بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين صلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى اله وصحبه ومن اهتدى بهديه الى يوم الدين ايها الاخوة المستمعون السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد فقد تكلمنا في الحلقة السابقة عن جملة من البيوع المنهي عنها ونستكمل الحديث في هذه الحلقة بذكر اه جملة اخرى من البيوع المنهي عنها فنقول من البيوع المنهي عنها بيع المسلم على بيع اخيه كأن يقول لمن اشترى سلعة بمائة ريال مثلا انا ابيعك مثلها بتسعين او يقول انا ابيعك بثمنها خيرا منها ويحرم كذلك الشراء المسلم على شراء اخيه كأن يقول لمن باع سلعة بتسعين ريالا مثلا ان اشتريها منك بمئة ريال ويدل على تحريم ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم لا يبع بعضكم على بيع بعض اخرجه البخاري ومسلم في صحيحيهما ولما في البيع على بيع اخيه او الشراء على شرائه من الاضرار باخيه المسلم والعدوان عليه وفي معنى البيع على بيع اخيه والشراء على شرائه الاجارة على اجارة اخيه والاستئجار على استئجاره فان الاجارة بيع منافع فتأخذ حكم البيع واما الصوم على صوم اخيه فقد جاء في صحيح مسلم عن ابي هريرة رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا يسن المسلم على صوم اخيه قال الموفق ابن قدامة رحمه الله في المغني لا يخلو اي السوم من اربعة اقسام احدها ان يوجد من البائع تصريح بالرضا بالبيع فهذا يحرم الصوم فهذا يحرم السوم على غير ذلك المشتري وهو الذي تناوله النهي ثاني ان يظهر منه ما يدل على عدم الرضا فلا يحرم السوم واستدل الموفق واستدل الموفق رحمه الله لهذا القسم بما اخرج الترمذي وغيره عن انس رضي الله عنه ان رجلا من الانصار شكى الى النبي صلى الله عليه وسلم الشدة والجهل فقال اما بقي لك شيء قال بلى قدح وحلس قال فاتني بهما فاتاه بهما فقال من يشتري هذا الحلس والقدح قال رجل اخذتهما بدرهم قال النبي صلى الله عليه وسلم من يزيد على درهم فاعطاه رجل درهمين فباعهما منه ولكن اسناد هذا الحديث ضعيف لجهالة احد رواته ولكن قال الموفق رحمه الله هذا اي القول بجواز الصوم في هذه الصورة اجماع المسلمين فان المسلمين يبيعون في اسواقهم بالمزايدة الثالث الا يوجد منه اي من البائع ما يدل على الرضا ولا على عدمه فلا يحرم الصوم ايضا ولا الزيادة ادلالا بحديث فاطمة بنت قيس حين ذكرت للنبي صلى الله عليه وسلم ان معاوية وابا جهل خطباها فامرها ان تنكح اسامة وقد نهى عن الخطبة على خطبة اخيه كما نهى عن الصوم على صوم اخيه ابيح في احدهما ابيح في الاخر الرابع ان يظهر منه اي من البائع ما يدل على الرضا من غير تصريح فقال القاضي لا تحرم مساومة قال الموفق ابن قدامة رحمه الله ولو قيل بالتحريم ها هنا لكان وجها حسنا فان النهي عام خرجت منه الصورة المخصوصة بادلتها فتبقى هذه الصورة على مقتضى العموم ولانه وجد منه الرضا اشبه ما لو صرح به ولا يضر اختلاف الدليل بعد التساوي في الدلالة ومن البيوع المحرمة بيع العينة والعينة مشتقة من العين وهو النقد الحاضر كما قال الازهري وغيره سميت بذلك لان احد المتبايعين يقصد بالبيع العين اي النقد لا السلعة وصورتها ان يبيع سلعة على شخص بثمن مؤجل ثم يشتريها منه بثمن حال اقل من المؤجل كأن يبيعه سيارة بخمسين الف ريال مثلا الى اجل ثم يشتريها منه باربعين الف ريال حاله. يسلمها له وتبقى عشرة الاف ريال في ذمته الى حلول الاجل ويحرم ذلك لانه حيلة يتوصل بها الى الربا فكأنه باع خمسين الف ريال فكأنه باع خمسين الف ريال مؤجلة باربعين الف ريال حالة وجعل السيارة بينهما حيلة فقط ويدل على تحريم مسألة العينة قول النبي صلى الله عليه وسلم اذا تبايعتم بالعينة واخذتم اذناب البقر رضيتم بالزرع وتركتم الجهاد سلط الله عليكم ذلا لا ينزعه منكم حتى ترجعوا الى دينكم اخرجه ابو داوود وغيره باسناد جيد ولقول عائشة رضي الله عنها لما قالت ام ولد زيد ابن ارقم يا ام المؤمنين اني بعت غلاما من زيد ابن ارقم بثمانمائة درهم الى العطاء ثم اشتريته منه بست مئة درهم اي نقدا قالت عائشة رضي الله عنها بئس ما شريتي وبئس ما اشتريت ابلغي زيد بن ارقم انه قد ابطل جهاده مع رسول الله صلى الله عليه وسلم الا ان يتوب رواه احمد قال الموفق ابن قدامة رحمه الله الظاهر ان عائشة رضي الله عنها لا تقولوا مثل هذا التغليظ وتقدموا عليه الا بتوقيف من النبي صلى الله عليه وسلم وجرى ذلك مجرى روايتها عنه ولان ذلك ذريعة الى الربا فانه يدخل السلعة ليستبيح بيع الف بخمسمائة الى اجل كذلك قال ابن عباس رضي الله عنهما في مثل هذه المسألة ارى مئة بخمسين بينهما حريرة يعني خرقة حرير جعلاها في بيعهما وقد ذكر الامام ابن القيم رحمه الله ان نهي النبي صلى الله عليه وسلم عن بيعتين في بيعة وعن صفقتين في صفقة وعن شرطين في بيع ان المقصود بذلك كله هو مسألة العينة ومما سبق تبين ان مسألة العينة هي ان يبيع السلعة بثمن مؤجل ثم يشتريها بثمن حال اقل من المؤجل اما ان باع السلعة بثمن مؤجل ثم اشتراها باكثر من ثمنها او بمثله فلا بأس بذلك لانه لا يكون ذلك حينئذ ذريعة الى الربا مثال ذلك رجل باع سيارة على اخر بخمسين الف ريال الى اجل ثم ان البائع ندم على ذلك البيع واراد ان يشتريها ممن باعها عليه باثنين وخمسين الفا او بخمسين الف ريال نقدا مثلا فلا بأس بذلك وانما الممنوع ان يشتريها نقدا باقل مما باعها به واما ان اشتراها بعرض من العروض او كان بيعها الاول بعرظ اشتراها بنقب فلا بأس بذلك قال الموفق ابن قدامة رحمه الله لا نعلم فيه خلافا لان التحريم انما كان لشبهة الربا ولا ربا بين الاثمان والعروض واما مسألة التورق وهي ان يشتري سلعة بثمن مؤجل ثم يبيعها نقدا على شخص اخر غير البائع الاول فقد اختلف العلماء في حكمها فمنهم من منع ذلك ومنهم من اجازها والاقرب والله اعلم هو القول بالجواز لان الاصل في المعاملات الحل والاباحة الا ما ورد الدليل بمنعه وليس هناك دليل ظاهر يمنع من هذه المعاملة ثم ان الحاجة داعية اليها فليس كل من احتاج الى النقد يجد من يقرضه بدون ربا بهذه المعاملة توسيع عليه ولكن ينبغي الا يلجأ الى هذه المعاملة الا من احتاج اليها مثال ذلك رجل احتاج الى نقد لزواج او لغير ذلك من الاغراض فذهب الى شركة تبيع بالتقسيط واشترى منهم سيارة الى اجل وبعد ان قبض السيارة باعها على شخص اخر بنقد فهذه هي مسألة التورق والراجح فيها الجواز والله اعلم ونكتفي بهذا القدر في هذه الحلقة والى حلقة قادمة ان شاء الله استودعكم الله تعالى سلام عليكم ورحمة الله وبركاته