بسم الله الرحمن الرحيم ان الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور انفسنا ومن سيئات اعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى اله وصحبه وسلم تسليما كثيرا ايها الاخوة المستمعون السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نتناول معكم في هذه الحلقة جملة من المسائل والاحكام المتعلقة بباب الوكالة ونبتدأ اولا بالكلام عن معنى الوكالة في لغة العرب وفي اصطلاح الفقهاء اما معنى الوكالة في اللغة فهو التفويض يقول وكلت امري الى الله اي فوظته اليه ويقال وكالة بفتح الواو ووكالة بكسر الواو والفتح اشهر ومعنى الوكالة باصطلاح الفقهاء استنابة جائز التصرف مثله فيما تدخله النيابة وقولنا في هذا التعريف استنابة جائز التصرف جائز التصرف هو الحر المكلف الرشيد قولنا مثله ان يستنيبوا جائز التصرف يستنيب مثله اي جائز التصرف فيما تدخله النيابة اي من حقوق الله تعالى وحقوق الادميين التي تدخلها النيابة على ما سيأتي بيانه ان شاء الله تعالى والوكالة جائزة بالكتاب والسنة والاجماع اما الكتاب فقول الله عز وجل انما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها فجوز العمل على الصدقات نيابة عن المستحقين ويدل لذلك ايضا قول الله تعالى عن اصحاب الكهف يبعث احدكم بورقكم هذه الى المدينة فلينظر ايها ازكى طعاما فليأتكم برزق منه وهذا وكالة واما السنة ففي صحيح البخاري عن عروة بن الجعد البارقي رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم اعطاه دينارا ليشتري به شاة او اضحية فاشترى له شاتين فباع احداهما بدينار واتى النبي صلى الله عليه وسلم بشاة ودينار فدعا له النبي صلى الله عليه وسلم بالبركة فكان لو اشترى ترابا لربح فيه ووكل النبي صلى الله عليه وسلم بعض اصحابه في القيام باعمال متنوعة فيأتي ذكر شيء منها في ثنايا هذه الحلقة ان شاء الله تعالى قال الموفق ابن قدامة رحمه الله اجمعت الامة على جواز الوكالة في الجملة ولان الحاجة داعية الى الى ذلك فانه لا يمكن كل احد فعل ما يحتاج اليه بنفسه ايها الاخوة المستمعون من احكام الوكالة انها لا تصح الا بالايجاب والقبول بان الوكالة عقد تعلق به حق كل واحد منهما فافتقر الى الايجاب والقبول كالبيع اما الايجاب فهو كل لفظ دل على الاذن بان يقول وكلتك في كذا او فوضت اليك كذا او افعل كذا او اذنت لك في فعله ونحو ذلك من الالفاظ الدالة على الاذن في وقتنا الحاضر يكفي اصدار صك وكالة من كتابة العدل واما القبول يكفي فيه ان يقول قبلت وكل لفظ دال على القبول ويكفي في القبول كذلك ان يفعل ما امره به الموكل لان الذين وكلهم النبي صلى الله عليه وسلم لم ينقل عنهم سوى امتثال امره وفي وقتنا الحاضر توقيع الوكيل عند كاتب العدل كاف في انعقاد الوكالة ولو لم يقل قبلت ولكن هل يشترط حضور الوكيل مع الموكل بمجلس العقد لانعقاد الوكالة فمثلا هل يصح لمن اراد ان يوكل احدا من الناس في امر من الامور ان يوكله مشافهة او يذهب لكتابة العدل فيصدر صك وكالة من غير حضور الوكيل ولا علمه ولا اذنه الجواب نعم يصح ذلك ولكن لا تنعقد الوكالة الا بعد قبول الوكيل لها ولو بعد مدة لانه لا يشترط لقبول الوكالة ان يكون على الفور بل يصح على الفور وعلى التراخي لان قبول وكلاء