بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين صلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله وخليله نبينا محمد وعلى اله وصحبه ومن اهتدى بهديه الى يوم الدين ايها الاخوة المستمعون السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نتناول معكم في هذه الحلقة جملة من احكام السلم نتناول منها جملة في هذه الحلقة ونستكمل بقية الاحكام في هذا الباب في حلقة قادمة ان شاء الله تعالى فنقول السلم في اللغة مأخوذ من التسليم والاسلام ويقال له السلف قال بعض اهل اللغة السلم لغة اهل الحجاز والسلف لغة اهل العراق والصواب الذي عليه المحققون من اهل اللغة ان السلم والسلف بمعنى واحد في لغة اهل الحجاز واهل العراق ويدل لذلك ان النبي صلى الله عليه وسلم وهو يتكلم بلغة الحجازيين قال من اسلف في شيء فليسلف في كيل معلوم ووزن معلوم الى اجل معلوم وسمي سلما لتسليم رأس المال في مجلس العقد ويسمى سلفا لتقديم رأس المال الذي هو الثمن ويعرف الفقهاء السلم بانه عقد على موصوف في الذمة مؤجل بثمن مقبوض في مجلس العقد فقولهم في التعريف عقد على موصوف اي انه لا بد ان يقع العقد على موصوف غير معين فلا يصح السلم في المعين اذ ان اذ اذ اذ ان السلم في المعين لا يصح وانما يمكن له ان يبيعه بيعا ولا حاجة للسلم في هذا الحال وقولهم في الذمة احترازا من الموصوف المعين بان يقول اسلمت اليك كذا ريال بالسلعة المعينة في المكان الفلاني والتي صفتها كذا وكذا فهذا لا يصح السلم فيه ولو كان موصوفا اذ انه موصوف معين وليس موصوفا في الذمة وقولهم مؤجل اي انه لا بد في السلم من التأجيل لو كان السلم حالا لم يصح في قول بعض الفقهاء وفي المسألة خلاف سنعرض له ان شاء الله عند الكلام عن شروط صحة السلام وقولهم بثمن مقبوض في مجلس العقد هذا القيد لابد منه اذ انه لو لم يقبض الثمن في مجلس العقد صار من قبيل بيع الدين بالدين وهو لا يجوز ايها الاخوة المستمعون وسورة السلم هو ان يأتي رجل الى اخر وينقده عشرة الاف ريال مثلا على ان يعطيه بها مائة كيلو تمر من نوع معين بعد مدة معينة والسلم جائز بالاجماع يدل لجوازه قول الله تعالى يا ايها الذين امنوا اذا تداينتم بدين الى اجل مسمى فاكتبوه قال ابن عباس رضي الله عنهما اشهد ان السلف المضمون الى اجل مسمى قد احله الله في كتابه واذن فيه ثم قرأ هذه الاية وفي الصحيحين عن ابن عباس رضي الله عنهما قال قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة وهم يسلفون بالتمر السنة والسنتين والثلاث فقال من اسلف في شيء فليسلف في كيل معلوم ووزن معلوم الى اجل معلوم في صحيح البخاري عن عبد الله ابن ابي اوفى رضي الله عنه قال انا كنا نسلف على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وابي بكر وعمر في الحنطة والشعير والزبيب والتمر وقد اجمع العلماء على جواز السلم وجوازه من محاسن الشريعة الاسلامية اذ ان فيه توسعة للناس ورفعا للحرج عنهم ولذلك فانه يسمى بيع المحاويج وفيه مصلحة للطرفين المسلم وهو المشتري وللمسلم اليه وهو البائع فالمسلم الذي هو المشتري ينتفع بالسلم وذلك بشرائه للمسلم فيه وهو المبيع باقل من قيمته الحاضرة اذ انه قد جرت عادة الناس بان يكون ثمن المسلم فيه اقل اقل من بيع الحاضر واما المسلم اليه الذي هو البائع فانه ينتفع بالسلم وذلك بحصوله على الثمن الذي هو رأس مال السلم مقدما والسلام نوع من البيع ويصح بالفاظ البيع وبلفظ السلم والسلف وبكل ما دل عليه ويشترط لصحة السلم شروط اولها شروط صحة البيع والتي سبق الكلام عنها مفصلا ذلك لان السلم نوع من البيع كما سبق فيشترط له ما يشترط للبيع ويشترط لصحة السلام كذلك شروط زائدة على شروط البيع نذكر منها في هذه الحلقة شرطين ونستكمل الكلام عن بقيتها في الحلقة القادمة ان شاء الله الشرط الاول ان يكون فيما يمكن ضبط صفاته كالمكيل والموزون والمزروع ونحو ذلك واما ما لا يمكن ضبط صفاته فلا يصح السلم فيه ذلك لانه يختلف كثيرا فيفضي الى المنازعة بين الطرفين وقد علم من اصول وقواعد الشريعة سد كل ما يفضي الى المنازعة والخصومة بين الناس ايها الاخوة المستمعون وان المتأمل لكتب الفقه لا يجد ان الفقهاء المتقدمين الذكر امثلة لما لا يمكن ضبط صفاته في زمنهم واما في وقتنا الحاضر فقد اصبح يمكن ضبط صفاتها بدقة متناهية بسبب التقدم الصناعي والتكنولوجي الذي يعيشه العالم اليوم فعلى سبيل المثال كان الفقهاء كان كثير من الفقهاء المتقدمين رحمهم الله تعالى ينص على عدم صحة السلم في الاواني نظرا لاختلافها ولعدم امكان ضبطها وذلك لكونها تصنع يدويا في زمنهم واما في الوقت الحاضر فيمكن ضبط صفات الاواني بدقة متناهية وذلك بمعرفة نوعها ورقمها وحينئذ وحينئذ نقول لا اشكال في صحة السلام فيها وبكل حال فالقاعدة هي ان ما امكن ضبط صفاته جاز الاسلام فيه وما لا فلا واما الحيوان فهل يقال انه يمكن ضبط صفاته في الجملة فيصح السلم فيه او يقال انه لا يمكن ضبط صفاته على وجه الدقة فلا يصح السلم فيه ائتلاف الفقهاء في ذلك الجمهور على انه يصح السلم في الحيوان وقد نص عليه الامام احمد في رواية الاثرم وروي عن عدد من الصحابة رضي الله عنهم منهم ابن مسعود وابن عباس وابن عمر وذهب بعض الفقهاء الى عدم صحة السلام فيه وهو مذهب الحنفية وقول جمهوري في هذا اسعد بالدليل وفي صحيح مسلم عن ابي رافع رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم استسلف من رجل بكرا وقدمت عليه ابل الصدقة فامر ابا رافع ان يقضي الرجل بكرة قال لا اجد الا خيارا رباعيا قال صلى الله عليه وسلم اعطه اعطه اياه فان خير الناس احسنهم قضاء وفي سنن ابي داود بسند صحيح عن عبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما ان النبي صلى الله عليه وسلم امره ان يجهز جيشا فنفدت الابل فامره ان يأخذ على قلائص الصدقة كان يأخذ البعير بالبعيرين والبعيرين بالثلاثة الى ابل الصدقة الشرط الثاني من شروط صحة السلام ان يصفه بما يختلف به الثمن ظاهرا فيذكر جنسه ونوعه وقدره وبلده وحداثته وقدمه وجودته ورداءته وانما اشترط ذلك لان المسلم فيه عوظ في الذمة فلا بد من العلم به كالثمن ولان العلم شرط في المبيع طريقه اما الرؤية او الوصف والرؤية متعذرة هنا فيتعين الوصف ولا يجب استقصاء كل الصفات لانه قد يتعذر قد ينتهي الحال فيها الى امر يتعذر معها تسليم المسلم فيه وانما يكتفى بالاوصاف الظاهرة التي يختلف بها الثمن ظاهرا بل انه لو استقصي جميع الصفات حتى انتهى الى حال يندر معها وجود المسلم فيه بتلك الاوصاف بطل السلم حينئذ لان من شروط السلم ان يكون المسلم فيه عام الوجود عند المحل. واستقصاء الصفات يمنع منه ونكتفي بهذا القدر في هذه الحلقة والى حلقة قادمة ان شاء الله استودعكم الله تعالى والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته