بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى اله وصحبه ومن اهتدى بهديه الى يوم الدين ايها الاخوة المستمعون السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نتحدث معكم في هذه الحلقة عن بيع التقسيط وما يتعلق بذلك من مسائل واحكام فنقول وبالله التوفيق بيع التقسيط صورته ان يبيع رجل بضاعة او سلعة من السلع الى اجل او باقساط معلومة ويزيد في قيمة البضاعة مقابل الاجل مثال ذلك سيارة قيمتها نقدا خمسون الف ريال اراد رجل ان يشتريها بالتقسيط لمدة سنة بستين الفا تسدد منها كل شهر قسطا بخمسة الاف ريال فما حكم هذا البيع الجوام لا بأس به عند اكثر اهل العلم بل قد حكي الاجماع على جوازه كما حكى ذلك الحافظ ابن حجر رحمه الله في الفتح ومما يدل للجواز قول الله تعالى يا ايها الذين امنوا اذا تداينتم بدين الى اجل مسمى فاكتبوه ولم يشترط سبحانه ان تكون المداينة بسعر الوقت الحاضر ويدل لذلك ايضا ما جاء في الصحيحين عن ابن عباس رضي الله عنهما قال قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة والناس يسلفون في الثمر السنة والسنتين والثلاث فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم من اسلف في شيء فليسلف في كيل معلوم ووزن معلوم الى اجل معلوم ولم يشترط النبي صلى الله عليه وسلم ان يكون ذلك بسعر الوقت الحاضر ويدل لذلك ايضا حديث عبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما ان النبي صلى الله عليه وسلم امره ان يجهز جيشا فنفذت الابل فامره ان يشتري البعير بالبعيرين والبعيرين بالثلاثة الى ابل الصدقة ويدل لذلك ايضا ما جاء في الصحيحين في قصة برير رضي الله عنها حيث اشترت نفسها من سادتها بتسع اواق في كل عام اوقية وهذا نوع من بيع التقسيط ولم ينكر ذلك النبي صلى الله عليه وسلم بل اقره ويدل لذلك ايضا ما جاء في صحيح البخاري عن عائشة رضي الله عنها ان النبي صلى الله عليه وسلم اشترى من اشترى من يهودي طعاما الى اجل فرهنه درعة ولان امور التجارة لا تستقيم الا على ذلك فان سعر السلعة اذا بيعت نقدا يختلف عن سعرها اذا بيعت بثمن مؤجل عند عموم العقلاء باباحة زيادة قيمة السلعة مقابل الاجل مصلحة لكل من البائع والمشتري البائع ينتفع بالربح والمشتري ينتفع بالامهال والتيسير ثم انه ليس كل احد يستطيع ان يشتري حوائجه نقدا فلو منعت الزيادة في المداينة فكان في ذلك حرج كبير على كثير من الناس لا سيما وان الاصل في باب المعاملات هو الحل والاباحة الشريعة الاسلامية الكاملة قد جاءت بتحصيل المصالح وتكميلها وتعطيل المفاسد وتقليلها ولكن ينبغي لمن يبيع بالتقسيط الا يستغل حاجات اخوانه المسلمين ويزيد عليهم في الربح زيادة فاحشة قد ورد في سنن ابي داوود عن علي رضي الله عنه قال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع المضطر وهذا الحديث وان كان في سنده ضعف الا ان الاصول والقواعد الشرعية تدل على كراهة استغلال الانسان حاجة اخيه واضطراره وزيادة اخذ الربح عليه زيادة فوق المعتاد ثم انه ينبغي لمن يبيع بالتقسيط ان يجعل الربح مقطوعا ان يجعل الربح مقطوعا ولا يجعله بالنسبة اي انه يقول مثلا ابيعك هذه السيارة بخمسين الف ريال وربح خمسة الاف ريال ولا يقول ابيعك هذه السيارة على ان اربح في كل عشرة الاف الفا فانه اه قد ورد عن بعض السلف كراهة ذلك قال الموفق ابن قدامة رحمه الله المرابحة ان يبيعه بربح فيقول رأس ما لي فيه مئة وربح عشرة هذا جائز لا خلاف في صحته ولا نعلم احدا كرهه قال وان قال على ان اربح في كل عشرة درهما فقد كرهه احمد ورويت فيه الكراهة عن ابن عمر وابن عباس رضي الله عنهما ولا يعلم لهما في الصحابة مخالف ورويت كراهته كذلك عن الحسن البصري ومسروق وعكرمة وسعيد بن جبير وعطاء بن يسار رحمهم الله تعالى انتهى كلامه رحمه الله ووجه الكراهة