اذاعة القرآن الكريم من المملكة العربية السعودية تقدم فقه العبادات فقه العبادات برنامج من اعداد وتقديم فضيلة الشيخ الدكتور سعد ابن تركي الخثلان تنفيذ فهد بن سعد الفريان بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على اشرف الانبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى اله وصحبه ومن اهتدى بهديه الى يوم الدين ايها الاخوة المستمعون السلام عليكم ورحمة الله وبركاته تبقى ان تحدثنا في الحلقات السابقة عن احكام صلاة الجماعة والامامة وذكرنا ان صلاة الجماعة واجبة في حق الرجال ويترتب على ذلك ان الرجل اذا تخلف عن صلاة الجماعة فانه يأثم ولكن ذلك مشروط عند العلماء بعدم وجود العذر اما اذا كان معذورا فان الجماعة في حقه غير واجبة ولا يأثم بتركها اما الاعذار التي تبيح التخلف عن صلاة الجمعة والجماعة قبل الحديث عن هذه الاعذار نشير هنا الى ان دين الاسلام مبني على رفع الحرج عن المكلفين وعلى التيسير على العباد يقول الله تعالى وما جعل عليكم في الدين من حرج ويقول جل وعلا يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر ويقول سبحانه لا يكلف الله نفسا الا وسعها ويقول تعالى فاتقوا الله ما استطعتم ومن رحمة الله تعالى بعباده ان المسلم اذا كان قد اعتاد اداء الصلاة مع الجماعة لكنه تركها لعذر فيكتب له اجر الجماعة كاملا اي انه اذا صلى وحده كانه قد صلى مع الجماعة ويدل لذلك ما جاء في صحيح البخاري وغيره عن ابي موسى الاشعري رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال اذا مرض العبد او سافر كتب الله له ما كان يعمل وهو صحيح مقيم ونبدأ الحديث باول الاعذار في ترك الجمعة والجماعة وهو المرض قال ابن منذر رحمه الله لا اعلم خلافا بين اهل العلم في ان للمريض ان يتخلف عن الجماعات من اجل المرظ ويدل لذلك عموم الادلة الدالة على رفع الحرج عن المكلفين والتي سبقت الاشارة اليها ويدل لذلك ايضا ما جاء في الصحيحين ان النبي صلى الله عليه وسلم لما مرض لم يصلي بالناس في المسجد وقال مروا ابا بكر فليصلي بالناس ويدل لذلك ايضا حديث ابن عباس رضي الله عنهما ان النبي صلى الله عليه وسلم قال من سمع النداء فلم يأت فلا صلاة له الا من عذر رواه ابن ماجه والدارقطني وابن حبان والحاكم قال الحافظ ابن حجر في بلوغ المرام اسناده على شرط مسلم لكن رجح بعضهم وقفه وجاء في رواية ابي داوود انه قيل فما العذر قال خوف او مرض وفي صحيح مسلم عن ابن مسعود رضي الله عنه قال ولقد رأيتنا وما يتخلف عن الصلاة الا منافق قد علم نفاقه او مريظ وضابط المرض الذي يعذر الانسان بسببه في ترك الجمعة والجماعة هو المرض الذي يلحق المريض معه مشقة وحرج ظاهر لو صلى مع الجماعة والحق العلماء بالمرض الخوف من حدوث المرض او زيادته او تأخر برؤه لانه في معنى المرظ وننبه هنا الى ان من الناس من يكون لديه مرض يسير لا يلحقه معه الحرج والمشقة لو صلى مع الجماعة ومع هذا تجده يفتي نفسه بنفسه بانه مريظ وبانه معذور في ترك الجماعة فمثل هذا ليس بمعذور ولا تبرأ ذمته بترك الجماعة واين هذا من حال الصحابة رضي الله عنهم الذين يصف حالهم عبدالله بن مسعود رضي الله عنه في قوله ولقد كان الرجل يؤتى به يهادى بين الرجلين حتى يقام في الصف وتتأكد الجمعة في هذا اكثر من الجماعة. ولهذا قال بعض الفقهاء تلزم الجمعة دون الجماعة من لم يتضرر باتيانها راكبا او محمولا لان صلاة الجمعة صلاة واحدة في الاسبوع ولا بدل لها اذا فاتت بخلاف الجماعة فتعظم المشقة باتيانها وربما تلحق المنة بمساعدته فلم تلزم في هذه الحال ومن الاعذار في ترك الجمعة والجماعة ما جاء في صحيح مسلم عن عائشة رضي الله عنها ان النبي صلى الله عليه وسلم قال لا صلاة بحضرة طعام ولا وهو يدافعه الاخبثان فذكر النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث عذرين الاول حضور الطعام والثاني مدافعة الاخبثين فحضور الطعام عذر في ترك الجماعة ومما يدل لذلك ما جاء في صحيح البخاري عن عائشة رضي الله عنها ان النبي صلى الله عليه وسلم قال اذا وضع العشاء واقيمت الصلاة فابدأوا بالعشاء وفي الصحيحين عن انس رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال اذا قدم العشاء فابدأوا به قبل ان تصلوا المغرب ولا تعجلوا عن عشائكم وفي الصحيحين ايضا عن ابن عمر رضي الله عنهما ان النبي صلى الله عليه وسلم قال اذا وضع عشاء احدكم واقيمت الصلاة فابدأوا بالعشاء ولا يعجل حتى يفرغ منه وكان ابن عمر رضي الله عنهما يوضع له الطعام وتقام الصلاة فلا يأتيها حتى يفرغ وانه ليسمع قراءة الامام قال النووي رحمه الله بهذه الاحاديث كراهة الصلاة بحضرة الطعام الذي يريد اكله لما فيه من اشتغال القلب لما فيه من اشتغال القلب به وذهاب كمال الخشوع ويشترط لاعتبار حضور الطعام عذرا في ترك الجماعة شروط الشرط الاول ان تتوق نفسه الى الطعام لان المعنى الذي لاجله ابيح له ترك الجماعة هو تشويش ذهنه واشتغال قلبه بالطعام مما يفوت كمال الخشوع في صلاح وهذا المعنى منتف اذا لم تتق نفسه الى الطعام الشرط الثاني حضور الطعام بين يديه. لقول النبي صلى الله عليه وسلم لا صلاة بحضرة طعام تعلق الحكم بحضور الطعام وقوله في الحديث الاخر اذا قدم العشاء وفي الحديث الاخر اذا وظع العشاء وبناء على ذلك اذا لم يحضر الطعام اذا لم يحضر الطعام عنده فليس له ترك الجماعة ولو كان جائعا لان النفس انما تتعلق بالطعام اذا قدم وحضر بين يدي الانسان الشرط الثالث الا يجعل ذلك عادة له بحيث لا يقدم الطعام الا قبيل اقامة الصلاة لان جعل ذلك عادة يعتبر حيلة على ترك الجماعة فلا يجوز واضاف بعض العلماء شرطا رابعا وهو الا يأكل الا بمقدار ما تنكسر نهمته وتسكن نفسه ومن ثم يلحق بالجماعة ولكن الصحيح هو عدم اشتراط هذا الشرط وان له ان يأكل حتى يشبع وقد نص على هذا الامام احمد رحمه الله ويدل لذلك حديث ابن عمر رضي الله عنهما السابق ان النبي صلى الله عليه وسلم قال اذا وضع عشاء احدكم واقيمت الصلاة فابدأوا بالعشاء ولا يعجل حتى افرغ منه فقوله ولا يعجل حتى يفرغ منه هو كالنص في هذه المسألة. والله تعالى اعلم ومن الاعذار في ترك الجماعة ما جاء في حديث عائشة السابق مدافعة الاخبثين او مدافعة احدهما لا صلاة بحضرة طعام ولا وهو يدافعه الاخبثان والمراد بالاخبثين في هذا الحديث البول والغائط فاذا حسر الانسان البول او الغائط فله ان يقضي حاجته ولو ادى ذلك الى تفويت الجماعة بل يستحب له ذلك وذلك لان صلاته مع مدافعة الاخبثين يحصل معها تشويش ذهنه واشغال قلبه مما يؤدي الى فوات الخشوع في الصلاة الذي هو روح الصلاة ولبها ويقاس على البول والغائط الريح فان من الناس من يكون عنده غازات ينتفخ معها بطنه فهي في معنى الاخبثين فيكون احتباس الريح عذرا له في ترك الجماعة كذلك وانظر اخي المستمع الكريم الى عناية الشريعة بالخشوع في الصلاة حتى انها اجازت ترك الجماعة الواجبة حتى يزول ما قد يكون سببا لتفويت الخشوع في الصلاة وذلك لان الخشوع في الصلاة له شأن عظيم. فهو روح الصلاة ولبوها. والمقصود الاعظم منها. وكما قيل صلاة بلا خشوع كجسد بلا روح بل انه ليس للانسان من الاجر والثواب على صلاته الا بمقدار ما عقل منها. وان كانت تحصل بها براءة الذمة على كل حال اسأل الله تعالى ان يجعلنا من الذين قال فيهم قد افلح المؤمنون الذين هم في صلاتهم خاشعون والى الملتقى في الحلقة القادمة ان شاء الله. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته فقه العبادات برنامج من اعداد وتقديم فضيلة الشيخ الدكتور سعد بن تركي الخثلان تنفيذ فهد بن سعد الفريان