بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين الصلاة والسلام على اشرف الانبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى اله وصحبه ومن اهتدى بهديه واتبع سنته الى يوم الدين سلم تسليما كثيرا ايها الاخوة المستمعون سلام الله عليكم ورحمته وبركاته حياكم الله تعالى في هذه الحلقة الجديدة من هذا البرنامج ايها الاخوة المستمعون كنا قد تكلمنا في الحلقة السابقة عن جملة من المسائل المتعلقة بالشروط في البيع ونستكمل في هذه الحلقة الكلام عن بقية المسائل التي ذكرها الفقهاء في هذا الباب فنقول وبالله التوفيق من امثلة الشروط الفاسدة في البيع ما تفعله بعض المحلات التجارية من كتابة عبارة البضاعة المباعة لا ترد ولا تستبدل البضاعة المباعة لا ترد ولا تستبدل فهذا الشرط شرط غير صحيح لان السلعة ان كانت معيبة فاشتراط البائع لهذا الشرط لا يبرئه من العيوب الموجودة فيها لان المشتري قد اشتراها على انها سليمة ودفع ما يقابل ذلك من الثمن وان كانت السلعة سليمة قراط هذا الشرط لا معنى له لان البيع من العقود اللازمة فهو يلزم بمجرد التفرق من مكان التبايع بالابدان وحينئذ فالبضاعة السليمة من العيوب لا ترد ولا تستبدل بمقتضى عقد البيع من غير حاجة الى اشتراط هذا الشرط ومن امثلة الشروط الفاسدة ايضا ان يشترط المشتري على البائع الا خسارة عليه او يقول البائع اشتري هذه البضاعة اشتري هذه البضاعة مني واذا خسرت فانا ادفع لك مقابل هذه الخسارة فهذا شرط باطل لكن البيع صحيح ويدل لذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم من شرط شرطا ليس في كتاب الله فهو باطل وان كان مئة شرط ولان مقتضى عقد البيع انتقال المبيع للمشتري بعد دفع الثمن والتصرف المطلق فيه وان له ربحه وعليه خسارته وحده ومما يذكره الفقهاء في باب الشروط في البيع مسألة بيع العربون ومعناه دفع جزء من الثمن الى البائع على انه ان تم البيع فهو من الثمن والا فهو للبائع وقد اختلف العلماء في حكمه الصحيح ان شاء الله انه لا بأس به وهو مروي عن عمر ابن الخطاب رضي الله عنه قال البخاري في صحيحه اشترى نافع بن عبدالحارث دارا للسجن بمكة من صفوان بن امية على ان رضي عمر البيع بيعه وان لم يرضى فلصفوان اربع مئة دينار وسئل الامام احمد عن بيع العربون فقال اي شيء اقول؟ هذا عمر وكما يكون العربون في البيع فانه يكون كذلك في الاجارة وذلك بان يدفع المستأجر مبلغا من المال على انه ان تم عقد الايجار فهو من الاجرة والا فهو للمالك فلا بأس بذلك ويحسن التنبيه هنا الى ان العربون في حالة عدم اتمام البيع او الاجارة من حق المالك للمبيع او للعين او او للعين المراد تأجيرها واما الوسيط او الدلال كالمكتب العقاري مثلا فليس له ان يأخذ العربون الا برضا المالك ومما يذكره الفقهاء في هذا الباب من المسائل مسألة البيع بشرط البراءة من كل عيب مجهول بان يقول البائع للمشتري ابيعك بشرط الا تطالبني بعد اتمام البيع باي شيء حتى ولو وجدت في السلعة عيبا ومن ذلك قول بعضهم عند بيع السيارة مثلا ابيعك كومة حديد اي انني بريء من كل عيب تجده في السيارة بعد ذلك فهل يجوز مثل هذا العمل شرعا وهل يبرأ البائع باشتراط هذا الشرط اختلف العلماء في هذه المسألة والذي عليه كثير من المحققين من اهل العلم هو ان البائع ان كان عالما بالعيب فللمشتري الرد بكل حال ولا ينفع البائع ولا ينفع البائع اشتراطه على المشتري براءته من كل عيب واما ان كان البائع غير عالم بالعيب فالشرط صحيح ويبرأ البائع باشتراطه لذلك الشرط قد اختار هذا القول شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله وابن القيم رحمه الله تعالى قال شيخ الاسلام ابن تيمية الصحيح الذي قضى به الصحابة وعليه اكثر اهل العلم انه اذا لم يكن علم بالعيب فلا رد للمشتى بريء لكن ان ادعى علمه به فانكر البائع حلف على انه لم يعلم فانك لقضي عليه وقال ابن القيم الصحيح في هذه المسألة ما جاء عن الصحابة فان عبد الله فان عبد الله ابن عمر رضي الله عنهما باع زيد ابن ثابت رضي الله عنه عبدا بشرط البراءة بثمانمائة درهم فاصاب به زيد عيبا فاراد رده على ابن عمر فلم يقبله فترافع الى عثمان بن عفان رضي الله عنه فقال عثمان لابن عمر تحلف انك لم تعلم بهذا العيب؟ قال لا رده عليه اي قضى عليه بالنكول فباعه ابن عمر بالف درهم ذكره الامام احمد وغيره وهذا اتفاق من الصحابة على صحة البيع وعلى جواز شرط البراءة واتفاق من عثمان وزيد على ان البائع اذا علم بالعيب لم ينفعه شرط البراءة انتهى كلامه رحمه الله ومما يذكره الفقهاء في هذا الباب من المسائل مسألة تعليق البيع بشرط كأن يقول بعتك ان جئتني بكذا او بعتك ان رظي ابي او يقول بعتك على مشورة فلان من الناس هل يصح هذا البيع او لا يصح فمن الفقهاء من يرى عدم صحة هذا البيع في هذه الحال وذلك لان مقتضى البيع نقل الملك حال التبايع وهذا الشرط يمنعه ولكن ولكن القول الذي عليه كثير من المحققين من اهل العلم انه لا بأس بذلك وان البيع صحيح اذ ليس هناك دليل يمنع من صحة البيع في هذه الحال الاصل في المعاملات الحل والاباحة والاصل في الشروط اللزوم والصحة قال الامام ابن القيم رحمه الله ليس في الادلة الشرعية ولا القواعد الفقهية ما يمنع تعليق البيع بالشرط والحق جوازه فان المسلمين على شروطهم الا شرطا احل حراما او حرم حلالا وهذا لم يتضمن واحدا من الامرين فالصواب جواز هذا العقد وهو اختيار شيخنا يريد شيخ الاسلام ابن تيمية رحمة الله تعالى على الجميع وعلى عادته حمل ذلك وفعل امامنا يريد بذلك الامام احمد رحمه الله عندما رهن نعليه عند خباز وقال له ان جئتك بحقك والا فهما لك وقال الشيخ عبدالرحمن السعدي رحمه الله الصواب جواز تعليق العقول فان القول بان تعليق العقود غير جائز لا دليل عليه من كتاب ولا سنة ولا قياس ولابد للتعليقات من امور مقصودة تعلق لاجلها وتلك الامور لا محظور فيها والاصل جواز والاصل هو الجواز والحل في كل العقود قال ويترتب على هذا القول ان الصحيح جواز قوله بعتك داري بكذا على ان تبيعني عبدك او نحوه بكذا ولا يدخل هذا تحت نهيه صلى الله عليه وسلم عن بيعتين في بيعة لان المراد ان يعقد على شيء واحد في وقت واحد عقدين وذلك كمسائل العينة وما اشبهها واما هذه الصورة وما اشبهها فانها بمسائل التعليق اشبه وليس فيها محظور اصلا الا اذا تضمنت ظلما في احد العقدين فيمنع لاجل ذلك انتهى كلامه رحمه الله ويفهم من كلام الشيخ عبدالرحمن السعدي رحمه الله انه لا بأس بان يقول البائع للمشتري ابيعك سيارتي بشرط ان تبيعني سيارتك مثلا او بشرط ان تؤجرني بيتك مثلا ونحو ذلك وقد اختلف العلماء في هذه المسألة والذي عليه كثير من المحققين من اهل العلم انه لا بأس بذلك كما رجحه الشيخ عبدالرحمن السعدي رحمه الله ولكن المحظور هو ان يجمع بين قرض وبيع كأن يقول لا ابيعك الا بشرط ان تقرضني. فهذا قد نهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم في قوله لا يحل سلف وبيع والى هذا القدر اتوقف معكم في هذه الحلقة والى لقاء في حلقة قادمة ان شاء الله استودعكم الله تعالى والسلام ورحمة الله وبركاته