اذاعة القرآن الكريم من المملكة العربية السعودية تقدم فقه العبادات فقه العبادات برنامج من اعداد وتقديم فضيلة الشيخ الدكتور سعد ابن تركي الخثلان تنفيذ فهد ابن سعد الفريان بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين الصلاة والسلام على اشرف الانبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى اله وصحبه ومن اهتدى بهديه الى يوم الدين ايها الاخوة المستمعون السلام عليكم ورحمة الله وبركاته تحدثنا في الحلقة السابقة عن احكام سجود التلاوة نتحدث معكم في هذه الحلقة عن احكام سجود الشكر سجود الشكر هو كسجود التلاوة في افعاله واحكامه وشروطه ولكن سبب سجود التلاوة وقراءة او استماع اية سجدة من ايات السجدات في القرآن واما سجود الشكر فسببه تجدد النعم او اندفاع النقم هو سجود لله تعالى شكرا له على تجدد النعمة او اندفاع النقمة فتكون الاظافة في قولنا سجود الشكر من باب اظافة الشيء الى نوعه كما تقول خاتم حديد ان هذا السجود هو نوع من الشكر ايها الاخوة المستمعون وقبل الحديث عن احكام سجود الشكر يحسن بيان حقيقة الشكر منزلة الشكر في الدين معناه في اللغة ظهور اثر الغذاء في بدن الحيوان ظهورا بينا يقال شكرت الدابة اذا ظهر عليها اثر العلف ودابة شكور اذا ظهر عليها من السمن فوق ما تأكل وما تعطى من العلف قال ابن القيم رحمه الله كذلك حقيقته في العبودية فهو ظهور اثر نعمة الله تعالى على لسان عبده ثناء واعترافا وعلى قلبه شهودا ومحبة وعلى جوارحه انقيادا وطاعة حقيقة الشكر الاعتراف بالنعم باللسان والاقرار بها بالقلب والقيام بطاعة المنعم بالجوارح فتعتقد بقلبك ان النعمة من الله تنطق بذلك بلسانك كما قال سبحانه واما بنعمة ربك فحدث وتقوم بطاعة الله تعالى المنعم بها بجوارحك قال ابن القيم رحمه الله والشكر مبني على خمس قواعد خضوع الشاكر للمشكور وحبه له واعترافه بنعمته وثناؤه عليه بها والا يستعملها فيما يكره هذه الخمس هي اساس الشكر وبناؤه عليها فمتى عدم منها واحد تل من قواعد الشكر قاعدة وكل من تكلم في الشكر وحده فكلامه اليها يرجع وعليها يدور ومنزلة الشكر في الدين من اعلى المنازل قال ابن القيم رحمه الله هي فوق منزلة الرضا وزيادة الرضا مندرج في الشكر اذ يستحيل وجود الشكر بدونه قد امر الله سبحانه بالشكر فقال واشكروا نعمة الله ان كنتم اياه تعبدون ونهى عن ظده فقال واشكروا لي ولا تكفرون واثنى على اهله ووصف به خواص خلقه فقال عن خليله ابراهيم عليه الصلاة والسلام ان ابراهيم كان امة قانتا لله حنيفا ولم يك من المشركين شاكرا لانعمه قال عن نوح عليه الصلاة والسلام انه كان عبدا شكورا ووعد اهله باحسن الجزاء فقال وسيجزي الله الشاكرين وجعله سببا للمزيد من فضله وحارسا وحافظا لنعمته فقال واذ تأذن ربكم لئن شكرتم لازيدنكم ولئن كفرتم ان عذابي لشديد واخبر بان اهله هم المنتفعون باياته قال ان في ذلك لايات لكل صبار شكور وجعل الشكر سببا لان يكون الشاكر مشكورا فقال ان هذا كان لكم جزاء وكان سعيكم مشكورا واخبر عن رضا الرب به فقال وان تشكروا ويرضه لكم واخبر عن قلة اهله في العالمين فقال وقليل من عبادي الشكور وعن عائشة رضي الله عنها ان النبي صلى الله عليه وسلم كان يقوم من الليل حتى تورمت قدماه تقول له عائشة لم تفعل هذا يا رسول الله فقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر فيقول يا عائشة افلا اكون عبدا شكورا ووصى عليه الصلاة والسلام معاذا فقال يا معاذ والله اني لاحبك فلا تدعن ان تقول دبر كل صلاة اللهم اعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك وصح عنه صلى الله عليه وسلم كما عند احمد والترمذي وغيرهما انه عليه الصلاة والسلام كان يسأل الله عز وجل بان يكون له شاكرا عنه انه كان يدعو بكلمات ومنها اللهم اجعلني لك شكارا لك ذكارا ايها الاخوة المستمعون نعود بعد ذلك للحديث عن نوع خاص من انواع الشكر وهو سجود الشكر اصل فيه حديث ابي بكرة رضي الله عنه النبي صلى الله عليه وسلم كان اذا اتاه امر يسر به خر ساجدا اخرجه ابو داوود والترمذي وابن ماجه قد سجد كعب بن مالك رضي الله عنه لما بشر بتوبة الله عليه كما في قصة الثلاثة الذين خلفوا وهي في الصحيحين وغيرهما وروي عن ابي بكر رضي الله عنه انه سجد لما بشر بفتح اليمامة ومقتل مسيلمة سجد علي رضي الله عنه حين وجد ذا السدية في الخوارج الذين قاتلهم لان النبي صلى الله عليه وسلم قد اخبر بانه يكون فيهم ايها الاخوة المستمعون وسجود الشكر انما يشرع عند تجدد النعم او اندفاع النقم قولنا عند تجدد النعم طراز من النعم المستمرة انه لو قيل بمشروعية السجود عندها لكان الانسان دائما في سجود لان الله تعالى يقول وان تعدوا نعمة الله لا تحصوها وما اكثر نعم الله تعالى على الانسان سلامة السمع نعمة سلامة البصر نعمة علامة النطق نعمة الى غير ذلك من النعم الكثيرة التي لا تعد ولا تحصى ولم ترد السنة بالسجود لمثل هذه النعم المستمرة ولهذا نقل المرداوي رحمه الله في الانصاف بعض الفقهاء انه قال انما يستحب السجود عند تجدد نعمة او دفع نقمة عند تجدد نعمة او دفع نقمة ظاهرة لان العقلاء يهنئون بالسلامة من العارظ ولا يفعلونه في كل ساعة وان كان الله تعالى يصرف عنهم البلاء والافات ويمتعهم بالسمع والبصر والعقل والدين يفرقون في التهنئة بين النعمة الظاهرة والباطنة وكذلك السجود للشكر ومن امثلة تجدد النعم التي يشرع سجود الشكر لها لو بشر الانسان بولد هذه نعمة متجددة ويشرع السجود لها او انه سمع مثلا بانتصار للمسلمين في اي مكان هذه نعمة متجددة او انه نجح في اختبار ما وهو مشفق الا ينجح فيه هكذا واما قولنا او اندفاع النقم المقصود بها النقم التي وجد سببها فسلم منها قالوا ذلك رجل حصل له حادث سيارة مثلا وانقلبت السيارة خرج سالما ويشرع له السجود في هذه الحال ان هذه النقمة قد وجد سببها وهو هذا الحادث وانقلاب السيارة ولكنه سلم منه قانون اخر انسان احترق بيته فيسر الله تعالى اطفاء هذا الحريم هو وجميع افراد اسرته هذا اندفاع نقمة في شرع له ان يسجد لله تعالى شكرا والامثلة في هذا كثيرة المقصود انه يشرع السجود عند اندفاع النقم التي انعقد سببها فسلم منها واما اندفاع النقم المستمر فلا يمكن احصاؤه لو قيل يشرع السجود له لكان الانسان دائما في سجود ايها الاخوة المستمعون واما صفة سجود الشكر فهو كصفة سجود التلاوة قد تكلمنا عن صفة سجود التلاوة في الحلقة السابقة ذكرنا ان المشروع ان يقال فيه ما يقال في سجود صلب الصلاة كما نص على ذلك الامام احمد وغيره فيقول انا ربي الاعلى ويكررها ويقول سبحانك اللهم ربنا وبحمدك اللهم اغفر لي وان قال بعد ذلك شيئا مما ورد كان حسنا وقد اشرنا في الحلقة السابقة كذلك الى خلاف العلماء في سجود التلاوة هل هو صلاة؟ او ليس بصلاح هذا الخلاف يجري كذلك على سجود الشكر قد ذكرنا ان القول الراجح عند كثير من المحققين من اهل العلم انه ليس بصلاح بناء على ذلك يكون القول الراجح في سجود الشكر انه ليس بصلاة كذلك فيصح ان يسجد الانسان عند تجدد نعمة او عند اندفاع نقمة ولو كان على غير طهارة ولو الى غير القبلة الله تعالى ان يجعلنا من الشاكرين الذاكرين له كثيرا ان يرزقنا الفقه في الدين والى الملتقى في الحلقة القادمة ان شاء الله تعالى السلام عليكم فقه العبادات برنامج من اعداد وتقديم فضيلة الشيخ الدكتور سعد ابن تركي الخثلان تنفيذ فهد ابن سعد الفريان