بسم الله الرحمن الرحيم ان الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور انفسنا ومن سيئات اعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى اله وصحبه وسلم تسليما كثيرا اما بعد ايها الاخوة المستمعون السلام عليكم ورحمة الله وبركاته حياكم الله تعالى في هذه الحلقة الجديدة من هذا البرنامج والتي سنتناول فيها الكلام عن مسائل واحكام الضمان نذكر جملة من مسائله واحكامه في هذه الحلقة ونستكمل الحديث عنها في حلقة قادمة ان شاء الله تعالى فنقول الضمان في اللغة مشتق من الضم فتصير ذمة الظامن في ظمن ذمة المظمون عنه وقيل مشتق من الانضمام لان ذمة الضامن تنضم الى ذمة المظمون عنه وقيل من التظمن لان ذمة الظامن تتظمن الحق فهذه ثلاثة اقوال في اشتقاق الظمان من الضمن ومن الانضمام ومن التضمن وقد رجح ابن عقيل الحنبلي رحمه الله رجح الاول اي انه مشتق من الظل والضمان في اصطلاح الفقهاء ضم ذمة الظامن الى ذمة المضمون عنه في التزام الحق فيثبت في ذمتهما جميعا وهذا هو تعريف الموفق ابن قدامة رحمه الله في المغني قيل في تعريفه والتزام ما وجب على غيره وما قد يجب مع بقائه على مضمون عنه وهل هناك فرق بين الظمان والكفالة من الفقهاء من يطلق الظمان على الكفالة ومنهم من يطلق الكفالة على الضمان ولكن غالب الفقهاء يطلقون الضمان ويريدون به التزام المال ويطلقون الكفالة ويريدون بها التزام التزام احضار النفس وهذا ما سنسير عليه في عرضنا لاحكام الضمان والكفالة ان شاء الله تعالى ويسمي بعض الناس اليوم يسمون الضمان بالكفالة الغرامية يسمون الكفالة بالكفالة الحضورية وبكل حال لا مشاحة فهو اصطلاح والضمان جائز بالكتاب والسنة والاجماع اما الكتاب فقول الله تعالى في قصة يوسف مع اخوته ولمن جاء به حمل بعير وانا به زعيم اي ضامن وكفيل كما روي نحو ذلك عن ابن عباس رضي الله عنهما واما السنة وقول النبي صلى الله عليه وسلم الزعيم غارم رجه ابو داوود والترمذي وقال حديث حسن واما الاجماع فقد اجمع المسلمون على جواز الضمان في الجملة والضمان من عقود الارفاق والاحسان فلا يجوز ان يؤخذ عليه عوظ قد اتفق على هذا جمهور الفقهاء من الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة وعللوا لذلك بانه يؤول الى القرض الذي يجر نفعا ووجه ذلك انه في حالة اداء الظامن للمظمون عنه يكون العوظ مقابل هذا الدفع الذي هو بمثابة قرظ في ذمة المضمون عنه ولان هذا العقد مبناه على الارفاق والمعروف والاحسان فاذا فاذا شرط الظامن لنفسه عوضا خرج عن موضوعه فمنع صحته ولانه في بعض حالات الضمان يستوفي المضمون له من المظمون عنه فيكون اخذ الظامن للعوظ بغير حق بانه من اكل المال بالباطل وبهذا يتبين ان نظرة الاسلام للضمان تختلف كلية عن نظرة البنوك له في الوقت الحاضر فالاسلام ينظر للظمان على انه من عقود الارفاق والاحسان بين افراد المجتمع بينما تنظر له البنوك على انه وسيلة ربحية استثمارية ولذلك فان معظم العقود التي تجريها البنوك والمرتبطة بالظمان لا تخلو من محاذير شرعية لهذا السبب سنعرض نماذج لتلك العقود في الحلقة القادمة ان شاء الله تعالى ونظير ذلك القرض فالاسلام ينظر له على انه من عقود الارفاق والاحسان فاذا قصد به المعاوضة والنفع كان محرما بينما تنظر له البنوك على انه من وسائل الاستثمار وتحقيق الارباح وقد سبق بيان ذلك مفصلا عند الكلام عن مسائل الربا وعن احكام القرض والضمان يثبت به الحق في ذمة الظامن. مع بقائه في ذمة المظمون عنه قد اتفق الفقهاء على ان للدائن حق مطالبة الظامن بالدين اذا عجز المظمون عنه عن السداد او ماطل في ذلك ولكن هل للدائن مطالبة الظامن مع عدم تعذر استيفاء الدين من المظمون عنه هل للدائن مطالبة الظامن مع عدم تعذر استيفاء الدين من المظمون عنه ائتلاف الفقهاء في ذلك وذهب جمهور الفقهاء من الحنفية والشافعية والحنابلة الى ان للدائن اي صاحب الحق مطالبة من شاء من الظامن او المظمون عنه بناء على ذلك فله ان يطالب الظامن بالدين ولو مع عدم تعذر مطالبة المظمون عنه تدلى الجمهور لهذا القول بقول النبي صلى الله عليه وسلم الزعيم غارم ووجه الدلالة ان النبي صلى الله عليه وسلم اخبر بان الزعيم الذي هو الظامن اخبر بانه غارم ومعنى كونه غارما اي ملزما نفسه ما ضمنه وبمقتضى هذا الالتزام يكون للدائن الحق في مطالبته بالدين ولو مع عدم تعذر مطالبة المظمون عنه وعلل الجمهور لهذا القول بان الحق قد ثبت في ذمة المضمون عنه بمقتضى الدين وفي ذمة الضامن بمقتضى الظمان بل الدائن مطالبة من شاء منهما كالضامنين اذا تعذرت مطالبة المظمون عنه هذا ما ذهب اليه جمهور الفقهاء في هذه المسألة وذهب المالكية الى ان الدائن ليس له مطالبة الظامن الا اذا تعذر مطالبة المظمون عنه اما لموته او لغيبته او لافلاسه ونحو ذلك قال الامام ابن القيم رحمه الله في بيان وجهة هذا القول ان الضمان استيثاق بمنزلة الرهن فلا يطالب الدائن فلا فلا يطالب الدائن الظامن فلا يطالب الدائن الظامن الا اذا تعذرت مطالبة المظمون عنه لان الضامن فرع ولا يسار اليه الا عند تعذر الاصل كالتراب في الطهارة والكفالة توثقة وحفظ للحق فهي جارية مجرة لا يستوفى منه الا عند تعذر الاستيفاء من الراهن والظامن لم يوظع لتعدد محل الحق وانما وضع ليحفظ صاحب الحق حقه من الهلاك ويرجع اليه عند تعذر الاستيفاء ولم ينصب الظامن نفسه لان يطالبه المظمون له مع وجود الاصيل. ومع اسرته والتمكن من مطالبته والناس يستقبحون هذا اي مطالبة الظامن مع وجود المظمون عنه وقدرته على السداد ويعدون فاعله متعديا ولا يعذرونه بالمطالبة الا اذا تعذر عليه مطالبة الاصيل عذروه نبت الظامن وهذا امر مستقر في فطر الناس ومعاملاتهم بحيث لو طالب اي الدائن الظامن والمظمون عنه الى جانبه والدراهم في كمه وهو متمكن من مطالبته استقبحوه غاية الاستقباح قال ابن القيم وهذا القول في القوة كما ترى انتهى كلامه رحمه الله ولعل هذا القول الاخير وهو انه ليس للدائن مطالبة الظامن بالدين الا عند تعذر مطالبة المظمون عنه لعل هو القول الراجح في هذه المسألة. والله تعالى اعلم وهو اختيار الشيخ عبدالرحمن السعدي رحمه الله وفيه تشجيع للناس على فعل الخير وبذل هذا النوع من المعروف اعني الظمان. بينما قول الجمهور وهو ان للدائن مطالبة الظامن ولو مع قدرة المظمون عنه على الوفاء وعدم تعذر مطالبته يؤدي يؤدي الى احجام كثير من الناس عن هذا النوع من المعروف. فيقل او يكاد ينسد باب الظمان والكفالة بين الناس خاصة وان الظامن محسن. بل لا يجوز له ان يأخذ على ظمانه مقابلا ماديا كما سبق تقرير ذلك ومن احكام الضمان انه لا يسقط بموت الظامن فلينتقلوا حق المطالبة الى تركته لان الدين المضمون صار دينا على الظامن كانه اصيل ولان الغرض من الضمان هو الاستيثاق وطمأنينة صاحب الحق على حقه سقوط الضمان بموت الظامن ينافي هذا المعنى ولهذا نص الفقهاء على ان الضمان لا يسقط بموت الظامن بل يتعلق بتركته ومن احكام الضمان انه لا يشترط معرفة الظامن للمظمون عنه ان يقول رجل لاخر من استدان منك فانا له ضامن كما انه لا يشترط معرفة الدين المضمون ولكن لا شك ان الاولى معرفة الدين المظمون ومعرفة المظمون عنه. حتى لا يوقع الانسان نفسه في حرج خاصة في زماننا هذا الذي كثر فيه الاحتيال. والله المستعان. ونكتفي بهذا القدر في هذه الحلقة. والى لقاء ان في حلقة قادمة ان شاء الله تعالى والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته