اذاعة القرآن الكريم من المملكة العربية السعودية تقدم فقه العبادات فقه العبادات برنامج من اعداد وتقديم فضيلة الشيخ الدكتور سعد بن تركي الخثلان تنفيذ فهد بن سعد الفريان بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على اشرف الانبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى اله وصحبه ومن اهتدى بهديه الى يوم الدين ايها الاخوة المستمعون السلام عليكم ورحمة الله وبركاته لا يزال الحديث موصولا عن صفة الصلاة وقد تحدثنا في الحلقة السابقة عن صفة الركوع ونتحدث معكم في هذه الحلقة عن صفة الرفع من الركوع فنقول بعد الركوع يرفع المصلي رأسه قائلا سمع الله لمن حمده والسنة ان يرفع يديه الى حذو منكبيه او الى فروع اذنيه لما جاء في الصحيحين عن ابن عمر رضي الله عنهما ان النبي صلى الله عليه وسلم كان يرفع يديه اذا كبر للركوع واذا رفع من الركوع قال ابن القيم رحمه الله وقد روى رفع اليدين عن النبي صلى الله عليه وسلم في هذه المواطن الثلاثة يعني تكبيرة الاحرام وعند الركوع وعند الرفع منه نحو من ثلاثين نفسا واتفق على روايتها العشرة ولم يثبت عنه خلاف ذلك البتة بل كان ذلك هديه دائما الى ان فارق الدنيا انتهى كلامه رحمه الله وقول سمع الله لمن حمده انما هو في حق الامام والمنفرد دون المأموم قول النبي صلى الله عليه وسلم انما جعل الامام ليؤتم به الى قوله واذا قال سمع الله لمن حمده فقولوا ربنا ولك الحمد وسمع فعل متعد لكنه هنا عدي باللام لتضمنه معنى فعل اخر واقرب فعل يتناسب معه استجاب فيكون معنى سمع الله لمن حمده اي استجاب الله لمن حمده وانما قلنا ذلك لان الله تعالى يسمع من يحمده ومن لا يحمده لكن المراد بالسمع هنا سمع الاجابة بان قيل كيف يقال ان سمع هنا بمعنى استجاب والحمد ليس فيه الدعاء اجاب عن ذلك بعض اهل العلم فقال ان من حمد الله تعالى فقد دعا ربه بلسان الحال لان الذي يحمد الله يرجو الثواب فاذا كان يرجو الثواب فان الثناء على الله بالحمد والذكر متظمن للدعاء لانه لم يحمد الله تعالى الا رجاء الثواب ثم يقول بعد ذلك ربنا ولك الحمد وهذا الذكر مشروع في حق كل مصل سواء كان اماما او مأموما او منفردا وقد ورد هذا الذكر على اربع صفات الصفة الاولى اللهم ربنا ولك الحمد كما جاء ذلك في صحيح البخاري الصفة الثانية اللهم ربنا لك الحمد كما جاء ذلك في الصحيحين الصفة الثالثة ربنا ولك الحمد كما جاء ذلك في الصحيحين الصفة الرابعة ربنا لك الحمد كما جاء ذلك في صحيح البخاري هذه اربع صفات قد وردت بها السنة والافضل التنويع بينها فتارة يقول ربنا ولك الحمد تارة يقول ربنا لك الحمد وتارة يقول اللهم ربنا ولك الحمد تارة يقول اللهم ربنا لك الحمد لان العبادات الواردة على وجوه متنوعة الافضل فيها فعلها على هذه الوجوه لان في ذلك محافظة على السنة كما ان التنويع بينها ادعى لحضور القلب ويأتي بعد ذلك بما ورد ومما ورد ما جاء في صحيح مسلم عن عبد الله ابن ابي اوفى رضي الله عنه قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم اذا رفع ظهره من الركوع قال سمع الله لمن حمده اللهم ربنا لك الحمد ملء السماوات وملء الارض وملء ما شئت من شيء بعد اللهم طهرني بالثلج والبرد والماء البارد اللهم طهرني من الذنوب والخطايا كما ينقى الثوب الابيض من الوسخ في رواية عند مسلم من الدرن وفي رواية من الدنس وفي صحيح مسلم ايضا عن ابي سعيد الخدري رضي الله عنه قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم اذا رفع رأسه من الركوع قال ربنا لك الحمد ملء السماوات وملء الارض وملء ما شئت من شيء بعد اهل الثناء والمجد احق ما قال العبد وكلنا لك عبد اللهم لا مانع لما اعطيت ولا معطي لما منعت ولا ينفع ذا الجد منك الجد وهذا الذكر فيه حمد لله عز وجل والحمد هو وصف المحمود بالكمال مع المحبة والتعظيم وبهذا يعرف الفرق بينه وبين المدح فان المدح وصف الممدوح بالصفات الحميدة لكن لا يلزم ان يكون الممدوح محبوبا ومعظما فقد يمدحه لاجل ان ينال منه غرضا قد يمدحه لاجل ان يتقي شره وقد يمدحه لمصلحة يريدها لكن الحمد لا يكون الا مع محبة وتعظيم وبهذا نعرف ايها الاخوة قوة وجزالة اللغة العربية حيث ان الحروف هنا واحدة حمد ومدح لكن اختلف ترتيب الحروف فاختلف المعنى وفي قوله ملء السماوات وملء الارظ ملء صفة لموصوف محذوف والتقدير حمدا ملء السماوات وينبغي للمأموم ان يبادر لقول ربنا ولك الحمد بعد قول الامام مباشرة سمع الله لمن حمده ولا يتأخر عنه رجاء ان يوافق قوله قول الملائكة وقد جاء في صحيح البخاري عن ابي هريرة رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال اذا قال الامام سمع الله لمن حمده فقولوا اللهم ربنا لك الحمد فانه من وافق قوله قول الملائكة غفر له ما تقدم من ذنبه قال الحافظ ابن حجر رحمه الله بهذا اشعار بان الملائكة تقول ما يقوله المأمومون انتهى كلامه رحمه الله ونظير ذلك ما جاء في حديث ابي هريرة رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال اذا امن الامام فامنوا فانه من وافق تأمينه تأمين الملائكة غفر له ما تقدم من ذنبه والمراد بالموافقة هنا الموافقة في القول والزمان قال ابن المنير رحمه الله الحكمة في ايثار الموافقة في القول والزمان ان يكون المأموم على يقظة للاتيان بالوظيفة في محلها لان الملائكة لا غفلة عندهم فمن وافقهم كان متيقظا ولكن ما المراد بالملائكة في هذه الاحاديث قيل جميع الملائكة وقيل الحفظة قال الحافظ ابن حجر رحمه الله والذي يظهر ان المراد بهم من يشهد تلك الصلاة ممن في الارض او في السماء وقد كان من هدي النبي صلى الله عليه وسلم اطالة هذا الركن اعني الرفع من الركوع الاتيان بهذه الاذكار حتى ربما يظن الظان انه قد نسي في صحيح مسلم عن انس رضي الله عنه قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم اذا قال سمع الله لمن حمده قام حتى نقول قد اوهم ثم يسجد ويقعد بين السجدتين حتى نقول قد اوهم قال الموفق ابن قدامة رحمه الله وموضع قول ربنا ولك الحمد في حق الامام والمنفرد بعد القيام من الركوع لانه في حال رفعه يقول سمع الله لمن حمده واما المأموم ففي حال رفعه لان قول النبي صلى الله عليه وسلم اذا قال الامام سمع الله لمن حمده فقولوا ربنا ولك الحمد يقتضي تعقيبا كقول الامام قول المأموم والمأموم يأخذ في الرفع عقب قول الامام سمع الله لمن حمده فيكون قوله ربنا ولك الحمد حين اذ والله اعلم ايها الاخوة المستمعون ونختم الحديث عن هذا الركن بالحديث عن وضع اليدين بعد الرفع من الركوع قد اختلف العلماء في ذلك فمنهم من قال توضعان على الصدر اليمنى على اليسرى ومنهم من قال يرسلهما قد سئل الامام احمد رحمه الله عن ذلك فقال ان شاء ارسل يديه بعد الرفع من الركوع وان شاء وضعهما وقد جاء في حديث سهل بن سعد رضي الله عنه قال كان الناس يؤمرون ان يضع الرجل يده اليمنى على ذراعه اليسرى في الصلاة رواه البخاري وعموم هذا الحديث يمكن ان يستفاد منه ترجيح القول بوضع اليدين على الصدر في هذه الحال فان قوله في الصلاة عام يشمل القيام قبل الركوع والقيام بعد الركوع اسأل الله تعالى ان يوفقنا لاتباع سنة نبيه صلى الله عليه وسلم وان يرزقنا الفقه في دينه الملتقى في الحلقة القادمة ان شاء الله. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته فقه العبادات برنامج من اعداد وتقديم فضيلة الشيخ الدكتور سعد بن تركي الخثلان تنفيذ فهد بن سعد الفريان