بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله وخليله نبينا محمد وعلى اله وصحبه ومن اهتدى بهديه واتبع سنته الى يوم الدين ايها الاخوة المستمعون السلام عليكم ورحمة الله وبركاته كنا قد تكلمنا في الحلقة السابقة عن جملة من احكام ومسائل الضمان ووعدنا باستكمال الحديث عنها في هذه الحلقة فنقول وبالله التوفيق الضمان من عقود الارفاق والاحسان. ومن التعاون على البر والتقوى ومن قضاء حاجة المسلم وتفريج كربته ولكن ينبغي الا يظمن الانسان عن غيره دينا الا وهو قادر على وفائه في حالة تعذر الوفاء من المدين ومن الخطأ ان يضمن الانسان عن غيره ديونا وهو عاجز عن وفائها فيما لو طلب منه الوفاء لان هذا الظامن يعرض نفسه للمضرة وتأخذه العاطفة وحب الشهامة لمساعدة اخيه من غير تفكير في عواقب الامور كم سمعنا من قصص تحمل مآس لاناس ضمنوا ديونا كبيرة عن غيرهم كانت نهاية امرهم السجن مددا الى كان ذلك الظمان الذي يسميه بعض الناس كفالة غرامية. كان اوله شهامة ثم تحول الى غرامة وندام ونقول ينبغي لمن اراد ان يضمن عن غيره دينا الا يظمن الا ما كان قادرا على وفائه ثم انه ينبغي للمظمون عنه ان يقابل احسان هذا الظامن ان يقابل احسان احسانه بالحرص على السداد وعدم المماطلة حتى لا يوقع الظامن في حرج ايها الاخوة المستمعون واما الظمان في البنوك فقد سبق ان اشرنا في الحلقة السابقة الى ان نظرة الاسلام الى الضمان تختلف كلية عن نظرة البنوك له فالاسلام ينظر للظمان على انه من عقود الارفاق والاحسان كالقرظ ولذلك لا يجوز اخذ عوظ في مقابله بينما تنظر البنوك للظمان على انه وسيلة ربحية استثمارية ولذلك فان معظم العقود البنكية المرتبطة بالظمان لا تخلو من محاذير شرعية قد وعدنا في الحلقة السابقة بذكر نماذج لبعض المعاملات البنكية المرتبطة بالظمان وابرز هذه النماذج ما يسمى بخطاب الضمان وحقيقة خطاب الضمان انه تعهد من البنك بقبول دفع مبلغ معين لدى الطلب الى المستفيد في ذلك الخطاب نيابة عن طالب الظمان عند عدم قيام طالب الظمان بالتزامات معينة تجاه المستفيد وتنشأ الحاجة الى خطاب الضمان عند الدخول في مناقصات للقيام باعمال معينة لتنفيذ مشاريع او تأمين اشياء معينة ونحو ذلك والجهات الطالبة للقيام بتلك الاعمال تطلب من المتقدم للدخول في مناقصات للقيام بتلك الاعمال تطلب منه ضمانا نقديا كتأمين في حالة التخلف عن انجاز تلك الاعمال من مشاريع وغيرها على الوجه المطلوب ولظمان جدية عرظ كل من يريد الدخول في المناقصة ولضمان عدم التورط في خسائر وديون في حالة الاتفاق مع احدهم ورسو العملية عليه وبدلا من تقديم هذه التأمينات المطلوبة نقدا وبالتالي تجميد هذه المبالغ فان من يريد الدخول في مناقصات للقيام بتلك المشاريع يلجأ الى المصرف طالبا منه اصدار خطاب ظمان يتعهد بموجبه المصرف لتلك الجهة بالمبلغ المقرر ويكون هذا الخطام بمثابة تأمين نقدي لدى الجهة صاحبة المشروع ومتى تخلف هذا الشخص عن الوفاء بالتزاماته فان المصرف يدفع القيمة المحددة في خطاب الظمان ويرجع المصرف بالتالي على الشخص الذي صدر خطاب الضمان بناء على طلبه وينقسم خطاب الضمان الى قسمين. ابتدائي ونهائي اما الابتدائي فهو تعهد موجه الى المستفيد من دائرة حكومية او غيرها بضمان مبلغ من النقود من العملية التي التي يتنافس طالب خطاب الضمان للحصول عليها ويستحق الدفع عند عدم قيام الطالب باتخاذ الترتيبات اللازمة عند رسو العملية عليه واما خطاب الضمان النهائي هو تعهد للجهات الحكومية او غيرها بضمان دفع مبلغ من النقود يعادل نسبة اكبر من قيمة العملية التي اقرت على عهدة العميل ويصبح الدفع واجبا عند تخلف العميل عن الوفاء بالتزاماته المنصوص عليها في العقد النهائي للعملية بين العميل والجهة التي صدر خطاب الضمان لصالحها واما عائد البنك من خطاب الظمان وهو يكون في المصاريف التي يأخذها البنك مقابل خدماته لاصدار خطاب الضمان وعمولة يأخذها البنك تتفاوت بحسب نوعية خطاب الضمان اما المصاريف الادارية التي يأخذها البنك مقابل خدماته الا اشكال فيها من الناحية الشرعية لانها مقابل اعمال وخدمات حقيقية قام بها البنك ولكن الاشكال في العمولة التي يأخذها البنك مقابل اصدار خطاب الضمان لانه من المقرر عند جمهور الفقهاء انه لا يجوز اخذ عوظ مقابل الظمان قد سبق بيان هذه المسألة في الحلقة السابقة وذكرنا انه في حالة اداء الظامن مبلغ الظمان للمظمون عنه يكون هذا بمثابة القرض للمظمون عنه وحينئذ فاخذ عوظ مقابل الظمان يدخل في القرض الذي جر نفعا ايها الاخوة المستمعون وقد درس مجمع الفقه الاسلامي الدولي المنبثق من منظمة المؤتمر الاسلامي درس خطاب الظمان دراسة مستفيضة ثم اصدر قرارا بشأنه واتلوا فيما يأتي قرار المجمع ان مجمع الفقه الاسلامي المنبثق من منظمة المؤتمر الاسلامي في دورة انعقاد مؤتمره الثاني بجدة بحث مسألة خطاب الضمان وبعد النظر فيما اعد في ذلك من بحوث ودراسات وبعد المداولات والمناقشات المستفيضة تبين ما يلي اولا ان خطاب الضمان بانواعه الابتدائي والنهائي لا يخلو اما ان يكون بغطاء او بدونه فان كان بدون غطاء فهو ظم ذمة الظامن الى ذمة غيره بما يلزم حالا او مآلا وهذه هي حقيقة ما يعني في الفقه الاسلامي باسم الضمان او الكفالة وان كان خطاب الضمان بغطاء فالعلاقة بين طالب خطاب الظمان ومصدره هي الوكالة والوكالة تصح باجر او بدونه مع بقاء علاقة الكفالة لصالح المستفيد اي المكفول له ثانيا ان الكفالة هي عقد تبرع يقصد للارفاق والاحسان. وقد قرر الفقهاء عدم جواز اخذ العوظ على الكفالة لانه في حالة اداء الكفيل مبلغ الظمان يشبه القرض الذي جر نفعا على المقرض وذلك ممنوع شرعا ولذلك فان المجمع قرر ما يلي اولا ان خطاب الضمان لا يجوز اخذ الاجر عليه لقاء عملية الظمان والتي يراعى فيها عادة مبلغ الظمان ومدته سواء اكان بغطاء ام بدونه ثانيا اما المصاريف الادارية لاصدار خطاب الضمان بنوعيه فجائزة شرعا مع مراعاة الزيادة على اجر المثل. مع مراعاة الا يزيد ذلك على اجر المثل في حالة تقديم غطاء كلي او جزئي يجوز ان يراعى في تقدير المصاريف لاصدار خطاب الضمان ما قد تتطلبه بابه المهمة الفعلية لاداء ذلك الغطاء ايها الاخوة المستمعون هذا نموذج لتعاملات البنوك المرتبطة بالظمان. ومعلوم ان البنوك لا تظمن كما انها لا تقرظ الا طلبا للارباح والاستثمار بينما عقد الضمان وكذا القرض لا يجوز اخذ عوظ مقابلهما ولذلك فان على من يتعامل مع البنوك بتعاملات مرتبطة بالظمان او بالقرظ عليه الحذر من ان يقع في محاذير شرعية كما ان على البنوك الا تأخذ شيئا مقابل الظمان. وانما تأخذ ما يقابل الخدمات الفعلية الحقيقية. التي تقوم بها اسأل الله تعالى ان يكفينا بحلاله عن حرامه وان يغنينا بفضله عمن سواه وان يرينا الحق حقا ويرزقنا باعه وان يرينا الباطل باطلا ويرزقنا اجتنابه صلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته