اذاعة القرآن الكريم من المملكة العربية السعودية تقدم فقه العبادات فقه العبادات برنامج من اعداد وتقديم فضيلة الشيخ الدكتور سعد ابن تركي الخثلان تنفيذ فهد ابن سعد الفريان بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين. وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى اله وصحبه ومن اهتدى بهديه تبع سنته الى يوم الدين ايها الاخوة المستمعون السلام عليكم ورحمة الله وبركاته لا يزال الحديث موصولا عن شرط ستر العورة في الصلاة فنقول ان ستر العورة في الصلاة شرط لصحتها فمن صلى وهو مكشوف العورة فان صلاته باطلة في قول جمهور اهل العلم ويدل لذلك قول الله تعالى يا بني ادم خذوا زينتكم عند كل مسجد فقد امر الله تعالى باخذ الزينة عند كل مسجد والمراد بالزينة الثياب الساترة للعورة. كما قال مجاهد رحمه الله وغيره المراد بقوله عند كل مسجد اي عند كل موضع سجود اي عند كل صلاة فيكون العبد مأمورا بستر العورة عند كل صلاة هذا يدل على وجوب ستر العورة في الصلاة وانه شرط لصحتها ويدل لذلك ايضا قول النبي صلى الله عليه وسلم كما في حديث عائشة لا يقبل الله صلاة حائض الا بخمار اخرجه ابو داوود والترمذي وابن ماجة واحمد وابن خزيمة وابن حبان ووجه الدلالة ان النبي صلى الله عليه وسلم نفى قبول صلاة المرأة اذا صلت مكشوفة الرأس بلا خمار هذا يدل على اشتراط ستر عورة المرأة وهذا يدل على اشتراط ستر عورة المرأة وانه شرط لصحة الصلاة اذ ان نفي القبول يقتضي نفي الصحة ايها الاخوة المستمعون وقد الحق بعض اهل العلم تغطية عاتق الرجل في الصلاة بستر العورة في الوجوب وجمهور اهل العلم على ان ذلك مستحب وان وجوب الستر انما يختص بالعورة وللعلماء في ذلك اقوال ثلاثة القول الاول انه يجب على المصلي ان يظع على عاتقه شيئا من اللباس في الصلاح وبعض اصحاب هذا القول يخص ذلك بالفرظ دون النفل وهذا هو الصحيح من مذهب الحنابلة والقول الثاني ان ذلك مستحب وليس بواجب اليه ذهب جمهور الفقهاء من الحنفية والمالكية والشافعية وهو احدى الروايات عند الحنابلة ونسبه الموفق بن قدامة رحمه الله لاكثر الفقهاء والقول الثالث في المسألة وهو قول وسط بين القولين وهو التفريق بين الثوب الواسع والثوب الضيق فان كان الثوب واسعا فيجب على المصلي ان يضع شيئا منه على عاتقه ان كان الثوب ظيقا فانه يتزر به ولا يجب عليه ان يظع شيئا على عاتقه واليه ذهب ابن منذر رحمه الله وهو مذهب الظاهرية ولعل هذا القول الاخير هو الاقرب في هذه المسألة اذ انه تجتمع به الادلة الواردة فيها ومنها حديث جابر رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال اذا صليت في ثوب واحد فان كان واسعا فالتحف به. وان كان ضيقا فاتزر به في رواية الى ما اتسع الثوب فلتعاطف به على منكبيك ثم صل واذا ضاق عن ذلك فشد به حقويك ثم صلي من غير رداء فامر النبي صلى الله عليه وسلم بستر العاتق اذا كان الثوب واسعا وبالاتزار بالثوب وترك ستر العاتق اذا كان ضيقا بهذا دلالة على وجوب ستر العاتق اذا كان الثوب واسعا. اذ ان الامر يقتضي الوجوب. وعلى عدم وجوبه اذا كان الثوب ضيقا فما يدل لذلك الامر بالاتزان به في هذه الحال ومما يدل لذلك قصة جابر رضي الله عنه فقد اخرجها مسلم في صحيحه بطولها وجاء فيها كانت علي بردة ذهبت ان اخالف بين طرفيها فلم تبلغ لي وكانت لها ذباذب اي اهداب واطراف فنكستها ثم خالفت بين طرفيها ثم تواقصت عليها اي انحنيت فلما فرغ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يا جابر قلت لبيك يا رسول الله. قال اذا كان واسعا فخالف بين طرفيه واذا كان ضيقا فاشدد فاشدده على حقوك قال الحافظ ابن حجر رحمه الله بين مسلم في روايته ان الانكار كان بسبب ان الثوب كان ظيقا وانه خالف بين طرفيه وتواقص اي انحنى عليه كانه عند المخالفة بين طرفي الثوب لم يصل ساترا فانحنى ليستتر. فاعلمه النبي صلى الله عليه وسلم بان محل ذلك ما اذا كان الثوب واسعا اما اذا كان الثوب ضيقا فانه يجزئه ان يتزر به. لان القصد الاصلي هو ستر العورة. وهو يحصل بالائتزار ولا يحتاج الى اقص المغاير للاعتدال المأمور به ويدل لذلك ايضا حديث ابي هريرة رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال لا يصلي احدكم في الثوب الواحد ليس على عاتقيه منه شيء رجح البخاري ومسلم في صحيحيهما فنهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الصلاة في الثوب الواحد ليس على العاتق منه شيء والنهي اذا اطلق فانه يقتضي التحريم مما يدل على وجوب ستر العاتق في الصلاة. ولكن هذا محمول على ما اذا كان الثوب واسعا بدليل حديث جابر رضي الله عنه السابق ويدل لذلك ايضا حديث ابي هريرة رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال اذا صلى احدكم في ثوب فليخالف بين طرفيه على عاتقيه فامر النبي صلى الله عليه وسلم بالمخالفة بين طرفي الثوب بستر العاتقين والامر يقتضي الوجوب ولكنه محمول على ما اذا كان الثوب واسعا بدليل حديث جابر رضي الله عنه السابق ايها الاخوة المستمعون وقد دلت السنة على استحباب الصلاة في النعال اتفق العلماء على جواز الصلاة فيها وعلى عدم كراهة الصلاة فيها اذا علمت طهارتها وذلك للاحاديث الصحيحة الكثيرة الدالة لذلك حتى ان الطحاوي رحمه الله جعل الاحاديث الدالة على شرعية الصلاة في النعال من الاحاديث المتواترة وقد روي ذلك عن جماعة من الصحابة رضي الله عنهم ودل لذلك عدة احاديث وردت عن النبي صلى الله عليه وسلم ومنها حديث اوس بن ابي اوس رضي الله عنه قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي في نعليه وفي حديث انس رضي الله عنه في الصحيحين انه سئل اكان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي في نعليه قال نعم وقد قال الله تعالى لقد كان لكم في رسول الله اسوة حسنة وجاء في حديث شداد ابن اوس رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال خالفوا اليهود فانهم لا يصلون في نعالهم ولا اخفافهم اخرجه ابو داوود وابن حبان والحاكم والبيهقي وقال الحاكم صحيح الاسناد ولم يخرجاه واقره الذهبي قال الحافظ العراقي اسناده حسن فاليهود ينزعون خفافهم ونعالهم عند الصلاة ويزعمون في ذلك الاقتداء بموسى عليه الصلاة والسلام حيث قال الله تعالى له اني انا ربك فاخلع نعليك انك بالوادي المقدس طوى فامر النبي صلى الله عليه وسلم بمخالفتهم بالصلاة في النعال وفي الخفاف والاصل ان الامر بمخالفة اليهود يقتضي الوجوب ولكن صرف مقتضى هذا الامر عن الوجوب ادلة اخرى ويدل لذلك ايضا حديث ابي سعيد رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال اذا جاء احدكم الى المسجد فلينظر فان رأى في نعليه قذرا او اذى فليمسحه وليصلي فيهما وحديث انس رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال اذا توظأ احدكم ولبس خفيه فليمسح عليهما وليصلي فيهما ولا يخلعهما ان شاء الا من جنابة. اخرجه الحاكم والدار قطني والبيهقي وجاء في حديث علي رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال زين الصلاة الحذاء. اخرجه ابو يعلى في مسنده. وفي سنده مقال ايها الاخوة المستمعون والقول باستحباب الصلاة في النعال متوجه فيما اذا كانت الصلاة تقام في مساجد غير مفروشة بالسجاد ونحوه اي التي يصلى فيها على التراب كما كان عليه الحال في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم فانه لم يكن مفروشا بسجاد ولا غيره. بل كان النبي صلى الله عليه وسلم واصحابه يصلون على التراب حتى ان احدهم اذا لم يستطع ان يمكن جبهته من الارض من شدة الحر بسط ثوبه فسجد عليه وكذلك يتوجه القول باستحباب الصلاة في النعال فيما لو صلى الانسان خارج المسجد كما لو صلى في البرية ونحو ذلك ولكن معظم المساجد في وقتنا الحاضر اصبحت مفروشة بالسجاد على اختلاف انواعه فلا يتوجه القول باستحباب الصلاة في النعال فيها لما يترتب على ذلك من اه تلويث المسجد وتقديره حتى يصبح مع مرور الوقت وكرا للقاذورات والاذى السجاد الذي تفرش به المساجد في الوقت الحاضر يجذب ما يكون في اسفل النعل من اذى. بحكم ليونته ورخاوته لا سيما اذا كان ذلك الاذى رطبا وقد تنوعت النعال في وقتنا الحاضر فوجدت نعال لم يكن مثلها موجودا من قبل كالنعال البلاستيكية التي لا صلابة فيها وكثير من الناس لا يبالي ولا يتحفظ من نعليه. فاذا دخل هؤلاء المسجد بنعالهم تجمعت القاذورات والاذى في فرش اسجد مما يلحق الاذى في المصلين. ولهذا فالذي يظهر والله اعلم عدم توجه القول باستحباب الصلاة في النعال في المساجد بالسجاد ونحوها بل ربما يقال انه يتعين القول بخلع النعال عند دخول المساجد لا سيما اذا كان ذلك يسبب فتنة وكراهة للحق واهله ومن المعلوم عند اهل العلم ان ترك بعض السنن للمصلحة وتأليف القلوب انه لا بأس به بل قد يكون مطلوبا وقد يعرض للمفضول ما يجعله افضل من فاضل كما يدل لذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم في حديث عائشة لولا ان قومك حديث عهد بجاهلية لامرت بالبيت هدم فادخلت فيه ما اخرج منه وارزقته بالارض وجعلت له بابين بابا شرقيا وبابا غربيا فبلغت به اساس ابراهيم. فترك النبي صلى الله عليه وسلم هدم الكعبة وبناءها على قواعد ابراهيم مخافة الفتنة ولاجل مصلحة تأليف قلوب الناس. فدل هذا على ان العمل الفاضل قد يشرع تركه اذا اقتضت المصلحة ذلك وهكذا نقول ان هذه السنة لا تفعل في المساجد المفروشة نظرا لما يترتب على ذلك من المفاسد ويمكن ويمكن ان تحيا هذه السنة بالصلاة في النعال في البرية وفي الاماكن التي لا يوجد فيها سجاد. وبذلك لا يقال ان هذا القول يلزم منه اماتة السنة فنقول ان السنة يمكن احياؤها بفعل هذه السنة في غير المساجد المفروشة وكذلك ايضا ببيان هذه السنة في القول بالقول ايها الاخوة المستمعون نكتفي بهذا القدر في هذه الحلقة ونلتقي بكم على خير في الحلقة القادمة ان شاء الله تعالى والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته فقه العبادات برنامج من اعداد وتقديم فضيلة الشيخ الدكتور بعد ابن تركي الخثلان تنفيذ فهد بن سعد الفريان