اذاعة القرآن الكريم من المملكة العربية السعودية تقدم فقه العبادات فقه العبادات برنامج من اعداد وتقديم فضيلة الشيخ الدكتور تعبت بن تركي الخثلان تنفيذ فهد بن سعد الفريان بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين الصلاة والسلام على اشرف الانبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى اله وصحبه ومن اهتدى بهديه الى يوم الدين ايها الاخوة المستمعون السلام عليكم ورحمة الله وبركاته حديثنا في هذه الحلقة عن مكروهات الصلاة والمكروه هو ما يثاب تاركه ولا يعاقب فاعله طلق حال الصلاة في مقام المناجاة لربه تبارك وتعالى ويكره له ان يأتي بما ينافي هذه الهيئة ونفرد هذه الحلقة في الحديث عن احد هذه المكروهات وهو الالتفات في الصلاة لغير حاجة قد جاء في صحيح البخاري عن عائشة رضي الله عنها قالت سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الالتفات في الصلاة قال هو اختلاس يختلسه الشيطان من صلاة العبد والاختلاس افتعال من الخلسة قال الحافظ ابن حجر رحمه الله المختلس هو الذي يخطف من غيره غلبة ويهرب ولو مع معاينة المالك له واما الناهب فهو الذي يأخذ بقوة التارق يأخذ في خفية فلما كان الشيطان قد يشغل المصلي عن صلاته بالالتفات الى شيء ما اشبه المختلس قال الطيبي سمي اختلاسا تصويرا لقبح تلك الفعلة بالمختلس بان المصلي يقبل عليه الرب عز وجل شيطان مرتصد له ينتظر فوات ذلك عليه اذا التفت اغتنم الشيطان الفرصة فسلبه تلك الحالة والالتفات في الصلاة لغير حاجة حركة لا مبرر لها والاصل كراهة الحركات في الصلاة هذا الالتفات غاية ما يقال فيه انه مكروه لا تبطل به الصلاة قال الموفق ابن قدامة رحمه الله لا تبطلوا الصلاة بالالتفات الا ان يستدير عن القبلة بجملته او يستدبرها قال ابن عبد البر جمهور الفقهاء على ان الالتفات لا يفسد الصلاة اذا كان يسيرا وهذا كله اذا كان الالتفات لغير حاجة اما اذا كان الالتفات لحاجة فلا يكره يدل لذلك ان النبي صلى الله عليه وسلم ارسل يوم حنين عينا تترقب العدو كان عليه الصلاة والسلام يصلي ويلتفت نحو الشعب الذي يأتي منه هذا العين دون ان ابي داود بسند صحيح عن سهل بن حنظلية رضي الله عنه قال توب بالصلاة اي اقيمت فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي وهو يلتفت الى الشعر وفي صحيح مسلم عن عثمان بن ابي العاص رضي الله عنه انه اتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله ان الشيطان قد حال بيني وبين صلاتي وقراءتي يلبسها علي اي يخلطها ويشككني فيها قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ذاك شيطان يقال له خنزب فاذا احسسته فتعوذ بالله منه واتفل على يسارك ثلاثا قال ففعلت ذلك اذهبه الله عني ايها الاخوة المستمعون وهذا الذي قد اشتكى منه عثمان ابن ابي العاص رضي الله عنه تسلط الشيطان عليه اثناء الصلاة بالوساوس والتلبيس يشتكي منه كثير من الناس ارشد النبي صلى الله عليه وسلم الى العلاج الذي يحكي عثمان رضي الله عنه بانه قد جربه فزالت عنه تلك الوساوس واذهبها الله عنه هذا العلاج هو ما جاء في قوله عليه الصلاة والسلام فاذا احسسته فتعوذ بالله منه واتفل على يسارك ثلاثا يقول المصلي الذي احس بتسلط الشيطان عليه بالوساوس يقول اعوذ بالله من الشيطان الرجيم ويتفل عن يساره ثلاثا وهو عندما يتفل عن يساره سوف يلتفت هذا الالتفات لا بأس به لانه كما سبق التفات لحاجة سواء كان في القيام او في الركوع او في الجلوس او في اي موضع من مواضع صلاته ولكن اذا كان الانسان يصلي في جماعة ربما اذا التفت عن يساره وتفل يساء به الظن حينئذ قد يقال انه يكتفي بالاستعاذة في هذه الحال ومن الالتفات لحاجة ان تصلي المرأة وعندها صبيها وتخشى عليه فلا بأس ان تلتفت عليه اثناء صلاتها لملاحظته ايها الاخوة المستمعون اذا كان التفات البصر لغير حاجة منهيا عنه في الصلاة ان هناك التفات من نوع اخر وهو التفات القلب عن الله عز وجل قال ابن القيم رحمه الله الالتفات المنهي عنه في الصلاة قسمان احدهما التفات القلب عن الله عز وجل الى غير الله تعالى. الثاني التفات البصر كلاهما منهي عنه لا يزال الله مقبلا على عبده ما دام العبد مقبلا على صلاته اذا التفت بقلبه او بصره اعرض الله تعالى عنه ومثل من يلتفت في صلاته ببصره او بقلبه مثل رجل قد استدعاه السلطان اوقفه بين يديه واقبل يناديه ويخاطبه وهو في خلال ذلك يلتفت عن السلطان يمينا وشمالا وقد انصرف قلبه عن السلطان فلا يفهم ما يخاطبه به ان قلبه ليس حاضرا معه فما ظن هذا الرجل ان يفعل به السلطان افليس اقل المراتب في حقه ان ينصرف من بين يديه ممقوتا مبعدا قد سقط من عينيه هذا المصلي لا يستوي والحاضر القلب. المقبل على الله تعالى في صلاته الذي قد اشعر قلبه عظمة من هو واقف بين يديه فامتلأ قلبه من هيبته وذلت عنقه له واستحيا من ربه ان يقبل على غيره او يلتفت عنه بين صلاتيهما كما قال حسان بن عطية ان الرجلين ليكونان في الصلاة الواحدة وانما بينهما في الفضل كما بين السماء والارض وذلك ان احدهما مقبل على الله عز وجل والاخر ساه غافل والعبد اذا اقبل على مخلوق مثله وبينه وبينه حجاب لم يكن اقبالا ولا تقريبا فما الظن بالخالق عز وجل اذا اقبل على الخالق عز وجل وبينه وبينه حجاب الشهوات والوساوس والنفس مشغوفة بها ملأى منها فكيف يكون ذلك اقبالا وقد الهته الوساوس والافكار وذهبت به كل مذهب قال ابن القيم رحمه الله والعبد اذا قام في الصلاة غار الشيطان منه فانه قد قام في اعظم مقام واقربه واغيظه للشيطان واشده عليه وهو يحرص ويجتهد الا يقيمه فيه بل لا يزال به يعده ويمنيه وينسيه ويجلب عليه بخيله ورجله حتى يهون عليه شأن الصلاة فيتهاون بها فيتركها فان عجز عن ذلك منه وعصاه العبد وقام في ذلك المقام اقبل عدو الله تعالى حتى يخطر بينه وبين نفسه ويحول بينه وبين قلبه ويذكره في الصلاة ما لم يكن يذكر قبل دخوله فيها حتى ربما كان قد نسي الشيء والحاجة وايس منها فيذكره اياها في الصلاة ليشغل قلبه بها خذه عن الله عز وجل فيقوم فيها بلا قلب الا ينال من اقبال الله تعالى وكرامته وقربه ما يناله المقبل على ربه عز وجل. الحاضر بقلبه في صلاته فينصرف من صلاته مثلما دخل فيها بخطاياه وذنوبه واثقاله لم تخف عنه بالصلاة ان الصلاة انما تكفر سيئات من ادى حقها واكمل خشوعها ووقف بين يدي الله تعالى بقلبه فهذا اذا انصرف منها وجد خفة من نفسه واحس باثقال قد وضعت عنه فوجد نشاطا وراحة وروحا فهو يستريح بالصلاة لا منها كما كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول يا بلال ارحنا بالصلاة ولم يقل ارحنا منها كان يقول جعلت قرة عيني بالصلاة قال ابن القيم رحمه الله فعلى العبد ان يفرغ قلبه لله تعالى في الصلاة. وان يستفرغ جهده في اقباله فيها على الله وجمع قلبه عليها وايقاعها على احسن الوجوه واكملها ظاهرا وباطنا فان الصلاة لها ظاهر وباطن. فظاهرها الافعال المشاهدة والاقوال المسموعة. وباطنها الخشوع والمراقبة وتفريغ قلبي لله والاقبال على الله تعالى فيها. بحيث لا يلتفت قلبه عنه الى غيره فهذا بمنزلة الروح لها والافعال بمنزلة البدن فاذا خلت من الروح كانت كبدن لا روح فيه. افلا يستحي العبد ان يواجه سيده بمثل ذلك اسأل الله تعالى ان يوفقنا لاقامة الصلاة كما يحب ويرضى وان يرزقنا الخشوع فيها وان يجعلنا ممن قال فيهم قد افلح المؤمنون الذين هم في صلاتهم خاشعون والى الملتقى في الحلقة القادمة ان شاء الله تعالى السلام عليكم ورحمة الله وبركاته فقه العبادات برنامج من اعداد وتقديم فضيلة الشيخ الدكتور سعد ابن تركي الخثلان تنفيذ فهد بن سعد الفريان