اذاعة القرآن الكريم من المملكة العربية السعودية تقدم فقه العبادات فقه العبادات برنامج من اعداد وتقديم فضيلة الشيخ الدكتور سعد بن تركي الخثلان تنفيذ فهد ابن سعد الفريان بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين صلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى اله وصحبه ومن اهتدى بهديه الى يوم الدين ايها الاخوة المستمعون السلام عليكم ورحمة الله وبركاته لا يزال الحديث موصولا عن شرط استقبال القبلة في الصلاة قد تكلمنا في الحلقة السابقة عن الحكم فيما اذا اشتبهت القبلة على المصلي وذكرنا انه اذا كان يحسن الاجتهاد في طلب القبلة بان يعرف القبلة بعلاماتها وادلتها لزمه ان يجتهد واذا اجتهد وصلى فصلاته صحيحة حتى ولو تبين له فيما بعد انه اخطأ في اصابة القبلة اما اذا صلى من غير اجتهاد فصلاته غير صحيحة اذا تبين له انه اخطأ في القبلة وتصح صلاته اذا تبين له انه قد اصاب على القول الراجح من قولي الفقهاء في المسألة واما من لا يحسن الاجتهاد فيلزمه تقليد من يثق فيه واذا اختلف اجتهاد رجلين في القبلة فان كان اختلافهما في جهة واحدة ان يميل احدهما يمينا والاخر شمالا مع اتفاقهما في الجهة فلا بأس ان يتبع احدهما الاخر في القبلة لان الانحراف في الجهة لا يضر وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم ما بين المشرق والمغرب قبلة مثال ذلك اشتبهت القبلة على رجلين في سفر فاتفقا على ان جهة القبلة هي جهة الغرب لكن احدهما يميل الى الشمال والاخر يميل الى الجنوب ففي هذه الحال لا بأس ان يتبع احدهما الاخر اما اذا كان اختلافهما في الجهة بان قال احدهما القبلة جهة الغرب مثلا قال الاخر بل القبلة جهة الشمال الا يتبع احدهما الاخر لان كل واحد منهما يعتقد خطأ صاحبه قال الموفق ابن قدامة رحمه الله متى اختلف مجتهدان ففرض كل واحد الصلاة الى الجهة التي يؤديه اليها اجتهاده فلا يسعه تركها ولا تقليد صاحبه وان كان اعلم منه العالمين يختلفان في الحادثة فان اجتهد احدهما دون الاخر لم يجز له تقليد من اجتهد حتى يجتهد بنفسه ولكن اذا قلنا ان المجتهدين اذا اختلفا في جهة القبلة فليس لاحدهما ان يتبع الاخر فهل معنى ذلك ان كل واحد منهما يصلي وحده الى الجهة التي يعتقد انها جهة القبلة او يأتم احدهما بصاحبه ولو اختلف معه في جهة القبلة هذا محل خلاف بين الفقهاء فمنهم من قال ليس لاحدهما ان يؤم صاحبه في هذه الحال لان كل واحد منهما يعتقد خطأ الاخر وهذا هو المشهور من مذهب الحنابلة قال بعض الفقهاء يجوز ان يأتم احدهما بالاخر في هذه الحال كما ان المصلين حول الكعبة يصلي بهم الامام الى جهة وبعض المأمومين يصلي خلف الامام الى جهة اخرى وهكذا المجتهدان اذا اختلفا كل منهما يتجه الى الجهة التي يعتقد انها جهة القبلة ولعل هذا القول الاخير هو الاقرب في هذه المسألة والله اعلم قد اختار هذا القول الموفق ابن قدامة رحمه الله قال فصل متى اختلف اجتهادهما لم يجز لاحدهما ان يؤم صاحبه لان كل واحد منهما يعتقد خطأ الاخر فلم يجز له الائتمان به. قال وقياس المذهب جواز ذلك وهو مذهب ابي بثور لان كل واحد منهما يعتقد صحة صلاة الاخر وان فرظه التوجه الى ما توجه اليه فلم يمنع الاقتداء به اختلاف الجهة كالمصلين حول الكعبة قد نص احمد على صحة الصلاة خلف المصلي في جلود الثعالب اذا كان يعتقد صحة الصلاة فيها قال وهذا هو الصحيح ان شاء الله تعالى انتهى كلامه رحمه الله ولكن لو كان مع هذين المجتهدين رجل ثالث مقلد اما لكونه اعمى او لكونه ليس عنده القدرة على الاجتهاد في طلب القبلة كونه لا يعرف علاماتها وادلتها واختلف هذان المجتهدان فايهما يتبع هذا المقلد قال الفقهاء ان المقلد في هذه الحال يتبع اوثقهما في نفسه قال الموفق ابن قدامة رحمه الله متى اختلف مجتهدان وكان معهما اعمى او جاهل لا يقدر على تعلم الادلة قبل خروج الوقت وفرضه تقليد اوثقهما في نفسه واعلمهما واكثرهما تحريا لان الصواب اليه اقرب فان قلد المفضول فلا تصح صلاته لانه ترك ما يغلب على ظنه انه الصواب فلم يجز ذلك كالمجتهد اذا ترك اجتهاده قال الموفق رحمه الله والاولى صحتها هذا مذهب الشافعي لانه اخذ بدليل له الاخذ به لو انفرد كذلك اذا كان معه غيره كما لو استوي ولا عبرة بظنه انه لو غلب على ظنه اصابة المفضول لم يمنع ذلك تقليد الافضل فان استويا قلد من شاء منهما كالعامي مع العلماء في بقية الاحكام انتهى كلامه رحمه الله والمجتهد العارف بادلة القبلة هل يلزمه ان يجتهد لكل صلاة فاذا اجتهد وصلى صلاة الظهر مثلا فيلزمه ان يعيد اجتهاده ونظره لادلة القبلة لصلاة العصر او انه يكفيه اجتهاده الاول هذا محل خلاف بين الفقهاء والاقرب في هذه المسألة والله اعلم انه لا يلزمه ان يجتهد لكل صلاة ما لم يكن هناك سبب يقتضي اعادة الاجتهاد ان يطرأ عليه الشك في اجتهاده الاول فحينئذ يعيد النظر ويعيد اجتهاده فان تغير اجتهاده عمل بالثاني ولم يعد ما صلى بالاول الحاكم لو تغير اجتهاده في الحادثة الثانية عمل به ولم ينقض حكمه الاول مثال ذلك رجل اشتبهت عليه القبلة في السفر واجتهد فيها وصلى صلاة الظهر ثم انه عند صلاة العصر طرأ عليه الشك فاعاد اجتهاده فظهر له ان القبلة الى غير الجهة التي صلى اليها صلاة الظهر فنقول يعمل باجتهاده الجديد ولا يلزمه اعادة صلاة الظهر لانه قد اجتهد فيها واتى بما يلزمه فلم تجب عليه اعادتها والقاعدة ان من اتى بما يجب عليه لم يلزم باعادة العبادة لاننا لو قلنا بلزوم الاعادة لاوجبنا عليه العبادة مرتين قال الموفق ابن قدامة رحمه الله وهذا لا نعلم فيه خلافا واذا تبين للمصلي انه اخطأ في جهة القبلة وهو في صلاته توجه الى جهة القبلة وبنى على ما مضى من صلاته لان ما مضى منها كان صحيحا فجاز البناء عليه وان كانوا جماعة قد قدموا احدهم ثم بان لهم الخطأ في جهة القبلة بان يأتيهم رجل ثقة ويخبرهم بذلك توجهوا الى الجهة التي بان لهم فيها الصواب فيدل لذلك قصة اهل قباء لما كانوا يصلون الى بيت المقدس جاءهم رجل وهم يصلون صلاة العصر فقال اشهد اني صليت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وانه توجه نحو الكعبة فانحرفوا من جهة بيت المقدس حتى توجهوا نحو الكعبة واذا اشتبهت القبلة على الانسان وكان يمكنه الاجتهاد في معرفة ادلتها وعلاماتها لكن هذه الادلة خفيت عليه اما بسبب غيوم او ظلمة او لغير ذلك من الاسباب فانه يتحرى ويصلي على حسب حاله وتصح صلاته لانه قد اتقى الله ما استطاع هكذا المقلد او الاعمى اذا كان في سفر ولم يجد من يقلده او من يخبره بالقبلة فانه يصلي على حسب حاله وصلاته صحيحة قال الفقهاء ويستحب للانسان ان يتعلم ادلة القبلة والوقت بما يترتب على ذلك من الفوائد والمصالح اسأل الله تعالى ان يوفقنا للعلم النافع والفقه في الدين زداد في القول والعمل والى الملتقى في الحلقة القادمة ان شاء الله تعالى والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته فقه العبادات برنامج من اعداد وتقديم فضيلة الشيخ الدكتور سعد ابن تركي الخثلان تنفيذ فهد بن سعد الفريان