بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى اله وصحبه. ومن اهتدى بهديه الى يوم الدين ايها الاخوة المستمعون السلام عليكم ورحمة الله وبركاته حياكم الله تعالى في هذه الحلقة الجديدة من هذا البرنامج ايها الاخوة نتحدث معكم في هذه الحلقة عن جملة من مسائل الربا فنبتدء اولا بتعريف الربا فنقول الربا في اللغة معناه الزيادة. ومنه قول الله تعالى فاذا انزلنا عليها الماء اهتزت وربت اي زادت وعلت ومنه قول الله تعالى ان تكون امة هي اربى من امة اي اكثر عددا ومعناه في الشرع الزيادة في اشياء مخصوصة وسيأتي الكلام عن هذه الاشياء المخصوصة وقد اجمعت الامة على تحريم الربا ومن انكر تحريم الربا فهو كافر لانه من المحرمات المعلومة من دين الاسلام بالضرورة وينقسم الربا الى ربا الفضل وربا النسيئة واضاف بعض العلماء قسما ثالثا وهو ربا القرظ وسنتكلم في هذه الحلقة من حلقات القادمة ان شاء الله عن هذه الاقسام الثلاثة بالتفصيل والاشياء التي يجري فيها الربا بينها النبي صلى الله عليه وسلم بقوله الذهب بالذهب والفظة بالفظة والبر بالبر والشعير بالشعير والتمر بالتمر والملح بالملح مثلا بمثل يدا بيد فمن الفقهاء من قصر الربا على هذه الاشياء الستة وقالوا لا يجري الربا فيما سواها وهذا القول مروي عن قتادة وطاووس وهو مذهب اهل الظاهر وذهب اليه ابو الوفاء ابن عقيل الحنبلي رحمة الله على الجميع ولكن هذا القول قول مرجوح والصواب هو ما عليه جمهور الامة من ان الربا يجري في هذه الاشياء الستة وما وافقها في العلة لان هذه الشريعة الكاملة المحكمة لا يمكن ان تفرق بين متماثلين ولانه قد وردت عدة اثار تدل على جريان الربا فيما عدا هذه الستة المنصوص عليها ومنها ما جاء في الصحيحين عن ابن عمر رضي الله عنهما ان النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن المزابنة والمحاقلة قال والمزابنة هي ان يبيع ثمر حائطه بتمر كيلا وان كان كرما ان يبيعه بزبيب كيلا وان كان طعاما ان يبيعه بكيل طعام ففي هذا الحديث ادخل نوعا جديدا من غير الانواع الستة المنصوص عليها وهو الزبيب وهو الزبيب والعنب ودل ذلك على ان الربا لا يقتصر على تلك الاشياء الستة المنصوص عليها ثم اختلف الجمهور في علة الربا قال بعضهم ان العلة هي الكيل او الوزن يجري الربا عندهم في كل مكيل او موزون ولا يجري فيما عدا المكيل والموزون هذا القول هو المشهور من مذهب الحنابلة والحنفية وقال اخرون العلة في العلة في الربا هي في الذهب والفضة غلبة الثمانية وفيما عداهما الطعم وهذا هو المشهور من مذهب الشافعية وقال اخرون العلة في الربا في الذهب والفضة غلبة الثمانية وفيما عداهما الاقتيات والادخار واليه ذهب المالكية والقول الصحيح في هذه المسألة وهو الذي عليه المحققون من اهل العلم هو ان علة الربا بالنقدين اي الذهب والفضة الثمنية ويقاس عليهما كل ما جعل اثمانا الاوراق النقدية في وقتنا الحاضر والعلة فيما عدا النقدين هي الكيل او الوزن مع الطعم الكيل او الوزن مع الطعم وقد اختار هذا القول الموفق ابن قدامة رحمه الله وشيخ الاسلام ابن ابن تيمية رحمه الله وهو رواية عن الامام احمد رحمه الله ووجه هذا القول ان الذهب والفضة وما يقوم مقامهما في التعامل بين الناس وفي تقويم الاشياء كالاوراق النقدية بها قوام الاموال والمقصود منها ان تكون معيارا يتوصل بها الى معرفة مقادير الاموال ولا يقصد الانتفاع بعينها فكان التعليل بالثمانية تعليلا بوصف مناسب واما ما عدا النقدين وما في معناهما فالعلة فيه الطعم مع الكيل او الوزن اما الطعم فلحديث معمر ابن عبدالله رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال الطعام بالطعام مثلا بمثل رواه مسلم ولهذا الحديث اشارة الى علة الطعم واما الكيل والوزن وقد قال الموفق بن قدامة رحمه الله نهي النبي صلى الله عليه وسلم عن الطعام الا مثلا بمثل يتقيد بما فيه معيار شرعي وهو الكيل والوزن اذ ان الطعم بمجرده لا تتحقق به المماثلة لعدم المعيار الشرعي. فوجب تقييده بالمعيار الشرعي وهو والوزن وبناء على ما تقدم فانما اجتمع فيه الكيل او الوزن مع الطعم فيجري فيه الربا وذلك كالارز والذرة واللحم والخل واللبن والدهن ونحو ذلك ومن عدم فيه الكيل والوزن والطعم فلا ربا فيه كالالات والسيارات وجميع الاجهزة الكهربائية والالكترونية ونحو ذلك واما ما وجد فيه الطعم وحده لكنه لا يكال ولا يوزن كالبيض والجوز فلا يدري فيه الربا كذلك ما كان مكيلا لكنه غير مطعوم كالاسنان لا يجري فيه الربا بناء على القول الراجح في علة الربا ولا يدري الربا كذلك في الفواكه كالبرتقال والتفاح ونحو ذلك ايها الاخوة المستمعون واذا اختلفت علة الربا بين شيئين فيجوز فيهما التفاضل والتأجيل وذلك كبيع التمر بالاوراق النقدية مثلا فلا يشترط فيه التقابظ لان العلة في التمر هي الكيل مع الطعم والعلة في الاوراق النقدية هي مطلق الثمنية ومع اختلاف العلة يجوز التفاضل والتأجيل وكذلك يجوز بيع الذهب بالبرد والفظة بالشعير من غير اشتراط التماثل او التقابظ وذلك لاختلاف العلة اما اذا اتحدت علة الربا في شيئين فلا يخلو من ان يكون من جنس واحد او من جنسين فان كان من جنس واحد كتمر بتمر فيشترط لصحة بيع احدهما بالاخر يشترط شرطان الشرط الاول التماثل في القدر الشرط الثاني التقابض قبل التفرق اما اذا اختلف الجنس كتمر ببر فيشترط شرط واحد فقط وهو التقابض قبل التفرق ويجوز التفاضل في هذه الحال لقول النبي صلى الله عليه وسلم فاذا اختلفت الاجناس فبيعوا كيف شئتم اذا كان يدا بيد والجنس هو الشامل لاشياء مختلفة بانواعها التمر مثلا جنس والبر جنس وهكذا والنوع هو الشامل لاشياء مختلفة باشخاصها فمثلا تمر جنس وله انواع تمر السكري نوع والتمر الخلاص نوع والتمر الصفري نوع وهكذا والذي يؤثر في الحكم هو اختلاف الجنس. اما اختلاف النوع فلا اثر له فمثلا لا يجوز بيع كيلو تمر سكري بكيلو تمر خلاص ولو كانت قيمتهما متساوية كما انه لا يجوز كما انه لا اثر للجودة والرداءة والقدم و والحداثة ففي مثالنا السابق بيع كيلو تمر بكيلوين تمر خلاص هنا يلاحظ عدم التماثل لان هذا اه كيلو واحد ومن التمر الاخر كيلوان وهذا نوع وهذا نوع ولكن كما قلنا ايها الاخوة لا اثر للنوع في هذا الحكم كما انه لا اثر للجودة والرداءة ولا للقدم والحداثة في باب الربا يدل لذلك ما جاء في الصحيحين عن ابي هريرة رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم استعمل رجلا على خيبر فجاءهم بتمر وهو نوع من التمر الجيد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم اكل تمر خيبر هكذا؟ قال لا انا لنأخذ الصاع من هذا بالصاعين يعني من جاء تسميته في بعض الروايات بالجمع والصاعين بالثلاثة قال النبي صلى الله عليه وسلم لا تفعل بع الجمع بالدراهم ثم ابتعي ثم ابتع بالدراهم جنيبا. ففي هذا الحديث نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن بيع الصاعين من التمر الرديء في الصاع من التمر الجيد. وجاء في بعض الروايات ان النبي صلى الله عليه وسلم قال هذا عين الربا مع ان الظاهر هو تساوي الصاعين من التمر الرديء في الصاع من التمر الجيد في القيمة ومع ذلك نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك بل جعله عين الربا ومثل ذلك يقال فيما ذكرناه من المثال فلا يجوز ان يباع صاع تمر سكري بصاعي تمر اخلاص ونحو ذلك ومثل ذلك ايضا يقال في الذهب. فلا يجوز للمرأة ان تبيع ذهبا قديما بذهب جديد مع التفاضل في الوزن. ولو تساويا في القيمة المخرج الشرعي في هذا هو ان تبيع الذهب القديم بدراهم ثم تشتري بالدراهم ذهبا جديدا كما ارشد الى ذلك النبي الله عليه وسلم بقوله بع الجمع بالدراهم ثم ابتع بالدراهم جنيبا ونكتفي بهذا القدر في في هذه الحلقة والى حلقة قادمة ان شاء الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته