اذاعة القرآن الكريم من المملكة العربية السعودية تقدم فقه العبادات فقه العبادات برنامج من اعداد وتقديم فضيلة الشيخ الدكتور سعد ابن تركي الخثلان تنفيذ تنفيذ فهد ابن سعد الفريان بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى اله وصحبه ومن اهتدى بهديه واتبع سنته الى يوم الدين ايها الاخوة المستمعون السلام عليكم ورحمة الله وبركاته لا يزال الحديث موصولا عن احكام الجنائز فاقول وبالله التوفيق قد ورد النهي عن تمني الموت لضر نزل بالانسان كما جاء في الصحيحين عن انس رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يتمنين احدكم الموت لضر نزل به فان كان لابد متمنيا فليقل اللهم احيني ما كانت الحياة خيرا لي وتوفني ما كانت الوفاة خيرا لي والحكمة من النهي عن تمني الموت هي ان الموت تنقطع به الاعمال وفي الحياة استمرار الاجر والثواب بزيادة الاعمال في الحياة فرصة للتوبة وللتدارك وللانابة الى الله تعالى وقد جاءت الاشارة الى ذلك في حديث ابي هريرة رضي الله عنه في رواية مسلم فقد جاء بلفظ لا يتمنى احدكم الموت ولا يدعو به من قبل ان يأتيه انه اذا مات احدكم انقطع عمله وانه لن يزيد المؤمن عمره الا خيرا برواية البخاري لا يتمنى احدكم الموت اما محسنا فلعله يزداد اما محسنا فلعله يزداد واما مسيئا فلعله يستعتب ولان في تمني الموت قبل حلوله نوع اعتراض ومراغمة للقدر المحتوم وان كان تمني الموت لا يؤثر في زيادة الاجل او نقصانه والنهي عن تمني الموت قد جاء مقيدا في هذا الحديث بضر نزل بها والمراد بالضر هنا الضر الدنيوي كالمرظ والفاقة ومحنة العدو ونحو ذلك من مشاق الدنيا ويدل لذلك رواية النسائي وابن حبان لا يتمنى احدكم الموت لضر نزل به في الدنيا ويفهم من ذلك ان تمني الموت لضر اخروي كأن يخشى فتنة في دينه انه لا يدخل في هذا النهي بل قد يكون مستحبا كما في قول مريم عليها السلام يا ليتني مت قبل هذا وكنت نسيا منسيا قال بعض المفسرين انها تمنت الموت خوفا من كفر من كفر وشقاوة من شقي بسببها وكما جاء في حديث معاذ رضي الله عنه اختصام الملأ الاعلى وفيه واذا اردت بعبادك فتنة فاقبضني اليك غير مفتون قد اخرج مالك في الموطأ عن عمر ابن الخطاب رضي الله عنه انه قال اللهم قد ضعفت قوتي وكبرت سني وانتشرت رعيتي فاقبضني اليك غير مضيع ولا مقصر فما جاوز شهرا حتى قبظ قال الحافظ العراقي رحمه الله والظاهر ان عمر رضي الله عنه انما دعا بذلك لخوف فتنة في الدين فانه خائف لضعف قوته وانتشار رعيته وكثرتهم ان يقع منه تضييع لامورهم او تقصير في القيام بحقوقهم فلما خشي هذه الفتنة دعا بذلك وكذلك اذا كان تمني الموت من باب تمني الشهادة في سبيل الله فان هذا لا بأس به بل هو مستحب ويدل لذلك ما جاء في صحيح مسلم عن سهل بن حنيف رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال من سأل الله الشهادة بصدق بلغه الله منازل الشهداء وان مات على فراشه وفي الصحيحين عن ابي هريرة رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال والذي نفسي بيده لوددت ان اقتل في سبيل الله ثم احيا ثم اقتل ثم احيا ثم اقتل ثم احيا ثم اقتل ايها الاخوة المستمعون والنهي عن تمني الموت في هذا الحديث مقيد بكون هذا التمني قبل حلول الموت اما اذا حل الموت بالمسلم فانه لا يمنع من تمنيه الموت بظن بلقاء الله عز وجل ويدل لذلك مفهوم حديث ابي هريرة السابق لا يتمنى احدكم الموت ولا يدعو به من قبل ان يأتيه مفهومه انه اذا حل الموت بالانسان لم يمنع من تمني الموت ويدل لذلك ما جاء في صحيح البخاري عن عائشة رضي الله عنها قالت سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو مستند الي يقول اللهم اغفر لي وارحمني والحقني بالرفيق الاعلى لهذا عقب البخاري في صحيحه بهذا الحديث على حديث انس في النهي عن تمني الموت اشارة منه الى ان النهي عن تمني الموت مختص بالحال التي قبل نزول الموت ويدل لذلك ايضا ما جاء في الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من