بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى اله وصحبه ومن اهتدى بهديه واتبع سنته الى يوم الدين ايها الاخوة المستمعون السلام عليكم ورحمة الله وبركاته حياكم الله تعالى في هذه الحلقة الجديدة من هذا البرنامج ايها الاخوة كنا قد تكلمنا في الحلقة السابقة عن جملة من المسائل والاحكام المتعلقة ببيع الاصول والثمار ووعدنا باستكمال الحديث عن بقية المسائل في هذا الباب في هذه الحلقة فنقول وبالله التوفيق مما ذكره الفقهاء في هذا الباب ان صلاح بعض ثمرة الشجرة صلاح لجميعها فيباح بيع جميعها بذلك قال الموفق ابن قدامة رحمه الله لا نعلم فيه خلافا ولكن هل يكون صلاح بعض ثمرة الشجرة هل يكون صلاح بعض ثمرة الشجرة صلاحا لذلك النوع الذي في البستان اختلف العلماء في ذلك والاظهر والله اعلم انه يكون صلاحا والى هذا ذهب الشافعي ومحمد بن الحسن من الحنفية وهو الصحيح من مذهب الحنابلة وهو اختيار شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله وذلك لان اعتبار الصلاح في الجميع يشق ويؤدي الى الى الاشتراك واختلاف الايدي ووجب ان يتبع ما لم يبدو صلاحه من نوعه لما بدأ وقياسا على الشجرة الواحدة فكما ان صلاح بعض ثمرة الشجرة صلاح لها بالاتفاق فكذلك ايضا صلاح ثمرة شجرة واحدة يعتبر صلاحا لذلك النوع الذي في البستان وقد استثنى الفقهاء الصورتين يجوز فيها بيع الثمر قبل بدو صلاح الصورة الاولى اذا بيع الثمر قبل بدو صلاحه باصوله وذلك بان يبيع الثمر مع الشجر فيصح ذلك ويدخل الثمر تبعا وكذلك لو باع الزرع الاخضر مع ارضه جاز ذلك ودخل الزرع الاخضر تبعا وقد نقل الموفق بن قدامة رحمه الله الاجماع على ذلك واستدل بقول النبي صلى الله عليه وسلم من باع نخلا بعد ان تؤبر فثمرتها للذي باعها. الا ان يشترطه المبتاع قال ولانه اذا باعها مع الاصل حصلت تبعا فلم يضر احتمال الغرر فيها كما احتملت الجهالة في بيع اللبن في الضرع مع بيع الشاة واساسات الحيطان انتهى كلامه رحمه الله الصورة الثانية بيع الثمر قبل بدو صلاح والزرع وبيع الزرع قبل اشتداد حبه بشرط القطع في الحال فيجوز ذلك اذا كان يمكن الانتفاع بهما اذا قطعا قد نقل الموفق بن قدامة رحمه الله الاجماع على ذلك ايضا وذلك لان المنع من بيع الثمر قبل بدو صلاحه انما هو لخوف التلف وحدوث العاهة وهذا مأمون فيما يقطع في الحال ولكن لابد من ان ينتفع المشتري بهذا الثمر الذي اشتراه قبل بدو صلاحه بشرط القطع في الحال كأن يجعله علفا للدواب مثلا اما اذا لم ينتفع به اذا قطع فان هذا لا يجوز لكونه اضاعة للمال وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن اضاعة المال واضاف بعض الفقهاء صورة ثالثة اي ان يبيع الثمرة قبل بدو صلاحه او الزرع الاخضر لمالك الاصل اي لمالك الشجر ومالك الارض وذلك كأن يستأجر وذلك كأن يستأجر رجل بستانا من اخر ثم يريد المشتري ان يبيع على المؤجر وهو المالك للاصل يريد ان يبيعه الثمر قبل بدو صلاحه اجاز ذلك بعض الفقهاء وعللوا لذلك بانه يجتمع الاصل والثمرة للمشتري اشبه ما لو اشتراهما معا ولانه اذا باعهما لمالك الاصل فقد حصل التسليم للمشتري على الكمال لكونه مالكا لاصولها فصح كبيعها مع اصلها وذهب بعض الفقهاء الى عدم جوازه في هذه الصورة ودخولها في عموم النهي عن بيع الثمر قبل بدو صلاح لان العلة التي لاجلها نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن بيع الثمر قبل بدو صلاحه متحققة في هذه الصورة واقول لعل هذا القول الاخير والله تعالى اعلم هو الارجح والاسعد بالدليل ايها الاخوة المستمعون اذا بيعت الثمرة بعد بدو صلحها ثم اصيبت بافة سماوية لا صنع لادمي فيها فاتلفتها وذلك كأن تصاب بالمطر او البرد او الحر الشديد او البرد الشديد او الجراد او الافات الوبائية التي تصيب الثمار فتتلفها فمن الذي يتحمل الخسارة في هذه الحال هل هو البائع او المشتري الجواب قد دلت السنة على ان البائع هو الذي يتحمل الخسارة في هذه الحال وحينئذ فان للمشتري ان يرجع على البائع وان يسترد وان يسترد منه الثمن الذي دفعه له وهذا ما يسمى بوظع الجوائح وقد جاء في صحيح مسلم عن جابر بن عبدالله رضي الله عنهما ان النبي صلى الله عليه وسلم امر بوضع الجوائح وفي صحيح مسلم ايضا عن جابر رضي الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لو بعت من اخيك ثمرا فاصابته جائحة فلا يحل لك ان تأخذ منه شيئا بما تأخذ مال اخيك بغير حق في صحيح مسلم ايضا عن انس ابن مالك رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال اذا منع الله الثمرة فبما تحل مال اخيك في رواية ان لم يثمرها الله فبما يستحل احدكم مال اخيه وفي قوله صلى الله عليه وسلم لا يحل لك ان تأخذ منه شيئا بقوله بما يستحل بما يستحل احدكم مال اخيه وما جاء في معنى ذلك من الروايات اقول في ذلك دليل على بوظع الجوائح وانه يجب على البائع ان يعيد الثمن للمشتري. يجب على البائع ان يعيد الثمن للمشتري فيما لو اصاب ذلك كالثمرة جائحة وقد جعل النبي صلى الله عليه وسلم عدم اعادة البائع للثمن في هذه الحال جعله استحلالا لما لاخيه المسلم بغير حق واذا كان التلف لبعض الثمرة رجع المشتري على البائع فيما يقابله من الثمن لعموم الحديث وقد علل العلماء تظمين البائع جائحة الثمرة بان قبظ الثمرة على رؤوس النخل بالتخلية قبض غير تام فهو كما لو لم يقبضها ولكن اذا كان التالف يسيرا لا ينضبط فانه يفوت على المشتري ولا يكون من مسؤولية البائع وذلك كما لو اكل منه الطير او تساقط في الارض ونحو ذلك لان هذا مما جرت به العادة ولا يسمى في عرف الناس جائحة ولا يمكن التحرز منه وقد قدر بعض الفقهاء ذلك بما دون الثلث والاقرب والله اعلم انه لا يتحدد بذلك بل يرجع فيه الى العرف لان التحديد لان التحديد يحتاج الى دليل ولا دليل هنا يدل عليه هذا ايها الاخوة فيما يتعلق بتلف الثمرة بجائحة سماوية اما اذا تلفت بفعل ادمي بنحو حريق او برش مبيدات كيماوية مثلا ونحو ذلك فيخير المشتري في هذه الحال بين فسخ البيع ومطالبة البائع بما دفع من الثمن ويرجع البائع على المتلف ويطالبه بظمان ما اتلف وبين امضاء البيع ومطالبة المتلف ببدل ما اتلف واذا تلفت واذا تلفت الثمرة بتفريط من المشتري وذلك بان تبلغ الثمرة او ان الجذاذ فلم يجذها المشتري حتى اصابتها جائحة فلا توظع الجائحة في هذه الحال وحينئذ فالمشتري هو الذي يتحمل الخسارة في هذه الحال وذلك لانه مفرط بتأخره عن جذاب الثمرة في وقت الجذاذ مع قدرته على ذلك فكان الضمان عليه ولو اشترى ثمرة بعد بدو صلاحها بشرط القطع فامكنه قطعها فلم يقطعها حتى تلفت فهي من ظمان المشتري كذلك وذلك لتفريطه اما ان تلفت قبل امكان قطعها فان الخسارة يتحملها البائع في هذه الحال على ما تقدم اما ان استأجر ارضا فزرعها فتلف الزرع فلا شيء على المؤجر قال الموفق ابن قدامة رحمه الله لا نعلم فيه خلافا لان المعقود عليه منافع الارظ ولم يتلف وانما تلف مال المستأجر فيها ايها الاخوة المستمعون هذا ما تيسر في هذا الباب من الاحكام والمسائل والى لقاء في حلقة قادمة ان شاء الله. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته