بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين صلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله وخليله نبينا محمد وعلى اله وصحبه ومن اهتدى بهديه واتبع سنته الى يوم الدين ايها الاخوة المستمعون كان الحديث في الحلقات السابقة عن مسائل الربا ووعدنا باستكمال الكلام عن بقية مسائل الربا ونذكر في هذه الحلقة جملة من المسائل المتعلقة بباب الربا ونستكمل كذلك الحديث عنها في الحلقة القادمة ان شاء الله تعالى فنذكر جملة من المسائل فنقول المسألة الاولى سبق تحرير القول في علة الربا وانها في الذهب والفضة والاوراق النقدية مطلق الثمنية وفيما عداها الكيل او الوزن مع الطعم وبناء على ذلك يختلف الحكم عند بيع شيئين مما يتحقق فيه علة الربا على النحو الاتي اولا عند اختلاف علة الربا بينهما لا يشترط التقابض ولا التماثل مثال ذلك بيع الذهب بالبر العلة في الذهب هي مطلق الثمنية والعلة في البر هي الكيل مع الطعم ومع اختلاف العلة يجوز التفاضل والنسا ومثل ذلك ايضا بيع التمر بالاوراق النقدية فالعلة في التمر هي الكيل مع الطعم والعلة في الاوراق النقدية هي مطلق الثمنية ومع اختلاف العلة لا يشترط التقابض ولا التماثل ثانيا عند اتحاد علة الربا مع اتحاد الجنس يشترط التماثل والتقابظ لقول النبي صلى الله عليه وسلم الذهب بالذهب والفضة بالفضة والبر بالبر والشعير بالشعير والتمر التمر والملح بالملح مثلا بمثل يدا بيد فقوله صلى الله عليه وسلم مثلا بمثل نص في اشتراط التماثل قوله يدا بيد نص في اشتراط التقابض ثالثا عند اتحاد علة الربا مع اختلاف الجنس يشترط التقابض فقط ولا يشترط التماثل لقول النبي صلى الله عليه وسلم فاذا اختلفت الاجناس فبيعوا كيف شئتم اذا كان يدا بيد مثال ذلك بيع البرد بالتمر يشترط فيه التقابض فقط ولا يشترط التماثل كذلك بيع الذهب بالفضة او بالاوراق النقدية يشترط فيه التقابض فقط المسألة الثانية الجهل بالتساوي في باب الربا كالعلم بالتفاضل بناء على ذلك فما يشترط فيه التساوي لا يجوز بيعه مع الجهل بمقداره وذلك كبيع صبرة بر بصبرة بر او بيع تمر بتمر جزافا من غير تقدير بكيل او وزن المسألة الثالثة ان الشريعة الاسلامية قد بالغت في سد جميع الذرائع الموصلة للربا ولو من وجه بعيد من ذلك ان النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع الرطب بالتمر ولو مع التساوي في الكيل والتقابظ وذلك لان الرطب ينقص اذا يبس فلا يتحقق التماثل على وجه دقيق فعن سعد ابن ابي وقاص رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن بيع الرطب بالتمر فقال اينقص الرطب اذا يبس قالوا نعم فنهى عن ذلك وجهه ابو داوود والترمذي واحمد وقد جعل الفقهاء هذا الحديث اصلا لمنع كل ما لم يتحقق معه التماثل فما يشترط فيه التساوي ولو كان التفاوت معه يسيرا قالوا لا يجوز قالوا لا يجوز بيع الربوي بعصيره كزيتون بزيت زيتون او عنب بعصير عنب ولا يجوز بيع خالص ربوي بمشوبه تبر فيه شعير ببر خالص ويدخل في ذلك بيع الذهب النقي الخالص بذهب مشوم كبيع ذهب ذهب من عيار اربع وعشرين بذهب من عيار آآ واحد وعشرين ولو مع التساوي في الوزن والتقابظ وذلك لان الذهب من عيار اربع وعشرين يعتبر ذهبا خالصا نقيا بينما الذهب من عيار واحد وعشرين ليس ذهبا نقيا خالصا بل هو ذهب مشوب ولا يجوز بيع خالص ربوي بمشوبه ولذلك لو ان امرأة عندها مثلا اجرام ذهب مستعمل عندها اجرام من ذهب مستعمل من عيار اربع وعشرين وتريد ان تستبدله باجرام ذهب جديد من عيار واحد وعشرين فان هذا لا يجوز ولو مع التقابظ والمخرج لها في هذا هو ان تبيع الذهب المستعمل بدراهم ثم تشتري بالدراهم ذهبا جديدا ولا يجوز بيع نيء ربوي بمطبوخه فلا يجوز بيع خبز البر بالبر ولو مع التساوي في الوزن والتقابظ وذلك لان النار تعقد اجزاء المطبوخ المسألة الرابعة ذهب جمهور الفقهاء الى انه لا يجوز بيع اللحم بحيوان من جنسه الا يجوز بيع لحم ضأن بضأن مثلا ولا بيع لحم جمل بجمل لما روى مالك في الموطأ عن سعيد بن المسيب ان النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع اللحم بالحيوان وهذا الحديث ضعيف لارساله ولكن له شاهد من حديث ابن عمر رضي الله عنهما عند البزار وله شاهد اخر من حديث سمرة عند البيهقي والحاكم فيتقوى بهما وذهب بعض العلماء الى انه ان كان قصد مشتري الحيوان ان كان قصد مشتري الحيوان اللحم فانه لا يجوز بيع اللحم بالحيوان لهذا الحديث ولانه يكون حينئذ كانه باعه لحما بلحم مع التفاضل اما ان كان قصد المشتري الانتفاع بذلك الحيوان بغير الاكل ركوب او حرث ونحو ذلك الا يحرم حينئذ بيع اللحم بالحيوان وهذا القول الاخير هو اختيار شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله وتلميذه ابن القيم رحمة الله تعالى عليه ولعل هذا القول هو الاقرب في المسألة والعلم عند الله تعالى قال الامام ابن القيم رحمه الله الصواب ان الحيوان اذا كان مقصودا للحم شاة يقصد لحمها فتباع بلحم فيكون قد باع لحما بلحم اكثر منه من جنس واحد واللحم قوت موزون فيدخله ربا الفضل واما اذا كان الحيوان غير مقصود به اللحم ما اذا كان غير مأكول او كان مأكولا لا يقصد لحمه كالفرس تباع بلحم ابل فهذا لا يحرم بيعه به انتهى كلامه رحمه الله هذا ما يتعلق ببيع اللحم بالحيوان واما بيع الحيوان بالحيوان فقد اختلف الفقهاء في جريان الربا فيها والاظهر والله تعالى اعلم انه لا يدري فيها الربا مطلقا فيجوز بيع الحيوان بالحيوان سواء بيع بجنسه او بغير جنسه متساويا او متفاضلا وهذا هو الصحيح من مذهب الحنابلة كما ذكر ذلك صاحب الانصاف ويدل لذلك حديث عبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما ان النبي صلى الله عليه وسلم امره ان يجهز جيشا فنفدت الابل امره ان يأخذ على قلائص الصدقة وكان يأخذ البعير بالبعيرين والبعيرين بالثلاثة الى ابل الصدقة رجه ابو داوود والدار قطني والبيهقي والحاكم قال الحافظ ابن حجر رحمه الله اسناده قوي وهذا الحديث ظاهر الدلالة في جواز بيع الحيوان بالحيوان مع التفاضل والنسب قال الامام ابن القيم رحمه الله هذا الحديث صريح في جواز المفاضلة والنسا وهو حديث حسن واما حديث سمرة النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع الحيوان بالحيوان نسيئة وقد اخرجه ابو داوود في سننه ولكنه حديث ضعيف لا يصح كونه قد جاء مرويا من طريق الحسن عن سمرة قد قال الامام احمد رحمه الله لا يصح سماع الحسن من سمرة وقال البيهقي اكثر الحفاظ لا يثبتون سماع الحسن من سمرة غير حديث العقيقة ايها الاخوة المستمعون تلخص مما سبق ان اللحم يجري فيه الربا ويشترط عند بيع لحم بلحم من جنسه يشترط التقابض والتماثل واما بيع اللحم بالحيوان والراجح كما سبق انه اذا كان المقصود بالحيوان اللحم لم يجز وان كان المقصود به وان كان المقصود بشرائه الانتفاع به بغير الاكل جاز بيع اللحم بالحيوان واما بيع الحيوان بالحيوان فالراجح انه يجوز مع التفاضل والنساء ونكتفي بهذا القدر في هذه الحلقة والى حلقة قادمة ان شاء الله السلام عليكم ورحمة الله وبركاته