بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على خليله ونبيه نبينا محمد وعلى اله وصحبه ومن اهتدى بهديه واتبع سنته الى يوم الدين ايها الاخوة المستمعون السلام عليكم ورحمة الله وبركاته كنا قد تكلمنا في حلقات سابقة عن احكام البيع وما يتعلق به من مسائل وننتقل بعد ذلك الى الحديث عن باب هو من اهم ابواب الفقه وجدير بالمسلم ان يتفقه في مسائله واحكامه خاصة في زمننا هذا الذي قد فشى فيه فشوا كبيرا حديثنا ايها الاخوة عن الربا الذي هو من السبع الموبقات سوف نتكلم ان شاء الله في الحلقات المقبلة عن احكام ومسائل الربا واما هذه الحلقة لعل من المناسب ان تكلم عما ورد في الربا من النصوص من الكتاب والسنة فنقول الربا من كبائر الذنوب ومن السبع الموبقات قد حرمه الله عز وجل في جميع الشرائع السماوية واخبرنا سبحانه في محكم كتابه انه حرم الربا على اليهود ولكنهم خالفوا فاخذوا الربا وقد نهوا عنه يقول الله عز وجل فبظلم من الذين هادوا حرمنا عليهم طيبات احلت لهم وبصدهم عن سبيل الله كثيرا واخذهم الربا وقد نهوا عنه واكلهم اموال الناس بالباطل واعتدنا للكافرين منهم عذابا اليما وقد وردت النصوص الكثيرة من الكتاب والسنة محذرة من الربا معذرة منه اشد التحذير ومبينة عظيمة اثمه عند الله عز وجل قال شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله قال ان الربا قد جاء فيه من الوعيد ما لم يجئ في غيره وقد ذكر الامام القرطبي رحمه الله في كتابه الجامع لاحكام القرآن لما تكلم عن ايات الربا ذكر عن الامام مالك قصة رحمه الله قال الامام القرطبي جاء رجل الى الامام ما لك فقال يا ابا عبد الله اني رأيت رجلا سكرانا يتعاقر تريد ان يأخذ القمر اي من شدة سكره فقلت امرأتي طالق ان كان يدخل جوف ابن ادم اشر من الخمر فقال الامام ما لك ارجع حتى انظر في مسألتك فاتاه من الغد فقال له ارجع حتى انظر في مسألتك اتاه من الغد فقال الامام ما لك امرأتك طالق اني تصفحت كتاب الله وسنة نبيه الم ار شيئا اشر من الربا اني تصفحت كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم الم ار شيئا اشر من الربا لان الله قد اذن فيه بالحرب وقد بين الله عز وجل في كتابه الكريم ان الذين يأكلون الربا لا يقومون اي من قبورهم عند البعث الا كما يقوم المصروع حال صرعه وذلك لتضخم بطونهم بسبب اكلهم الربا في الدنيا يقول الله عز وجل الذين يأكلون الربا لا يقومون الا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس قال الحافظ ابن كثير رحمه الله في تفسيره اي لا يقومون من قبورهم يوم القيامة الا كما يقوم المصروع حال صرعه وتخبط الشيطان له وذلك انه يقوم قياما منكرا قال ابن عباس رضي الله عنهما اكل الربا يبعث يوم القيامة مجنونا يخنق قال الامام القرطبي رحمه الله جعل الله تعالى هذه العلامة لاكلة الربا وذلك انه ارباه في بطونهم فاثقلهم فهم اذا خرجوا من قبورهم يقومون ويسقطون ويقال انهم يبعثون يوم القيامة قد انتفخت بطونهم كالحبال وكلما قاموا سقطوا والناس يمشون عليهم قال بعض العلماء انما ذلك شعار يعرفون به يوم القيامة ثم العذاب من وراء ذلك كما ان الغال يجيء بما غل يوم القيامة بشهرة يشتهر بها ثم العذاب من وراء ذلك كما توعد الله عز وجل الذي يعود الى اكل الربا بعد معرفة تحريمه بقوله ومن عاد فاولئك اصحاب النار هم فيها خالدون واخبر سبحانه بانه يمحق الربا فقال يمحق الله الربا ويربي الصدقات قال الحافظ ابن كثير رحمه الله في تفسيره يخبر تعالى انه يمحق الربا اي يذهبه اما بان يذهب بالكلية من يد صاحبه او يحرمه بركة ما له فلا ينتفع به بل يعذبه به في الدنيا ويعاقبه عليه يوم القيامة انتهى كلامه رحمه الله فاموال المرابي مهما كثرت وهي ممحوقة البركة ايها الاخوة اموال المرابي مهما كثرت فهي ممحوقة البركة باخبار ربنا عز وجل ولذلك فان اموال المرابي اما ان يسلط الله عليها من الافات ما يذهبها واما ان تبقى في يد صاحبها ولكن لا بركة فيها صاحبها محروم منها لا ينتفع بها في الدنيا ولا في الاخرة بل هي وبال على صاحبها تعب في الدنيا وعذاب في الاخرة وقد وصف الله تعالى المرابي بانه كفار اثيم. فقال يمحق الله الربا ويربي الصدقات. والله لا يحب كل كفار اثيم فاخبر سبحانه انه لا يحب المرابي وحرمانه من محبة الله يستلزم ان الله يبغضه ويمقته وتسميته كفارا اي مبالغا في كفر النعمة وهو الكفر الذي لا يخرج من الملة فهو كفار لنعمة الله لانه لا يرحم العاجز ولا يساعد الفقير ولا ينظر المعسر او ان المراد بكفار الكفر المخرج عن الملة اذا كان يستحل الربا وقد وصفه الله تعالى في هذه الاية بانه اثيم اي مبالغ في الاثم وقد اعلن الله تعالى الحرب منه ومن رسوله على المرابي لانه عدو لهما ان لم يتركوا الربا ووصفه بانه ظالم قال سبحانه يا ايها الذين امنوا اتقوا الله وذروا ما بقي من الربا ان كنتم مؤمنين فان لم تفعلوا فاذنوا بحرب من الله ورسوله. وان تبتم فلكم رؤوس اموالكم. لا تظلمون ولا تظلمون ففي هاتين الايتين جملة من التهديدات عن تعاطي الربا اولا انه سبحانه نادى عباده باسم الايمان. يا ايها الذين امنوا ثم ختم الاية بقوله ان كنتم مؤمنين فدل على ان تعاطي الربا فدل على ان تعاطي الربا لا يليق بالمؤمن ثانيا ان الله تعالى قال اتقوا الله فدل على ان الذي يتعاطى الربا لا يتقي الله ولا يخافه ثالثا ان الله تعالى قال ذروا ما بقي من الربا وذروا ما بقي من الربا اي اتركوا وهذا امر بترك الربا. فدل على ان من يتعاطى الربا قد عصى امر الله رابعا ان الله سبحانه اعلن الحرب على من لم يترك الربا فقال فان لم تفعلوا اي لم تتركوا الربا فاذنوا بحرب من الله ورسوله اي اعلموا انكم تحاربون الله ورسوله قال ابن عباس رضي الله عنهما يقال يوم القيامة لاكل الربا خذ سلاحك للحرب ثم قرأ الاية خامسا تسمية المراب ظالما وذلك في قوله سبحانه فلكم رؤوس اموالكم لا تظلمون ولا تظلمون ايها الاخوة المستمعون وقد ورد في السنة نصوص كثيرة فيها التحذير من الربا بيان عظيم اثمه عند الله عز وجل فمن ذلك ما جاء في صحيح مسلم عن جابر بن عبدالله رضي الله عنهما قال لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم اكل الربا وموكله وكاتبه وشاهديه وقال هم سواء واللعن يقتضي الطرد والابعاد عن رحمة الله وفي صحيح البخاري عن عن سمرة بن جندب رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال اتاني الليلة اتيان وانه ما قالا لي انطلق انطلق الى ان قال عليه الصلاة والسلام فانطلقنا حتى اتينا على نهر من دم فيه رجل يسبح وعلى شط النهر رجل بين يديه حجارة كثيرة واذا ذلك السابح يسبح ما يسبح ثم يأتي ذلك الذي قد جمع عنده الحجارة فيفغروا اي يفتح له فاه فيلقمه حجرا فينطلق يسبح ثم يرجع اليه كلما رجع اليه فغر له فاه فالقمه حجرا وقلت سبحان الله ما هذان قال لي انطلق انطلق ثم اخبراه فيما بعد انه اكل الربا وعن ابن مسعود رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال الربا ثلاث وسبعون بابا ايسرها مثل ان ينكح الرجل امه رواه الحاكم وقال صحيح على شرط البخاري ومسلم وعن ابي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الربا سبعون بابا ادناها كالذي يقع على امه قال الحافظ المنذري رواه البيهقي باسناد لا بأس به وعن عبد الله بن حنظلة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم درهم ربا يأكله الرجل وهو يعلم اشد من ستة وثلاثين زنية رواه احمد والطبراني ورجال احمد رجال الصحيح وعن ابن مسعود رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال ما ظهر في قوم الزنا والربا الا احلوا بانفسهم ان عذاب الله رواه ابو يعلى باسناد جيد وعنه رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال ما احد اكثر من الربا الا كان عاقبة امره الى قلة رواه ابن ماجه والحاكم وقال صحيح الاسناد وقال ابن دقيق العيد رحمه الله اكل الربا مجرب له سوء الخاتمة. نسأل الله تعالى السلامة والعافية. وان يجنبنا الربا واسباب سخطه وان يكفينا بحلاله عن حرامه وبفضله عمن سواه وصلى الله وسلم على نبينا محمد والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته