بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين صلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى اله وصحبه ومن اهتدى بهديه واتبع سنته الى يوم الدين ايها الاخوة المستمعون السلام عليكم ورحمة الله وبركاته حياكم الله تعالى في هذه الحلقة الجديدة من هذا البرنامج كنا ايها الاخوة قد تكلمنا في الحلقة السابقة عن حقيقة الرهن وجملة من مسائله واحكامه ووعدنا باستكمال الحديث عن بقية تلك الاحكام والمسائل في هذه الحلقة فنقول الرهن لازم في حق الراهن وهو الذي عليه الدين اي انه لا يملك فسخه لان الحظ فيه لغيره وجائز في حق المرتهن وهو الدائن فله فسخه في اي وقت شاء ولكن هل يشترط للزوم الرهن في حق الراهن القبض او انه يلزم بمجرد العقد قبل القبض اختلف الفقهاء في ذلك وذهب الجمهور منهم الى ان الرهن لا يلزم الا بالقبض وهذا هو المشهور من مذهب الحنفية والشافعية والحنابلة واستدلوا لذلك بقول الله عز وجل فرهان مقبوضة قالوا فوصف الله تعالى الرهان بانها مقبوضة هذا يدل على اشتراط القبض للزوم الرهن ولان الرهن عقد ارفاق يفتقر الى الى القبول فافتقر لزومه الى القبض كالقرظ وبناء على هذا القول فان الرهن قبل القبض صحيح ولكنه ليس بلازم ويترتب على هذا القول كذلك بان الراهن اذا تصرف في الرهن قبل القبض بهبة او بيع او نحو ذلك بطل الرهن لانه بهذا التصرف اخرجه عن امكان استيفاء الدين من ثمنه وذهب بعض الفقهاء الى ان الرهن يلزم بمجرد العقد قبل القبض هذا هو المشهور من مذهب المالكية لان الرهن عقد وقد قال الله عز وجل يا ايها الذين امنوا اوفوا بالعقود وقياسا على البيع. فكما ان البيع يلزم بمجرد العقد والتفرق من المجلس ولو لم يقبض المبيع فكذلك الرهن يلزم بمجرد العقد ولو لم تقبض السلعة المرهونة واما استدلال واما استدلال الجمهور بقول الله عز وجل فرهان مقبوضة فليست الاية بصريحة الدلالة في اشتراط القبض للزوم الرهن لان الله تعالى ارشد في هذه الاية الى توثيق الديون وارشد الى كمال التوثيق ولهذا ارشد الى شهادة رجلين فان لم يكونا رجلين فرجل وامرأتان فكذلك هنا في الرهن ارشد الى ان كمال فائدة الرهن انما تتحقق بقبض المرهون بل ان الاية يمكن الاستدلال بها على ان القبظ ليس شرطا للزوم الرهن ووجه ذلك ان الله تعالى جعل القبظ وصفا للرهن. فقال فرهان مقبوظة وعلم ان ماهية الرهن قد تحققت بدون القبظ ولعل هذا القول الاخير وهو ان الرهن يلزم بمجرد العقد ولو لم يقبض المرهون لعله هو القول الراجح في هذه المسألة فيه توسعة على الناس وتيسير لهم الى الغالب ان الراهن محتاج للعين المرهونة وفي القول بلزوم بلزوم الرهن من غير اشتراط القبض. تحقيق للفائدة من الرهن. وهي توثيق الدين مع انتفاع راهن بالعين المرهونة. والله تعالى اعلم ومن احكام الرهن انه اذا تلف بعض الرهن اذا تلف بعض الرهن وبقي بعضه الباقي رهن بجميع الدين لان الدين كله متعلق بجميع اجزاء الرهن اذا تلف البعض بقي البعض الاخر رهنا بجميع الدين واذا وفى المدين بعض الدين لم ينفك شيء من الرهن حتى يسدده كله وحتى يؤدي جميع الدين بناء على هذا من باع سيارة بالتقسيط ورهن مقابل ذلك رهنا ولم يسدد المدين الذي هو المشتري قسطا من الاقساط بل المرتهن اي بائع السيارة ان يبيع ذلك الرهن وان يستوفي ما بقي من الدين حتى ولو كان ما بقي من الدين هو القسط الاخير من السيارة ومن احكام الرهن كذلك انه اذا كان حيوانا يحتاج الى نفقة وكان في قبضة المرتهن فقد رخص له الشارع في ان يركبه وان ينفق عليه ان كان يصلح للركوب وان يحلبه وينفق عليه ان كان يصلح للحل يقول النبي صلى الله عليه وسلم الظهر يركب بنفقته اذا كان مرهونا ولبن الدر يشرب بنفقته اذا كان مرهونا وعلى الذي يركب ويشرب النفقة قال الامام ابن القيم رحمه الله دل الحديث وقواعد الشريعة واصولها على ان الحيوان المرهون محترم في نفسه لحق الله تعالى وللمالك فيه حق الملك وللمرتهن فيه حق الوثيقة فاذا كان بيده فلم يحلبه فاذا كان بيده فلم يحلبه ذهب نفعه باطلا وكان مقتضى العدل والقياس ومصلحة الراهن والمرتهن والحيوان ان يستوفي المرتهن منفعة الركوب والحل ويعوض عنهما بالنفقة واذا استوفى المرتهن منفعته وعوض عنها نفقة كان في هذا جمع بين المصلحتين وبين الحقين اما اذا كان الرهن يحتاج الى مؤونة لكنه ليس بمركوب ولا محلوب كالعبد الامة ومثل ذلك في الوقت الحاضر السيارة انها تحتاج للسير بها يحتاج الى الزيت والبنزين ونحو ذلك. فهذا النوع من الرهن لا يجوز للمرتهن ان ينتفع به الا باذن مالكه وان اذن مالكه في ان ينفق عليه وان ينتفع به في مقابلة ذلك جاز والا فلا واما ما لا يحتاج الى مؤونة كالدار والمتاع ونحو ذلك ولا يجوز كذلك للمرتهن ان ينتفع به الا باذن الراهن الا اذا كان الرهن بدين قرض فانه لا يجوز للمقرض ان ينتفع بذلك الرهن حتى ولو اذن له الراهن بذلك لئلا يكون هذا من قبيل القرض الذي جر نفعا فيكون من الربا وقد سبق بيان هذه المسألة في الحلقة السابقة ومن احكام الرهن انه متى حل الاجل لزم الراهن الوفاء ولزمه سداد ما عليه من الدين ان امتنع من وفائه صار مماطلا وحينئذ يجبره القاضي على وفاء الدين او بيع الرحم فان امتنع فان الحاكم يبيع الرهن ويوفي ادينا منه وان فظل من ثمنه شيء عن الدين فهو لمالكه يرد عليه لانه ماله في الحقيقة ولا يجوز ان يؤخذ جميع الرحم ام في هذه الحال وقد كان من عادة العرب في الجاهلية ان الراهن اذا عجز عن اداء ما عليه من دين استولى المرتهن على الرهن كله فاخذه ولو كان الرهن اكثر من الدين وابطل الاسلام ذلك كما جاء في حديث ابي هريرة رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال لا يغلق الرهن من صاحبه الذي رهنه له غنمه وعليه غرمه وجهوا الدارقطني والحاكم واما ان بقي من الدين شيء لم يستوفه ثمن الرهن فهو داء فهو دين باق في ذمة الراهن يجب عليه تسديده كسائر الديون ومن احكام الرهن ان الرهن امانة في يد المرتهن ان تلف منه بغير تعد ولا تفريط فلا شيء عليه ولا يسقط بهلاكه شيء من دينه اما ان تلف الرهن في يد المرتهن بتعد او تفريط منه لزمه ظمانه لانه امانة في يده فلزمه ظمانه اذا تلف بتعديه او تفريطه كالوديعة ومن احكام الرهن انه يصح رهن المشاع لو كان له نصف دار او نصف ارض فرهنه في دين صح ذلك ومثل ذلك في الوقت الحاضر رهن الاسهم ومن كان له اسهم في شركة او في مؤسسة فله ان يرهن تلك الاسهم لان القاعدة في هذا الباب هي ان كل ما صح بيع صح رهنه والمشاع وكذا الاسهم يصح بيعها فصح رهنها ونكتفي بهذا القدر في هذه الحلقة والى حلقة قادمة ان شاء الله نستودعكم الله تعالى السلام عليكم ورحمة الله وبركاته