بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين صلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى اله وصحبه ومن اهتدى بهديه الى يوم الدين ايها الاخوة المستمعون السلام عليكم ورحمة الله وبركاته كنا قد تكلمنا في الحلقة السابقة عن جملة من احكام السلام وذكرنا شرطين من شروط صحة السلم ووعدنا باستكمال الكلام في بقية الشروط في في هذه الحلقة فنقول وبالله التوفيق الشرط الثالث من شروط صحة السلم ذكر قدر المسلم فيه فلا يصح السلم بدون ذكر قدر المسلم فيه باتفاق اهل العلم لقول النبي صلى الله عليه وسلم من اسلف في شيء فليسلف في كيل معلوم ووزن معلوم الى اجل معلوم ولانه عوض غائب يثبت في الذمة فاشترط معرفة قدره كالثمن ولابد من ان يذكر قدره بمعيار معلوم ومعهود عند عامة الناس يا الكيل والوزن والزرع ونحو ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم من اسلف في شيء فليسلف في كيل معلوم ووزن معلوم بل انه لا بد من تعيين الكيل عند اختلاف المكاييل في البلد قال الحافظ ابن حجر رحمه الله قراط تعيين الكيل فيما يسلم فيه من المكيل متفق عليه. من اجل اختلاف المكاييل الا ان لا يكون في البلد سوى كيل واحد فانه ينصرف اليه عند الاطلاق انتهى كلامه رحمه الله وما قيل في الكيل يقال في الوزن والزرع وسائر المعايير وبناء على ذلك لا يصح ذكر قدر المسلم فيه بشيء لم يعهد عند عامة الناس كما لو قال المسلم للمسلم اليه اسلمت اليك بملئ هذا الاناء عشر مرات الا يصح السلام في هذه الحال لان هذا الاناء ربما يفقد فيكون ذلك مظنة لوقوع النزاع بين الطرفين والشرع قد جاء بسد كل ما يؤدي الى النزاع بين الناس الشرط الرابع من شروط صحة السلم ذكر اجل معلوم له وقع في الثمن بناء على ذلك لا يصح السلام حالا والى هذا ذهب جمهور الفقهاء من الحنفية والمالكية والحنابلة واستدلوا بقول النبي صلى الله عليه وسلم من اسلف في شيء فليسلف في كيل معلوم ووزن معلوم الى اجل معلوم قال الموفق ابن قدامة رحمه الله في بيان وجه الدلالة من هذا الحديث امر النبي صلى الله عليه وسلم اي في هذا الحديث بالاجل والامر يقتضي الوجوب ولانه امر بهذه الشروط تبيين لشروط السلام ومنعا منه بدونها لذلك لا يصح اذا انتفى الكيل والوزن فكذلك الاجل ولان الحلول يخرجه عن اسمه ومعناه اما الاسم فانه سمي سلما وسلفا لتعجل احد العوظين وتأخر الاخر واما المعنى فلان يعني تاجيل المسلم فيه وتعجيل رأس المال وبالحلول لا يكون سلما وانما يكون بيعا لان الشارع انما رخص فيه من اجل الحاجة اليه. ومع حضور ما يبيعه حالا ومع حضور ما يبيعه حالا لا حاجة الى السلم فلا يثبت وذهب بعض الفقهاء الى انه يصح السلام حالا وهو قول ابن المنذر وابي ثور وهو مذهب الشافعية لان السلم عقد يصح مؤجلا فصح حالا كبيوع الاعيان ولانه اذا جاز مؤجلا فحالا اجوز ومن الغرر ابعد قالوا واما قول النبي صلى الله عليه وسلم من اسلف في شيء فليسلف في كيل معلوم ووزن معلوم الى اجل معلوم فالمقصود به انه اذا كان السلم الى اجل فليكن الاجل معلوما لا مجهولا واختار شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله في هذه المسألة صحة السلم حالا ان كان في ملكه وقال بعض المحققين ان الخلاف بين الجمهور والشافعية في هذه المسألة انما هو خلاف في تسمية هذه المعاملة سلما مع عدم وجود الاجل والا فانها جائزة شرعا سواء سميت بيعا او سميت سلما لانه ليس فيها ربا وليس فيها غرر وليس فيها ظلم والاصل في المعاملات الحل والاباحة ولا يصح السلام الى اجل مجهول كقدوم زيد من الناس مع عدم معرفة وقت قدومه يمثل بعض فقهاءنا الاجل المجهول في هذا بالحصاد والجذاذ رتبوا على ذلك انه لا يجوز السلام الى الحصاد او الجذاذ وذهب جمع من المحققين من اهل العلم الى صحة السلام الى الحصاد او الجذاذ ويتعلق الحكم باول الحصاد واول الجذاذ لانه في العادة لا يتفاوت كثيرا فاشبه ما لو قال الى رأس السنة وحينئذ فيكون الحصاد او الجذاذ اشبه بالاجل المعلوم ولعل هذا القول الاخير هو الراجح في المسألة والله تعالى اعلم الشرط الخامس من شروط صحة السلام ان يوجد المسلم فيه غالبا في وقت حلول اجله ليمكن تسليمه في وقته فان كان المسلم فيه لا يوجد في وقت الحلول لم يصح السلم كما لو اسلم في رطب وعنب الى الشتاء قال الموفق بن قدامة لا نعلم فيه خلافا الشرط السادس من شروط صحة السلام ان يقبض رأس مال السلم في مجلس العقد وذلك لانه اذا لم يقبض الثمن في مجلس العقد صار من قبيل بيع الدين بالدين وهو لا يجوز قال الامام الشافعي رحمه الله لا يقع اسم السلف فيه حتى يعطيه ما اسلفه قبل ان يفارق من اسلفه ولابد من ان يكون رأس مال السلم معلوما قدره ووصفه الشرط السابع من شروط صحة السلم ان يسلم في الذمة فيكون المسلم فيه غير معين اي انه موصوف في الذمة بناء على ذلك لا يصح السلام في شجرة معينة او في بستان معين وذلك لانه لا يؤمن تلفه وانقطاعه قال ابن منذر ابطال السلم اذا اسلم في ثمرة بستان بعينه كالاجماع من اهل العلم وقد اخرج ابن ماجة في سننه عن عبد الله ابن سلام رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم اسلف اليه رجل من اليهود دنانير في تمر مسمى فقال اليهودي من تمر حائط بني فلان فقال النبي صلى الله عليه وسلم اما من حائط بني فلان فلا ولكن كيل مسمى الى اجل مسمى وهذا الحديث وان كان اسناده ضعيفا الا ان المعنى الذي دل عليه هو كالاجماع بين اهل العلم ولا يشترط ذكر مكان الايفاء الا ان يكون موضع العقد لا يمكن الوفاء فيه كما لو عقد في طائرة او في سفينة ونحو ذلك فلا بد من ذكر مكان الوفاء حينئذ ايها الاخوة المستمعون ويمكن ان يستفاد من السلم في الوقت الحاضر على نطاق واسع وخاصة في عقود التوريد فيمكن للمستورد ان يعقد عقد سلم مع شركة او مع مصنع او مع مؤسسة او مع شخص او اشخاص بسلعة او في سلع موصوفة في الذمة يلتزم ذلك المتعاقد معه شخص او مؤسسة يلتزم بتسليمها عند حلول الاجل ولكن لا بد من العناية بتحقق شروط السلام السابقة وبخاصة الشرط السادس منها وهو قبض رأس مال السلم في مجلس العقد الى انه كثيرا ما يقع التساهل فيه من بعض المستوردين وحينئذ نقول لابد من ان يعجل المستورد الثمن بكامله عند العقد اما ان لم يعجل المستورد الثمن بكامله عند العقد فان هذا يكون من قبيل بيع الدين بالدين وهو محرم الا ان يكون محل عقد التوريد سلعة تتطلب صناعة فيكون العقد حينئذ عقد استصناع وهو جائز على الراجح من قول الفقهاء وهذا الذي ذكرته بالنسبة لعقود التوريد وخلاصة ما قرره مجمع الفقه الاسلامي الدولي المنبثق من منظمة المؤتمر الاسلامي بشأن عقود التوريد ونكتفي بهذا القدر في هذه الحلقة والى حلقة قادمة ان شاء الله تعالى السلام عليكم ورحمة الله وبركاته