بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين صلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد على اله وصحبه من اهتدى بهديه واتبع سنته الى يوم الدين ايها الاخوة المستمعون السلام عليكم ورحمة الله وبركاته حياكم الله تعالى في هذه الحلقة التي نتابع فيها الكلام عن احكام الشرط قد سبق ان تكلمنا في الحلقة السابقة عن اه جملة من مسائل خيار الشرط ونستكمل الحديث عن هذا القسم من الخيارات ثم ننتقل بعد ذلك للكلام عن اقسام اخرى من الخيارات فنقول وبالله التوفيق مما ذكره الفقهاء تحت خيار الشرط من المسائل انه ليس لاحد من المتبايعين التصرف في المبيع في مدة الخيار لانه ليس ملكا للبائع فيتصرف فيه ولم تنقطع علاقته به فيتصرف فيه المشتري وبناء على ذلك اذا تصرف احدهما في المبيع تصرفا ينقل الملك كالبيع والهبة والوقف او يشغله كالاجارة والرهن لم يصح ذلك التصرف مطلقا الا ان يكون الخيار للمشتري فقط دون البائع فان تصرف المشتري في هذه الحال يعتبر فسخا لخياره. وامظاء للبيع واما تصرف البائع في المبيع اذا كان له الخيار وحده دون المشتري قد اختلف الفقهاء في حكمه والاقرب والله اعلم ان البائع في ذلك كالمشتري اي ان تصرفه في المبيع اذا كان الخيار له وحده يعتبر فسخا لخياره وقد استثنى الفقهاء تصرف المشتري في المبيع لغرض تجربة المبيع يصح من غير حاجة الى استئذان البائع بان يشتري سيارة ثم يسير بها لاجل تجربتها كبار سيرها ونحو ذلك وما يحصل للمبيع من غلة او نماء منفصل وكذا النماء المتصل على الصحيح من قوله الفقهاء يكون ذلك كله للمشتري ويدل لذلك حديث عائشة رضي الله عنها ان رجلا ابتاع غلاما فاقام عنده ما شاء الله ان يقيم ثم وجد به عيبا فخاصمه الى النبي صلى الله عليه وسلم رده عليه قال الرجل يا رسول الله قد استغل غلامي برواية انه قال يا رسول الله خراجه وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم الخراج بالضمان اخرجه ابو داوود وغيره وقوله عليه الصلاة والسلام في هذا الحديث الخراج بالضمان هذا من جوامع الكلم قد جعله الفقهاء قاعدة عظيمة في الفقه الاسلامي وبنوا عليه احكاما كثيرة ومعنى الخراج بالظمان اي ان غلة هذا العبد وكسبه هو في مقابلة ظمانه اياه في مقابلة ظمانه اياه لو هلك فكما ان العبد لو هلك لكان من ظمان مشتري فكذلك ينبغي ان يكون له خراجه وغلته وقد اختلف الفقهاء في توريث خيار الشرط فذهب الحنفية الى انه لا يورث مطلقا واما الحنابلة فقد ذهبوا الى ان خيار الشرط لا يورث الا اذا كان قد طالب بالخيار قبل موته فيورث كالشفعة وحد القذف وذهب المالكية والشافعية الى ان خيار الشرط يورث مطلقا ولعل هذا القول الاخير هو الراجح والله تعالى اعلم وذلك لان لان آآ وذلك لان الخيار حق للميت وقد قال الله عز وجل في اية المواريث مما ترك وقال ولكم نصف ما ترك ازواجكم ان لم يكن لهن ولد ويشمل ذلك جميع ما تركه الميت من حقوق واعيان ومنافع والخيار من جملة الحقوق الخيار حق من جملة الحقوق ويدخل في ذلك والله تعالى اعلم القسم الثالث من اقسام الخيار خيار الغبن فاذا غبن البائع او المشتري غبنا يخرج عن العادة ثبت له الخيار ابت له الخيار في امضاء ذلك البيع او فسخه وهل يحد الغبن بحد معين تلف العلماء في ذلك فمن العلماء من حده بالثلث كالمالكية والصواب انه يرجع في تحديده الى العرف فما عده الناس في عرفهم غبنا كان غبنا يثبت به الخيار وما لم يعده الناس في عرفهم غبنا فليس بغبن وذلك لان التحديد بالثلث او بغيره يحتاج الى دليل من الشارع وليس في ذلك دليل ظاهر فيما نعلم والاصل في ثبوت هذا الخيار عموم الادلة الدالة على ان مال المسلم لا يحل الا بطيبة نفس