بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى اله وصحبه ومن اهتدى بهديه واتبع سنته الى يوم الدين ايها الاخوة المستمعون السلام عليكم ورحمة الله وبركاته حياكم الله تعالى في هذه الحلقة الجديدة من هذا البرنامج ايها الاخوة كنا قد تكلمنا في الحلقة السابقة عن جملة من المسائل والاحكام المتعلقة بالحوالة وتكلمنا عن شروط صحة الحوالة فذكرنا الشرط الاول وتكلمنا عنه وهو ان تكون على دين مستقر في ذمة المحال عليه بالدين ثم تكلمنا عن الشرط الثاني وهو اتفاق الدينين المحال به والمحال عليه في الجنس والصفة وتماثلهما في الوقت وفي القدر وتوقفنا عند الشرط الثالث وعدنا باستفتاح الكلام عنه في هذه الحلقة فنقول الشرط الثالث من شروط صحة الحوالة رضا المحيل لان الدين عليه فلا يلزمه ان يسدده عن طريق الحوالة قال الموفق ابن قدامة رحمه الله ولا خلاف في هذا واما المحال عليه فلا يعتبر رضاه بان للمحيل ان يستوفي الحق بنفسه او بوكيله وقد اقام المحال مقام نفسه في القبض فلزم المحال عليه الدفع اليه كالوكيل واما المحال فهل يعتبر رضاه نقول في ذلك تفصيل ان كان قد احيل على مليء فلا يعتبر رضاه بل يجبر على قبول الحوالة لما جاء في الصحيحين عن ابي هريرة رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال مطل الغني ظلم واذا اتبع احدكم على مليء فليتبع وفي لفظ عند احمد ومن احيل بحقه على مليء فليحتل اي ليقبل الحوالة ولان للمحيل ان يوفي الحق الذي عليه بنفسه او بوكيله وقد اقام المحال عليه مقام نفسه في التقبيظ فلزم المحال القبول كما لو وكل رجلا في ايفائه واما اذا كان المحال عليه غير مليء لم يلزم المحال قبول الحوالة عليه لم يلزم المحال قبول الحوالة عليه لمفهوم الحديث السابق اذا اتبع احدكم على مليء فليتبع فان مفهومه انه اذا اتبع اي احيل على غير مليء لم يلزمه قبول الحوالة ولان في الحوالة على غير مليء ظررا على المحال النبي صلى الله عليه وسلم يقول لا ضرر ولا ضرار فتبين مما سبق ان كلا من المحيل والمحال والمحال عليه باعتبار الرضا على ثلاثة اقسام القسم الاول من يعتبر رضاه بكل حال وهو المحين القسم الثاني من لا يعتبر رضاه على كل حال وهو المحال عليه القسم الثالث من لا يعتبر رضاه اذا كانت الحوالة على مليء ويعتبر رضاه اذا كانت على غير مليء ولكن ما المراد بالمليء قال الامام احمد رحمه الله في تفسير المني ان يكون مليئا بماله وقوله وبدنه ليكون مليئا بماله وقوله وبدنه قال الزركشي عن تفسير الامام احمد الذي يظهر ان المليء بالمال ان يقدر على الوفاء وبالقول الا يكون مماطلا وبالبدن ان يمكن حضوره الى مجلس الحكم ايها الاخوة المستمعون ومن احكام ومسائل الحوالة اذا شرط المحال ملاءة المحال عليه ابان معسرا رجع على المحيل قول النبي صلى الله عليه وسلم المسلمون على شروطهم ولانه شرط ما فيه مصلحة العقد في عقد معاوضة فيثبت الفسخ بفواته كما لو شرط صفة في المبيع ولكن اذا لم يشترط اذا لم يشترط المحال ملاءة المحال عليه ورضي بالحوالة ويظن ان المحال عليه مليء فتبين له ان المحال عليه مفلس او مماطل فهل له الرجوع على المحيل ائتلاف الفقهاء في هذه المسألة فمنهم من قال ليس للمحال في هذه الحال الرجوع على المحيل لانه قد رضي بدون حقه ولانه قد فرط بعدم اشتراط ملاءة المحال عليه هذا القول هو المشهور من مذهب الحنابلة وذهب بعض الفقهاء وهو رواية عن الامام احمد الى ان له الرجوع في هذه الحال لان الفلس وكذا المماطلة عيب في الذمة اشبه ما لو اشترى شيئا يظنه سليما فبان معيبا ولان المحيل قد غر المحال بتلك الحوالة والمحال لم يرظى بنقل دينه الى ذمة المحال عليه الا مع عدم المانع فلا حكم لذلك الرضا الواقع مع وجود المانع لانه غرر وتدليس ولعل هذا القول الاخير لعله الاقرب في هذه المسألة والله تعالى اعلم لان عدم ملاءة المحال عليه تعتبر عيبا فيكون المحيل بذلك قد غره يكون محيل قد غره بتلك الحوالة. فكان له الرجوع ولكن هذا فيما اذا رضي المحال بالحوالة وهو يظن ان المحال عليه مليء تبين له انه غير مليء اما اذا كان المحال يعلم بان المحال عليه مفلس او مماطل ورضي بتلك الحوالة فليس له الرجوع على المحيل بكل حال ايها الاخوة المستمعون وبعدما ذكرنا جملة من مسائل واحكام الحوالة ننتقل بعد ذلك للحديث عن بعض التطبيقات المعاصرة للحوالة فنقول من ابرز تلك التطبيقات الشيك الذي هو احد انواع الاوراق التجارية اذا كان موجها من شخص الى مصرف له فيه رصيد فان هذا الشيك يعتبر حوالة المحيل فيها هو الساحب للشيك والمحال عليه هو المسحوب عليه الذي هو المصرف والمحال هو المستفيد وبناء على هذا التخريج من اشترى من اخر سلعة ماء من اشترى من اخر سلعة ماء قرر له البائع بموجب ذلك البيع شيكا بثمن تلك السلعة فانه يلزم المشتري في هذه الحال يلزمه ان يقبل ذلك الشيك ليس له ان يمتنع من قبوله وان يطالب بثمن تلك السلعة نقدا ذلك لكون البائع قد احال المشتري على مليء الذي هو المصرف والنبي صلى الله عليه وسلم يقول اذا اتبع احدكم على مليء فليتبع وقد سبق تقرير القول بانه لا يشترط رضا المحال اذا كان المحال عليه مليئا ومن فروع هذه المسألة كذلك لو ان شخصا باع اخر سيارة ثم ان المشتري رفض ان يستلم ثمن تلك السيارة نقدا وطلب من البائع ان يحرر له بثمنها شيكا فلا يلزم البائع ذلك ان البائع في هذه الحال يعتبر محيلا فيما لو حرر له شيكا قد سبق تقرير القول بانه يشترط في الحوالة رضا المحيل ومن فروع هذه المسألة كذلك لو ان المستفيد في الشيك الذي هو المحال قد ظهر هذا الشيك وما يسمى بتدجير الشيك الى دائن له فان هذا يعتبر حوالة جديدة تحول فيها المستفيد في ذلك الشيك من كونه محالا الى كونه محيلا والمحال هو المطهر اليه محال عليه هو المصرف المسحوب عليه وللمظهر اليه ان يظهر ذلك الشيك اي ان يجيره الى دائن له ويصبح ذلك حوالة جديدة وهكذا وبعض الناس رغبة منه في عدم تكرار الحوالة يكتب على الشيك يصرف للمستفيد الاول بذلك لا يستطيع المستفيد في ذلك الشيك ان يكرر الحوالة بذلك الشيك انه لا يستطيع تظهير ذلك الشيك اي تجهيره وهذا شرط صحيح سائغ شرعا والله تعالى اعلم ايها الاخوة المستمعون نكتفي بهذا القدر في هذه الحلقة ونستكمل الحديث عن تطبيقات معاصرة للحوالة في الحلقة القادمة ان شاء الله تعالى. فالى ذلك الحين استودعكم الله تعالى والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته