اذاعة القرآن الكريم من المملكة العربية السعودية تقدم فقه العبادات فقه العبادات برنامج من اعداد وتقديم فضيلة الشيخ الدكتور سعد ابن تركي الخثلان تنفيذ فهد ابن سعد الفريان بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين الصلاة والسلام على اشرف الانبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى اله وصحبه ومن اهتدى بهديه الى يوم الدين ايها الاخوة المستمعون السلام عليكم ورحمة الله وبركاته لا يزال الحديث موصولا عن صلاة اهل الاعذار قد سبق الحديث في الحلقات السابقة عن احكام صلاة المريض ننتقل بعد ذلك للحديث عن احكام صلاة المسافر والسفر في اللغة مفارقة محل الاقامة سمي بذلك لان الانسان يسفر بذلك عن نفسه وبدلا من ان يكون مكنونا في بيته اصبح بارزا ومنه قول الله تعالى والصبح اذا اسفر اي تبين وظهر وقيل انما سمي السفر سفرا لانه يسفر عن اخلاق الرجال اي يوضحها ويبينها فان كثيرا من الناس لا تعرف اخلاقه ولا سيرته الا بالسفر معه قد كان بعض القضاة من السلف اذا شهد شخص لاخر بتزكية سأله سؤالين السؤال الاول هل سافرت معه والسؤال الثاني هل تعاملت معه بالدرهم والدينار فان قال لا قال فانت اذا لا تعرفه فالسفر يبين اخلاق الرجال فكم من انسان تراه وتشاهده كل يوم ولا تعرف عن اخلاقه ومعاملاته حتى تسافر معه فاذا سافرت معه تبين لك اخلاقه على حقيقتها لا سيما في الزمن الماضي حيث كانت الاسفار تستمر اياما كثيرة وقد جاءه الصحيحين عن ابي هريرة رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال السفر قطعة من العذاب يمنع احدكم نومه وطعامه وشرابه فاذا قضى نعمته فليعجل الى اهله فالسفر مظنة للمشقة ولهذا وصفه النبي صلى الله عليه وسلم بانه قطعة من العذاب فان الانسان في سفره يعرض له عوارض كثيرة حتى في وقتنا الحاضر مع توفر وسائل المواصلات المريحة الا انه يبقى قطعة من العذاب كثيرا ما يعتلي المسافر عوارض والوان من المشقة حتى في وقتنا الحاضر ولهذا فقد راعى الشارع هذه المعاني ورخص للمسافر في قصر الصلاة الرباعية بالجمع وفي الفطر في نهار رمضان وفي جعل مدة المسح على الخفين ثلاثة ايام بلياليهن والاصل في ذلك قول الله عز وجل واذا ضربتم في الارض فليس عليكم جناح ان تقصروا من الصلاة ان خفتم ان يفتنكم الذين كفروا قد جاء في صحيح مسلم عن يعلى ابن امية الضمري قال قلت لعمر ابن الخطاب ليس عليكم جناح ان تقصروا من الصلاة ان خفتم ان يفتنكم الذين كفروا وقد امن الناس فقال عجبت مما عجبت منه سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال صدقة تصدق الله بها عليكم فاقبلوا صدقته وقد تواترت الاخبار ان النبي صلى الله عليه وسلم كان يقصر في اسفاره ولهذا قال العلماء ان القصر في السفر افضل من الاتمام لان ذلك هو هدي النبي صلى الله عليه وسلم فلم يحفظ عنه انه اتم صلاة رباعية في سفر قط ولا اكمل من هدي النبي صلى الله عليه وسلم قال ابن عمر رضي الله عنهما صحبت رسول الله صلى الله عليه وسلم في السفر فلم يزد على ركعتين حتى قبضه الله وصحبت ابا بكر فلم يزد على ركعتين حتى قبضه الله وصحبت عمر فلم يزد على ركعتين حتى قبضه الله متفق عليه ولكن الاتمام في السفر جائز في قول كثير من العلماء قال بعضهم انه مكروه بكونه خلاف هدي النبي صلى الله عليه وسلم قد اختار هذا القول شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله ثم انه يشرع الترخص برخص السفر من القصر والجمع والفطر في نهار رمضان ولو لم يجد المسافر مشقة باجماع العلماء العلة في الترخص برخص السفر هي السفر نفسه وليست العلة هي المشقة ايها الاخوة المستمعون والقصر يشرع في كل سفر سواء كان سفر طاعة ام سفرا مباحا كالسفر للتجارة او للنزهة ونحو ذلك واما سفر المعصية وقد اختلف العلماء في حكم الترخص فيه وقد اختلف العلماء في حكم الترخص فيه برخص السفر من القصر وغيره فذهب جمهور العلماء الى ان المسافر سفر معصية ليس له الترخص برخص السفر هذا هو مذهب المالكية والشافعية والحنابلة وذلك لان الترخص انما شرع للاعانة على المقصود المباح ولو رخص للمسافر سفر معصية في القصر وفي الترخص بسائر رخص السفر لكان في ذلك اعانة له على المعصية وذهب بعض العلماء الى انه يشرع الترخص برخص السفر في كل سفر سواء كان سفر طاعة ام سفرا مباحا ام سفر معصية واليه ذهب الحنفية وذلك لعموم الادلة الدالة على مشروعية الترخص بالقصد وغيره في السفر من غير تفريق بين سفر وسفر ولان صلاة الركعتين في السفر هي الاصل في فرضية الصلاة ثم زيد في صلاة الحظر واقرت صلاة السفر ركعتين كما جاء ذلك في حديث عائشة رضي الله عنها وهذا القول الاخير وهو انه يشرع الترخص برخص السفر في كل سفر سواء كان سفر طاعة ام سفرا مباحا ام سفر معصية قولوا هذا القول لعله هو الاقرب في هذه المسألة والله اعلم قد اختاره شيخ الاسلام ابن تيمية وجمع من المحققين من اهل العلم رحمة الله تعالى على الجميع واما اقل مسافة للسفر وهي المسافة التي اذا اراد المسافر الوصول اليها صاغ له القصر والترخص برخص السفر ولا يسوء له في اقل منها فقد اختلف العلماء فيها اختلافا كثيرا قال الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى قال هذه المسألة من المواضع التي انتشر الخلاف فيها جدا وقد حكى ابن منذر وغيره فيها نحوا من عشرين قولا احاصر هذه الاقوال يرجع الى قولين القول الاول عدم تحديد السفر بمسافة معينة بل المرجع في ذلك للعرف فما عده الناس في في عرفهم سفرا فهو سفر وما لم يعدوه سفرا فليس بسفر قالوا لانه لم يرد في النصوص ما يدل على تحديد مسافة السفر بحد معين والتحديد بابه التوقيف القول الثاني في المسألة تحديد بمسافة معينة ثم اختلف اصحاب هذا القول على اقوال كثيرة قال الحافظ ابن حجر رحمه الله اقل ما قيل في ذلك يوم وليلة واكثره ما دام غائبا عن بلده وقد ذهب الى تحديد السفر بمسافة معينة جمهور الفقهاء من الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة الا ان الحنفية يرون ان مسافة السفر مسيرة ثلاثة ايام بلياليهن والجمهور من المالكية والشافعية والحنابلة يرون انها مسيرة يوم وليلة بعضهم يعبر بمسيرة يومين قاصدين وقولهم قاصدين اي معتدلين فلا يسير فيهما الانسان ليلا ونهارا سيرا بحتا ولا يكون كثير النزول والاقامة هذا القول الاخير وهو تحديد اقل مسافة للسفر بمسيرة يوم وليلة او يومين قاصدين اقول لعل هذا القول هو الاقرب في هذه المسألة والله اعلم وقد اختاره البخاري في صحيحه قال باب في كم يقصر الصلاة؟ وسمى النبي صلى الله عليه وسلم يوما وليلة سفرا كان ابن عمر وابن عباس يقصران ويفطران في اربعة برد وهي ستة عشر فرسخا ثم ساق بسنده عن ابي هريرة رضي الله عنه قال قال النبي صلى الله عليه وسلم لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الاخر ان تسافر مسيرة يوم وليلة ليس معها حرمة اي محرم قالوا وهذا اقل ما يسمى سفرا ولو كان هناك اقل منه لذكره النبي صلى الله عليه وسلم لان السياق يقتضي ذلك فكأنه قال لا يحل لامرأة ان تسافر ادنى ما يسمى سفرا لكنه عدل عن ذلك الى التحديد باقل ما يسمى سفرا وهو مسيرة يوم وليلة وهذا القول هو الاقرب في هذه المسألة وهو المأثور عن بعض الصحابة كابن عباس وابن عمر رضي الله عنهما وهم من اعلم الناس بمدلول السفر في الشرع وفي اللغة وهذا القول هو اختيار سماحة شيخنا عبد العزيز ابن باز رحمه الله ايها الاخوة المستمعون بقي ان يقال كم تعادل مسافة يوم وليلة او يومين قاصدين بالمقاييس المعاصرة قدر جمهور الفقهاء مسيرة يوم وليلة باربعة برد والبريد اربعة فراسخ تكون المسافة ستة عشر فرسخا والفرسخ ثلاثة اميال تكون المسافة ثمانية واربعين ميلا والميل يعادل الفا وست مئة وثمانين مترا فتكون مسافة القصر بالكيلو مترات ثمانين كيلو مترا وست مئة واربعين مترا وتحسب هذه المسافة من مفارقة عمران البلد الذي يقيم فيها والحاصل ايها الاخوة المستمعون ان من سافر مسافة في حدود ثمانين كيلو مترا فاكثر فله الترخص برخص السفر وان كانت المسافة دون ذلك فليس له الترخص ايها الاخوة المستمعون هذا ما تيسر عرضه في هذه الحلقة. وللحديث صلة نستكمله في الحلقة القادمة ان شاء الله تعالى السلام عليكم ورحمة الله وبركاته اقح العبادات برنامج من اعداد وتقديم فضيلة الشيخ الدكتور سعد ابن تركي الخثلان تنفيذ فهد ابن سعد الفريان