب وفرك اليابس لا يزيل لون المني ورائحته ودل ذلك على انه طاهر قال شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله الصواب ان المني طاهر فانه من المعلوم ان الصحابة كانوا يحتلمون على عهد النبي صلى الله عليه وسلم وان المني يصيب بدن احدهم وثيابه هذا مما تعم به البلوى فلو كان نجسا لكان يجب على النبي صلى الله عليه وسلم امرهم بازالة ذلك من ابدانهم وثيابهم كما امرهم بالاستنجاء وكما امر الحائض بان تغسل دم الحيض من ثوبها بل اصابة الناس المني اعظم بكثير من اصابة دم الحيض لثوب الحيض ومن المعلوم انه لم ينقل احد ان النبي صلى الله عليه وسلم امر احدا من الصحابة بغسل المني من بدنه ولا ثوبه علم يقينا ان هذا لم يكن واجبا عليهم وهذا قاطع لمن تدبره واما كون عائشة رضي الله عنها كانت تغسله تارة من ثوب النبي صلى الله عليه وسلم وتفركه تارة فهذا لا يقتضي تنجيسه فان الثوب يغسل من المخاط والبصاق والوسخ وهكذا قد قال غير واحد من الصحابة كسعد بن ابي وقاص وابن عباس وغيرهما انما هو بمنزلة المخاط والبصاق امطه عنك ولو باذخرة سواء كان الرجل مستنجيا او مستجمرا فان منيه طاهر ومن قال من اصحاب الشافعي واحمد ان مني المستجمر نجس لملاقاته رأس الذكر فقوله ضعيف ان الصحابة كان عامتهم يستجمرون ولم يكن يستنجي بالماء الا قليل جدا ولم يكن يستنجي بالماء منهم الا قليل جدا بل كان كثير منهم لا يعرفون الاستنجاء بل انكروه ومع هذا فلم يؤمر النبي صلى الله عليه وسلم احدا منهم بغسل منيه بل ولا بفركه انتهى كلامه رحمه الله وقال في موضع اخر ثم ان المني قد جعله الله تعالى اصلا لجميع انبيائه واوليائه وعباده الصالحين والانسان المكرم والانسان قد كرمه الله عز وجل فكيف يكون اصله نجسا ولهذا قال ابن عقيل وقد تناظر رجلان في طهارة ونجاسة المني احدهما يقول بطهارته والاخر يقول بنجاسته قال لاحدهما ما بالك وبال هذا قال اريد ان اجعل اصله طاهرا وهو يأبى الا ان يكون نجسا والحاصل ان القول الاظهر في هذه المسألة الذي تدل له النصوص والاصول والقواعد الشرعية هو ان المني طاهر وليس بنجس والله تعالى اعلم واما ما يخرج من بعض النساء من افرازات وهو ما يسميه بعض الفقهاء برطوبة فرج المرأة وهو ناقض للوضوء وقد اختلف الفقهاء في كونه طاهرا او نجسا على قولين مشهورين والجمهور من الحنفية والمالكية والجمهور من الحنفية والشافعية والحنابلة على انه طاهر وذهب المالكية الى انه نجس وفصل بعض الفقهاء فقال انما يخرج من افرازات من الرحم عن طريق مسلك الذكر يكون طاهرا وما يخرج من المثانة عن طريق مخرج البول يكون نجسا وهذا القول قول وسط بين القولين وهو الاقرب في هذه المسألة والله تعالى اعلم فانما يخرج من مخرج البول يكون ناتجا عن استرخاء المثانة فحكمه حكم البول اشبه ما يخرج من ذكر الرجل من غير المني واما ما يخرج من مسلك الذكر فهو ليس من فضلات الطعام والشراب فليس بولا والاصل عدم النجاسة حتى يقوم الدليل على ذلك خاصة وان القول بالنجاسة في هذه الحال يترتب عليه حرج كبير لدى من ابتلي بذلك من النساء والحاصل ان من ابتليت برطوبة الفرج من النساء فعليها ان تتحقق من مصدرها ان كانت من الرحم فهي طاهرة على القول الراجح وان كانت من مسلك البول فهي نجسة وعليها ان تتحفظ منها وسبق القول بان هذه الرطوبة تنقض الوضوء مطلقا سواء كان خروجها من مخرج البول او من مخرج الولد ولكن اذا استمر مع المرأة فحكمه حكم السلس وحكم الاستحاضة فلا ينتقض به الوضوء ولكنها تتحفظ وتتوظأ لكل صلاة. والله تعالى اعلم واما المذي بالذال وهو سائل لزج يخرج من الذكر عند الشهوة بلا دفن وربما لا يحس بخروجه فهو نجس في قول عامة الفقهاء قد حكى الحافظ بن عبدالبر والنووي رحمهم الله تعالى الاجماع على نجاسته ويدل لذلك ما جاء في الصحيحين عن علي رضي الله عنه قال كنت رجلا مذائا وكنت استحي ان اسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم لمكان ابنته مني فامرت المقداد ابن الاسود فسأله فقال يغسل ذكره ويتوضأ فبين النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث حكم المذي وانه موجب لغسل الذكر والوضوء واوجب بعض الفقهاء غسل الانثيين اي الخصيتين بخروجه لما جاء في بعض روايات حديث علي يغسل ذكره وانثي وانثيه ويتوضأ وقد اخرج هذه الرواية ابو داوود والنسائي واحمد ولكنها ضعيفة من جهة السند لا تثبت والمحفوظ من الحديث هو رواية الصحيحين يغسل ذكره ويتوضأ وبناء على ذلك نقول الواجب بخروج المذي غسل الذكر والوضوء وان غسل الانثيين مع الذكر خروجا من الخلاف كان ذلك حسنا واذا اصاب المذي اللباس فيكفي فيه النضح ولا يلزم غسله اذ ان نجاسته نجاسة مخففة ويدل لذلك ما اخرجه ابو داوود والترمذي واحمد بسند حسن عن سهل بن حنيف رضي الله عنه قال كنت القى من المذي شدة فسألت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال انما يجزيك من ذلك الوضوء قلت يا رسول الله فكيف بما يصيب ثوبي منه قال يكفيك ان تأخذ كفا من ماء تنضح به من ثوبك حيث ترى انه اصاب ايها الاخوة المستمعون هذا هو ما اتسع له وقت هذه الحلقة ونلتقي بكم على خير في الحلقة القادمة ان شاء الله تعالى والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته فقه العبادات برنامج من اعداد وتقديم فضيلة الشيخ الدكتور سعد ابن تركي الخثلان تنفيذ فهد ابن سعد الفريان