منه قوله عليه الصلاة والسلام لا يحل مال امرئ مسلم الا بطيبة نفس منه والمغبون لم تطب نفسه ولقوله عليه الصلاة والسلام لا ضرر ولا ضرار وهذا المغبون قد حصل له الضرر بذلك الغبن ولكن اذا كان الغبن في شيء يسير قد جرت العادة بالتسامح فيه فلا يثبت به الخيار قال الوزير ابن هبير رحمه الله اتفقوا على ان الغبن في المبيع بما لا يفحش لا يؤثر في صحته القسم الرابع من اقسام الخيار خيار التدليس والتدليس مأخوذ من الدلسة وهي الظلمة وكأن البائع بتدليسه قد صير المشتري في ظلمة معنوية بالنسبة الى حقيقة الحال وضابط التدليس الذي يثبت به الخيار ان يظهر البائع السلعة بمظهر مرغوب فيه وهي خالية منه بما يزيد به الثمن ومن ذلك ما جاء في صحيح مسلم عن ابي هريرة رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم مر على صبرة من طعام فادخل يده فيها انالت اصابعه بللا فقال ما هذا يا صاحب الطعام قال اصابته السماء يا رسول الله قال افلا جعلته فوق الطعام كي يراه الناس من غش فليس مني فوضع الطعام السليم فوق الطعام الذي اصابته السماء نوع تدليس ومن ذلك ان يقوم البائع بوضع الفاكهة التالفة اسفل الصندوق وبوضع الفاكهة السليمة اعلى الصندوق فهذا نوع تدليس ومن ذلك ان يكون عند رجل سيارة مصدومة ثم يقوم باصلاحها وصبغها ويبيعها على انها سليمة فهذا نوع تدليس ومن ذلك ايضا ما يفعله بعض الناس من وضع مواد كيماوية على الفواكه او الخضروات ونحوها لاجل ان تنضج قبل موعدها فهذا نوع تدليس وغش ومن ذلك حقل الدواجن ونحوها بمواد كيماوية لاجل ان تكبر في وقت وجيز هذا نوع تدليس وغش ومن ذلك خلط الالبان بالماء او بما يسمى بالبودرة ونحو ذلك هذا ايضا نوع تدليس وغش وهذه الاعمال اعمال محرمة واصحابها من شركات او افراد اثمون عند الله عز وجل ثم ان هذه الاعمال سبب لنزع البركة من تلك المبيعات لقول النبي صلى الله عليه وسلم عن المتبايعين فان صدقا وبينا بورك لهما في بيعهما. وان كذبا وكتما محقت بركة بيعهما الى غير ذلك من الامثلة الكثيرة وما اكثرها في وقتنا الحاضر فمن اشترى سلعة ثم تبين له ان البائع قد دلس عليه بما يزيد به الثمن ثبت له الخيار بين امضاء البيع او فسخه ومما يذكره الفقهاء تحت هذا القسم من الخيارات مسألة تصرية الابل والغنم وذلك بان يحبس اللبن في ضرعها مدة لاجل ان يجتمع فيكثر فيظن المشتري ان ذلك عادتها ويزيد في ثمنها لما يرى من كثرة اللبن في هذه الحال يثبت للمشتري الخيار بين الامساك او الرد مع رد صاع من تمر يدل لذلك ما جاء في الصحيحين عن ابي هريرة رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا تسروا الابل والغنم. فمن ابتاعها فهو بخير النظرين بعد ان يحلبها ان شاء امسك وان شاء ردها وصاع من تمر وجاء في رواية مسلم فهو بالخيار ثلاثة ايام ويخير حينئذ مشتري مصراه ثلاثة ايام منذ علم بين الامساك او الرد مع مع رد صاع من تمر انحلبها وله ان يرد اللبن اذا كان بحاله لم يتغير وله ان يرد قيمة التمر ان تراضي على ذلك او عدم التمر القسم الخامس من اقسام الخيار خيار الخلف في الصفة وذلك فيما اذا اشترى شيئا موصوفا ثم بعد رؤيته له تبين له تخلف صفة فاكثر ويثبت للمشتري في هذه الحال الخيار مثال ذلك اشترى سيارة بمواصفات معينة ثم بعد ان رأى تلك السيارة التي اشتراها بتلك المواصفات تبين له ائتلاف صفة من المواصفات اختلاف الموديل مثلا ويثبت له الخيار في هذه الحال ايها الاخوة المستمعون هذا هو ما اتسع له وقت هذه الحلقة ونستكمل الكلام عن بقية اقسام الخيارات في حلقة قادمة ان شاء الله فالى ذلك الحين استودعكم الله تعالى والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته