بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين صلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى اله وصحبه ومن اهتدى بهديه الى يوم الدين ايها الاخوة المستمعون السلام عليكم ورحمة الله وبركاته حياكم الله تعالى في هذه الحلقة من هذا البرنامج ايها الاخوة كنا قد تكلمنا في الحلقة السابقة عن جملة من البيوع المنهي عنها ونستكمل في هذه الحلقة الكلام عن جملة اخرى من البيوع المنهي عنها فنقول وبالله التوفيق من البيوع المنهية عنها بيع الحاضر للباب وفي الصحيحين عن ابي هريرة رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا يبع حاضر اللباد وفي الصحيحين ايضا عن انس رضي الله عنه قال نهينا ان يبيع حاضر اللبان في رواية مسلم وان كان اخاه او اباه والحاضر هو المقيم بالبلد والبادي هو ساكن البادية قال الموفق ابن قدامة رحمه الله ببيان المراد بالبادي في هذا الحديث هو من يدخل البلدة من غير اهلها سواء كان بدويا او من قرية او من بلدة اخرى والمراد ببيع الحاضر للباد هو ان يكون له سمسارا اي دلالا كما جاء تفسير ذلك عن ابن عباس رضي الله عنهما حيث سئل عن قول النبي صلى الله عليه وسلم لا يبع حاضر اللبان فقال لا يكون له سمسارا وحينئذ يكون معنى بيع الحاضر للباب وان الحاضر وهو المقيم في البلد يأتي للبادي وهو القادم الى البلد من غير اهله سواء كان بدويا او من بلد اخر ويطلب منه الحاضر ان يكون له سمسارا فيقول له انت لا تعرف اسعار البلد وانا اعلم منك بذلك فدعني ابيع لك بسعر السوق وهذا ليس فيه اضرار بهذا البادي بل ربما يكون فيه مصلحة له ولكن هذا العمل فيه اضرار باهل السوء حيث ان الحاضر يعرف اسعار البلد فاذا تولى بيع السلعة فانه لن يبيعها الا بسعر السوق فتضيق الاسعار بذلك على الناس بخلاف ما اذا ترك القادم من غير اهل البلد يبيع سلعته بنفسه فانه في الغالب يبيعها برخص يكون في ذلك توسعة على اهل البلد بل ربما يكون هذا سببا لرخص الاسعار في السوق والى هذا المعنى اشار النبي صلى الله عليه وسلم ففي صحيح مسلم عن جابر رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يبع حاضر اللباد دعوا الناس يرزق الله بعضهم من بعض قال الموفق بن قدامة رحمه الله المعنى في ذلك انه متى ترك البدوي يبيع سلعته تراها الناس برخص وتوسع عليهم السعر فاذا تولى الحاضر بيعها امتنع من بيعها الا بسعر البلد وحينئذ يضيق السعر على اهل البلد والى هذا المعنى اشار النبي صلى الله عليه وسلم في تعليله اي في قوله دعوا الناس يرزق الله بعضهم من بعض والممنوع هو ان يذهب الحاضر الى البادئ ويقول انا ابيع لك اما اذا جاء البادي للحاضر وطلب منه ان يبيع له او انه استنصحه فلا بأس بان يبيع له وان ينصح له في البيع يدل لذلك انه قد جاء في بعض روايات حديث النهي عن بيع الحاضر للباب دعوا الناس يرزق الله بعضهم من بعض فاذا استنصح الرجل الرجل فلينصح له واخرج ابو داوود في سننه من طريق سالم المكي ان اعرابيا حدثه انه قدم بجلوبة له على طلحة بن عبيد الله فقال له ان اي طلحة ان النبي صلى الله عليه وسلم نهى ان يبيع حاضر اللبان ولكن اذهب الى السوق فانظر من يبايعك فشاورني حتى امرك او انهاك ومما نهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم تلقي الركبان ففي الصحيحين عن ابن عباس رضي الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تلقوا الركبان ولا يبع حاضر اللبان في الصحيحين عن ابن عمر رضي الله عنهما ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا تلقوا السلع حتى يهبط بها الى السوق وفي صحيح مسلم عن ابي هريرة رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا تلقوا الجلم فمن تلقاه منه فاذا اتى سيده السوق فهو بالخيار ففي هذه الاحاديث وما جاء في معناها النهي عن تلقي الركبان والركبان اسم جمع واحده راكب وهو في الاصل يطلق على راكب البعير ثم اتسع فيه فقيل لكل راكب دابة راكب ويجمع على ركام ككافر وكفار والتعبير بالركبان جرى على الغالب والا فالمعنى يشمل القادم الى البلد وان كان ماشيا او كان وحده ومعنى تلقي الركبان تلقي القادمين الى البلد قبل وصولهم الى السوق والشراء منهم وقد نهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم لما فيه من التغرير بهؤلاء القادمين فان المتلقي لهم يشتري منهم غالبا برخص لكونهم لا يعرفون الاسعار وربما غبنوا في ذلك كما انه ربما يحصل الضرر لاهل البلد بذلك لان الركبان اذا وصلوا باعوا بظائعهم والذين يتلقونهم لا يبيعونها سريعا في الغالب وانما يتربصون بها السعر فيكون ذلك في معنى بيع الحاضر للباب بهذا يعلم ان السلعة اذا لم يهبط بها الى السوق اذا لم يهبط بها صاحبها الى السوق المعد لبيعها فانه يحرم تلقي اصحابها ومن تلقاها قبل بلوغها السوء فانه اثم بذلك لما فيه من الخداع والتغرير بالبائع والاضرار باهل السوء واذا حصل غبن للبائع فان له الخيار له الخيار اذا قدم السوق وعرف الاسعار له الخيار بين امضاء البيع او فسخه وبهذا يعلم خطأ ما يرى من وقوف بعض الناس خارج الاسواق وتلقي اصحاب البضائع والشراء منهم قبل دخولهم السوق فان هذا يدخل في تلقي الركبان الذي نهى عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم ومما نهى عنه الرسول صلى الله عليه وسلم النجش ففي الصحيحين عن ابن عمر رضي الله عنهما ان رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن النتش والنجش بفتح النون وسكون الجيم هو في اللغة تنفير الصيد واستثارته من مكانه ليصطاد يقال نجشت الصيد انجشه نجشا ومعناه في الشرع الزيادة في ثمن السلعة ممن لا يريد شراءها قال الشافعي رحمه الله النتش ان يحضر الرجل السلعة تباع فيعطي بها الشيء وهو لا يريد شراءها ليقتدي به الصوام ويعطون بها اكثر مما كانوا يعطون لو لم يسمعوا سومه وسمي الناجس بذلك لانه يثير الرغبة في السلعة وقد تكون زيادة الناجش بمواطئة مع البائع او بغير مواطأة فان كانت بمواطئة اشتركا جميعا في الاثم وان كانت بغير مواطئة اختص الاثم بالناجس قال ابن بطال رحمه الله اجمع العلماء على ان الناجش عاص بفعله واختلفوا في البيع اذا وقع على ذلك ونقل ابن منذر عن طائفة من اهل الحديث فساد ذلك البيع وهو قول اهل الظاهر وهو رواية عن مالك وهو المشهور عند الحنابلة اذا كان ذلك بمواطأة البائع او صنعه والمشهور عند المالكية في مثل ذلك ثبوت الخيار انتهى كلامه رحمه الله وقال شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله منهم من افسد بيع النجس اذا نجس البائع او واطى قال والتحقيق ان هذا النوع لم يكن النهي فيه لحق الله بل لحق الانسان بحيث لو علم المشتري ان صاحب السلعة ينجش ورضي بذلك جاز كذلك اذا علم ان غيره ينجس ولما كان النهي هنا لحق الادمي لم يجعله الشارع صحيحا لازما بل اثبت حق المظلوم وسلطه على الخيار فان شاء امضى وان شاء فسخ فالمشتري مع النجش ان شاء رد المبيع فحصل بهذا مقصوده وان شاء رضي به اذا علم بالنجش واما كونه فاسدا مردودا وان رضي به فهذا لا وجه له انتهى كلامه رحمه الله والحق الفقهاء بالنجش ما اذا قال البائع ااعطيت بها كذا وهو كاذب وذلك لتغريره بالمشتري والحقوا به كذلك ما اذا زاد البائع بنفسه والمشتري لا يعلم كان يحرج على سلعة من السلع فيزيد البائع بنفسه من غير ان يسومها احد فهذا يدخل في معنى النجش المنهي عنه بل قال شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله انه اعظم من نتش الاجنبي ونكتفي بهذا القدر في هذه الحلقة والى حلقة قادمة ان شاء الله. استودعكم الله تعالى السلام عليكم ورحمة الله وبركاته