بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى اله وصحبه ومن اهتدى بهديه الى يوم الدين ايها الاخوة المستمعون سلام الله عليكم ورحمته وبركاته وبعد فكنا قد تكلمنا في الحلقة السابقة عن معنى البيع في اللغة وفي الاصطلاح وذكرنا الادلة على مشروعيته ثم بدأنا الكلام عن شروط صحة البيع وذكرنا الشرط الاول وهو التراضي بين المتعاقدين ثم ذكرنا الشرط الثاني وهو ان يكون العاقد من البائع او المشتري جائزة تصرف وتوقفنا عند هذا الشرط ونستكمل في هذه الحلقة الكلام عن بقية الشروط فنقول الشرط الثالث من شروط صحة البيع تكون العين المعقود عليها مباحة النفع من غير حاجة فخرج بقولنا مباحة النفع ما كان محرمة النفع الخمر والخنزير والات اللهو والطرب ونحو ذلك يقول النبي صلى الله عليه وسلم ان الله حرم بيع الميتة والخمر والخنزير متفق عليه ولا يصح بيع ما لا نفع فيه كالحشرات ونحوها وخرج بقولنا من غير حاجة ما اذا كانت العين مباحة النفع لحاجة كالكلب فانه يباح الانتفاع به لحاجة الصيد او الحرث او الماشية لكنه لا يصح بيعه لنهي النبي صلى الله عليه وسلم عن بيعه ففي الصحيحين عن ابي مسعود رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن ثمن الكلب وفي صحيح مسلم عن رافع بن خديجة رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال شر الكسب مهر البغي شر الكسب مهر البغي وثمن الكلب وكسب الحجام وهذه الاحاديث وما جاء في معناها تدل على تحريم بيع الكلب قال ابن القيم رحمه الله وذلك يتناول كل كلب صغيرا كان او كبيرا للصيد او للماشية او للحرث وهذا مذهب فقهاء اهل الحديث قاطبة قال ولا يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم استثناء كلب الصيد بوجه انتهى وبهذا يتبين تحريم بيع الكلب مطلقا حتى وان كان كلب صيد او حرث او ماشية ولكن يباح اقتناء الكلب لهذه الامور خاصة ويقاس عليها ما كان مثلها في النفع او اولى كاستخدام ما يسمى بالكلاب البوليسية بالكشف عن المخدرات ونحوها وبهذه المناسبة ننصح اخواننا المسلمين بعدم اقتناء الكلام غير كلب الصيد او الحرث او الماشية وما كان في معناها وقد ورد الوعيد في ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم وفي الصحيحين عن ابن عمر رضي الله عنهما قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من اقتنى كلبا ليس بكلب صيد ولا عشية ولا حرف فانه ينقص من اجره قيراطان كل يوم وبهذا يتبين خطأ الذين يقتنون الكلاب تقليدا للنصارى وغيرهم من الكفار فاذا كان ينقص من اجرهم كل يوم قيراطان. فكم سينقص من من اجرهم في الشهر وكم سينقص من اجرهم في السنة واما السنور وهو الهر فقد جاء في صحيح مسلم عن ابي الزبير رضي الله عنه قال سألت جابرا عن ثمن الكلب والسنور. فقال زجر النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك قال الامام ابن القيم رحمه الله دل هذا الحديث الصحيح الصريح على تحريم بيع السنور اي الهر وقد افتى جابر بن عبدالله رضي الله عنه بموجبه ولا يعرف له مخالف من الصحابة. وكذلك افتى ابو هريرة رضي الله عنه ومذهب طاووس ومجاهد وجابر بن زيد وهو مذهب جميع اهل الظاهر واحدى الروايتين عن احمد وهو الصواب لصحة حديثي بذلك وعدم وعدم ما يعارضه فوجب القول به. انتهى كلامه رحمه الله وبذلك يتبين خطأ ما يرى من قيام بعض اصحاب محلات بيع الطيور والحيوانات من بيع القطط ويقال لهم ان النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن ذلك وهذا النهي يقتضي تحريم ذلك البيع وتحريم ثمنه الشرط الرابع من شروط صحة البيع ان يكون المبيع مملوكا للبائع او مأذونا له فيه وقت العقد كالوكيل والولي ونحوهما والدليل على هذا الشرط من القرآن قول الله تعالى يا ايها الذين امنوا لا تأكلوا اموالكم بينكم بالباطل الا ان تكون تجارة عن تراضي منكم ومعلوم انه لا يوجد ومعلوم انه لا يوجد احد يرضى ان يتصرف غيره في ماله بغير اذنه ويدل لهذا الشرط من السنة حديث حكيم بن حزام رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال لا تبع ما ليس عندك اخرجه ابو داوود والترمذي والنسائي وابن ماجه واحمد وهو حديث صحيح ويدل لهذا الشرط من النظر انه لو جاز ان يبيع الانسان ما لا يملك لكان في ذلك من العدوان والفوضى ما لا تستقيم معه حياة البشر ويقوم الوكيل وهو من اذن له بالتصرف في حال الحياة وكذا الوصي وهو من امر له بالتصرف بعد الموت وناظر الوقف وولي اليتيم يقوم هؤلاء مقام المالك ولكنهم لا يتصرفون الا بالاحظ للمالك وذلك ان المتصرف لغيره يجب عليه ان يتصرف بالاحظ بخلاف المتصرف لنفسه وبناء على هذا الشرط من باع ملك غيره بغير اذنه لم يصح وكذا وكذا بمال غيره بغير اذنه فانه لا يصح شراؤه فانه لا يصح شراؤه لو اشترى بمال غيره بغير اذنه وهذه المسألة تسمى عند الفقهاء بمسألة بيع الفضول وشرائه وقد اختلف العلماء في هذه المسألة والصحيح في هذه المسألة وهو الذي عليه اكثر المحققين من اهل العلم انه يصح بيع الفضولي وشراؤه اذا اجازه المالك ويدل لذلك ما جاء في الصحيح البخاري عن عروة ابن الجعد البارقي رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم اعطاه دينارا يشتري به شاة فاشترى له به شاتين فباع احداهما بدينار فجاء بدينار وشاة فدعا له النبي صلى الله عليه وسلم بالبركة في بيعه فكان لو اشترى ترابا لربح فيه هذا ببركة دعاء النبي صلى الله عليه وسلم له وجاء في رواية عنه انه قال فلقد رأيتني اقف بالخوفة فاربح اربعين الفا قبل ان اصل الى اهلي ففي هذه القصة وكل النبي صلى الله عليه وسلم عروة ابن الجعد ان يشتري له شاة بدينار فاشترى له به شاتين ثم باع احدى هاتين الشاتين بدينار وقد اقره النبي صلى الله عليه وسلم على هذا التصرف بل ودعا له وهذا يدل دلالة ظاهرة على صحة تصرف الفضولي اذا اجازه المالك ايها الاخوة هذا الشرط من شروط صحة البيع يدل على انه لا يجوز للانسان ان يجوز على ان يدل على انه لا يجوز للانسان ان يبيع ما لا يملك وقد ذكرنا الادلة على هذا الشرط. وبذلك يتبين خطأ ما يرى من قيام من يبيع بالتقسيط من افراد وشركات وبنوك ومؤسسات ببيع ما لا يملكون. فعلى سبيل المثال ياتي من يريد شراء سيارة بالتقسيط الى مؤسسة. ويبدي رغبته لهم بذلك. فتقوم تلك المؤسسة بابرام عقد بيع معه وهي لم تملك باعت تلك السيارة فهذا محرم ولا يجوز. لان النبي صلى الله عليه وسلم قال لا تبع ما ليس عندك. والذي ينبغي لهذه المؤسسة ولغيرها ممن يبيع تقسيط ان يتملكوا السلعة المراد تقسيطها اولا ويقبضوها قبضا تاما ثم بعد ذلك يبيعوها بالتقصير الشرط الخامس من شروط صحة البيع ان يكون المعقود عليه مقدورا على تسليمه. اي ان يكون كل من البائع والمشتري قادرا على تسلم او وتسليم ما انتقل من ملكه او الى ملكه ويدل لهذا الشرط ما جاء في صحيح مسلم عن ابي هريرة رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع الغرر والغرر في غير المقدور على تسليمه ظاهر قال الوزير ابن هبيرة رحمه الله اتفقوا على انه لا يجوز بيع الغرر كالضالة والعبد الابق والطير في الهواء والسمك في الماء ولا يجوز بيع المغصوم الا على غاصبه او على قادر على اخذه من غاصبه ايها الاخوة المستمعون هذا هو ما سمح به وقت هذه الحلقة والى لقاء في حلقة قادمة ان شاء الله نستكمل فيها ما تبقى من شروط صحة البيع فالى ذلك الحين نستودعكم الله تعالى والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته