اذاعة القرآن الكريم من المملكة العربية السعودية تقدم فقه العبادات فقه العبادات برنامج من اعداد وتقديم فضيلة الشيخ الدكتور سعد ابن تركي الخثلان تنفيذ تنفيذ فهد بن سعد الفريان بسم الله الرحمن الرحيم. ان الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور انفسنا ومن سيئات اعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى اله وصحبه وسلم تسليما كثيرا ايها الاخوة المستمعون السلام عليكم ورحمة الله وبركاته لا يزال الحديث موصولا عن احكام الجنائز قد ذكرنا في حلقة سابقة ان الفقهاء يتكلمون عن احكام التداوي في اول هذا الباب كلمنا عن جملة من احكام التداوي في حلقة سابقة نستكمل الحديث عنها في هذه الحلقة فاقول وبالله التوفيق لا يجوز التداوي بالمحرم كالخمر والخنزير والدم المسفوح ونحو ذلك يدل لذلك ما جاء في صحيح البخاري عن ابن مسعود رضي الله عنه قال ان الله لم يجعل شفاءكم فيما حرم عليكم قد اورده البخاري في صحيحه معلقا بصيغة الجزم وجاء مرفوعا الى النبي صلى الله عليه وسلم من حديث ام سلمة بلفظ ان الله لم يجعل في حرام شفاء اخرجه احمد وعن ابي الدرداء رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال ان الله خلق الداء والدواء فتداووا ولا تتداووا بحرام قال الهيثمي رواه الطبراني ورجاله ثقات قال شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله قد سئل عن التداوي بالخمر ولحم الخنزير وغير ذلك من المحرمات هل يباح للضرورة ام لا اجاب لا يجوز التداوي بذلك بل قد ثبت في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم انه سئل عن الخمر يتداوى بها فقال انها داء وليست بدواء بالسنن عنه انه نهى نهى عن الدواء بالخبيث قال ان الله لم يجعل شفاء امتي فيما حرم عليها وليس ذلك بضرورة فانه لا يتيقن الشفاء بها كما يتيقن الشبع باللحم المحرم ولان الشفاء لا يتعين له طريق بل يحصل بانواع من الادوية وبغير ذلك بخلاف المخمصة انها لا تزول الا بالاكل قال رحمه الله واما قول من قال من الاطباء انه لا يبرأ من هذا المرض الا بهذا الدواء المعين يعني وهو امر محرم. قال فهذا قول جاهل لا يقوله من يعلم الطب اصلا فضلا عن من يعرف الله ورسوله فان الشفاء ليس في سبب معين يوجبه في العادة كمال الشبع سبب معين يوجبه في العادة اذ من الناس من يشفيه الله تعالى بلا دواء ومنهم من يشفيه الله بالادوية الجثمانية حلالها وحرامها وقد يستعمل الدواء فلا يحصل الشفاء لفوات شرط او لوجود مانع وهذا بخلاف الاكل فانه سبب للشبع ولهذا اباح الله تعالى للمضطر الخبائث ان يأكلها عند الاضطرار اليها في المخمصة فان الجوع يزول بها ولا يزول بغيرها بل يموت او يمرض من الجوع. فلما تعينت طريقا الى المقصود اباحها الله تعالى بخلاف الادوية الخبيثة بل قد قيل من استشفى بالادوية الخبيثة كان دليلا على مرض في قلبه وذلك في ايمانه انه لو كان من امة محمد المؤمنين لما جعل الله شفاءه فيما حرم عليه ولهذا اذا اضطر الى الميتة ونحوها وجب عليه الاكل في المشهور من مذاهب الائمة الاربعة واما التداوي فلا يجب عليه عند اكثر العلماء. لا يجب عليه التداوي بالحلال وتنازعوا هل الافضل فعله او تركه على طريق التوكل الى اخر ما قال رحمه الله تعالى وقال ابن القيم رحمه الله المعالجة بالمحرمات قبيحة عقلا وشرعا اما الشرع قد ذكر جملة من الاحاديث السابق ذكرها واما العقل فهو ان الله سبحانه انما حرمه لخبثه انه لم يحرم على هذه الامة طيبا عقوبة لها كما حرمه على بني اسرائيل بقوله فبظلم من الذين هادوا حرمنا عليهم طيبات حرمنا عليهم طيبات احلت لهم وانما حرم على هذه الامة ما حرم لخبثه تحريمه له حمية لهم وصيانة عن تناوله لا يناسب ان يطلب به الشفاء من الاسقام والعلل فانه وان اثر في ازالتها لكنه يعقب سقما اعظم منه في القلب بقوة الخبث الذي فيه يكون المداوى به قد سعى في ازالة سقم البدن بسقم القلب وايضا فان تحريمه يقتضي تجنبه والبعد عنه بكل طريق باتخاذه دواء حث على الترغيب فيه وملابسته وهذا ضد مقصود الشارع ايضا فانه داء كما نص عليه صاحب الشريعة فلا يجوز ان يتخذ دواء وايضا فانه يكسب الطبيعة والروح صفة الخبث لان الطبيعة تنفعل عن كيفية الدواء انفعالا بينا اذا كانت كيفيته خبيثة اكتسبت الطبيعة منه خبثا فكيف اذا كان خبيثا في ذاته ولهذا حرم الله سبحانه على عباده الاغذية والاشربة والملابس الخبيثة. لما تكسب النفس من هيئة الخبث وصفته وايضا فان في اباحة التداوي به ولا سيما اذا كانت النفوس تميل اليه. ذريعة الى تناوله للشهوة واللذة لا سيما اذا عرفت النفوس انه نافع لها مزيل لاسقامها جالب لشفائها فهذا احب شيء اليها والشارع سد الذريعة الى تناوله بكل ممكن ولا ريب ان بين سد الذريعة الى تناوله وفتح الذريعة الى تناوله تناقضا وتعارضا وايضا فان في هذا الدواء المحرم من الادواء ما يزيد على ما يظن فيه من الشفاء قال ولنفرض الكلام في ام الخبائث التي ما جعل الله لنا فيها شفاء قط فانها شديدة المضرة بالدماغ ثم نقل عن بعض الاطباء الكلام حول ضرر الخمر وانهم قالوا ان ضرر الخمرة بالرأس الشديد لانه يسرع الارتفاع اليه ويرتفع بارتفاعه الاخلاق التي تعلو في البدن وهو كذلك يضر بالذهن واما غيره من الادوية المحرمة فنوعان احدهما تعافه النفس ولا تنبعث لمساعدته الطبيعة على دفع المرض به كالسموم ولحوم الافاعي وغيرها من المستقذرات فيبقى كلا على الطبيعة مثقلا لها فيصير حينئذ داء لا دواء والنوع الثاني ما لا تعافه النفس الشراب الذي تستعمله الحوامل مثلا فهذا ضرره اكثر من نفعه والعقل يقتضي بتحريم ذلك العقل والفطرة مطابق للشرع في ذلك ويظهر ان ابن القيم كان يقصد شرابا كان موجودا في زمنه تستعمله الحوامل ولكنه يشتمل على شيء محرم فهو يتحدث عن من امر موجود في زمنه ثم قال رحمه الله وها هنا سر لطيف بكون المحرمات لا يستشفى بها ان شرط الشفاء بالدواء تلقيه بالقبول اعتقاد منفعته وما جعل الله فيه من بركة الشفاء. فان النافع هو المبارك وانفع الاشياء ابركها والمبارك من الناس اينما كان هو الذي ينتفع به حيث حل ومعلوم ان اعتقاد المسلم تحريم هذه العين مما يحول بينه وبين اعتقاد بركتها ومنفعتها وبين حسن ظنه بها وتلقي طبعه لها بالقبول بل كلما كان العبد اعظم ايمانا كان اكره لها واسوأ اعتقادا فيها وطبعه اكره شيء لها فاذا تناولها في هذه الحال كان الداء له لا دواء الا ان يزول اعتقاده الخبث فيها وسوء الظن والكراهة لها بالمحبة هذا ينافي الايمان الا يتناولها المؤمن قط الا على وجه داء انتهى كلام ابن القيم رحمه الله بهذا يتبين ايها الاخوة المستمعون انه لا يجوز التداوي بالمحرمات باي حال من الاحوال ولكن اذا كان القدر المحرم ضئيلا او مستهلكا وخالط شيئا مباحا في اصله حيث لم يبق لهذا القدر المحرم اثر من لون او طعم او رائحة فهل يؤثر في الحرمة على ذلك الشيء المباح في اصله او لا يؤثر وذلك كبعض انواع الادوية المشتملة على نسبة ضئيلة من الكحول وبعض انواع العصائر والاطعمة المشتملة على نسبة ضئيلة من بعض المحرمات الجواب عن هذا السؤال هو موضوع حديثنا في الحلقة القادمة فالى الملتقى في الحلقة القادمة ان شاء الله تعالى السلام عليكم ورحمة الله وبركاته فقه العبادات فقه العبادات برنامج من اعداد وتقديم فضيلة الشيخ الدكتور سعد ابن تركي الخثلان تنفيذ تنفيذ فهد ابن سعد الفريان