النبي صلى الله عليه وسلم انما كان بفعلهم وكان متراخيا عن توكيله اياهم وبذلك يعلم ان من اراد ان يوكل شخصا من الاشخاص بامر من الامور لدى كتابة العدل او غيرها انه لا يشترط حضور الوكيل بل للموكل ان يوكل هذا الوكيل مع عدم حضوره ولكن الوكالة لا تنعقد شرعا الا بعد قبولها من الوكيل بكل ما دل على القبول من قول او فعل والوكالة عقد جائز من الطرفين اي الموكل والوكيل معنى قولنا انها عقد جائز ان لكل من الوكيل والموكل ان يفسخ الوكالة متى ما شاء ذلك لان الوكالة من جهة الموكل اذن ومن جهة الوكيل بذل نفع وكلاهما غير لازم فكان لكل واحد منهما فسخها في اي وقت شاء ومن احكام الوكالة انه يصح التوكيل في كل ما في كل ما تدخله النيابة من حقوق الله تعالى من العبادات باخراج الزكاة وتفريقها وتوزيع الكفارات على مستحقيها وكذا في الحج والعمرة ويصح التوكيل كذلك في كل ما تدخله النيابة من حقوق الآدميين من العقود والفسوخ العقود مثل البيع والشراء والاجارة والمضاربة والقرض ونحو ذلك والفسوخ مثل الاقالة والطلاق ونحو ذلك ولكن هل يصح التوكيل في النكاح فمثلا الولي هل له ان يوكل من يلي عقد النكاح عنه من ابن او اخ او اي شخص يصلح ان يلي النكاح وهل للزوج ان يوكل من يقبل عنه النكاح ذكر الفقهاء ان ذلك يجوز سواء كان من الولي او كان من الزوج وسواء كان الولي او الزوج حاضرا او غائبا لذلك وروي من ان النبي صلى الله عليه وسلم وكل عمرو بن امية في قبول نكاح ام حبيبة ووكل ابا رافع في قبول نكاح ميمونة ولكن في صحة اسناد ذلك مقال ولكن قال الحافظ ابن حجر رحمه الله قال في كتابه تلخيص الحبير اشتهر في السير انه صلى الله عليه وسلم بعث عمرو بن امية الى النجاشي زوجه ام حبيبة هذا يحتمل ان يكون هو الوكيل يحتمل ان يكون هو الوكيل في القبول او النجاشي قال وظاهر ما في ابي داود والنسائي ان النجاشي عقد عليها عن النبي صلى الله عليه وسلم وولي النكاح خالد بن سعيد بن العاص كما في الموازي قال وقيل عثمان بن عفان وهو وهم انتهى كلامه رحمه الله ويجوز التوكيل في النكاح مطلقا ومقيدا المقيد ان يوكل في تزويج رجل معين والمطلق التوكيل في تزويج من يرضاه وقد روي ان رجلا من العرب ترك ابنته عند عمر بن الخطاب عند عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال له اذا وجدت لها كفأ فزوجه ولو بشراك نعله فزوجها عمر عثمان بن عفان رضي الله تعالى عنهما فهي ام عمر ابن عثمان واذا كان الزوج قد وكل من يقبل عنه النكاح ويعتبر ان يقول الولي او وكيل الزوج زوجت فلانة لفلان او يقول زوجت موكلك فلانا فلانة ولا يقول زوجتها منك ويقول وكيل الزوج قبلت لموكلي فلان او لفلان فان قال قبلت ولم يقل لموكلي فلان لم يصح النكاح في قول كثير من الفقهاء ايها الاخوة المستمعون وبعد ان قررنا انه يصح التوكيل في النكاح فينبغي لمن يتوقع ان تكون غيبته عن اهله طويلة وهو يلي امر نساء من بنات او اخوات او غيرهن ينبغي له ان يوكل من يعقد عنه حتى لا يحصل الضرر لهن ايها الاخوة المستمعون وهل يصح التوكيل في الطلاق وهل يصح ان توكل الزوجة في تطليق نفسها هذا ما سنتكلم عنه في الحلقة القادمة ان شاء الله تعالى فالى ذلك الحين استودعكم الله تعالى والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته