بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين صلى الله وسلم وبارك على عبده وخليله نبينا محمد وعلى اله وصحبه ومن اهتدى بهديه الى يوم الدين ايها الاخوة المستمعون السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نتناول معكم ايها الاخوة في هذه الحلقة جملة من الاحكام والمسائل المتعلقة ببيع الاصول والثمار في بداية هذه الحلقة نتحدث عن الاصول ثم نتكلم بعد ذلك عن الثمار حسب ما يتسع به وقت هذه الحلقة فنقول الاصول جمع اصل وهو ما يبنى عليه غيره ويطلق على ما يتفرع عنه غيره والمراد بالاصول عند الفقهاء في هذا الباب الدور والاراضي والاشجار فاذا بيعت هذه الاصول ما الذي يتبعها فيكون للمشتري وما الذي لا يتبعها فيبقى على ملك البائع نقول اذا كان بين المتبايعين شرط وجب العمل بذلك الشرط لعموم قول النبي صلى الله عليه وسلم المسلمون على شروطهم وفي حكم الشرط العرف فان المعروف عرفا كالمشروط شرطا اما اذا لم يوجد شرط ولا عرف فان البيع يشمل الاشياء المتصلة بتلك الاصول ولا يشمل الاشياء المنفصلة عنها في الجملة فبيع الدار يشمل بناءه وسقفه وما هو متصل به مما هو من مصلحته كالابواب والنوافذ والقناديل المعلقة للاضاءة والستائر والسخانات والمكيفات المثبتة في اماكنها اما المكيفات غير المثبتة والمنفصلة فلا يشملها البيع ويشمل البيع كذلك ما يكون في محيط الدار من نخل واشجار ويشمل البيع كذلك ما اقيم في الدار من مظلات ونحو ذلك فليس للبائع ان يزيل ذلك بعد البيع الا بشرط ولا يشمل البيع الاشياء المنفصلة عن الدار كاواني المطبخ والفرش والاسرة ونحو ذلك الا ما كان متعلقا بمصلحة الدار كالمفاتيح يشملها البيع ولو كانت منفصلة وكذلك ايضا لو باع ارضا شمل البيع كل ما هو متصل بها مما يستمر بقاؤه فيها كالغراس والبناء ولو كانت تلك الارض ولو كانت تلك الارض فيها زرع لا يحصد الا مرة كالبر والشعير فهو للبائع ولا يشمله العقد وان كان فيها زرع يجز مرارا كالبرسيم او يلقط مرارا كالباذنجان فان الجزة واللقطة الظاهرتين عند البيع تكونان للبائع واصوله تكون للمشتري ومن باع نخلا وبه طلع فان كان طلعه قد ابر اي قد لقح فثمره للبائع وان كان لم يلقح فهو للمشتري يدل لذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم من ابتاع نخلا بعد ان تؤبر فثمرتها للذي باعها الا ان يشترطه المبتاع متفق عليه والحكم منوط بالتأبير وهو التلقيح لا بتشقق الطلع على الصحيح من قوله العلماء في هذه المسألة لان النبي صلى الله عليه وسلم انما علق الحكم بالتأبير ولم يعلقه بتشقق الطلع بناء على هذا القول لو تشقق الطلع ولم يؤبر فانه لا يكون للبايع وانما يكون للمشتري وقد نصر هذا القول شيخ الاسلام ابن تيمية رحمة الله تعالى عليه ومن هنا نفهم كمال وسمو هذه الشريعة حيث راعت نفسيات المتبايعين فهذا البائع للنخل الذي قد ابره اي قد لقحه قد تعلقت نفسه بذلك الثمر الذي قد تعب فيه وقام بتأبيره فكان من مقتضى الحكمة ان يجعل ذلك الثمر له الا ان يشترطه المشتري واما قبل التأبير فان نفس البائع لا تتعلق به غالبا ومثل النخل في الحكم سائر الاشجار البرتقالي والتفاح والرمان والعنب ونحو ذلك اذا بيعت بعد ظهور ثمرها فان الثمر يكون للبائع الا ان يشترطه المشتري قياسا على النخل في ذلك واما اذا بيعت الثمار دون اصولها فلا بد ان يكون ذلك بعد بدو صلاحها فلا يصح بيع الثمار قبل بدو صلاحها وفي الصحيحين عن ابن عمر رضي الله عنهما قال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع الثمار حتى يبدو صلاحها نهى البائع والمبتاع وفي الصحيحين ايضا عن انس ابن مالك رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع الثمرة حتى يبدو صلاحها وعن النخل حتى يزهو قيل وما يزهو قال يا حمار او يصفار وعنه رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع العنب حتى يسود وعن بيع الحب حتى يشتد اخرجه ابو داوود والترمذي وصححه ابن حبان والحاكم وفي صحيح البخاري عن زيد بن ثابت رضي الله عنه انه لم يكن يبيع ثمار ارضه حتى تطلع الثريا فيتبين الاصفر من الاحمر وفي سنن ابي داوود عن ابي هريرة مرفوعا اذا طلع النجم صباحا رفعت العاهة عن كل بلد وفي رواية رفعت العاهة عن الثمار قال الحافظ ابن حجر رحمه الله والنجم هو الثريا وطلوعها صباحا يقع في اول فصل الصيف وذلك عند اشتداد الحر في بلاد الحجاز وابتداء نضج الثمار فالمعتبر في الحقيقة هو النضج وطلوع النجم علامة له قد بينه في الحديث بقوله ويتبين الاصفر من الاحمر وقد روى احمد من طريق عثمان بن سراقة قال سألت ابن عمر عن بيع الثمار فقال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع الثمار حتى تذهب العاهة قلت ومتى ذلك قال حتى تطلع الثريا انتهى كلامه رحمه الله وفي الاحاديث السابقة النهي عن بيع الثمر قبل بدو صلاحه لكل من البائع والمشتري اما البائع فلان لا يأكل مال اخيه بالباطل واما المشتري فلان لا يضيع ما له ولانه يعين البائع على اكل المال بالباطل ايها الاخوة المستمعون وعلامة بدو الصلاح في النخل هو ان يحمر او يصفر كما جاء ذلك في بعض الروايات ويكفي ظهور اوائل الحمرة او الصفرة يدل لذلك ما جاء في صحيح البخاري عن جابر ابن عبد الله رضي الله عنهما قال نهى النبي صلى الله عليه وسلم ان تباع الثمرة حتى تشقح قيل وما تشقح قال تحمار وتصفار ويؤكل منها وقوله تشقح يقال اشقح ثمر النخل اشقاحا اذا احمر او اصفر قال الامام الخطابي رحمه الله لم يرد بذلك اللون الخالص من الصفرة والحمرة وانما اراد حمرة او صفرة بكمودا فلذلك قال تحمار وتصفار قال ولو اراد اللون الخالص لقال تحمر وتصفر وقال ابن التين رحمه الله التشقيح تغير لونها الى الصفرة والحمرة فاراد بقوله تحمار وتصفار ظهور اوائل الحمرة والصفرة قبل ان تشبع واما علامة بدو الصلاح في غير النخل فانها تختلف باختلاف الشجر وبدو الصلاح في العنب ان يتموه حلوا قول انس رضي الله عنه نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن بيع العنب حتى يسود اخرجه احمد ورواته ثقات وعلامة بدو الصلاح في بقية الثمار كالبرتقال والتفاح والبطيخ والرمان والخوخ والمشمش ونحو ذلك هي ان يبدو فيها النضج ويطيب اكلها وعلامة بدو الصلاح في الحب هي ان يشتد ويبيظ ايها الاخوة المستمعون والحكمة من النهي عن بيع الثمر قبل بدو صلاحه وعن بيع الزرع قبل اشتداد حبه هي انه في تلك الفترة معرض للافات غالبا ومعرض للتلف كما يدل لذلك حديث ابن عمر رضي الله عنهما قال نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن بيع النخل حتى يزهو وعن بيع السنبل حتى يبيظ ويأمن العاهة والعاهة هي الافة التي تصيبه فيفسد فان قال قائل ان العاهة كما انه يحتمل ان تصيب ان تصيب الثمرة قبل بدو صلاحها فيحتمل كذلك ان تصيب الثمرة بعد بدو صلاحها فما وجه تخصيص النهي عن بيع الثمار بما كان قبل بدو الصلاح الجواب عن ذلك هو ان يقال ان الحكم معلق بالغالب الغالب على الثمرة قبل بدو صلاحها التلف الغالب على الثمرة قبل بدو صلاحها التلف وان كان يحتمل انها لو بيعت قبل بدو الصلاح انها لا تتلف والغالب على الثمرة بعد بدو صلاحها السلامة. وان كان يحتمل ان تصاب بالافة بعد بدو الصلاح ولكن الحكم هنا معلق بالغالب وفي النهي عن بيع الثمر قبل بدو صلاحه رحمة بالناس وحفظ لاموالهم وقطع للنزاع الذي قد يفضي الى العداوة والبغضاء ايها الاخوة المستمعون هذا هو ما اتسع له وقت هذه الحلقة وبقي هناك جملة مسائل سنتناولها في الحلقة القادمة ان شاء الله فالى ذلك الحين استودعكم الله تعالى والسلام ورحمة الله وبركاته