بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين صلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى اله وصحبه ومن اهتدى بهديه الى يوم الدين ايها الاخوة المستمعون السلام عليكم ورحمة الله وبركاته حياكم الله تعالى في هذه الحلقة الجديدة من هذا البرنامج والذي نستكمل فيه ما تبقى من المسائل المتعلقة بالخيار وكنا قد تكلمنا في حلقة سابقة عن جملة من اقسام الخيار ووعدنا باستكمال ما تبقى من اقسام الخيار في هذه الحلقة فنقول وبالله التوفيق من اقسام الخيار خيار يثبت الاختلاف المتبايعين في الجملة فاذا اختلف المتبايعان في قدر الثمن بان قال البائع بعته عليك بعشرة وقال المشتري بل اشتريته منك بتسعة فان وجدت بينة فالقول قول صاحب البينة سواء كان البائع او المشتري اما اذا لم توجد بينة فيرى بعض الفقهاء انهما يتحالفان ويتفاسخان العقد فيحلف البائع بانه ما باع المشتري بكذا وانما باعه بكذا ثم يحذف المشتري انه ما اشترى بكذا وانما اشترى بكذا فان حلف احدهما ونكل الاخر فالقول قول الحالف ثم بعد التحالف لكل منهما الفسخ اذا لم يرضى احدهما بقول الاخر وذهب بعض اهل العلم الى ان القول قول البائع بيمينه في هذه الحال حديث ابن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال اذا اختلف المتبايعان وليس بينهما بينة فالقول ما قال البائع او يترادان رجه ابو داوود والترمذي والنسائي وابن ماجه واحمد ويرى بعض اهل العلم ان القول الاول وهو القول بالتحالف ثم فسخ العقد يرجع للقول الثاني وهو ان القول قول البائع لانهما اذا تحالفا وتفاسقا فان المبيع سوف يرجع للبائع فيقال للمشتري اما ان تأخذ السلعة بالثمن الذي عينه البائع واما ان تترك البيع قد اشار الى هذا القول الموفق ابن قدامة رحمه الله فقال ويحتمل ان يكون معنى القولين واحدا وان القول قول البائع مع يمينه فاذا حلف فرضي المشتري بذلك اخذ به وان ابى حلف ايضا وفسخ البيع انتهى كلامه رحمه الله اما اذا اختلف المتبايعان في اجل كأن يقول المشتري اشتريت هذه السلعة بثمن مؤجل وانكر ذلك البائع وقال بل اشتريتها مني بثمن حال فالقول قول من ينفي الاجل وذلك لان الاصل عدم الاجل فمن ادعاه طولب بالبينة فان اتى ببينة والا فالقول قول من ينفي الاجل ومثل الاختلاف في الاجل الاختلاف في الشرط وذلك بان يدعي احدهما انه شرط على الاخر شرطا والاخر ينفيه والقول قول من ينفي الشرط وذلك لان الاصل عدم الشرط فمن ادعى انه شرط شرطا طولب بالبينة فان اقام البينة والا فالقول قول من ينفي الشرط بيمينه ايها الاخوة المستمعون اضاف بعض الفقهاء قسما ثامنا لاقسام الخيار وهو الخيار الذي يثبت فيما اذا اخبره بثمن فتبين ان الثمن اقل ويسميه بعضهم تيار يسميه بعضهم الخيار بتخبير الثمن ان يقول ابيعك هذه السلعة برأس مالي فيها ورأس المال علي عشرة الاف ثم يتبين للمشتري ان البائع كاذب وان رأس المال تسعة الاف او يقول اشركك معي في هذه السلعة برأس مالي ورأس ما لي مئة الف ثم يتبين انه كاذب وان رأس ما له تسعون الفا او يقول بعتك هذه السلعة بربح كذا وكذا على رأس مالي فيها او يقول بعتك هذه السلعة بنقص كذا وكذا عما اشتريتها به ففي هذه السور الاربع اذا تبين ان رأس المال خلاف ما اخبره به فله الخيار بين الامساك والرد وذهب بعض الفقهاء الى انه لا خيار للمشتري في هذه الحال وانما يجرى الحكم على الثمن الحقيقي ويحط عنه الزائد فمثلا اذا قال البائع ابيعك هذه السلعة برأس المال وهو علي عشرة الاف ثم تبين للمشتري انه كاذب وان رأس المال تسعة الاف وبناء على هذا القول لا خيار للمشتري وانما له الحق في مطالبة البائع بالزائد. وهو في هذا المثال الف ريال وهذا القول الاخير هو الاظهر والله تعالى اعلم وذلك لان الاصل لزوم البيع وعدم ثبوت الخيار للمشتري بعد التفرق بالابدان ولا نخرج عن هذا الاصل الا بامر واضح وحصول الضرر للمشتري بسبب كذب البائع عليه يمكن زواله بان يجعل له الحق في مطالبة البائع بالقدر الزائد ايها الاخوة المستمعون هذا هو حاصل كلام الفقهاء في الخيار واقسامه فيثبت الخيار للمتبايعين او لاحدهما بموجب هذه الخيارات وما عدا ذلك فالاصل لزوم البيع اي انه ليس لاحد من المتبايعين الفسخ الا برضا الطرف الاخر ولكن يستحب له ان يقيله وهذا ما يسميه الفقهاء بالاقالة ويعرفونها بانها فسخ احد المتعاقدين العقد عند ندم الاخر والاصل فيها قول النبي صلى الله عليه وسلم من اقال مسلما بيعته اقال الله عثرته اخرجه ابو داوود وابن ماجة وفي رواية لابن حبان من اقال نادما عثرته اقال الله عثرته يوم القيامة وهذا الحديث يدل على انه يستحب للمسلم ان يقيل اخاه المسلم عند ندمه على بيع او شراء وانه موعود بان يقيل الله عثرته في الدنيا والاخرة والجزاء من جنس العمل وربما تكون تلك الاقالة سببا لحلول البركة في تلك السلعة وقد اختلف العلماء في الاقالة هل هي فسخ او بيع على قولين مشهورين والاظهر والله تعالى اعلم انها فسخ وهذا هو المشهور من مذهب الشافعية والحنابلة ووجه هذا القول ان الاقالة هي عبارة عن الرفع والازالة يقال اقال الله عثرتك اي ازالها فكانت فسخا للبيع لا بيع ويترتب على القول بان الاقالة فسخ لا بيع جملة من الاحكام منها انها تجوز بعد نداء الجمعة الثاني تجوز داخل المسجد ولا خيار فيها ولا شفعة ولا يحنث بها من حلف الا يبيع ولكن هل تجوز الاقالة باكثر؟ هل تجوز الاقالة باكثر من الثمن الذي وقع عليه العقد مثال ذلك رجل باع بيته بنصف مليون ريال مثلا ثم انه ندم على ذلك البيع وطلب من المشتري ان يقيله بيعته وان يفسخ العقد فرفض المشتري ان يقيله الا بعوض وذلك بان يدفع له عشرة الاف ريال مثلا فهل يجوز ذلك اختلف العلماء في ذلك فمنهم من منع ذلك وهذا هو المشهور من مذهب الحنابلة وذلك لان العقد اذا ارتفع بفسخه رجع كل من المتبايعين بما كان له فلم تجز الزيادة على الثمن وذهب بعض العلماء الى جواز الزيادة على الثمن الذي وقع عليه العقد قد روي هذا القول عن الامام احمد في رواية الاثرم عنه كما ذكر ذلك الحافظ ابن رجب في قواعده ووجه هذا القول هو ان الاقالة لما كانت فسخا للعقد فان الزيادة بمثابة الصلح بينهما وقياسا على بيع العربون فان البائع يأخذ العربون من المشتري لو لم يستمر في العقد كذلك هنا يأخذ احد المتعاقدين عوظا من الاخر نظير عدم استمراره في العقد قد سئل الامام احمد عن بيع العربون فقال اي شيء اقول هذا عمر فعله وبناء على القول بجواز بيع العربون تجوز الاقالة باكثر من الثمن الاول الذي وقع عليه العقد ولعل هذا القول الاخير لعله والله تعالى اعلم لعله هو الراجح في المسألة لعله القول الراجح في المسألة لا سيما ان فيه مصلحة للطرفين ايها الاخوة المستمعون هذا هو ما اتسع له وقت هذه الحلقة اسأل الله عز وجل ان يوفقنا للفقه في دينه وان يرزقنا السداد في القول والعمل. والى لقاء في حلقة قادمة ان شاء الله السلام عليكم ورحمة الله وبركاته