بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين واصلي واسلم على عبده ورسوله وخليله نبينا محمد وعلى اله وصحبه ومن اهتدى بهديه واتبع سنته الى يوم الدين ايها الاخوة المستمعون السلام عليكم ورحمة الله وبركاته كنا قد تكلمنا في حلقات سابقة عن ربا البيوع وذكرنا كلام اهل العلم في في ذلك النوع من الربا ونتكلم في هذه الحلقة عن ربا الديون وهذا الربا هو الذي كانت تعرفه العرب في جاهليتها وهو المراد في قول الله عز وجل يا ايها الذين امنوا لا تأكلوا الربا اضعافا مضاعفة وله عند العرب صورتان الصورة الاولى الزيادة على اصل الدين عند حلول اجل الوفاء وتأجيله مدة اخرى للعجز عن الوفاء فعندما يحل الدين يأتي الدائن المدين فيقول له اما ان تقضي واما ان تربي فان قضاه الدين والا اجل له الدين مقابل دفع زيادة نظير التأجيل قال عطاء رحمه الله كان الثقيف تداين بني المغيرة في الجاهلية فاذا حل الاجل قالوا نزيدكم وتأخرون فنزلت لا تأكل الربا اضعافا مضاعفة وقال قتادة ان ربا الجاهلية ان يبيع الرجل المبيع الى اجل مسمى فاذا حل الاجل ولم يكن عند صاحبه قضاء زاده واخر عنه الصورة الثانية لربا الجاهلية الزيادة على دين القرض عند العقد ابتداء قال ابو بكر الجصاص رحمه الله الربا الذي كانت العرب تعرفه وتفعله انما كان قرض الدراهم والدنانير انما كان قرض الدراهم والدنانير الى اجل بزيادة على مقدار ما استقرض على ما يتراضون به هذا هو المتعارف المشهور بينهم ولذلك قال الله تعالى وما اتيتم من ربا ليربو في اموال الناس فلا يربو عند الله وقال الفخر الرازي في تفسيره ان ربا النسيئة هو الذي كان مشهورا متعارفا في الجاهلية وذلك انهم كانوا يدفعون المال على ان يأخذوا كل شهر قدرا معينا ويكون رأس المال باقيا ثم اذا حل الدين طالبوا المدينة برأس المال فان تعذر عليه الاذى زادوا في الحق والاجل فهذا هو الربا الذي كانوا يتعاملون به ايها الاخوة المستمعون هاتان الصورتان لربا الجاهلية موجودتان بعينهما اليوم في كثير من البنوك والمؤسسات المالية في العالم وتسمي ما تأخذه على الديون من ربا تسميه بالفوائد وتسمية الربا بالفائدة لا يغير طبيعته ولا حكمه من وجهة نظر الشريعة الاسلامية والحرام حرام مهما تغير اسمه ويذكر بعض المعاصرين ان الربا الذي تمارسه كثير من البنوك والمؤسسات المالية في الوقت الحاضر انه اسوأ من ربا الجاهلية لان اهل الجاهلية كانوا يقرضون نقودا فعلية وهي الدنانير الذهبية والدراهم الفضية واما البنوك فانها تقرض ما لديها من ودائع للاخرين وتأخذ عليها فوائد ربوية ثم ان اهل الجاهلية كانوا يأخذون الفوائد في نهاية المدة او مقصطة على اقساط شهرية واما البنوك فانها تحسب الفائدة وتخصمها من البداية قبل ان يأخذ المقترض القرظ فمثلا اقراظ مئة الف بفائدة عشرين في المئة على سبيل المثال يخصم البنك الفائدة اولا ويعطي المقترض ثمانين الفا فقط الواقع انه لم يقرظه الا ثمانين بفائدة عشرين اي ان الفائدة في الواقع هي خمس وعشرون في المئة البنك من الناحية العملية يأخذ اكبر من النسبة المعلنة ايها الاخوة المستمعون ان نظرة الاسلام الى القرظ تختلف كلية عن نظرة كثير من البنوك والمؤسسات المالية في الوقت الحاضر اما او ما يسمى بالنظام الاقتصادي العالمي الاسلام ينظر للقرظ على انه عقد من عقود الارفاق والاحسان والتكافل بين الناس ولذلك حرم انتفاع المقرظ بالقرظ لان هذا الانتفاع يخرج بالقرض عن موضوعه الاصلي وهو الارفاق والاحسان ويصبح يراد به المعاوضة والربح نظام الاقتصادي العالمي في الوقت الحاضر ينظر للقرض على انه وسيلة من وسائل الاستثمار وتحقيق الربحية ولذلك فان الاقراظ بفائدة يعتبر من ابرز اعمال البنوك في الوقت الحاضر ايها الاخوة المستمعون ان القرض بفائدة من صور ربا الجاهلية كما سبق قد اجمع العلماء على تحريمه قد حكى الاجماع على ذلك ابن منذر والموفق بن قدامة والقرطبي وشيخ الاسلام ابن تيمية وغيرهم رحمة الله تعالى على الجميع وفي الوقت الحاضر اصدرت كثير من الهيئات العلمية والمجامع الفقهية قرارات على تحريم القرض بفائدة اذكر منها على سبيل المثال قرار مجمع الفقه الاسلامي الدولي المنبثق عن منظمة المؤتمر الاسلامي في دورة انعقاد مؤتمره الثاني وجاء في القرار ان المجمع قرر اولا ان كل زيادة او فائدة على الدين الذي حل اجله وعجز المدين عن الوفاء به مقابل تأجيله وكذلك الزيادة او الفائدة على القرظ منذ بداية العقد هاتان الصورتان ربا محرم شرعا ثانيا ان البديل الذي يضمن السيولة المالية والمساعدة على النشاط الاقتصادي حسب الصورة التي يرتضيها الاسلام هو التعامل وفقا للاحكام الشرعية ايها الاخوة المستمعون وبعد ان تقرر تحريم الاقراض والاقتراظ بفوائد ربوية نذكر صورا للتعاملات المصرفية لهذا الاقراظ فمن اشهر الصور صورة الاقراض المباشر بفائدة هذه الصورة سبق ان نقلنا الاجماع على تحريمها ومنها تعجيل راتب الموظف قبل حلوله نظير اخذ عمولة على ذلك مثال ذلك هذا موظف راتبه الف ريال يحل في الخامس والعشرين من الشهر فيذهب هذا الموظف الى مؤسسة مالية لتعجل له صرف راتبه في منتصف الشهر نظير اقتطاع تلك المؤسسة عمولة من راتبه على ذلك فهذا في الحقيقة ما هو الا قرض بفائدة فكأن هذه المؤسسة قد اقرضت هذا الموظف ما يعادل راتبه نظير فائدة وهي ما تسمى بالعمولة ومن صور القرض بفائدة خصم الاوراق التجارية كأن يأتي حامل الكمبيالة مثلا كأن يأتي حامل الكمبيالة التي لا تحل الا بعد اجل الى بنك من البنوك ويطلب منه تعجيل صرف قيمتها مخصوما منه مبلغا معينا فهذه العملية ما هي الا قرض بفائدة فكأن البنك قد اقرض حامل الورقة التجارية كأنه قد اقرظه قيمتها الى حين حلول ميعاد استحقاقها قها بفائدة وهي المبلغ المخصوم من قيمة الورقة ومن صور الربا في الديون وضع شرط جزائي على الدين كأن يشترط الدائن على المدين بانه ان لم يسدد في الوقت المحدد فانه سيأخذ عليه مبلغا ماليا مقابل التأخر عن السداد وهذا في الحقيقة هو نظير ربا الجاهلية الذي سبق ان تكلمنا عنه والذي يقول فيه الدائن للمدين عند حلول الدين اما ان تقضي واما ان ترضي ويدخل في هذا ما تفعله بعض البنوك اليوم في بطاقات الائتمان تبي طاقة الفيزا والماستر كارد ونحوها حيث يشترطون على حامل البطاقة دفع فوائد ربوية اذا لم يسدد خلال فترة السماح المجانية فهذا هو نظير ربا الجاهلية الذي يقول فيه الدائن للمدين عند حلول الدين اما ان تقضي واما ان ترضي ونكتفي بهذا القدر في هذه الحلقة والى حلقة قادمة ان شاء الله. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته