اذاعة القرآن الكريم من المملكة العربية السعودية تقدم فقه العبادات فقه العبادات برنامج من اعداد وتقديم فضيلة الشيخ الدكتور تساعد ابن تركي الخثلان تنفيذ فهد بن سعد الفريان بسم الله الرحمن الرحيم ان الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور انفسنا ومن سيئات اعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى اله وصحبه وسلم تسليما كثيرا ايها الاخوة المستمعون السلام عليكم ورحمة الله وبركاته لا يزال الحديث موصولا عن المسائل والاحكام المتعلقة بخطبة الجمعة فاقول وبالله التوفيق من المسائل المتعلقة بخطبة الجمعة ان السنة تقصير الخطبة وعدم تطويلها حديث عمار ابن ياسر رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال ان طول صلاة الرجل وقصر خطبته مئنة من فقهه رواه مسلم وتقصير الخطبة فيه فائدتان الاولى الا يحصل الملل للمستمعين لان الخطبة اذا طالت فانها تمل لا سيما اذا كان الخطيب يلقيها القاء عابرا لا يحرك القلوب الفائدة الثانية ان تقصير الخطبة اوعى للسامع لان الخطبة اذا طالت اضاع اخرها اولها واذا قصرت امكن وعيها وحفظها فان قال قائل ان هذا يشكل عليه ما هو معروف من هدي النبي صلى الله عليه وسلم من انه كان يقرأ في صلاة الجمعة بسورة سبح اسم ربك كالاعلى؟ وهل اتاك حديث الغاشية واحيانا بالجمعة والمنافقون ومعلوم ان سورة الاعلى والغاشية ليستا من السور الطويلة ولو خطب خطبة اقصر من سورة الاعلى والغاشية لكانت قصيرة جدا ولم يحصل بها المقصود من الخطبة فالجواب ان المراد بالطول والقصر في قوله صلى الله عليه وسلم ان طول صلاة الرجل وقصر خطبته مئنة من فقهه الطول والقصر النسبي فخطبة الجمعة ينبغي ان تكون قصيرة بالنسبة للخطب الطويلة وليس معنى ذلك انها تكون اقصر من قراءة سورة الاعلى والغاشية ولهذا قدر بعض العلماء خطبة الجمعة بان تكون في حدود قراءة سورة قاف مرتلة فان النبي صلى الله عليه وسلم كان يكثر من قراءتها في خطبة الجمعة حتى انهم ام هشام بنت حارثة بن ابن النعمان تقول ما حفظت سورة قاف الا من في رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأها كل جمعة على المنبر اذا خطب الناس ولهذا فالمشروع في خطبة الجمعة ان تكون قصدا اي معتدلة بين الطول الممل والقصر المخل فان من الخطباء من تكون خطبته طويلة مملة وهذا خلاف السنة ومنهم من تكون خطبته قصيرة مخلة لا يحصل بها المقصود من الخطبة ولهذا جاء في صحيح مسلم عن جابر بن سمرة رضي الله عنه قال كنت اصلي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فكانت صلاته قصدا وخطبته قصدا وقوله وخطبته قصدا اي معتدلة معتدلة ما بين الطول الممل والاختصار المخل وينبغي للخطيب ان يبتعد عن الالفاظ الغريبة او الالفاظ التي لا يفهمها غالب المستمعين فان اختيار الخطيب لالفاظ غير مفهومة لغالب المستمعين ينافي المقصود من الخطبة فان المقصود من الخطبة موعظة الناس وتذكيرهم وتحريك القلوب ولهذا سماها الله تعالى والصلاة ذكر الله فقال يا ايها الذين امنوا اذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا الى ذكر الله وذروا البيع ولا يحصل المقصود من الخطبة مع التشدق في العبارات والالفاظ قال علي ابن ابي طالب رضي الله عنه حدثوا الناس بما يعرفون اتحبون ان يكذب الله ورسوله قال النووي رحمه الله يستحب كون الخطبة فصيحة بليغة مرتبة مبينة من غير تمطيط ولا تقعير ولا تكون الفاظ مبتذلة فانها لا تقع في الناس موقعا كاملا ولا تكون وحشية يعني غريبة لانه لا يحصل مقصودها بل اختاروا الفاظا جزلة مفهمة قال رحمه الله ويستحب للخطيب ان يفخم امر الخطبة وان يرفع صوته وان يجزل كلامه وان يكون مطابقا للفصل الذي يتكلم فيه من ترغيب او ترهيب. ولهذا كان صلى الله عليه وسلم اذا خطب احمرت عيناه وعلى صوته واشتد غضبه كانه منذر جيش يقول صبحكم ومساكم وينبغي للخطيب ان يكثر من الاستشهاد بالنصوص من الكتاب والسنة قد كان النبي صلى الله عليه وسلم يعظ الناس بالقرآن في خطبة الجمعة حتى ان ام هشام بنت حارثة تقول ما حفظت سورة قاف والقرآن المجيد الا من في رسول الله صلى الله عليه وسلم كل جمعة على المنبر وفي الصحيحين عن يعلى ابن امية رضي الله عنه قال سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ على المنبر ونادوا يا مالك وانك لتعجب من خطب بعض الناس التي يغلب عليها الطابع الانشائي ويقل فيها الاستشهاد بالنصوص من الكتاب والسنة قد قال الله تعالى قل انما انذركم بالوحي وينبغي عند الاستشهاد بالاحاديث التأكد من ثبوتها فانه لا يحسن بالخطيب ان يستشهد باحاديث ضعيفة لا تصح والعامة عندهم ان ما قيل في المحراب هو الصواب ولهذا لا بد ان يتأكد الخطيب من صحة الاحاديث التي يوردها في خطبته والسنة للخطيب الا يحضر الا وقت الخطبة وما ورد من فضل التبكير لمن اتى الجمعة انما هو في حق غير الخطيب قال النووي رحمه الله يستحب للخطيب الا يحضر للجمعة الا بعد دخول الوقت بحيث يشرع فيها اول وصوله المنبر لان هذا هو المنقول عن رسول الله صلى الله عليه وسلم واذا وصل المنبر صعده ولا يصلي تحية المسجد وتسقط هنا تحية المسجد بسبب الاشتغال بالخطبة كما تسقط في حق الحاج اذا دخل المسجد الحرام بسبب الطواف واستحب بعض العلماء ان يدعو في الخطبة للمسلمين وذهب بعضهم الى ان خطبة الجمعة موعظة وتذكير وانه لا يشرع فيها الدعاء لانه لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم انه كان يدعو في خطبة الجمعة وما روي في ذلك من انه كان يستغفر للمؤمنين والمؤمنات فظعيف لا يصح ولهذا قال الحافظ ابن حجر في بلوغ المرام اسناده فيه لين ولكن الاقرب والله تعالى اعلم انه لا بأس بالدعاء في خطبة الجمعة لان ذلك الوقت ساعة ترجى فيها الاجابة ولان النبي صلى الله عليه وسلم دعا بنزول المطر لما طلب منه الاعرابي ان يستسقي ولكن ينبغي الا يطيل في الدعاء فانه يلاحظ ان بعض الخطباء وفقهم الله وخاصة في الخطبة الثانية يطيل الدعاء والدعاء في خطبة الجمعة مختلف في مشروعيته اصلا فينبغي الا يغلب على الموعظة والتذكير الذي هو المقصود من خطبة الجمعة ويحرم على من حضر الجمعة ان يتكلم اثناء الخطبة ويدل لذلك ما جاء في الصحيحين عن ابي هريرة رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال اذا قلت لصاحبك يوم الجمعة انصت والامام يخطب فقد لغوت اي قلت اللغو وهو الكلام الملغي الساخط الباطل المردود وعن ابن عباس رضي الله عنهما ان النبي صلى الله عليه وسلم قال من تكلم يوم الجمعة والامام يخطب فهو كمثل يحمل اسفارا والذي يقول لصاحبه انصت ليست له جمعة قال الحافظ ابن حجر في بلوغ المرام رواه احمد باسناد لا بأس به والذي يقول لمن يتكلم وقت الخطبة انصت انما هو في الحقيقة ينهى عن المنكر ومع ذلك فانه يلغو ولا جمعة له فاذا كان من يأمر بمعروف او ينهى عن منكر اثناء الخطبة يلغو فغيره من باب اولى ولهذا قال العلماء ان من يحضر الجمعة لا يرد السلام الا بالاشارة كما لو كان يصلي فان المصلي انما يرد السلام بالاشارة فكذلك المستمع للخطبة كذا لا يشمت العاطس ايها الاخوة المستمعون هذا التشديد من الشارع في شأن الانصات لمن يحضر الجمعة انما هو لاجل الانتفاع والاستفادة من خطبة الجمعة ومن اجل ان يتعود المسلم على التأدب باداب الحديث فعندما يتحدث انسان لقوم فينبغي لهم الانصات لحديثه وعدم التشاغل عنه باحاديث جانبية او غيرها تنظروا الى عظمة دين الاسلام. وقد شمل بتعاليمه كل ما يحتاج له الانسان فهو هنا يربي اتباعه على التأدب باداب الحديث وعلى التأدب بادب المجلس وعلى الانصات للمتحدث ايها الاخوة المستمعون ومن تكلم والخطيب يخطب هل معنى كونه قد لغى انه يعيدها ظهرا الجواب ان معنى كونه قد لغى انه قد بطل اجر وثواب جمعته ولكن جمعته صحيحة ولا يؤمر باعادتها ظهرا باتفاق العلماء ويدل لذلك ما رواه ابو داوود وابن خزيمة عن عبد الله ابن عمر رضي الله عنهما ان النبي صلى الله عليه وسلم قال ومن لغى وتخطى الناس كانت له ظهرا قال ابن وهب احد رواته معناه اجزأت عنه الصلاة وحرم فضيلة الجمعة ايها الاخوة المستمعون هذا ما اتسع له وقت هذه الحلقة ونلتقي بكم على خير في الحلقة القادمة ان شاء الله تعالى والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته فقه العبادات برنامج من اعداد وتقديم فضيلة الشيخ الدكتور سعد ابن تركي الخثلان تنفيذ فهد بن سعد الفريان