بسم الله الرحمن الرحيم. ان الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور انفسنا ومن سيئات اعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى اله وصحبه وسلم تسليما كثيرا ايها الاخوة المستمعون السلام عليكم ورحمة الله وبركاته كنا قد تكلمنا في الحلقة السابقة عن جملة من مسائل واحكام الحجر تكلمنا عن القسم الثاني من احكام الحجر والحجر على الانسان لحظ نفسه ذكرنا انه يشمل الحجر على السفيه وعلى الصغير وعلى المجنون ثم ذكرنا ان الحجر على الصغير لا يزول الا باجتماع امرين هما البلوغ والرشد اما البلوغ فله علامات تكلمنا عنها بالتفصيل في الحلقة السابقة ووعدنا باستكمال الحديث عن الامر الثاني الذي يتحقق به البلوغ وهو الرشد فنقول وبالله التوفيق الرشد هو الصلاح في المال قول الله عز وجل وابتلوا اليتامى حتى اذا بلغوا النكاح فان انستم منهم رشدا فادفعوا اليهم اموالهم فلا ينفك الحجر عن الصغير لا يدفع اليه ماله قبل البلوغ والرشد ولو صار شيخا وقد روي ان القاسم ابن محمد كان يلي امر شيخ من قريش لي اهل ومال فلا يجوز له امر في ماله دونه لضعف عقله قال ابن اسحاق رأيته شيخا يخضب لحيته قد جاء الى القاسم ابن محمد قال يا ابا محمد ادفع الي مالي فانه لا يولى على مثلي قال انك فاسد قال امرأته طالق البتة وكل مملوك له حر ان لم تدفع الي مالي قال القاسم ابن محمد ما يحل لنا ان ندفع اليك ما لك على حالك هذه قال ابن اسحاق ما كان يعاب على الرجل الا سفهه ويعرف رشد الصبي بان يمتحن فيمنح شيئا من التصرف اذا تصرف مرارا فلم يغبن غبنا فاحشا ولم يبذل ماله في حرام او فيما لا فائدة فيه هذا دليل على رشده اذا تحقق هذان الامران اعني البلوغ والرشد وجب ان يدفع الى اليتيم ما له واما المجنون فيزول الحجر عنه بامرين اول زوال الجنون ورجوع العقل اليه والثاني ان يكون رشيدا ما سبق في حق الصغير اذا بلغ اما السفيه يزول عنه السفه يزول عنه الحجر بزوال السفه واتصافه بالرشد في تصرفاته المالية تولى مال كل من هؤلاء الثلاثة عن الصبي والمجنون والسفيه حال الحجر ابوه اذا كان عدلا رشيدا امان شفقته ثم من بعد الاب وصيه لانه نائبه فاشبه وكيله في حال الحياة فيجب على من يتولى اموالهم ممن ذكر ان يتصرف بالاحظ لهم وما لا حظ لهم فيه فليس له التصرف فيه كالهبة والتبرعات والمحاباة ونحو ذلك يدل لذلك قول الله عز وجل ولا تقربوا مال اليتيم الا بالتي هي احسن اي لا تتصرفوا في مال اليتيم الا بما فيه مصلحة وحظ لهم والاية الكريمة ان كانت نصت على مال اليتيم فانها تتناول مال السفيه والمجنون قياسا على مال اليتيم بناء على ذلك فليس للولي ان يتصرف في مال اليتيم بما لا حظ له فيه اطلاقا وبما له فيه حظ ولكن غيره احظ منه وانما الواجب على الولي ان يتصرف بالاحظ الاية الكريمة ولا تقربوا مال اليتيم الا بالتي هي احسن حتى يبلغ اشده وينبني على هذا ان ولي اليتيم ليس له ان يتبرع من مال اليتيم باي شيء ان ليس له ان يتصدق من مال اليتيم ان هذا ليس من حظ اليتيم وليس له ان يقرض من مال اليتيم واستثنى بعض الفقهاء من ذلك ان يكون اقراظه برهن ووجدت مع ذلك مصلحة راجحة في اقراضه ان يخاف على مال اليتيم من نهب ونحو ذلك وعلى ولي اليتيم ونحوه عليه المحافظة عليه وعدم اهماله المخاطرة به واكله ظلما يقول الله عز وجل ان الذين يأكلون اموال اليتامى ظلما انما يأكلون في بطونهم نارا وسيصلون سعيرا اليتيم في لغة العرب وفي الشرع كذلك هو من فقد اباه قبل البلوغ اما بعد البلوغ فانه لا يسمى يتيما كذلك من فقد امه دون دون اباه لا يسمى يتيما قد وردت النصوص الكثيرة مرغبة في الاحسان الى اليتامى اخبر النبي صلى الله عليه وسلم بانه هو وكافل اليتيم في الجنة كهاتين ربك بين اصبعيه ايها الاخوة المستمعون ومن الاحسان الى اليتيم ان يسعى وليه لتنمية ما له الى تأكلها الصدقة فان اموال اليتامى اذا تركت بدون تنمية ربما اكلتها او اكلت معظمها الزكاة ان الزكاة تجب في اموال اليتامى كذلك في اموال المجانين ولولي اليتيم والمجنون ان يدفع اموالهما لمن يتجر بها مضاربة لان ذلك تصرف في مال اليتيم بالتي هي احسن روي عن عائشة رضي الله عنها انها فعلت ذلك بمال محمد بن ابي بكر رضي الله تعالى عنهم اجمعين قال عمر رضي الله عنه اتجروا باموال اليتامى كي لا تأكلها الصدقة كما ان ولي اليتيم ينفق عليه من ماله بالمعروف واذا كان ولي اليتيم فقيرا فله ان يأكل من مال اليتيم قدر اجرته لقاء ما يقدمه من خدمة لماله يقول الله عز وجل من كان فقيرا فليأكل بالمعروف اي ومن كان محتاجا الى النفقة وهو يحفظ مال اليتيم ويتعاهده فليأكل منه بالمعروف الحافظ ابن كثير رحمه الله نزلت في والي اليتيم الذي يقوم عليه ويصلحه فكان محتاجا فله ان يأكل منه عن عائشة قالت انزلت هذه الاية في ولي اليتيم ومن كان غنيا فليستعفف ومن كان فقيرا فليأكل بالمعروف بقدر قيامه عليه ولكن ما الظابط فيما يباح لولي اليتيم الفقير ان يأكل من مال اليتيم قال الفقهاء له ان يأخذ اقل الامرين من اجرة مثله او قدر حاجته قد روي ان رجلا جاء الى النبي صلى الله عليه وسلم فقال انا عندي يتيما عنده مال وليس لي مال اكل من ماله قال كل بالمعروف غير مسرف اما ما زاد عن هذا الحد الذي رخص الله فيه لا يجوز اكله من مال اليتيم توعد الله عز وجل عليه باشد الوعيد يقول سبحانه ان الذين يأكلون اموال اليتامى ظلما انما يأكلون في بطونهم نارا وسيصلون سعيرا يقول عز وجل ولا تأكلوها اسرافا وبدارا ان يكبروا يقول ولا تأكلوا اموالهم الى اموالكم انه كان حوبا كبيرا قال شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله ويستحب اكرام اليتيم ادخال السرور عليه ودفع الاهانة عنه فجبر قلبه من اعظم مصالحه كلامه رحمه الله ولولي اليتيم شراء الاضحية له من ما له اذا كان اليتيم مصرا انه يوم فرح وسرور لوليه ايضا تعليمه بالاجرة من ماله لان ذلك من مصالحه ايها الاخوة المستمعون هذا هو ما اتسع له وقت هذه الحلقة اسأل الله عز وجل ان يوفقنا جميعا لما يرضيه وان يرزقنا السداد في القول والعمل الى لقاء في حلقة قادمة ان شاء الله تعالى السلام عليكم ورحمة الله وبركاته