شبهه ببيع دراهم بدراهم قال الامام احمد كانه دراهم بدراهم ولكن هذا المروي عن بعض السلف انما هو مكروه مجرد كراهة لا انه محرم ولذلك قال الوزير ابن هبيرة رحمه الله اتفقوا على ان ربح المرابحة صحيح وهو ان يقول ابيعك والربح في كل عشرة درهم وكرهه احمد لشبهه بيع العشرة باحد عشر. لا انه منه حقيقة والا لحرم ايها الاخوة المستمعون هذا ما يتعلق ببيع التقسيط ظاهر مما سبق انه بين طرفين فقط ولكن ما الحكم فيما لو طلب شخص من اخر او من مؤسسة او من مصرف ان يشتروا له سلعة معينة ثم يشتريها منهم بالتقسيط هذه المسألة يسميها بعض المعاصرين ببيع المرابحة للامر بالشراء قبل ان نتكلم عن حكمها الشرعي اضرب مثلا لتتجلى به صورة المسألة. فنقول هذا رجل يريد سيارة معينة وليس عنده نقد يشتري به هذه السيارة فذهب الى مؤسسة وطلب منها ان تشتري له تلك السيارة ثم يشتريها هو من المؤسسة بالتقسيط فما حكم هذا العمل قل لا يخلو الامر من حالين الحالة الاولى ان يتفق ذلك الرجل على ان تقوم تلك المؤسسة او المصرف بشراء تلك السلعة المعينة ثم بيعها عليه بالتقسيط هذا محرم لان هذا الاتفاق هو في الحقيقة عقد انه يتضمن اتفاقا بين ارادتين على انشاء حق واذا كان عقدا فتكون تلك المؤسسة او المصرف قد باع ما لا يملك وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم لا تبع ما ليس عندك ثم انه حيلة على الاقراض بفائدة فكأن هذه المؤسسة او المصرفة قد اقرضت هذا الرجل قيمة هذه السيارة مع فائدة معينة قد جعلت هذا البيع الصوري حيلة على ذلك القرض المحرم قد اشار بعض الفقهاء المتقدمين الى ذلك قال الحافظ ابن عبد البر رحمه الله اذا طلب رجل من اخر سلعة يبيعها منه بنسيئة وهو يعلم انها ليست عنده ويقول له اشترها من مالكها هذا بعشرة وهي علي باثني عشر الى وهي علي باثني عشر الى اجل كذا فهذا لا يجوز لان معناه انه تحيل في بيع دراهم بدراهم تحيل في بيع دراهم بدراهم اكثر منها الى اجل بينهما سلعة محللة انتهى كلامه رحمه الله واقول ان هذا مع الاسف وواقع كثير من البنوك اليوم. حيث يجرون عقود بيوع التقسيط على سلع لم يتملكوها بعد الحال الثانية الا يحصل تعاقد سابق بين ذلك الرجل وبين تلك المؤسسة او المصرف على اتمام عملية الشراء وانما يحصل مجرد وعد وانما الذي يحصل هو مجرد وعد من تلك المؤسسة او المصرف بانه اذا اشترى تلك البضاعة فسوف يبيعها لذلك الرجل ووعد من ذلك الرجل بانه سوف يشتري تلك البضاعة فهذا يجوز بشرطين الشرط الاول ان يكون الاتفاق بينهما مجرد وعد بالبيع ووعد بالشراء وهذا الوعد غير ملزم لكل منهما لكل من المؤسسة والمصرفي وذلك فلكل من المؤسسة او ذلك المصرف وذلك الرجل لكل منهما الحرية في اتمام ذلك البيع او الاعراض عنه يترتب على ذلك ان تكون تلك السلعة او البضاعة لو تلفت قبل تسلم ذلك الرجل لها فهي من ظمان تلك المؤسسة او المصرف ومن المعلوم ان هناك فرق بين العقد وبين الوعد العقد ارتباط منجز. واما الوعد فهو مجرد ابداء الرغبة في الشيء الشرط الثاني الا يقع العقد بينهما الا بعد قبض تلك المؤسسة او المصرف للسلعة او البضاعة واستقرارها في ملكه واذا تحقق هذان الشرطان فلا مانع من جواز هذه العملية وقد قرر ذلك مجمع الفقه الاسلامي الدولي التابع لمنظمة المؤتمر الاسلامي في دورة مؤتمره الخامس وجاء في القرار المواعدة وهي التي تصدر من الطرفين تجوز في بيع المرابحة بشرط الخيار للمتواعدين او احدهما فان لم يكن هناك خيار فانها لا تجوز لان المواعدة الملزمة في بيع المرابحة تشبه البيع نفسه حيث يشترط حينئذ ان يكون البائع مالكا للمبيع حتى لا تكون هناك مخالفة لنهي النبي صلى الله عليه وسلم عن ما ليس عنده ونكتفي بهذا القدر في هذه الحلقة والى حلقة قادمة ان شاء الله. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته