بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين صلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى اله وصحبه ومن اهتدى بهديه واتبع سنته الى يوم الدين ايها الاخوة المستمعون السلام عليكم ورحمة الله وبركاته قلنا ايها الاخوة قد تكلمنا في الحلقة السابقة عن الربا وذكرنا بعض النصوص الواردة في شأن الربا وانه من اعظم الذنوب ومن السبع الموبقات وقبل ان ندخل في مسائل واحكام الربا اه يحسن بنا ان نتكلم عن بعض وجوه الحكمة من تحريم الربا فلعلنا نخصص هذه الحلقة للكلام عن ذلك ثم نبدأ في الحلقة القادمة ان شاء الله في الكلام عن احكام ومسائل الربا فنقول مما ذكره العلماء من وجوه الحكمة بتحريم الربا الظرر العظيم الذي يحصل للفرد والمجتمع من جراء الربا فهو يخل بنظام المجتمع ويقسم الناس الى طبقتين. طبقة غنية تزداد غنى وطبقة فقيرة تزداد فقرا ويمكن اجمال بعض ما ذكره العلماء من وجوه الحكمة من تحريم الربا فيما يأتي. اولا يتضمن الربا ظلما واضحا خاصة في باب الربا في الديون وربا القرض ففيه اخذ مال من غير عوظ لان من يبيع درهما بدرهمين الى اجل يحصل له زيادة يحصل له زيادة درهم من غير عوض ولا جهد ولا عمل ولا تعرض لربح وخسارة وانما يعيش على كد وسعي الاخرين وهو يشارك الزارع في زرعه والصانع في مصنعه والعامل في معمله والتاجر في مكسبه من غير ان قوم هو باي عمل وانما تأتيه ارباحه وهو امن في بيته بينما غيره كادح وجل يخشى الخسارة في عمله وماله وقد اشار القرآن الكريم الى هذه الحكمة اي تسمى المرابي ظالما يقول الله عز وجل يا ايها الذين امنوا اتقوا الله وذروا ما بقي من الربا ان كنتم مؤمنين. فان لم تفعلوا فاذنوا قرب من الله ورسوله وان تبتم فلكم رؤوس اموالكم لا تظلمون ولا تظلمون ثانيا انه يربي الانسان على الكسل والخمول والابتعاد عن الاشتغال بالمكاسب النافعة والسعي في الارض بالزراعة او الصناعة او التجارة لان الانسان اذا رأى انه اذا اودع نقوده في مصرف من المصارف حصل على فائدة ثابتة مضمونة فعل ذلك واخلد الى الراحة والكسل بهذا تتعطل مواهب الامة تخسر الامة ايادي كان بوسعها واستطاعتها ان تسعد نفسها وتسعد غيرها. بدلا من اسعاد نفسها على مضرة الاخرين يقول الامام الفخر الرازي قال بعضهم الله تعالى انما حرم الربا من حيث انه يمنع الناس من الاشتغال بالمكاسب وذلك لان صاحب الدرهم اذا تمكن بواسطة عقد الربا من تحصيل الدراهم الزائدة نقدا كان او نسيئة خف عليه اكتساب المعيشة ولا يكاد يتحمل مشقة الكسب والتجارة والصناعات الشاقة ثالثا ان الربا يفضي الى انقطاع المعروف بين الناس. والى سد باب التعاون والاحسان والمواساة ويؤدي الى تكدس الاموال بايدي نفر قليل من المرابين الغني يزداد غنا والفقير يزداد فقرا وينقسم المجتمع الى طبقتين طبقة الاغنياء المتخمين وطبقة الفقراء المعدمين مما يورث العداوة والبغضاء بين طبقات المجتمع ولذلك لا تكاد توجد اية من ايات التحذير من الربا الا وقبلها او بعدها اية او ايات تحض على الصدقة وعلى البذل والانفاق وعدم استغلال حاجة الفقراء والمعسرين حتى لا يكون المال دولة بين الاغنياء وحتى لا يستغل القوي الضعيف ولا الغني الفقير حتى لا تكون حياة الناس حياة مادية بحتة لا هم للغني فيها الا تكديس الثروة وامتصاص اموال الفقراء والمساكين رابعا الربا من اسباب انتشار البطالة وفشوها في المجتمع وذلك لان اصحاب الاموال يفضلون اقراض اموالهم بالربا على استثمارها في اقامة مشروعات صناعية او زراعية او وتجارية وهذا بالتالي يقلل من فرص العمل فتنتشر البطالة في المجتمعات التي يفشوا فيها الربا ويؤكد هذا ما يشاهد من معاناة الدول الغربية من مشكلة البطالة رغم تقدمها في امور التكنولوجيا وتطورها في الصناعة قد قرر هذه الحقيقة بعض الكتاب الغربيين وبينوا ان من ابرز اسباب فشو البطالة في اي مجتمع فشو الربا فيه خامسا الربا من اسباب غلاء الاسعار لان صاحب المال اذا استثمر ما له في صناعة او في زراعة او في شراء سلعة فلن يرضى ببيع سلعته بان يبيع سلعة او الشيء الذي انتجه الا بربح اكثر من نسبة الربا وذلك لانه يرى انه قد استثمر المال بذل الجهد وعرض نفسه للخسارة فلابد ان تكون نسبة الربح اكثر من نسبة الربا وكلما ازدادت نسبة الربا غلت الاسعار اكثر هذا اذا كان المنتج او التاجر صاحب مال اما اذا كان المنتج او التاجر ممن يقترض بالربا ورفعه اسعار منتجاته وسلعه امر بدهي حيث سيضيف الى نفقاته ما يدفعه من ربا وقد اكد كثير من الاقتصاديين حقيقة تأثير الربا على رفع الاسعار وبينوا ان الربا من ابرز اسباب ارتفاع الاسعار سادسا الربا من ابرز نشوء الازمات الاقتصادية التي تحل بالمؤسسات والشركات والدول فان من يقترض بفوائد ربوية تتراكم عليه مع مرور الزمن الديون ويعجز في الغالب عن سدادها وقد ثبت ان الازمات التي تعتلي الاقتصاد العالمي انما تنشأ غالبا من الربا الذي يتراكم مع مرور الوقت على الشركات والدول قلت لكم هي ابرز وجوه الحكمة من تحريم الربا وما لم نذكره اكثر بكثير مما ذكرناه ولكن يكفينا ان هذا هو تشريع رب العالمين خالق العباد وحكمه وتشريعه حكمة الحكم وغاية الحكم ايها الاخوة المستمعون لقد اذن الله تعالى المرابي بالحرب واخبر بانه لا يحبه ووصفه بانه ظالم ولعنه والله صلى الله عليه وسلم ولذلك نجد ان المرابي محروم من ما له لان الانسان انما يريد من المال اللذة وبسطة العيش والجاه والمكانة بين الناس. والمراب بعيد عن ذلك اشتغاله غالبا عن تلك اللذة بولهه في ماله ولمقت الناس اياه وكراهتهم له فهو اي المرابي لم يحسن التصرف في التوصل الى ثمرة الى ثمرة المال وقد اقتضت سنة الله في ان عابد المال الذي لا يرحم مسكينا ولا ينظر معسرا الا بمال يأخذه ربا بدون مقابل ان يكون محروما من الثمرة الشريفة للثروة وهي كون صاحبها ناعما عزيزا شريفا عند الناس لكونه مصدرا لخيرهم وللتفضل عليهم واعانتهم كما انه يكون محروم في الاخرة من ثواب المال فالمرابي محروم من ماله في الدنيا والاخرة واقتضت سنة الله في ان المتصدق يكون انتفاعه بماله اكثر من ماله. كما في حديث ابي هريرة رضي الله عنه عند الشيخين ان النبي صلى الله عليه وسلم قال من تصدق بعدل تمرة من كسب طيب ولا يقبل الله الا طيبا فان الله الا يقبلها بيمينه ثم يربيها لصاحبها كما يربي احدكم فلوه حتى تكون مثل الجبل نعم ايها الاخوة ان المتصدق ينتفع بماله في الدنيا والاخرة. والله تعالى يقول وما انفقتم من شيء فهو يخلفه واما المرابي فهو محروم من ما له. الذي افنى عمره في تكديسه محروم منه في الدنيا فلا يهنأ ولا يسعد به ولا يرى ثمرة هذا المال ومحروم منه في الاخرة بل هو وبال عليه في الاخرة وصدق الله العظيم اذ يقول يمحق الله الربا ويربي الصدقات والله لا يحب كل كفار اثيم. والى لقاء في حلقة قادمة ان شاء الله. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته