اذاعة القرآن الكريم من المملكة العربية السعودية تقدم فقه العبادات فقه العبادات برنامج من اعداد وتقديم فضيلة الشيخ الدكتور سعد ابن تركي الخثلان تنفيذ فهد بن سعد الفريان بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على اشرف الانبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى اله وصحبه ومن اهتدى بهديه واتبع سنته الى يوم الدين ايها الاخوة المستمعون السلام عليكم ورحمة الله وبركاته لا يزال الحديث موصولا عن شرط استقبال القبلة نتحدث معكم في هذه الحلقة عما يستدل به على القبلة وعن الاحكام والمسائل المتعلقة باشتباه القبلة يستدل على القبلة بعدة اشياء منها الاول خبر الثقة وقيد ذلك بعض الفقهاء بان يكون هذا الخبر عن يقين والاقرب انه لا يتقيد بذلك بل اذا اخبره ثقة بالقبلة عن يقين او عن اجتهاد فانه يعمل بقوله كما انه كما انه يعمل بقول الثقة في مسائل الحلال والحرام والواجب وغير الواجب ومسائل الدين عامة العمل بخبر الثقة في تحديد القبلة من باب اولى والامر الثاني مما يستدل به على تحديد القبلة المحاريب الاسلامية اذا وجد محاريب اسلامية فانه يستدل بها على تحديد جهة القبلة لان دوام التوجه اليها مع تكرار الاعصار هو كالاجماع عليها ولانها لا تنصب في الغالب الا بحضرة جماعة من اهل المعرفة بالادلة الامر الثالث مما يستدل به على القبلة الشمس والقمر الشمس والقمر يشرقان من جهة المشرق ويغربان من جهة المغرب فاذا كان الانسان عن الكعبة غربا فالقبلة شرقا واذا كان على الكعبة شرقا فالقبلة غربا واذا كان عن الكعبة شمالا فالقبلة جنوبا واذا كان عن الكعبة جنوبا فالقبلة شمالا قال الموفق ابن قدامة رحمه الله الشمس تختلف مطالعها ومغاربها على حسب اختلاف منازلها تطلع من المشرق وتغرب من المغرب والقمر يبدأ اول ليلة في المغرب ثم يتأخر كل ليلة منزلة حتى يكون في السابع من الشهر وقت المغرب في قبلة المصلي وما ويكون مائلا عنها قليلا الى الغرب ثم يطلع ليلة الرابع عشر من المشرق اي قريبا من وقت غروب الشمس ويكون ليلة احدى وعشرين في قبلة المصلي او قريبا منها وقت الفجر قال وتختلف مطالعه باختلاف منازله الامر الرابع مما يستدل به على القبلة النجوم قال الله تعالى وبالنجم هم يهتدون وقال لتهتدوا بها في ظلمات البر والبحر واكدها نجم القطب الشمالي الذي لا يتغير من مكانه طيلة ليالي السنة وبمعرفته تعرف جهة الشمال ويستدل بها على تحديد جهة القبلة وفي الوقت الحاضر توجد الات واجهزة دقيقة يمكن ان يستدل بها على جهة القبلة ومن ذلك اجهزة تحديد احداثيات المواقع المرتبطة بالاقمار الصناعية وتحدد هذه الاجهزة الاحداثيات والجهات بدقة متناهية ومن ذلك البوصلة وبعض انواع الساعات والهواتف المنقولة ونحو ذلك ومتى ومتى اشتبهت القبلة على الانسان فلا يخلو ان يكون ذلك في حال السفر او في حال الحظر اما اذا اشتبهت عليه في السفر وكان مجتهدا وجب عليه الاجتهاد في طلبها بالادلة والعلامات التي اشرنا اليها قبل قليل لان ما وجب عليه اتباعه عند وجوده وجب الاستدلال عليه عند خفائه. والمقصود هنا بادلة والمقصود بالمجتمع اجتهدي هنا العالم بادلة القبلة وان جهل احكام الشرع لان كل من علم ادلة شيء كان مجتهدا فيه والجاهل في القبلة هو الذي لا يعرف ادلة القبلة وان كان فقيها كذلك الاعمى فهذا الجاهل وكذا الاعمى فرضهما التقليد. ومن اشتبهت عليه القبلة فصلى بغير اجتهاد ان كان ممن يحسن الاجتهاد ومن غير تقليد ان كان ممن لا يحسن الاجتهاد فان صلاته لا تصح لانه لم يأت بما يجب عليه كان بذلك مفرطا فيلزمه القضاء قال الحافظ ابن عبدالبر رحمه الله اجمعوا على ان من صلى الى غير القبلة من غير اجتهاد حمله على ذلك ان صلاته غير مجزئة عنه وعليه اعادتها الى القبلة كما لو صلى بغير طهارة ولكن اذا اشتبهت عليه القبلة وصلى بغير اجتهاد اذا كان يحسنه او تقليد اذا كان لا يحسن الاجتهاد فاصاب القبلة هل تصح صلاته هذا محل خلاف بين الفقهاء فالمشهور من مذهب الحنابلة ان صلاته لا تصح في هذه الحال ويلزمه قضاء تلك الصلاة ولو اصاب القبلة لانه صلى من غير اجتهاد اذا كان مجتهدا ومن غير تقليد اذا كان غير مجتهد ولم يقم بالواجب عليه من الاجتهاد او التقليد واصابته هنا انما وقعت اتفاقا وقال بعض الفقهاء انه اذا اصاب القبلة في هذه الحال صحت صلاته لانه لن يصلي الا الى جهة تميل اليها النفس هذا الميل يوجب غلبة الظن وغلبة الظن يكتفى بها في العبادات قول النبي صلى الله عليه وسلم فليتحرى الصواب ثم ليبني عليه وهذا القول هو الاقرب في هذه المسألة. والله اعلم والحاصل في هذه المسألة ان من اشتبهت عليه القبلة في السفر وجب عليه ان يجتهد في طلبها بالعلامات والادلة ان كان يحسن ذلك او يقلد من يحسن ذلك ان كان لا يحسن الاجتهاد فان لم يفعل وصلى من غير اجتهاد ولا تقليد فان تبين انه اخطأ في تحديد القبلة فصلاته غير صحيحة ويلزمه اعادتها وان اصاب في تحديد جهة القبلة فصحة صلاته محل خلاف بين اهل العلم والاقرب انها تصح والله تعالى اعلم ومن اشتبهت عليه القبلة في السفر فاجتهد في طلبها وصلى ثم تبين له بعد ذلك انه اخطأ فان صلاته صحيحة ولا يلزمه اعادتها لانه اتى بما امر به فخرج عن العهدة كالمصيب قد جاء في حديث عامر بن ربيعة رضي الله عنه قال كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في سفر في ليلة مظلمة الم ندري اين القبلة وصلى كل رجل حياله فلما اصبحنا ذكرنا ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فنزل قول الله تعالى فاينما تولوا فثم وجه الله اخرجه الترمذي والبيهقي والدارقطني وله شاهد من حديث جابر رضي الله عنه وفيه فلما اصبحنا اذا نحن قد صلينا الى غير القبلة لا فذكرنا ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال قد اجزأت صلاتكم اخرجه الدارقطني والحاكم والحديث حسن بمجموع طرقه وشواهده ولان استقبال القبلة شرط قد عجز عنه بعد بذل الجهد في تحصيله فتصح صلاته في هذه الحال ولا يؤمر باعادتها اشبه ما لو عجز عن شرط الطهارة لمرض وصلى على غير طهارة ثم شفي بعد ذلك فانه لا يؤمر باعادة صلاته وما قلناه في المجتهد الذي اجتهد في تحديد القبلة واخطأ ينطبق كذلك على المقلد الذي لا يحسن الاجتهاد في ادلة القبلة فاذا قلد من هو اهل للاجتهاد فيها وتبين له بعد ذلك انه اخطأ في القبلة فصلاته صحيحة ولا يؤمر باعادتها واما اذا اشتبهت القبلة على الانسان في حال الحظر وقال بعض الفقهاء ان الحذر ليس بمحل للاجتهاد ولهذا فانه اذا اخطأ في القبلة اعاد الصلاة فان من كان في الحضر يستطيع ان يستدل على القبلة بسهولة وذلك بالنظر الى محاريب المساجد في الغالب انه يجد من يخبره عن جهة القبلة بيقين وقال بعض الفقهاء اذا اشتبهت عليه القبلة في حال الحضر فاجتهد في طلبها واخطأ فان صلاته صحيحة ولا يؤمر باعادتها كحال السفر لانه اتقى الله ما استطاع واجتهد في تحصيل هذا الشرط ومن اتقى الله ما استطاع في صلاته لم يلزمه اعادتها ولعل هذا القول الاخير هو الاقرب في هذه المسألة وان كان محل الاجتهاد في حال الحضر اضيق منه في حال السفر والله اعلم والحاصل في هذه المسائل ان من اشتبهت عليه القبلة فانه يجتهد في طلبها وتكون صلاته صحيحة سواء اخطأ ام اصاب اذا كان قد اجتهد في طلبها سواء كان ذلك في السفر ام في الحظر على القول الراجح اما اذا صلى بغير اجتهاد ولا تقليد فان اخطأ اعاد صلاته وان اصاب لم يعد على القول الراجح ايها الاخوة المستمعون نكتفي بهذا القدر في هذه الحلقة ونستكمل الحديث عن بقية المسائل المتعلقة بحال الاشتباه في القبلة في الحلقة القادمة ان شاء الله. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته فقه العبادات برنامج من اعداد وتقديم فضيلة الشيخ الدكتور سعد بن تركي الخثلان تنفيذ فهد بن سعد الفريان