بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين صلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى اله وصحبه ومن اهتدى بهديه واتبع سنته الى يوم الدين ايها الاخوة المستمعون السلام عليكم ورحمة الله وبركاته كنا قد تكلمنا في الحلقة السابقة عن جملة من المسائل والاحكام المتعلقة بالقرظ ووعدنا باستكمال الحديث عنها في هذه الحلقة وسوف نتناول في هذه الحلقة الكلام مفصلا عن حكم الزيادة في القرض ونذكر بعض الصور المعاصرة لها فنقول يحرم على المقرض ان يشترط على المقترض زيادة في القرظ قد اجمع العلماء على انه اذا شرط عليه زيادة فاخذها فهو ربا وذلك لان القرض من عقود الارفاق والاحسان فاذا خرج عن موضوعه واصبح يراد به المعاوضة والربح كان ربا وبذلك يتبين ان نظرة الاسلام للقرظ تختلف كلية عن نظرة البنوك له الاسلام ينظر للقرض على انه عقد ارفاق واحسان ووسيلة من وسائل التكافل والتعاون بين افراد المجتمع بينما تنظر البنوك للقرظ على انه وسيلة من وسائل الربح والاستثمار ولذلك فان معظم فان معظم ما تمارسه البنوك فيما يتعلق بالقرض هو في الحقيقة من قبيل الربا الاقراض بفائدة يعتبر من الربا الصريح سواء كان قرضا استهلاكيا او انمائيا كما يسمونه فلا يجوز للمقرض سواء كان بنكا او فردا او شركة ان يأخذ زيادة في القرض مشترطة باي اسم سميت هذه الزيارة سواء سميت ربحا او فائدة او هدية او عمولة او غير ذلك ما دام ان هذه الزيادة او هذه المنفعة قد جاءت عن طريق المشارطة فتبين بهذا ان الزيادة المشترطة في القرض محرمة ومثل الزيادة المشترطة الزيادة المتعارف عليها فان القاعدة عند العلماء ان المعروف عرفا كالمشروط شرطا اما اذا كانت الزيادة غير مشترطة ولا متعارف عليها بل بذلها المقترض من نفسه وبدافع منه بدون اشتراط من المقرظ فلا بأس بذلك فان هذا يعتبر من حسن القضاء يدل لذلك ما جاء في صحيح مسلم عن ابي رافع رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم استسلف من رجل بكرا وقدمت عليه ابل الصدقة فامر ابا رافع ان يقضي الرجل بكرة فرجع اليه ابو رافع فقال يا رسول الله لم اجد الا خيارا رباعيا قال النبي صلى الله عليه وسلم اعطه فان خير الناس احسنهم قضاء ففي هذا الحديث استسلم النبي صلى الله عليه وسلم من ذلك الرجل بعيرا ورد اليه بعيرا خيرا منه وهذه الزيادة الحاصلة في هذا القرظ قد وقعت من غير اشتراط ولذلك عدها النبي صلى الله عليه وسلم من حسن القضاء ولكن اذا كان الرجل معروفا بحسن القضاء فهل يكره اقراضه لاجل ان من يقرضه ربما يتطلع الى الى الزيادة عند الوفاء كره بعض العلماء اقراظه والصواب انه لا يكره اقراضه لان النبي صلى الله عليه وسلم كان معروفا بحسن القضاء ولا يسوغ لاحد ان يقول ان اقراظه مكروه ولان المعروف بحسن القضاء هو من خير الناس وافضلهم وهو اولى الناس بقضاء حاجته واجابة مسألته وتفريج كربته ولكن هذه الزيادة غير مشترطة في القرض انما تجوز بعد الوفاء اما قبل اما قبل وفاء القرض فانها لا تجوز مطلقا. ولو على سبيل الهدية الا ان تكون العادة جارية بينهما قبل القرظ يدل لذلك ما جاء في سنن ابن ماجة عن انس رضي الله عنه مرفوعا اذا اقرض احدكم قرضا فاهدي اليه فلا يقبله فانه ربا وله شواهد منها ما جاء في صحيح البخاري عن عبد الله ابن سلامة رضي الله عنه قال اذا كان لك على رجل دين فاهدى اليك حملة ابن او حمل شعير او حمل قت فلا تأخذه فانه ربا وهذا له حكم الرفع وروى البيهقي ان رجلا كان له على اخر عشرون درهما فجعل يهدي اليه السمك ويقومه حتى بلغ ثلاثة عشر درهما فسأل ابن عباس رضي الله عنهما عن ذلك فقال اعطه سبعة دراهم والحاصل ان من اقرض غيره قرضا فلا يجوز له ان يقبل هدية من المقترض قبل وفاء ذلك القرظ مطلقا اذا كانت تلك الهدية بسبب ذلك القرض ولو استضاف المقترض المقرض قبل وفاء ذلك القرظ فقد نص الامام احمد رحمه الله على انه يحسب له ما اكله اي ان المقترض يحسب ما انفقه في تلك الاستضافة ويخصم ذلك من القرظ وقال ابن مفلح في الفروع يتوجه الا يحسب يتوجه الا يحسب ذلك يتوجه انه لا يحتسب ذلك وقال مرداوي في الانصاف قلت ينبغي ان ينظر فان كان له عادة باطعام من اضافه لم يحسب له والا حسم وهذا القول الذي ذكره صاحب الانصاف قول وسط بين القولين فان كانت تلك الاستضافة لاجل ذلك القرظ كسبها من ذلك القرظ والا فلا ايها الاخوة المستمعون ويتلخص من الكلام في هدية المقترض للمقرض ان تلك الهدية اذا كانت مشترطة فانها لا تجوز بكل حال اذا كانت غير مشترطة وكانت بعد الوفاة فلا بأس بذلك بل ان هذا يعد من حسن القضاء اما اذا كانت قبل الوفاء فانها لا تجوز مطلقا وان كانت مشترطة او غير مشترطة وبذلك يتبين ان ما تفعله بعض البنوك من اهداء هدايا لعملائها نظير وجود ارصدتهم نظير وجود ارصدتهم لديها ان هذا لا يجوز لان تلك البنوك ما اهدت تلك الهدايا لسواد عيونهم كما يقال وانما اهدت تلك الهدايا لهؤلاء العملاء بسبب وجود تلك الارصدة فيها فيدخل هذا فيما ذكرنا ايها الاخوة المستمعون ونذكر صورا من صور الزيادة المحرمة في القرظ فمن ذلك تعجيل رواتب الموظفين قبل حلولها نظير اخذ عمولة على ذلك مثال ذلك موظف يحل راتبه في اخر الشهر فذهب الى بنك او الى مؤسسة مالية لكي تعجل له صرف راتبه في اول الشهر او في منتصف الشهر نظير اقتطاع تلك المؤسسة او البنك عمولة من راتبه على ذلك فهذا في الحقيقة ما هو الا قرظ بفائدة فكأن ذلك البنك او تلك المؤسسة قد اقرظت هذا الموظف ما يعادل راتبه نظير فائدة وهي ما تسمى بالعمولة ومن صور ذلك ايضا وضع شرط جزائي على الدين بان يشترط الدائن على المدين بانه اذا لم يسدد في الوقت المحدد فانه سيأخذ عليه مبلغا ماليا مقابل التأخر عن السداد وهذا في الحقيقة هو نظير ربا الجاهلية والذي يقول فيه الدائن للمدين عند حلول الدين اما ان تقضي واما ان تربي ويدخل في هذا ما تفعله بعض البنوك في بطاقات الائتمان كبطاقة الفيزا ونحوها حيث يشترطون على حامل البطاقة دفع فوائد ربوية اذا لم يسدد خلال فترة السماح المجانية فهذا في الحقيقة هو نظير ربا الجاهلية الذي يقول فيه الدائن للمدينة عند حلول الدين اما ان تقضي واما ان تربي ومن ذلك ايضا خصم الاوراق التجارية ان يأتي حامل الكمبيالة التي لا تحل الا بعد اجل الى بنك او الى مؤسسة ويطلب منه تعجيل صرف قيمتها. مخصوما منه مبلغا معينا هذا في الحقيقة ما هو الا قرظ بفائدة لان ذلك البنك قد اقرض حامل الورقة التجارية قيمتها الى حين حلول ميعاد استحقاقها بفائدة وهي المبلغ طوموا من قيمة الورقة نسأل الله عز وجل ان يجنبنا الربا وان يعصمنا منه وان يكفينا بحلاله عن حرامه وان يغنينا بفضله عمن سواه والى لقاء في حلقة قادمة ان شاء الله. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته