اذاعة القرآن الكريم من المملكة العربية السعودية تقدم فقه العبادات فقه العبادات برنامج من اعداد وتقديم فضيلة الشيخ الدكتور سعد بن تركي الخثلان تنفيذ فهد بن سعد الفريان بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين الصلاة والسلام على اشرف الانبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى اله وصحبه ومن اهتدى بهديه الى يوم الدين ايها الاخوة المستمعون السلام عليكم ورحمة الله وبركاته لا يزال الحديث موصولا عن احكام صلاة الجماعة سأتحدث معكم في هذه الحلقة عن مسألتين عن حكم التنفل بعد اقامة الفريضة وعن حكم القراءة خلف الامام وابتدأ الحديث بالمسألة الاولى وهي حكم التنفل بعد اقامة الفريضة. فاقول وبالله التوفيق اذا اقيمت الصلاة فليس لاحد ان يشتغل عنها بغيرها ويدل لذلك ما جاء في صحيح مسلم عن ابي هريرة رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال اذا اقيمت الصلاة فلا صلاة الا المكتوبة وقوله اذا اقيمت الصلاة اي شرع في الاقامة قد جاء ذلك مصرحا به في رواية ابن حبان بلفظ اذا اخذ المؤذن في الاقامة وقوله فلا صلاة يحتمل ان يكون المراد فلا صلاة صحيحة ويحتمل ان يكون المراد فلا صلاة كاملة والاول اقرب قال النووي رحمه الله والحكمة فيه ان يتفرغ للفريضة من اولها يشرع فيها عقب شروع الامام والمحافظة على مكملات الفريضة اولى من التشاغل بالنافلة وبناء على ذلك فيحرم على الانسان ان يبتدأ نافلة بعد اقامة الصلاة لان الوقت قد تعين لمتابعة الامام وقد جاء في صحيح البخاري عن ابن بحينة ان رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى رجلا وقد اقيمت الصلاة يصلي ركعتين لما انصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم لاث به الناس اي احاطوا به قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم الصبح اربعا الصبح اربعة ولكن هل المراد بقول النبي صلى الله عليه وسلم لا صلاة في حديث اذا اقيمت الصلاة فلا صلاة الا المكتوبة هل المراد الابتداء والاتمام؟ اي لا صلاة ابتداء ولا اتماما او ان المراد لا صلاة ابتداء قولان لاهل العلم والاقرب والله اعلم ان المراد لا صلاة ابتداء فالممنوع هو ابتداؤ نافلة بعد اقامة الصلاة ولهذا قال بعض الفقهاء اذا اقيمت الصلاة وهو في نافلة اتمها الا ان يخشى فوات الجماعة فيقطعها والاقرب في هذه المسألة والله اعلم انه اذا كان في الركعة الثانية اتمها خفيفة اما اذا كان في الركعة الاولى فيقطعها ويدل لذلك ما جاء في الصحيحين عن ابي هريرة رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال من ادرك ركعة من الصلاة فقد ادرك الصلاة وهذا الذي قد صلى ركعة قبل ان تقام الصلاة يكون قد ادرك ركعة من الصلاة سالمة من المعارض الذي هو اقامة الصلاة فيكون قد ادرك الصلاة بادراكه الركعة قبل النهي ويتمها خفيفة اما اذا كان في الركعة الاولى فانه يقطعها لانه لا يكون مدركا للصلاة قبل الاقامة حيث لم يدرك ركعة قبل الاقامة فيشمله النهي الوارد في حديث اذا اقيمت الصلاة فلا صلاة الا المكتوبة ايها الاخوة المستمعون وننتقل بعد ذلك للحديث عن المسألة الثانية هي مسألة قراءة المأموم خلف الامام وهي من المسائل التي يتكلم عنها الفقهاء في هذا الباب وقد اختلف فيها اهل العلم على ثلاثة اقوال القول الاول انه يجب على المأموم قراءة الفاتحة مطلقا في السرية والجهرية وهذا هو مذهب الشافعية القول الثاني انه لا يجب على المأموم قراءة الفاتحة خلف الامام في الصلاة السرية ولا الجهرية ويتحملها عنه الامام لكن يستحب للمأموم ان يقرأ في الصلاة السرية وفي سكوته في الصلاة الجهرية وهذا هو مذهب المالكية والحنابلة والحنفية كذلك الا انهم قالوا لا يقرأ المأموم الفاتحة مطلقا القول الثالث تجب القراءة فيما يسر به الامام دون ما يجهر به فاذا سمع قراءة الامام انصت ولم يقرأ وقد عزاه شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله لاكثر السلف ونصر هذا القول وقال انه لا سبيل الى الاحتياط في الخروج من الخلاف في هذه المسألة وانه يتعين في مثل ذلك النظر فيما يوجبه الدليل الشرعي والقول الصحيح عليه دلائل شرعية تبين الحق واستدل من يرى وجوب قراءة المأموم للفاتحة مطلقا في الصلاة السرية والجهرية بحديث عبادة ابن الصامت رضي الله عنه قال كنا خلف النبي صلى الله عليه وسلم في صلاة الفجر فقرأ فثقلت عليه القراءة فلما فرغ قال لعلكم تقرأون خلف امامكم؟ قلنا نعم يا رسول الله قال لا تفعلوا الا بفاتحة الكتاب فانه لا صلاة لمن لم يقرأ بها اخرجه ابو داوود والترمذي واحمد قال الخطابي واسناده جيد لا مطعن فيه واستدل القائلون بعدم وجوب قراءة الفاتحة خلف الامام بحديث جابر رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال من كان له امام فقراءة الامام له قراءة وسيأتي الكلام عن تخريجه واما القول الثالث وهو وجوب قراءة الفاتحة على المأموم فيما يسر به الامام دون ما يجهر به فلا تجب هذا القول هو ارجح الاقوال قد اختاره بل نصره شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى وننقل ادلة هذا القول من كلام شيخ الاسلام رحمه الله قال رحمه الله اذا جهر الامام استمع المأموم لقراءته ان كان لا يسمع لبعده فانه يقرأ في اصح القولين وهو قول احمد وغيره ثم ذكر الادلة لذلك ومما ذكره شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله من الادلة قول الله تعالى واذا قرئ القرآن فاستمعوا له وانصتوا لعلكم ترحمون قال وقد استفاض عن السلف انها نزلت في القراءة في الصلاة وذكر احمد بن حنبل الاجماع على انها نزلت في ذلك وانه لا تجب القراءة على المأموم حال الجهر الاية دالة على امر المأموم بالانصات لقراءة الامام وسواء كان امر ايجاب او استحباب فالمقصود حاصل فان المراد ان الاستماع اولى من القراءة وهذا صريح في دلالة الاية على كل تقدير والمنازع يسلم ان الاستماع مأمور به دون القراءة فيما زاد على الفاتحة والاية امرت بالانصات اذا قرأ القرآن والفاتحة ام القرآن وهي التي لا بد من قراءتها في كل صلاة والفاتحة افضل سور القرآن وهي التي لم ينزل في التوراة ولا في الانجيل ولا في الزبور ولا في القرآن مثلها فيمتنع ان يكون المراد بالاية الاستماع الى غيرها دونها مع اطلاق لفظ الاية وعمومها مع ان قراءتها اكثر واشهر وهي افضل من غيرها قال رحمه الله فالمستمع لقراءة الامام يحصل له افضل مما يحصل بالقراءة وثبت انه في هذه الحال قراءة الامام له قراءة. كما قال ذلك جماهير السلف والخلف من الصحابة والتابعين لهم باحسان لذلك الحديث المعروف عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال من كان له امام فقراءة الامام له قراءة وهذا الحديث روي مرسلا ومسندا لكن اكثر الائمة الثقاة رووه مرسلا عن عبد الله ابن شداد عن النبي صلى الله عليه وسلم واسنده بعضهم ورواه ابن ماجة مسندا وهذا المرسل قد عظده ظاهر القرآن والسنة قال به جماهير اهل العلم من الصحابة والتابعين ومرسله من اكابر التابعين ومثل هذا المرسل يحتج به باتفاق الائمة الاربعة وغيرهم وقد نص الشافعي على جواز الاحتجاج بمثل هذا المرسل فتبين ان الاستماع الى قراءة الامام امر دل عليه القرآن دلالة قاطعة لان هذا من الامور الظاهرة التي يحتاج اليها جميع الامة فكان بيانها في القرآن مما يحصل به مقصود البيان وجاءت السنة موافقة للقرآن في صحيح مسلم عن ابي موسى الاشعري قال ان رسول الله صلى الله عليه وسلم خطبنا فبين لنا سنتنا وعلمنا صلاتنا فقال صفوفكم ثم ليؤمكم احدكم فاذا كبر فكبروا واذا قرأ فانصتوا والانصات الى قراءة القارئ من تمام الائتمان به. فان من قرأ على قوم لا يستمعون لقراءته لم يكونوا مؤتمين به. وهذا مما يبين حكمة سقوط القراءة على المأموم فان متابعته لامامه مقدمة على غيرها حتى في الافعال فاذا ادركه ساجدا سجد معه واذا ادركه في وتر من صلاته تشهد عقب الوتر. وهذا لو فعله منفردا لم يجز. وانما فعله لاجل بائتمام فيدل على ان الائتمان يجب به ما لا يجب على المنفرد ويسقط به ما يجب على المنفرد وروى الزهري عن ابي هريرة ان رسول الله صلى الله عليه وسلم انصرف من صلاة جهر فيها فقال هل قرأ معي احد منكم انفا؟ قال رجل نعم يا رسول الله. قال اني اقول ما لي انازع القرآن. قال فانتهى الناس عن القراءة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما جهر فيه فيما جهر فيه النبي صلى الله عليه وسلم بالقراءة في الصلوات حين سمعوا ذلك من رسول الله صلى الله عليه وسلم. رواه احمد وابو داوود وابن ماجه والنسائي والترمذي. وقال حديث حسن ثم ذكر رحمه الله ادلة اخرى لهذا القول ايها الاخوة المستمعون نكتفي بهذا القدر في هذه الحلقة ونلتقي بكم على خير في الحلقة القادمة ان شاء الله تعالى والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته فقه العبادات برنامج من اعداد وتقديم فضيلة الشيخ الدكتور سعد ابن تركي الخثلان تنفيذ فهد بن سعد الفريان