بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين صلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى اله وصحبه ومن اهتدى بهديه الى يوم الدين ايها الاخوة المستمعون السلام عليكم ورحمة الله وبركاته تناول معكم في هذه الحلقة جملة من المسائل والاحكام المتعلقة بباب الحوالة نذكر جملة من هذه الاحكام والمسائل في هذه الحلقة ونستكمل الحديث عنها في حلقة قادمة ان شاء الله فنقول الحوالة في اللغة مشتقة من التحول وهو الانتقال من موضع الى موضع ومنه قول الله تعالى خالدين فيها لا يبغون عنها حولا اي تحولا وانتقالا ومعناها في اصطلاح الفقهاء نقل الدين وتحويله من ذمة المحيل الى ذمة المحال عليه والمحيل هو الناقل للدين الذي عليه الى غيره والمحيل هو الناقل للدين الذي عليه الى غيره فهو مدين للمحال ودائن في الوقت نفسه للمحال عليه والمحال هو صاحب الحق المنتقل من ذمة المحيل الى ذمة اخرى والمحال عليه هو من انتقل الحق بالحوالة من ذمة المحيل الى ذمته والمحال به هو الحق الذي يتحول من ذمة المحيل الى ذمة المحال عليه والاصل في جواز الحوالة السنة والاجماع اما السنة ففي الصحيحين عن ابي هريرة رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال مطل الغني ظلم ومن اتبع على مليء فليتبع وفي لفظ في غير الصحيحين واذا احيل احدكم على مليء فليحتل واما الاجماع فقد قال الموفق ابن قدامة رحمه الله اجمع اهل العلم على جواز الحوالة في الجملة ومشروعية الحوالة من محاسن الشريعة الاسلامية ففي الحوالة توسعة للناس وتسهيل لسبل معاملاتهم وتسديد ديونهم وارفاق بهم وهل الحوالة بيع او انها عقد ارفاق مستقل بنفسه اختلف الفقهاء في ذلك قال الموفق ابن قدامة رحمه الله في كتابه المغني قد قيل اي انها الحوالة بيع قد قيل انها اي الحوالة بيع فان المحيل يشتري ما في ذمته بما له في ذمة المحال عليه وجاز تأخير القبض رخصة لان لانه موظوع على الرفق فيدخلها خيار المجلس لذلك والصحيح انها عقد ارفاق منفرد بنفسه ليس بمحمول على غيره لانها لو كانت بيعا لما جازت لانه بيع دين بدين ولان ولما جاز التفرق قبل القبض لانه بيع مال الربا بجنسه ولا جازت بلفظ البيع ولجازت بين جنسي لك البيع ولان لفظها يشعر بالتحول لا بالبيع على هذا اي على القول بان الحوالة عقد ارفاق مستقل بنفسه وليست بيعا لا يدخلها خيار وتلزم بمجرد العقد وهذا اشبه بكلام احمد واصوله نهى كلامه رحمه الله وقال الامام ابن القيم رحمه الله الحوالة من جنس ايفاء الحق لا من جنس البيع ان صاحب الحق اذا استوفى من المدين ما له كان هذا استيفاء فاذا احاله على غيره كان قد استوفى ذلك الدين عن الدين الذي في ذمة المحيل ولهذا ذكر النبي صلى الله عليه وسلم ذكر الحوالة في معرض الوفاء فقال في الحديث الصحيح مطل الغني ظلم واذا اتبع احدكم على مليء فليتبع فامر المدينة بالوفاء ونهاه عن المطل وبين انه ظالم اذا مطل وامر الغريم بقبول الوفاء اذا احيل على مليء ووفاء الدين ليس هو البيع الخاص وان كان فيه شوب المعاوضة ايها الاخوة المستمعون وبعد عرض كلام هذين الامامين حول التكييف الفقهي للحوالة يتبين ان القول الصحيح هو ان الحوالة عقد ارفاق مستقل بنفسه وليست بيعا وبهذا التأصيل يتبين ان الحوالة من العقود التي يراد بها الارفاق والاحسان وليست من العقود التي يراد بها المعاوضة ولهذا اشترط الفقهاء لصحة الحوالة اتفاق الدينين اتفاق الدينين المحال به والمحال عليه حتى لا تخرج الحوالة عن موضوعها وهو الارفاق الى طلب الزيادة بها سيأتي ان شاء الله تعالى مزيد بيان وايظاح لهذا الشرط واذا تقرر انه لا يجوز اخذ عوظ مقابل الحوالة لكونها من عقود الارفاق والاحسان فما الحكم فيما تأخذه البنوك من عمولات مقابل الحوالات البنكية والجواب عن ذلك اذا كانت البنوك تأخذ العمولة مقابل الحوالة ذاتها ان هذا لا يجوز كما سبق اما اذا كانت تأخذ العمولة قابل مصاريف وخدمات فعلية حقيقية تقوم بها فلا بأس بذلك والظاهر ان البنوك تأخذ العمولات على الحوالات مقابل ما تقوم به من خدمة وما تتكبده من مصاريف مقابل الحوالات بدليل ان البنوك تضع رسما ثابتا للحوالة لا يزيد بزيادة المبلغ المحول بل ان بعض البنوك تقوم بتحويل المبلغ المراد مجانا وبدون مقابل اذا كان المحول من عملائها وهذا يؤكد ما قلناه من ان من ان الظاهر هو ان ما تأخذه البنوك هو ان ما تأخذه البنوك من عمولات على الحوالات انما هو مقابل خدمة ومصاريف فقط ولهذا تتنازل بعض البنوك عن هذا المقابل اذا كان طالب التحويل عملا لها وبهذا افتت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والافتاء بفتواها رقم اثنى عشر الفا واربعمائة وستة عشر حيث جاء في الفتوى انه يجوز اخذ عمولة مقابل تحويل العملات والله تعالى اعلم ايها الاخوة المستمعون ويشترط لصحة الحوالة شروط نذكر منها ما يتيسر في هذه الحلقة ونستكمل الحديث عنها في الحلقة القادمة ان شاء الله الشرط الاول ان تكون الحوالة على دين مستقر في ذمة المحال عليه بالدين اما اذا كان الدين غير مستقر فلا تصح الحوالة عليه لان الدين غير المستقر عرضة للسقوط وبناء على هذا الشرط لا تصح الحوالة على ثمن مبيع في مدة الخيار ونوضح هذا بالمثال رجل يطلب اخر دينا فجاءه يتقاضاه دينه فاحاله اي هذا المدين على رجل اخر كان قد اشترى منه سيارة ولم يسدد له ثمنها لكن هذا المشتري قد شرط الخيار له لمدة شهر فهذه الحوالة لا تصح لكونها على دين غير مستقر فبامكان المحال عليه الذي هو مشتري السيارة ان يفسخ عقد بيع السيارة بمقتضى خيار الشرط وحينئذ يسقط الدين الذي في ذمته ومما ذكره الفقهاء امثلة على الدين غير المستقر. والذي لا تصح الحوالة به دين الكتابة والسلام والصداق قبل الدخول الشرط الثاني من شروط صحة الحوالة نفاق الدينين المحال به والمحال عليه في الجنس والصفة وتماثلهما في الوقت وفي القدر وذلك لان الحوالة تحويل للحق ونقل له وينتقل على صفته ويعتبر تماثلهما في الامور المذكورة وهي الجنس فيحيل من عليه ذهب بذهب ويحيل من عليه دراهم بدراهم والثاني الصفة بان يحيل دراهم مضروبة بدراهم مضروبة ونقود سعودية مثلا بنقود السعودية واما الثالث وهو التماثل في الوقت اي في الحلول والتأجيل ولو كان احد الدينين حالا والاخر مؤجلا او احدهما يحل بعد شهر والاخر يحل بعد شهرين لم تصح الحوالة واما الرابع فهو تماثل الدينين في المقدار فلا تصح الحوالة بعشرة الاف ريال على تسعة الاف ريال مثلا لان الحوالة عقد ارفاق كالقرظ لو جاز التفاضل فيها لخرجت عن موظوعها وهو الارفاق الى طلب الزيادة بها وهذا لا يجوز كما انه لا يجوز في القرض لكن لو احال ببعض ما عليه من الدين او احال ببعض ما له من الدين جاز ذلك ويبقى الزائد بحاله لصاحبه ولكن لو تمت الحوالة وصحت بشروطها ثم تراضيا بعد ذلك على ان يدفع المحال عليه خيرا من حقه او رضي من عليه المؤجل بتعجيله او من له الحال بانظاره جاز ذلك لان ذلك يجوز في القرظ ففي الحوالة من باب اولى ايها الاخوة المستمعون هذا هو ما سمح به وقت هذه الحلقة ونستكمل الحديث عن مسائل واحكام الحوالة في الحلقة القادمة ان شاء الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته