اذاعة القرآن الكريم من المملكة العربية السعودية تقدم فقه العبادات فقه العبادات برنامج من اعداد وتقديم فضيلة الشيخ الدكتور سعد ابن تركي الخثلان تنفيذ فهد ابن سعد الفريان بسم الله الرحمن الرحيم ان الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور انفسنا ومن سيئات اعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى اله وصحبه وسلم تسليما كثيرا ايها الاخوة المستمعون السلام عليكم ورحمة الله وبركاته حياكم الله تعالى في هذه الحلقة الجديدة من هذا البرنامج لا يزال حديثنا موصولا عن احكام ازالة النجاسة ونتحدث معكم في هذه الحلقة عن حكم الدم والقيء والقيح والصديد من حيث الطهارة والنجاسة ونبدأ بالحديث عن الدم فنقول ان دم الادمي اذا كان كثيرا فهو نجس في قول عامة الفقهاء قال الامام احمد الدم لم يختلف الناس فيه اي في انه نجس وقال النووي الدلائل على نجاسة الدم متظاهرة ولا اعلم خلافا عن احد من المسلمين الا ما حكاه صاحب الحاوي عن بعض المتكلمين انه قال هو طاهر ولكن المتكلمين لا يعتد بهم في الاجماع وقال القرطبي اتفق العلماء على ان الدم نجس قال ابن حجر الدم نجس اتفاقا ويدل لنجاسة الدم قول الله تعالى قل لا اجد فيما اوحي الي محرما على طاعم يطعمه الا ان يكون ميتة او دما مسفوحا او لحم خنزير فانه رجس او فسقا اهل لغير الله به والرجس هو النجس فدلت الاية على ان الدم المسفوح نجس والدم المسفوح هو الدم المسال المهر وهو الكثير قال الحافظ بن عبدالبر رحمه الله المسفوح وان كان اصله الجاري في اللغة فان المعنى فيه في الشريعة الكثير اذا القليل لا يكون جاريا مسفوحا فاذا سقطت من الدم الجاري نقطة في ثوب او بدن لم يكن حكمها حكم الدم المسفوح الكثير كان حكمها حكم القليل ولم يلتفت الى اصلها في اللغة انتهى كلامه رحمه الله والمأثور عن السلف انه يعفى عن يسير الدم هو المشهور من المذاهب الاربعة حنفية والمالكية والشافعية والحنابلة ونسبه الموفق بن قدامة لاكثر اهل العلم ومما يدل لذلك من السنة ما جاء في صحيح البخاري عن عائشة رضي الله عنها قالت ما كان لاحدانا الا ثوب واحد تحيض فيه اذا اصابه شيء من دم قالت بريقها فقصعته بظفرها وقولها قالت بريقها اي بلته بريقها فقصعته بظفرها اي حكته وفركته بظفرها ووجه دلالة هذا الحديث على العفو عن يسيل الدم ان عائشة رضي الله عنها اخبرت انه اذا اصاب ثوبها شيء من الدم بلته بريقها ثم حكته بظفرها وهذا يدل على انه معفو عنه اذ ان الريق لا يطهر الدم وهو محمول على الدم اليسير واما الدم الكثير فصح عنها انها كانت تغسله وقد وردت اثار عن بعض الصحابة تدل على انهم يرون العفو عن يسير الدم قد جاء عن ابي هريرة رضي الله عنه انه لم يكن يرى بالقطرتين من الدم في الصلاة بأسا عن ابن عباس رضي الله عنهما قال اذا كان الدم فاحشا فعليه الاعادة واذا كان قليلا فليس عليه اعادة وعن ابن عمر رضي الله عنهما انه عصر بثرة في وجهه فخرج شيء من دم فحكه بين اصبعيه ثم صلى ولم يتوضأ وممن روي عنه العفو عن يسير الدم ابن مسعود. وجابر ابن عبد الله وابن ابي اوفى رضي الله عنه ثمان يسير الدم يشق التحرز والتحفظ منه تعم به البلوى وقد قال الله تعالى ما جعل عليكم في الدين من حرج ويعفى عنه كاثر الاستجمار وقد استثنى بعض العلماء من ذلك يسير دم الحيض والنفاس والدم الخارج من السبيلين عموما فقالوا لا يعفى عنه ولو كان يسيرا ولكن القول الصحيح الذي عليه كثير من المحققين من اهل العلم هو العفو عن يسير الدم مطلقا سواء كان الدم خارجا من السبيلين او من غيرهما بدلالة حديث عائشة رضي الله عنها السابق ذكره ما كان الاحدان الا ثوب واحد تحيض فيه فاذا اصابه شيء من دم قالت بريقها فقصعته بظفرها وهو ظاهر الدلالة بالعفو عن يسير دم الحيض ولهذا فقد جزم الموفق ابن قدامة رحمه الله في كتابه المغني جزم بالقول بالعفو عن يسير دم الحيض ولم يذكر في ذلك خلافا قال رحمه الله فصل ويعفى عن يسير دم الحيض لما ذكرنا من حديث عائشة رضي الله عنها انتهى كلامه رحمه الله وضابط اليسير هو ما لا يفحش عند اوساط الناس فلا عبرة بالموسوسين ولا بالمتساهلين والحق بعض الفقهاء القيح والصديد بالدم قالوا هو نجس الا انه يعفى عن يسيره قال شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله لا يجب غسل الثوب ولا الجسد من القيح والصديد. ولم يقم دليل على نجاسته انتهى كلامه رحمه الله اي انه يرى ان القيح والصديد انه طاهر وليس بنجس وهو الاقرب والله تعالى اعلم والحاصل ان الاصل في الدم انه نجس ويعفى عن يسيره واستثنى الفقهاء انواعا من الدم حكموا بطهارتها هي دم السمك ودم الذباب والبعوض ونحوه والدم الباقي من الحيوان بعد تذكيته اما دم السمك فهو طاهر بحديث احلت لنا ميتتان ودمان اما الميتتان الجراد والحوت واما الدمان فالكبد والطحال ولانه اذا كانت ميتته طاهرة كان ذلك دليلا على طهارة دمه ان تحريم الميتة من اجل بقاء الدم واما دم الذباب والبعوض ونحوهما من الحشرات فهو طاهر لان ميتته طاهرة كما دل لذلك حديث ابي هريرة رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال اذا وقع الذباب في شراب احدكم فليغمسه ثم لينزعه فان في احد جناحيه داء وفي الاخر شفاء اخرجه البخاري في صحيحه ويلزم من غمسه الموت خاصة اذا كان الشراب حارا دل ذلك على ان ميتته ليست بنجسة اذ لو كانت نجسة لما امر النبي صلى الله عليه وسلم بغمسه في الشراب واذا كانت ميتته طاهرة كان ذلك دليلا على طهارة دمه واما الدم الباقي في الحيوان بعد تذكيته فهو طاهر وذلك كالدم الذي يكون في العروق والقلب والطحال والكبد سواء كان الدم قليلا او كثيرا لانه كسائر اجزاء البهيمة واجزاؤها حلال طاهرة بالتذكية الشرعية. فكذلك الدم قال شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله لا اعلم خلافا في العفو عن دم العروق لا اعلم خلافا في العفو عن دم عروق المأكول وانه لا ينجس المرق بل يؤكل معها واما القيء فقد اختلف في طهارته فمن الفقهاء من قال بطهارته ومنهم من قال بانه نجس والاقرب والله تعالى اعلم انه طاهر اذ ان الاصل هو الطهارة وليس هناك دليل ظاهر يدل على نجاسة القيء ولو كان القيء نجسا لبين ذلك النبي صلى الله عليه وسلم اذ ان هذا مما تبتلى به الامهات ويكثر من الاطفال وتأخير البيان عن وقت الحاجة لا يجوز والله تعالى اعلم ايها الاخوة المستمعون هذا ما تيسر عرضه في هذه الحلقة ونلتقي بكم على خير في الحلقة القادمة ان شاء الله تعالى. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته فقه العبادات فقه العبادات برنامج من اعداد وتقديم فضيلة الشيخ الدكتور سعد بن تركي الخثلان تنفيذ فهد بن سعد الفريان