اذاعة القرآن الكريم من المملكة العربية السعودية تقدم فقه العبادات فقه العبادات برنامج من اعداد وتقديم فضيلة الشيخ الدكتور سعد بن تركي الخثلان تنفيذ فهد ابن سعد الفريان بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على اشرف الانبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى اله وصحبه ومن اهتدى بهديه واتبع سنته الى يوم الدين ايها الاخوة المستمعون السلام عليكم ورحمة الله وبركاته لا يزال الحديث موصولا عن احكام ازالة النجاسة نتحدث معكم في هذه الحلقة عن جملة من الاحكام المتعلقة بها ونبدأ الحديث عن بول الغلام نقول قد دلت السنة على انه يكفي في تطهير بول الغلام النضح كما جاء في الصحيحين عن ام قيس بنت محصن رضي الله عنها انها اتت بابن لها صغير لم يأكل الطعام الى رسول الله صلى الله عليه وسلم فاجلسه رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجره فبال على ثوبه فدعا بماء فنضحه ولم يغسله وفي الصحيحين ايضا عن عائشة رضي الله عنها قالت كان النبي صلى الله عليه وسلم يؤتى بالصبيان فيدعو لهم اوتي بصبي فبال على ثوبه فدعا بماء فاتبعه اياه ولم يغسله وعن ابي السمح رضي الله عنه قال قال النبي صلى الله عليه وسلم يغسل من بول الجارية ويرش من بول الغلام رجى ابو داوود والنسائي وابن ماجة الدار قطني والحاكم بسند حسن وهذه الاحاديث تدل على انه يكفي في تطهير بول الذكر الرضيع النظح ويشترط لذلك ان يكون هذا الطفل لم يأكل الطعام شهوة وتغذيا به قال ابن القيم رحمه الله انما يزول حكم النظح اذا اكل الطعام واراده واشتهاه تغذيا به انتهى كلامه اما لو كان يأكل الطعام ويتغذى به ويشرب لبنا احيانا فيكون بوله كبول الكبير والمراد بالنظح الذي يكتفى به في بول الغلام الذي لم يأكل الطعام قال الموفق رحمه الله قال الموفق بن قدامة مبينا معنى النظح قال معناه ان يغمره بالماء وان لم ينزل عنه ولا يحتاج الى مرس وعصر كلامه رحمه الله وهذا ايها الاخوة هو المعنى الصحيح للنظح ان تتبعه الماء دون فرك او عصر حتى يشمله كله ولهذا جاء في حديث عائشة رضي الله عنها سابق ذكره فدعا بماء فاتبعه اياه ولم يغسله وجاء في بعض الروايات ان النبي صلى الله عليه وسلم صب الماء على بول الغلام وبهذا يعلم عدم صحة فهم بعض الناس للنظح في هذا الحديث لانه مجرد الرش باليد بل المراد غمره بالماء من غير عصر وقد التمس بعض العلماء الحكمة من التفريق بين الذكر والانثى في هذه المسألة اي انه يكتفى في بول الذكر الرضيع النظح في بول الانثى لابد من الغسل قال بعضهم ان الذكر فيه حرارة طبيعية زائدة على حرارة الانثى ولهذا اذا نظرت الى طفلين في نفس العمر احدهما ذكر والاخر انثى وجدت ان الذكر اكثر حرارة وعبثا وشقاوة من الانثى في الغالب وذلك بسبب ان طبيعة حرارته الغريزية اكثر من الانثى وهذه الحرارة تخفف فضلات الطعام واذا صادف ان الطعام خفيف ايضا وهو اللبن حصل من مجموع الامرين خفة النجاسة ولهذا يكتفى فيها بالنظح بخلاف الانثى فان حرارتها الغريزية اقل الا تقوى على تخفيف نجاسة بولها ثم ان بول الذكر يخرج من ثقب ضيق فينتشر فيشق غسله بخلاف الانثى فناسب ذلك التيسير على المكلف بالاكتفاء بنضح بول الذكر. والله تعالى اعلم وننتقل بعد ذلك الى مسألة اخرى في هذا الباب وهي حكم بول ما يؤكل لحمه من حيث الطهارة فنقول قد دلت السنة على ان بول وروث ما يؤكل لحمه طاهر الابل والبقر والغنم وكل ما يؤكل لحمه ففي الصحيحين في قصة العرينيين الذين قدموا المدينة فاشتكوا فامرهم النبي صلى الله عليه وسلم بان يلحقوا بابل الصدقة ويشرب من البانها وابوالها ولو كانت ابوالها نجسة لما امرهم النبي صلى الله عليه وسلم بالشرب منها وفي صحيح مسلم عن جابر بن سمرة رضي الله عنه ان رجلا سأل النبي صلى الله عليه وسلم اصلي في مرابض الغنم قال نعم ووجه الدلالة ان النبي صلى الله عليه وسلم اذن في الصلاة في مرابض الغنم مرابض الغنم لا تخلو من البول والروث فدل ذلك على طهارتها وفي الصحيحين عن ابن عباس رضي الله عنهما قال طاف النبي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع على بعير يستلم الركن بمحجن ووجه الدلالة ان ادخال البعير المسجد والطواف عليه دليل على طهارة بوله حيث لا يؤمن بول البعير في اثناء الطواف ولو كان نجسا لم يعرض النبي صلى الله عليه وسلم المسجد للنجاسة قال شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله ثبت واستفاض ان رسول الله صلى الله عليه وسلم طاف على راحلته وادخلها المسجد الحرام الذي فضله الله على جميع بقاع الارض كذلك اذن لام سلمة ان تطوف على بعيرها ومعلوم انه ليس مع الدواب من العقل ما تمتنع به من تلويث المسجد المأمور بتطهيره للطائفين والركع السجود ولو كانت ابوالها نجسة لكان فيه تعريض المسجد الحرام للتنجيس كلامه رحمه الله واما نهي النبي صلى الله عليه وسلم عن الصلاة في معاطن الابل فليس ذلك لاجل نجاستها وانما لعلة اخرى غير النجاسة وقد جاءت الاشارة الى هذه العلة في حديث عبدالله بن مغفل رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم صلوا في مرابض الغنم ولا تصلوا في اعطان الابل فانها خلقت من الشياطين اخرجه احمد وابن ماجة وابن حبان وابن ابي شيبة والبيهقي بسند صحيح قال ابن حبان رحمه الله معنى قول النبي صلى الله عليه وسلم فانها خلقت من الشياطين ان معها الشياطين كما قال صلى الله عليه وسلم لمن يصلي واراد احد ان يمر بين يديه قال فليدرأه ما استطاع. فان ابى قاتل فانه شيطان. وفي الرواية الاخرى فليقاتله فان معه القرين وقيل المعنى ان من طبعها الشيطنة وليس معناه ان مادة خلقها الشيطانة فهو كقول الله تعالى خلق الانسان من عجل اي طبعه هكذا فكذلك نقول في الابل طبعها الشيطانة فهي لا لا تكاد تهدأ ولا تقر في العطن بل تثور وربما قطعت على المصلي صلاته وشوشت عليه خشوعه. وربما ثارت عليه فاحدثت به ضررا ولهذا لما امن شرها للراكب عليها جاز له ان يصلي عليها وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي النافلة في السفر على بعيره وعلى كل حال فليس في النهي عن الصلاة في معاطن الابل دليل على نجاسة بولها وروثها. والله تعالى اعلم واما الحيوان غير المأكول كالهر والحمار الاهلي ونحوهما فان بوله وروثه نجس لان لحم هذا الحيوان خبيث فكذلك بوله ولانه اذا كان الحيوان الطاهر الحلال الاكل اذا اكل العذرة حبس كما في الجلالة فكيف بحيوان قد خبث لحمه بنفسه وقد دلت السنة على ان سؤر الهرة طاهر والسؤر هو بقية الطعام والشراب فعن كبشة بنت كعب بن مالك ان ابا قتادة رضي الله عنه دخل عليها فسكبت له وضوءا فجاءت هرة لتشرب منه فاصغى لها الاناء حتى شربت رآني انظر اليه فقال اتعجبين يا ابنة اخي قالت قلت نعم. فقال ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال انها اي الهرة ليست بنجس انها من الطوافين عليكم والطوافات اخرجه ابو داوود والترمذي والنسائي وابن ماجة واحمد بسند صحيح وقاس كثير من العلماء على الهرة ما يشق التحرز منه لكثرة تطوافه كالبغال والحمير ونحوها ايها الاخوة المستمعون هذا ما تيسر عرظه في هذه الحلقة وبهذا نكون قد انتهينا من مسائل هذا الباب ونفتتح الحديث في الحلقة القادمة بباب جديد في هذا البرنامج والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته فقه العبادات فقه العبادات برنامج من اعداد وتقديم فضيلة الشيخ الدكتور سعد ابن تركي الخثلان تنفيذ فهد ابن سعد الفريان