بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على اشرف الانبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى اله وصحبه ومن اهتدى بهديه واتبع سنته الى يوم الدين ايها الاخوة المستمعون السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ان من محاسن الشريعة الاسلامية ان شرعت ما يحصل به توثيقة الديون حفظا لحقوق الدائنين وتوسعة على المدينين حتى لا ينسد باب البيع بالدين ومما يحصل به توثيقة الدين الرهن وهو المال الذي يجعل وثيقة للدين ليستوفى من ثمنه اذا تعذر استيفاؤه من ذمة الغريم وسوف نتكلم في هذه الحلقة ان شاء الله عن حقيقة الرهن وجملة من مسائله واحكامه وقبل ذلك نشير الى ان الرهن هو من ابرز الوسائل الشرعية لتوثيق الديون قولوا هذا ونحن نرى توسع كثير من الناس اليوم نرى توسع كثير من الناس اليوم بالبيع بالديون وبالتقسيط ويحتاجون مع ذلك الى توثقة ديونهم ولكن نرى ان منهم من يعدل عن الوسائل الشرعية لتوثيق الديون كالرهن الى وسائل مستوردة من بيئات غير مسلمة كالتأجيل المنتهي بالتمليك مثلا والذي اقل ما يقال فيه ان فيه شبهة في كثير من صوره فلماذا يعدل اولئك عن الرهن المشروع بالكتاب والسنة الى تلك العقود المستوردة ثمان الرهن يتحقق به العدل بين الدائن والمدين بينما لا يتحقق العدل في التأجير المنتهي بالتمليك فعلى سبيل المثال من باع سيارة بالتقسيط ورهن تلك السيارة بثمنها اذا لم يسدد المشتري بعض تلك الاقساط فان تلك السيارة تباع ويعطى الدائن ما له من اقساط لم تسدد ويعطى الباقي للمدين مشتري السيارة بينما في التأجير المنتهي بالتمليك في اشهر صوره اذا لم يسدد المدين بعض الاقساط ولو كان القسط الاخير فان السيارة تسحب منه ويأخذها ذلك المؤجر ولا يخفى ما في ذلك من الظلم ولكن بعض الناس مفتونين بكل ما يأتي من الغرب فيتلقفونه من غير تمحيص مع ان في الشريعة الاسلامية ما هو خير منه ايها الاخوة المستمعون ونعود بعد ذلك للكلام عن حقيقة الرهن فنقول الرهن في لغة العرب معناه الثبوت والدوام يقال ماء راهن اي راكد ونعمة راهنة اي دائمة ويطلق الرهن على الحبس ومنه قول الله تعالى كل نفس بما كسبت رهينة اي محبوسة بكسبها وعملها والرهن معناه شرعا توثقة دين بعين يمكن استيفاؤه منها او ثمنها توثقة دين بعين يمكن استيفاؤه منها او من ثمنها قولنا توثقة دين بعين اي جعل عين مالية وثيقة بدين ويمكن ان يستوفى ذلك الدين او بعضه من تلك العين ان كانت من جنس الدين او من ثمنها ان كانت من غير جنس الدين فاذا استدان شخص دينا من اخر ورهن له بهذا الدين عقارا او حيوانا او سيارة ونحو ذلك فان سدد المدين ذلك الدين والا استوفى الدائن حقه من ذلك الرهن ويصح رهن المبيع بثمنه لان ثمنه دين في الذمة والمبيع ملك للمشتري والرهن جائز بالكتاب والسنة والاجماع اما من الكتاب فيقول الله عز وجل وان كنتم على سفر ولم تجدوا كاتبا فرهان مقبوضة واما من السنة وقد جاء في الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها ان رسول الله صلى الله عليه وسلم اشترى من يهودي طعاما ورهنه درعه قال الموفق ابن قدامة رحمه الله واجمع المسلمون على جواز الرهن في الجملة والرهن لازم في حق الراهن جائز في حق المرتهن والراهن هو مالك العين هو مالك العين المدين فالرهن في حقه لازم اي انه لا يملك فسخه لان الحظ فيه لغيره فلزم من جهته واما المرتهن فهو صاحب الدين الذي يرهن العين ويحبسها نظير دينه الرهن في حقه جائز وليس لازما اي ان له فسخه متى ما شاء لان الحظ فيه له وحده فله ان يتنازل عن حقه وان يفسخ الرهن متى ما اراد ويشترط لصحة الرهن معرفة قدره وجنسه وصفته وان يكون الراهن جائز التصرف مالكا للمرهون او مأذونا له فيه ويشترط في العين المرهونة ان تكون مما يصح بيعه ليتمكن المرتهن من استيفاء دينه من ذلك الرهن بناء على ذلك فما لا يصح بيعه لا يصح رهنه وبهذا يعلم خطأ اولئك الذين يرهنون الوثائق الرسمية كبطاقة الاحوال المدنية او دفتر العائلة او جواز السفر ويظهر خطأهم من وجهين الوجه الاول ان ذلك لا يصح ان يكون رهنا لان من شروط صحة الرهن كما سبق ان تكون العين المرهونة مما يصح بيعه ومعلوم ان هذه الوثائق الرسمية لا يمكن بيعها عند تعذر استيفاء الدين الوجه الثاني ان في ذلك مخالفة لولي الامر وولي الامر تجب طاعته بالمعروف فان تعليمات ولي الامر تنص على منع رهن الوثائق الرسمية ومن فروع قولنا ما لا يجوز بيعه لا يصح رهنه انه لا يصح رهن الوقف لانه لا يجوز بيعه ولا يصح رهن العين المرهونة ولا رهن المجهول ان المجهول لا يصح بيعه فلم يصح رهنه واستثنى بعض الفقهاء من هذه القاعدة راح استثنوا رهن الثمرة قبل بدو صلاحها من غير شرط القطع قال الموفق ابن قدامة رحمه الله لان الغرر يقل فيه فان الثمرة متى تلفت عاد الى حقه في ذمة الراهن ولا يشترط ان يكون الرهن في صلب العقد بل يصح ان يكون بعد العقد قول الله تعالى وان كنتم على سفر ولم تجدوا كاتبا فرهان مقبوضة فجعله الله تعالى بدلا من الكتابة والكتابة انما تكون بعد وجوب الحق ويجوز ان يؤخذ على القرض رهن بشرط الا ينتفع المقرض بذلك الرهن حتى ولو اذن له الراهن بذلك مثال ذلك طلب رجل من اخر ان يقرظه مئة الف ريال قرظا فوافق على ان يقرضه ولكنه اي المقرض اشترط ان يوثق هذا القرض برهن سيارة المقترض فما حكم هذا؟ نقول يجوز ذلك لكن بشرط الا ينتفع المقرض بهذه السيارة باي وجه من وجوه الانتفاع لانه اذا انتفع بها كان هذا من قبيل القرض الذي جر نفعا القاعدة المشهورة عند الفقهاء هي ان كل قرض جر نفعا فهو ربا ايها الاخوة المستمعون نكتفي بهذا القدر في هذه الحلقة ونستكمل الكلام عن بقية احكام ومسائل الرهن في الحلقة القادمة ان شاء الله تعالى والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته