اذاعة القرآن الكريم من المملكة العربية السعودية تقدم اقح العبادات فقه العبادات برنامج من اعداد وتقديم فضيلة الشيخ الدكتور سعد ابن تركي الخثلان تنفيذ فهد بن سعد الفريان بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى اله وصحبه ومن اهتدى بهديه الى يوم الدين ايها الاخوة المستمعون السلام عليكم ورحمة الله وبركاته لا يزال الحديث موصولا عن احكام صلاة الجمعة واتحدث معكم في هذه الحلقة عما يسن لمن يأتي الجمعة فاقول وبالله التوفيق يسن لمن اتى الجمعة ان يغتسل وهو امر مؤكد جدا حتى ان بعض اهل العلم قال بوجوبه ويدل لذلك ما جاء في الصحيحين عن ابن عمر رضي الله عنهما ان النبي صلى الله عليه وسلم قال اذا اتى احدكم الجمعة فليغتسل ويدل لذلك ايضا ما جاء في الصحيحين عن ابي سعيد الخدري رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال غسل يوم الجمعة واجب على كل محتلم والمراد بالمحتلم البالغ قد اخذ بظاهر هذه الاحاديث بعض العلماء فاوجبوا الغسل على كل من اتى الجمعة وذهب اكثر العلماء الى انه مستحب استحبابا مؤكدا وهذا هو الاقرب لانه قد وردت احاديث اخرى تصرف الامر من الوجوب الى الندب ومنها ما جاء في صحيح مسلم عن ابي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من توضأ فاحسن الوضوء ثم اتى الجمعة فاستمع وانصت غفر له ما بينه وبين الجمعة وزيادة ثلاثة ايام فذكر في هذا الحديث الوضوء فقط ولو كان الغسل واجبا لذكر ويدل لذلك ايضا ما جاء في الصحيحين عن ابن عمر رضي الله عنهما ان عمر بن الخطاب رضي الله عنه بينما هو يخطب الناس يوم الجمعة دخل رجل من اصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فناداه عمر اية ساعة هذه فقال اني شغلت فلم انقلب الى اهلي حتى سمعت النداء فلم ازد على ان توضأت فقال عمر والوضوء ايضا وقد علمت ان رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يأمر بالغسل قال النووي في بيان وجه الدلالة ان عمر قد اقره على ترك الغسل هو وحاضر الجمعة وهم اهل الحل والعقد ولو كان الغسل واجبا لما تركه ولا الزموه قال النووي ويدل لذلك ايضا قول النبي صلى الله عليه وسلم من توضأ فبها ونعمة ومن اغتسل فالغسل افضل قال وهو حديث حسن في السنن مشهور واما قول النبي صلى الله عليه وسلم غسل يوم الجمعة واجب على كل محتلم هذا اسلوب عند العرب يعنون به التأكيد اي متأكد في حقه كما يقول الرجل لصاحبه حقك علي واجب اي متأكد لا ان المراد الواجب المعاقب عليه ايها الاخوة المستمعون ومع قولنا ان الاغتسال للجمعة ليس بواجب الا انه مستحب متأكد الاستحباب فينبغي للمسلم ان يحرص عليه ويلاحظ ان بعض الناس هداهم الله يتساهلون في الاتيان بهذه السنة ربما يكون من اسباب ذلك انهم يتأخرون في الاتيان للجمعة فلا يتمكنون من الاتيان بهذه السنة وانه لمن الحرمان العظيم ان يكون التأخر وترك هذه السنة عادة للانسان والموفق من وفقه الله تعالى ايها الاخوة المستمعون قد جاء في حديث ابي هريرة في الصحيحين ان النبي صلى الله عليه وسلم قال من اغتسل يوم الجمعة غسل الجنابة ثم راح فكأنما قرب بدنه ومن راح في الساعة ان يقف كانما قرب بقرة الحديث قوله من اغتسل غسل الجنابة اي غسلا كغسل الجنابة هذا فيه دلالة على انه ينبغي ان تكون صفة غسل الجمعة كصفة غسل الجنابة وقال بعض اهل العلم ان في هذا اشارة الى الجماع يوم الجمعة ليغتسل فيه من الجنابة وان الحكمة ان تسكن نفسه في الرواح الى الصلاة ولا تمتد عينه الى شيء يراه وان فيه ايضا حملا للمرأة على الاغتسال في ذلك اليوم قالوا ويدل لذلك حديث من غسل واغتسل في السنن ولكن الاقرب والله اعلم هو القول الاول ايها الاخوة المستمعون ومن السنن ايضا لمن اتى الجمعة مس الطيب او الدهن ويدل لذلك ما جاء في صحيح البخاري عن سلمان الفارسي رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يغتسل رجل يوم الجمعة ويتطهر ما استطاع من طهر ويدهن من دهنه او يمس من طيب بيته ثم يخرج فلا يفرق بين اثنين ثم يصلي ما كتب له ثم ينصت اذا تكلم الامام الا غفر له ما بينه وبين الجمعة الاخرى في صحيح مسلم عن ابي سعيد الخدري رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال غسل يوم الجمعة على كل محتلم وسواك ويمس من الطيب ما قدر عليه ولو من طيب المرأة وقوله ولو من طيب المرأة دليل على تأكد التطيب في حق من اتى الجمعة حيث حثه النبي صلى الله عليه وسلم على التطيب ولو لم يجد طيبا الا الطيب الخاص بالنساء بهذا دلالة على انه لا بأس بتطيب الرجال بالطيب الخاص بالنساء وان ذلك لا يعد تشبها وقد دل حديث ابي سعيد السابق على تأكد استحباب السواك لمن اتى الجمعة ولهذا بوب البخاري في صحيحه بقوله باب السواك يوم الجمعة. وقال ابو سعيد عن النبي صلى الله عليه وسلم يستن اي يدلك اسنانه بالسواك قال ابن المنير لما خصت الجمعة بطلب تحسين الظاهر من الغسل والتنظيف والتطيب ناسب ذلك تطييب الفم الذي هو محل الذكر والمناجاة وازالة ما يضر الملائكة وبني ادم ومن السنن لمن اتى الجمعة ان يلبس احسن ثيابه قال البخاري في صحيحه باب يلبس احسن ما يجد ثم ساق بسنده عن عبد الله ابن عمر ان عمر ابن الخطاب رضي الله عنه رأى حلة سيرا اي من حرير عند باب المسجد قال يا رسول الله لو اشتريت هذه فلبستها يوم الجمعة. وللوفد اذا قدموا عليك فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم انما يلبس هذه من لا خلاق له في الاخرة قال الحافظ ابن حجر ووجه الاستدلال به من جهة تقريره صلى الله عليه وسلم لعمر على اصل التجمل للجمعة وقصر الانكار على لبس مثل تلك الحلة لكونها كانت حريرا والمعروف من هدي النبي صلى الله عليه وسلم انه كان يلبس يوم الجمعة احسن ثيابه ومن هنا فان السنة لمن اتى الجمعة ان يأخذ زينته وان يتجمل ويلبس احسن ثيابه لعموم قول الله تعالى يا بني ادم خذوا زينتكم عند كل مسجد. اي عند كل صلاة ويتأكد ذلك في صلاة الجمعة والزينة والتجمل مما تختلف باختلاف الاعراف والاحوال فمثلا اذا كان لبس المشلح او العباءة في عرف الناس من الزينة والتجمل كان مندوبا اليه لمن اتى الجمعة ومن السنن لمن اتى الجمعة التبكير في الاتيان للجمعة وهذا وان كان مطلوبا في جميع الصلوات الا انه متأكد في الجمعة. وقد ورد فيه فضل خاص وفي الصحيحين عن ابي هريرة رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من اغتسل يوم الجمعة غسل الجنابة ثم راح فكأنما قرب بدنه ومن راح في الساعة الثانية فكأنما قرب بقرة ومن راح في الساعة الثالثة فكأنما قرب كبشا اقرن ومن راح في الساعة الرابعة فكأنما قرب دجاجة ومن راح في الساعة الخامسة فكأنما قرب بيضة فاذا خرج الامام حضرت الملائكة يستمعون الذكر وهذا الحديث يدل على فضل التبكير لصلاة الجمعة وان له فضلا خاصا قال ابن القيم رحمه الله لما كان يوم الجمعة في الاسبوع كالعيد في العام. وكان العيد مشتملا على صلاة وقربان وكان يوم الجمعة يوم صلاة جعل الله سبحانه التعجيل فيه الى المسجد بدلا من القربان وقائما مقامه فيجتمع للرائح فيه الصلاة والقربان وقد اختلف العلماء في المراد بالساعات المذكورة في هذا الحديث واقرب الاقوال والله اعلم ان المراد بها ما يعرف عند اهل الميقات بالساعات الافاقية وذلك بان يقسم النهار الى اثني عشر جزءا فكل جزء يسمى ساعة ويدل لذلك حديث جابر رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال يوم الجمعة ثنتا عشرة ساعة وهذا الحديث اخرجه ابو داوود والنسائي بسند جيد وهذه الساعة الافاقية قد تكون ستين دقيقة او اقل او اكثر بحسب طول النهار وقصره في حديث ابي هريرة ذكر النبي صلى الله عليه وسلم خمس ساعات ودخول الخطيب انما يكون عند الساعة السادسة. لانها هي التي تكون عند زوال الشمس. وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يخطب الناس لا زالت الشمس وتكون اذا بداية الساعة الاولى بعد طلوع الشمس بساعة كانه جعلت هذه الساعة لاجل ان يغتسل الانسان فيها وان يتنظف ويتهيأ وظاهر هذا الحديث ان من اتى الجامع بعد دخول الخطيب لا يكتب له من اجر التبكير شيء قوله عليه الصلاة والسلام فاذا خرج الامام حضرت الملائكة يستمعون الذكر اي الخطبة وجاء في رواية اخرى فاذا خرج الامام طويت الصحف وحضرت الملائكة تستمع الذكر وجاء في حديث عمرو بن شعيب عن ابيه عن جده عند ابن خزيمة فيقول بعض الملائكة لبعض ما حبس فلانا تقول اللهم ان كان ضالا فاهده وان كان فقيرا فاغنه وان كان مريضا فعافه ايها الاخوة المستمعون وانه لمن الحرمان ان يفوت الانسان على نفسه هذا الاجر العظيم وهذا الثواب الجزيل خاصة اذا كان قد اعتاد على الا يأتي الجمعة الا بعد دخول الخطيب فلا يكتب له من اجر التبكير شيء اسأل الله تعالى ان يوفقنا جميعا لما يرضيه وان يرزقنا السداد في القول والعمل وان يعيننا على طاعته وحسن عبادته والى الملتقى في الحلقة القادمة ان شاء الله سلام عليكم ورحمة الله وبركاته فقه العبادات برنامج من اعداد وتقديم فضيلة الشيخ الدكتور سعد بن تركي الخثلان تنفيذ فهد بن سعد الفريان