بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين صلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله وخليله نبينا محمد وعلى اله وصحبه ومن اهتدى بهديه واتبع سنته الى يوم الدين ايها الاخوة المستمعون السلام عليكم ورحمة الله وبركاته حياكم الله تعالى في هذه الحلقة الجديدة من هذا البرنامج والتي نستكمل فيها الكلام عن احكام الحجر قد سبق ان تكلمنا في الحلقة السابقة عن جملة من مسائله واحكامه ذكرنا ان الحجر ينقسم الى قسمين هجر على الانسان لحظ غيره اجر على الانسان لحظ نفسه تكلمنا عن احكام النوع الاول وهو الحجر على الانسان لحظ غيره وعن ابرز صوره وهو الحجر على المفلس ونتكلم في هذه الحلقة ان شاء الله تعالى عن النوع الثاني من انواع الحجر والحجر على الانسان لحظ نفسه ويشمل ذلك الحجر على السفيه وعلى الصبي وعلى المجنون والاصل فيه قول الله تعالى ولا تؤتوا السفهاء اموالكم التي جعل الله لكم قياما الى قوله سبحانه وابتلوا اليتامى حتى اذا بلغوا النكاح فان انستم منهم رشدا فادفعوا اليهم اموالهم والحكمة من هذا النوع من الحجر هي حفظ مال المحجور عليه وتوفيره له لان هذا الدين هو دين الرحمة لم يترك شيئا فيه مصلحة للانسان الا حث عليه ولا شيئا فيه مضرة الا حذر منه اذا كان الانسان غير مؤهل لطلب الكسب ومزاولة التجارة اما لسفهه او لجنونه او لصغر سنه فان الاسلام يمنعه من التصرف ويقيم عليه وصيا يحفظ له ما له وينميه حتى يزول عنه المانع فاذا زال عنه المانع سلم اليه ما له موفورا وهذا النوع من الحجر يعم الذمة والمال فلا يتصرف من انطبق عليه بماله ببيع ولا تبرع ولا غيرهما ولا يتحمل في ذمته دينا او ظمانا او كفالة ونحو ذلك بهذا يظهر الفرق بين هذا النوع من الحجر والنوع الاول هو الحجر على الانسان لحظ غيره حيث ان هذا النوع من الحجر يشمل المال والذمة المال والذمة بينما في الحجر على الانسان لحظ غيره اجري على المفلس لا يصح تصرف المفلس في اعيان ماله لكن يصح تصرفه في ذمته جرائم او ضمان ونحو ذلك قد سبق بيان هذا في الحلقة السابقة ايها الاخوة المستمعون واذا تقرر انه لا يصح تصرف السفيه والصغير والمجنون في اموالهم فما حكم تصرف غير السفهاء معهم ان يعطونهم اموالا بيعا او قرضا او وديعة او عارية فما الحكم في ذلك نقول من تصرف مع السفيه او الصغير او المجنون فانه يسترد ما اعطاهم ان وجده باقيا ان تلف ما في ايديهم او اتلفوه فانه يذهب هدرا لا يلزمهم ضمانه انه قد فرط بتسليطهم عليه برضاه واختياره اما لو تعدى المحجور عليه لصغر او جنون ونحو ذلك على نفس او على مال فانه يضمن ويتحمل ما يترتب على جنايته من غرامة ان المجني عليه لم يأذن لهم بذلك ولم يفرط قالوا ذلك طبي اعتدى على سيارة مار في الطريق كسر زجاج سيارته فيضمن ما ترتب على تعديه هذا ولا يقال انه صبي ومرفوع عنه القلم ان القاعدة الفقهية تقول ان ضمان الاتلاف يستوي فيه الاهل وغيره قال الامام ابن القيم رحمه الله ضمن الصبي والمجنون والنائم ما اتلفوه من الاموال هذا من الشرائع العامة التي لا تتم مصالح الامة الا بها ولو لم يضمنوا جناية جنايات ايديهم لاتلف بعضهم اموال بعض وادعي الخطأ وعدم القصد انتهى كلامه رحمه الله ايها الاخوة ويزول الحجر عن الصبي بامرين الامر الاول البلوغ والامر الثاني الرشد اما الامر الاول وهو البلوغ فان البلوغ يعرف بعلامات ثلاث منها يشترك فيها الذكر والانثى تختص الانثى بزيادة علامتين فوق هذه العلامات الثلاث وهذه العلامات هي اولا العلامة الاولى انزال المني يقظة او مناما هذه العلامة محل اجماع بين اهل العلم قول الله سبحانه واذا بلغ الاطفال منكم الحلم فليستأذنوا قوله سبحانه والذين لم يبلغوا الحلم منكم والحلم هو ان يرى الصبي في منامه ما ينزل به المني الدافق لقول النبي صلى الله عليه وسلم رفع القلم عن ثلاثة وذكر منهم الصبي حتى يحتلم العلامة الثانية السن وهو بلوغ خمس عشرة سنة هذه العلامة محل خلاف بين الفقهاء لكن القول الصحيح الذي يدل له ظاهر السنة هو اعتبار هذه العلامة يدل لذلك ما جاء في الصحيحين عن ابن عمر رضي الله عنهما قال عرظت على النبي صلى الله عليه وسلم يوم احد وانا ابن اربع عشرة سنة فلم يجزني وعرضت عليه يوم الخندق وانا ابن خمس عشرة سنة فاجازني ومعنى فاجازني اي امظاني للخروج للقتال بلفظ عند البيهقي بسند صحيح انه لما رده في غزوة احد قال ولم يرني بلغت قال وعرضت عليه يوم الخندق وانا ابن خمس عشرة سنة فاجازني ورآني بلغت قوله ورآني بلغت دليل على ان النبي صلى الله عليه وسلم انما اجازه لاجل البلوغ وليس لاجل سبب اخر دل ذلك على ان بلوغ خمس عشرة سنة من الولادة يكون بلوغا قال نافع قدمت على عمر بن عبدالعزيز وهو خليفة حدثته بهذا الحديث قال هذا هو حد البلوغ كتب الى عماله بذلك وقد اورد اشكال على حديث ابن عمر هذا ان غزوة احد انما وقعت في السنة الثالثة من الهجرة غزوة الخندق انما وقعت في السنة الخامسة من الهجرة وابن عمر في هذا الحديث يقول عرظت يوم احد وانا ابن اربع عشرة سنة فلم يجزني وعرضت يوم الخندق وانا ابن خمس عشرة سنة فاجازني وقد اجيب عن هذا من وجهين الوجه الاول انه كان في احد في اول السنة الرابعة عشرة الخندق في اخرها الوجه الثاني ان قوله وانا ابن خمسة عشرة سنة يعني انه قد بلغها ولا يمنع من ذلك من ان يكون قد تجاوزها كما تقول للرجل الذي له ست عشرة سنة هذا له خمس عشرة سنة يعني فاكثر وبناء على اعتبار هذه العلامة قد يكون الانسان اول النهار غير مكلف ويكون في اخر النهار مكلفا وذلك باستكمال خمس عشرة سنة منذ ولد العلامة الثالثة انبات الشعر الخشن حول ذكر الرجل وفرج المرأة قيد الفقهاء الشعر هنا بكونه خشنا اي صلبا قويا طرازا من الشعر الخفيف فانه قد يحصل لبعض الصغار فلا يعتبر ويدل لاعتبار هذه العلامة ما جاء في الصحيحين ابي سعيد الخدري رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم لما حكم سعد بن معاذ رضي الله عنه في بني قريظة حكم بان تقتل مقاتلتهم وتسبى ذراريهم قال النبي صلى الله عليه وسلم لقد حكمت فيهم بحكم الله من فوق سبع سماوات ثم امر بان يكشف عن مؤتزرهم فمن انبت فهو من المقاتلة ومن لم ينبت الحقوه بالذرية قال عطية القرظي عرظت على رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم قريظة فشكوا في فامر النبي صلى الله عليه وسلم ان ينظروا الي هل انبت بعد فنظروا الي فلم يجدوني انبت بعد فالحقوني بالذرية العلامة الرابعة من علامات البلوغ وهذه العلامة تختص بها الانثى دون الذكر الحيض قال الموفق ابن قدامة الحيض علم على البلوغ في حق الجارية لا نعلم فيه خلافا قد دل عليه قول النبي صلى الله عليه وسلم لا يقبل الله صلاة حائض الا بخمار اضاف بعضهم علامة خامسة وهي الحمل بعضهم يجعل هذه العلامة تابعة للعلامة السابقة لانه لا يمكن ان تحمل امرأة الا وهي تحيض ايها الاخوة المستمعون هذه العلامات هي التي يحصل بها البلوغ ولكن لا يكفي البلوغ لفك الحجر عن الصبي حتى يتحقق امر اخر وهو الرشد وسنتكلم ان شاء الله تعالى في بداية الحلقة القادمة عن حقيقة الرشد وعن جملة من مسائله واحكامه الى ذلك الحين استودعكم الله تعالى السلام عليكم ورحمة الله وبركاته