احب لقاء الله احب الله لقاءه ومن كره لقاء الله كره الله لقاءه فقالت عائشة يا نبي الله اكراهية الموت فكلنا يكره الموت فقال عليه الصلاة والسلام ليس كذلك ولكن المؤمن اذا بشر برحمة الله ورضوانه وجنته احب لقاء الله فاحب الله لقاءه وان الكافر اذا بشر بعذاب الله وسخطه كره لقاء الله فكره الله لقاءه فدل هذا الحديث على ان محبة لقاء الله عز وجل عند حلول الموت ليس من تمني الموت المنهي عنه ايها الاخوة المستمعون ولا بأس باعلام الناس بموت الانسان لاجل الشهود جنازته والصلاة عليه ودفنه والدعاء له ويدل لذلك ما جاء في الصحيحين عن ابي هريرة رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم مع النجاشي في اليوم الذي مات فيه خرج الى المصلى فصلى بهم وكبر اربعا ومعنى النعي في الاصل هو الاخبار بموت الميت قد جاء في حديث حذيفة رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم كان ينهى عن النعي رواه احمد والترمذي وابن ماجة بسند حسن لكن قال العلماء ان النعي المنهي عنه هو ما يشبه ما كان اهل الجاهلية يفعلونه من الصياح على ابواب البيوت والاسواق قال ابن عون كانوا اذا توفي الرجل فيهم ركب رجل دابة ثم صاح في الناس انعى فلانا وقال الاصمعي كانت العرب اذا مات فيهم ميت له قدر ركب راكب فرسا وجعل يسير في الناس ويقول نعاء فلان ابن فلان والحاصل ان النعي على قسمين اسم محرم وهو ما كان على طريقة اهل الجاهلية من الصياح بذلك في الناس مع تعداد محاسن الميت والقسم الثاني قسم جائز وهو ما يقصد منه مجرد الاخبار بوفاة الميت لاجل شهود جنازته وتعزية اهله ونحو ذلك قال الحافظ ابن حجر رحمه الله محض الاعلام بوفاة الميت لا يكره ان زاد على ذلك فلا ومن ذلك النعي الذي يكتب في الصحف ان كان المقصود به مجرد الاعلام بوفاة الميت من اجل شهود جنازته وتعزية اهله والدعاء له فلا بأس بذلك اما ان قصد به غير ذلك فقد يدخل في النعي المحرم والله تعالى اعلم ايها الاخوة المستمعون ويستحب الاسراع في قضاء دين الميت وتنفيذ وصيته لذلك لما ذكر الله تعالى قسمة المواريث قال من بعد وصية يوصي بها او دين في الصحيحين عن سلمة بن الاكوع رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم اوتي بجنازة ليصلي عليها فقال هل عليه من دين قالوا لا فصلى عليه ثم اوتي بجنازة اخرى قال هل عليه من دين؟ قالوا نعم ديناران قال صلوا على صاحبكم فلما اراد صلى الله عليه وسلم ان ينصرف قال ابو قتادة رضي الله عنه الديناران علي يا رسول الله فصلى عليه قال الفقهاء وينبغي ان يسارع لسداد دين الميت وتنفيذ وصيته قبل دفنه وانك لتعجب عندما تسمع هذا الكلام وتقارنوه بما يفعله بعض الورثة من تأخير قضاء الديون وتنفيذ وصية ميتهم ربما تبقى بعض الديون لم تقضى وبعض الوصايا لم تنفذ بعد وفاة الميت بسنين وهذا لا شك انه خطأ كبير من الورثة اذا كان الميت قد خلف تركة تفي لسداد دينه وتنفيذ وصيته واعجب من هذا ان بعض الورثة يقتسمون تركة الميت قبل سداد دينه وقبل تنفيذ وصيته وهذا لا يحل لهم اذ ان الله تعالى لما ذكر قسمة المواريث جعل ذلك بعد سداد ديونه وبعد تنفيذ وصيته فقال من بعد وصية يوصي بها او دين قد اخرج الترمذي وابن ماجة وابن حبان والحاكم عن ابي هريرة رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال نفس المؤمن معلقة بدينه نفس المؤمن معلقة بدينه حتى يقضى عنه وان من الاحسان لهذا الميت المبادرة والاسراع بقضاء ديونه وتنفيذ وصيته وان من الاساءة له تأخير قضاء ديونه وتنفيذ وصيته اسأل الله تعالى ان يجعلنا من المسارعين للخيرات المبادرين الى الطاعات وان يوفقنا الى الاحسان في القول والعمل والى الملتقى في الحلقة القادمة ان شاء الله تعالى والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته فقه العبادات فقه العبادات برنامج من اعداد وتقديم فضيلة الشيخ الدكتور سعد بن تركي الخثلان تنفيذ تنفيذ فهد ابن سعد الفريان